الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الأَذانِ والإِقامَةِ
هُما فَرْضُ كفَايَةٍ في الحَضَرِ على الرِّجَالِ الأَحْرارِ للصَّلواتِ الخَمْسِ المُؤَدَّاةِ والجمعة، ويُسَنَّانِ للمُنْفَردِ وللقضَاءِ وفي السَّفَرِ. ويكرهانِ للنِّساءِ والخَنَاثى ولو بلا رَفْعِ صَوْتٍ، ولا يَصِحَّانِ إلَّا مرتَّبَيْنِ مُتواليين عُرْفًا. وَشُرِطَ أن يفعل كُلَّ جُمَلِهِما واحدٌ بِنِيَّةٍ منه، وكونُهُ مسلمًا ذَكرًا عَاقِلًا مُميِّزًا نَاطِقًا عَدْلًا ولو ظاهرًا، ولا يصحان قَبْلَ الوقتِ إلَّا أذانَ الفَجْرِ فَيَصِحُّ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.
وَرَفعُ الصوتِ رُكْنٌ ما لَمْ يُؤَذِّنْ لِحَاضِرٍ.
وَيُسَنُّ كَونُهُ صيّتًا أمينًا عالِمًا بالوقتِ مُتَطَهِّرًا قائمًا، ويُكْرَهُ أذانٌ جُنُبِ وإقامة مُحْدِثٍ.
ويُسَنُّ الأَذَانُ أَوَّلَ الوقت والتَّمَهُّلُ فيه، وأن يكونَ على عُلُوٍّ رافِعًا وجهَهُ، جاعِلًا سَبَّابتيهِ في أُذنَيْهِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَة، وأن يلتفتَ يمينًا لِحيَّ على الصَّلاةِ وشمالًا بحيَّ على الفلاحِ، ولا يُزِيْلُ قَدَميه ما لَمْ يكُنْ بمنارةٍ فيستديرُ حَوْلَهَا، وأن يقول بعد حيَّ على الفَلاحِ في أذانِ
الفَجْرِ: "الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّومِ" مرتين، وهو التَّثْوِيب.
وَيُسَنُّ أن يَتَولَّاهُما واحِدٌ وأن يُقِيمَ مَوْضعَ أذانِهِ ما لَمْ يَشُقَّ، ومن جَمَعَ أَو قَضَى فوائِتَ أَذَّنَ للأُولى وأقام لِكُلِّ صَلَاةٍ.
وَسُنَّ لِسَامِعِ المُؤَذِّنِ أو المقيمِ أن يقول مثلَ قوله إلَّا في الحيعلة فيقول: "لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا باللهِ"(1)، وفي التَّثْوِيبِ يَقُولُ:"صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ"(2)، وفي لفظِ:"قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ": "أَقَامَهَا اللهُ وَأَدَامَهَا"(3).
(1) أخرجه مسلم (1/ 289) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2)
لَمْ يرد هذا مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/ 211):"لا أصل لما ذُكِرَ في الصَّلاة خَيْرٌ مِن النَّومِ"، وقال الإِمام عز الدِّين ابن جماعة في "تخريج أحاديث الرافعي" (ق 72/ 1 - نسخة المكتبة الأزهرية 5702):"وأما ما ذَكَرَهُ - يعني الرَّافعي - في التَّثْويب فلم أقف على أصله في كُتُب الحديث، وحديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سَمِعْتُم المُؤَذن فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ المُؤذن
…
"؛ يقتضي أن يُقال في التَّثْويب كقول المؤذِّن". وقال العلامة على القاري في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" ص 231: "ليس له أصل".
(3)
وذلك لما روي من حديث أبي أمامة الذي أخرجه أبو داود (528)، والطبراني في "الدعاء"(491)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(104)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 411) وضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص (1/ 211) وفي "نتائج الأفكار"(1/ 371)، وذلك لأنَّ في بعض طرقه شهرَ بنَ حوشب وفيه مقال، ومحمدَ بنَ ثابت العبدي فيه مقال أيضًا؛ وإبهامَ راوٍ في الإسناد.
ثُمَّ يُصَلَّي على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلٌّ مِنَ المُؤَذِّنِ وسَامعه، ويقولان:"اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ"(1)، ثُمَّ يَسْألُ اللهَ العَافِية في الدُّنيا والآخرةِ، ويَدعُو هنا وعِنْدَ الإِقَامَةِ. ويقول عند أذان المغْرِبِ:"اللَّهُمَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ، فَاغْفِرْ لِي"(2).
* * *
(1) أخرجه البخاري من حديث جابر بن عبد الله (1/ 94 - فتح الباري).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنّف"(15/ 227)، وأبو داود (530)، والطبراني في "الكبير"(23/ 353)، وفي "الدعاء"(435، 436) من طريق أبي كثير مولى أم سلمة، عن أم سلمة، وأخرجه الترمذي (3589)، والطبراني في "الكبير"(23/ 202) من طريق حفصة بنت أبي كثير عن أبيها أبي كثير عن أم سلمة به، وقال الترمذي بعده:"هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه، وحفصة بنت أبي كثير لا نعرفها ولا أباهَا".