الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ
يُسَنُّ أَنْ يَقُومَ إِمَامٌ فَمَأمُومٌ - غَيْرُ مُقِيمٍ - عِنْدَ قَوْلِ المُقيم: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يُسَوِّي الإِمامُ الصُّفُوفَ، نَدْبًا بِمُحاذاةِ المَناكِبِ والأَكْعُبِ دُونَ أَطْرَافِ الأَصابِعِ، فَيَلْتَفِتُ عن يَمِينِهِ قَائِلًا:"اعْتَدِلُوا وَسَؤُوا صُفُوفَكُم" وَنَحْوَه، وعن يَسَارِه كَذَلِكَ.
وَيُسَنُّ تَكْميلُ الصَّفِّ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، وَتَراصُّ المأْمُومين، وَسَدُّ خَلَلِ الصُّفُوفِ، فلو تَرَكَ القَادِرُ الأَوَّلَ فالأَوَّلَ، كُرِهَ. فيحافِظُ عليهِ ولو فاتتهُ ركعةٌ. وَيَمْنَةُ كُلِّ صَفٍّ للرِّجالِ أَفْضَلُ، وكُلَّما قَرُبَ مِنَ الإِمامِ فهو أَفْضَلُ. وَالأَفْضَلُ تَأْخِيرُ المَفْضُولِ - كالصِّبيِّ - والصَّلاةُ مَكانَه.
وَخَيْرُ صُفُوفِ الرِّجالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّها آخِرُها، عَكْسُ صُفُوفِ النِّساءِ، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهُنَّ، فَتُكْرَهُ صَلاةُ رَجُلٍ بينَ يَدَيْه امْرَأَةٌ تُصَلِّي، وَإِلَّا فَلَا.
ثُمَّ يقولُ: اللهُ أَكْبَرُ، رَافِعًا يَدَيهِ - أَو إِحْدَاهمَا لِعُذْرٍ - إلى
حَذْوِ مَنكبيهِ بِرُؤُوسِهمَا مَمْدُودَتَي الأَصَابِعِ مَضْمُومةً، مسْتَقْبلًا ببُطُونِها القِبْلَةَ، وَيَسْقُطُ بِفَرَاغِ التَّكْبيرِ.
ثُمَّ يَقْبِضُ بِكَفِّهِ الأَيْمَنِ كُوعَهُ الأَيْسَرَ وَيَجْعَلُهُما تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَيُكْرَهُ على صَدْرِهِ.
وَيُسَنُّ نَظَرُهُ إِلى مَحَلِّ سُجودِهِ في كُلِّ الصَّلاةِ، إلَّا الخَائِفَ فَيَنْظُرُ إِلى العَدُوِّ.
وَيَأْتِي بِها قَائِمًا إِنْ كانَ فَرْضُهُ القيامُ، ولا يُجْزِئُهُ غيرُها، وَيُرتِّبُها.
فإِنْ زَادَ على التَّكْبيرِ كَقَولهِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا. أَوْ اللهُ أَكْبَرُ وأَعْظَمُ ونحوه كُرِهَ. وَإِنْ مَدَّ هَمْزَةَ "اللهُ" أو "أَكْبَرُ"، أو قال:"أَكْبَار"، لَمْ تَنْعَقِدْ.
ولا تَضُرُّ زيَادةُ المَدِّ على أَلِف الجَلالةِ التي بعد اللَّام وَتَركُها أولى؛ لأَنَّه يُكْرَهُ تَمْطيطُه.
فإِن لَمْ يُحْسِنِ التَّكْبيرَ بالعربيةِ لَزِمَهُ تَعَلُّمُه مَكانَه أَوْ مَا قَرُبَ منه.
فإن خَشِيَ فواتَ الوَقْتِ، أو عَجَز عن التَعَلُّمِ، كَبَّرَ بِلُغَتِهِ، فَإِنْ عَرَفَ لُغَاتٍ، فَالأَوْلَى تَقْدِيمُ السِّرْيانِيِّ، ثُمَّ الفارِسِيِّ، ثُمَّ التُّرْكيِّ، أو الهِنْديِّ، فَإِنْ عَجَزَ حَتَّى عَن البَعْضِ سَقَطَ عنه، كَالأَخْرَسِ، وَكَذا حُكْمُ كُلِّ ذِكْرٍ وَاجِبٍ.
ولا يُتَرْجِمُ عن مُسْتَحِبٍّ، فإِنْ فَعَلَ بَطَلَت.
وَالأَخْرَسُ وَمَقْطُوعُ اللِّسانِ يُحْرِمُ بِقَلْبِهِ ولا يُحَرِّكُ لِسانَه، وكذا حُكْمُ القِراءَةِ والتَّسْبِيح ونحوِهِما.
وَيُسَنَّ جَهْرُ إِمامٍ بالتَّكْبيرِ كُلِّه، وبتَسْميعٍ لا تَحْمِيدٍ، وبِسَلامٍ أَوَّلَ فقط، وفي قِراءَةٍ في جَهْرِيَّةٍ بحيثُ يُسْمعُ مَن خَلْفَه، وأدناه سَماعُ غَيْرِهِ، وَيُسِرُّ مأمُومٌ، ومُنْفَرِدٌ بِذَلِكَ وبِغَيْرِهِ.
ويُكْرَهُ جَهْرُ مَأْمومٍ، إلَّا بِتَكْبيرٍ وتَحميْدٍ، وسَلامٍ لحَاجةٍ، فَيُسَنُّ.
قال شَيْخُ الإِسلامِ ابن تَيمِيَّة: إذا كان صوتُ الإِمامِ يَبْلُغُ المأمومينَ، لَمْ يُسْتَحَبَّ لأَحَدٍ من المأمومينَ التَّبْلِيغُ باتِّفَاقِ المُسْلمين. انتهى.
وَجَهْرُ كُلِّ مُصَلٍّ في رُكْنٍ وواجبٍ بِقَدْرِ ما يُسْمعُ نَفْسَهُ فَرْضٌ، إِنْ لَمْ يَكُن مَانِعٌ، فَإِنْ كَانَ فبحيثُ يَحْصُلُ السَّمَاعُ مع عَدَمِهِ.
ثُمَّ يَسْتَفْتحُ سِرًّا فيقولُ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ، وتَعَالى جَدُّك، ولا إلهَ غَيْرُكَ"(1)، ولا يُكْرَهُ بغيرِهِ مِمَّا وَرَدَ.
(1) أخرجه أبو داود (775)، والترمذي (242)، وابن ماجة (804) من حديث أبي سعيد الخدري، وقال الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/ 412):"هذا حديث حسن" وقد أبان الحافظ في "النتائج"(1/ 412 - 415) بعد سياقه لطرقه وشواهده أن أسانيد هذا الحديث لا تخلو من مقال ولكنها بمجموعها تفيد القوة والصحة.
ثُمَّ يَتَعَوَّذُ سِرًّا، ثُمَّ تقْرَأُ البَسْمَلَةَ سِرًّا، وليست من الفاتحةِ ولا مِنْ غَيرها، بل هِيَ آيةٌ من القُرْآنِ، مَشْروعَةٌ قبلَها وبينَ كُلِّ سُورَتَيْنِ سِوى "بَرَاءَةٌ" فَيُكْرَهُ ابتداؤُها بها.
فإِنْ تَرَك شيئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى شَرَعَ فيما بَعْدَهُ سَقَطَ.
ثُمَّ يَقْرَأُ الفاتحَةَ مُرَتَّبَةً مُتَوالِيَة مُشَدَّدَةً. والسُّنَّةُ أَنْ يَأْتي بها مُرَتَّلَةً مُعْرَبَةً، وأَن يّقِفَ عِنْدَ كُلِّ آيةٍ، وإن كانتْ متعلقةً بما قبلَهَا. وأَن يُمَكِّنَ حُروفَ المَدِّ واللِّينِ بلا تَمْطيطٍ، وهي أَعْظَمُ سُورَةٍ في القُرآنِ، وأعْظَمُ آيةٍ فيه آيةُ الكُرْسِي.
وفي الفاتحة إِحْدى عَشْرَةَ تَشْديدةً. فإنْ تَرَكَ تَرْتيبَها أَوْ حَرْفًا مِنها أَوْ تَشْديدةً، لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا.
وإنْ قَطَعَها غيرُ مأمومٍ بِذِكْرٍ أَوْ دُعاءٍ، أو قُرْآنٍ كثيرٍ، أو سُكوتٍ طويلٍ، عَمْدًا، لَزِمَهُ اسْتِئْنافُها، لا إن كانَ يسيرًا أو كثيرًا، سَهْوًا أو نَوْمًا، أو انْتقلَ إلى غيرها غَلَطًا وطال.
ولا يَضُرُّ في حَقِّ مأمومٍ إن كان مَشروعًا كالتَّأمينِ، وسُجودِ التِّلاوةِ، أو لاسْتِماع قِراءةِ الإِمامِ.
وَيُكْرَهُ الإِفْراطُ في التَّشْديدِ والمَدِّ، وأن يَقولَ مع إمامهِ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} ونحوَه.
فإذا فَرَغَ من قِراءَتِها قال: "آمين" بعدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ؛ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا
ليست مِن القُرْآنِ، يَجْهَرُ بها إمامٌ ومأمومٌ، أو أسَرَّه أتى به مَأمومٌ لِيُذَكِّرَه.
والأَوْلَى المدُّ في "آمين"، ويجوزُ القَصْرُ، ويحرمُ تَشْدِيدُ الميمِ ويُبْطِلُهَا.
وَيُسَنُّ سُكوتُ الإِمامِ بعدَها بقَدْرِ قِراءةِ المأْمُومِ.
وَيَلْزَمُ الجَاهِلَ تَعَلُّمُها، فإن لَمْ يَفْعلْ مع القُدْرَةِ، لَمْ تَصِحَّ صلاتُه، فإن لَمْ تقْدِرْ أو ضَاقَ الوقْتُ عنه، سَقَطَ ولَزِمَه قِراءةُ قَدْرِها في عددِ الحُروفِ والآياتِ من غيرها. فإن لَمْ يُحْسِنْ إلَّا آيةً واحدَةً كَرَّرَها بِقَدْرِها، فإن كان يُحْسِنُ آيةً منها وشيئًا من غيرها، كَرَّرَ الآيةَ، لا الشيءَ بِقَدْرِها. فإن لَمْ يُحْسِنْ إلَّا بعضَ آيةٍ، لَمْ يُكَرِّرْهُ.
وَحَرُمَ أن يُتَرْجِمَ عنه جَاهِلٌ بِلُغَةٍ أُخْرى كعالم.
والتَّرْجَمَةُ ليست قُرآنًا فلا تَحْرُمُ على الجُنُبِ، ولا يَحْنَثُ بها مَن حَلَفَ لا يقرأُ، ويحسُنُ للحاجَةِ تَرْجَمَتُهُ إذا احْتاجَ إلى تفهيمِهِ إياهُ بالتَّرجَمَةِ. وَحَصَل الإِنْذارُ بالقُرآنِ دونَ تلك اللُّغَةِ كَتَرْجَمَةِ الشَّهَادَةِ. وَيَلْزَمُ من لَمْ يُحْسِن آية منه أن يقول: سُبْحانَ اللهِ،
والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ. فإن لَمْ يُحْسِنْ إلَّا بعضَ الذكْرِ، كَرَّره بقَدْرِهِ، فإن لَمْ يُحْسِنْ شيئًا منه، وَقَفَ بِقَدْرِ الفاتِحَةِ كالأَخْرَس، ولا يُحَرِّكُ لِسانَه.
وَمَنْ صَلَّى وتَلَقَّفَ القِراءةَ مِنْ غيرهِ صَحَّتْ.
ثُمَّ يقرأُ سُورةً كَامِلَةً، نَدْبًا من طِوال المُفَصَّلِ في الفَجْرِ، ومن قِصارِهِ في المَغْرِبِ، وفي البَاقي من أوْسَاطِه، وأولُه "ق".
وَيُكْرَهُ بِقِصَارِهِ في الفَجْرِ بلا عُذْرٍ، وأن يَقْتَصِرَ المصلي على الفاتحةِ. وتزولُ الكَراهةُ بآية مَعها والأَولى أن تكونَ طويلَةً.
ويُسَنُّ جَهْرُ الإِمامِ بالقراءَةِ في الصُّبْحِ، وأُولَيي مَغْرِبٍ وعِشَاءٍ، وَيُكْرَهُ لمأْمُومٍ. ويُخَيَّرُ مُنْفَرِدٌ وقائِمٌ لقَضاءِ ما فاتَهُ.
ولا بَأْسَ بجَهْرِ امْرَأَةٍ، أو خُنْثَى إن لم يَسْمَعْهُمَا أَجْنَبيٌّ.
ويُسِرُّ في القضاءِ نهارًا، وَيَجْهَرُ بالجَهْريَّةِ ليلًا في جَمَاعةٍ. ويُكْرَهُ جَهْرُهُ في نَفْلٍ نَهارًا ولَيْلًا، يُرَاعي المَصْلَحَةَ.
وَيَحْرُمُ تَنكيسُ كَلماتِ القرآنِ، وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلاةُ. وَيُكْرَهُ تَنْكِيسُ السُّوَرِ في رَكْعَةٍ أو رَكعَتَيْن كالآيات، وقراءةُ كُلِّ القرآنِ في فَرْضٍ.
ولا تَصِحُّ بقراءةٍ تخرجُ عن مُصْحَفِ عُثْمان.
ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا رافعًا يديه مع ابتدائِهِ فَيَضَعُ يدَيه مُفَرَّقَتي الأصابع على رُكْبَتَيْه، مُلْقِمًا كُلَّ يَدٍ رُكْبَةً، وَيَمُدُّ ظَهْرَهُ مُسْتَوِيًا، وَرَأْسُهُ حيالَهُ، ويُجَافي مِرْفَقَيْه عن جَنْبَيه وبطنَه عن فَخِذَيه.
والمُجْزِئُ انحناؤُهُ بحيثُ يُمْكِنُه مَسُّ رُكْبَتَيْه بِكَفَّيهِ إذا كان وَسَطًا مِن النَّاسِ لا طَويلَ اليَدَيْنِ، ولا قَصِيرَهما، وَقَدْرُه من غيرِهِ،
ومِنْ قَاعِدٍ: مُقابلةُ وَجْهِهِ ما قُدّامَ رُكْبَتَيْه مِنَ الأَرْضِ أَدنى مُقابَلَةٍ، والأَكمَلُ تَتمتُها، وأحدبُ لا يمكنهُ ينويهِ.
ويقولُ بعد انتهائِه: "سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيم" ثلاثًا. وهو أدنى الكَمالِ، وأعْلاهُ لإِمامِ عَشْر، ولِمُنْفَرِدٍ العُرْفُ. ولو انْحَنى لتناول شيءٍ، ولم يَخْطُرْ بِبَالِهِ الرُّكوعُ، لم يُجْزِئْه عنه.
ثُمَّ يرفَعُ رأسَهُ مع يديهِ قَاِئلًا - إمامٌ ومُنْفَرِدٌ -: "سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه" مُرَتَّبًا وجُوبًا.
ثُم إن شَاءَ وَضَع يَمينَه على شِمالِهِ أو أَرْسَلَهُما.
فإذا قَامَ قال: "رَبَّنا ولكَ الحمدُ، مِلْءَ السَّماءِ ومِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلْءَ ما شِئْتَ من شيء بَعْدُ". والمأمومُ يقول: "رَبَّنا ولك الحمدُ" فقط في رَفْعِهِ.
وإِنْ عَطَسَ حَالَ رفْعِهِ أو حَالَ ابتدائِهِ الفاتِحَةَ فحمد لهما لَمْ يُجزئْهُ.
ثُمَّ يَخِرُّ مُكَبِّرًا ولا يرفَعُ يديهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتيهِ ثُمَّ يدَيهِ ثُمَّ جَبْهتَهُ وأَنْفَهُ، ويكونُ على أَطْرافِ أصابِع رِجْلَيْه مُفرَّقَةً مُوَجَّهَةً إلى القِبْلَةِ.
ولَوْ سَقَطَ إلى الأَرْضِ مِنْ قيام أَوْ رُكوعٍ ولم يَطْمَئنَّ، عَادَ فأتى بذلك، وإن اطْمَأنَّ، عَادَ فانْتَصَبَ قائمًا ثُمَّ سَجَدَ. ويُكْرَهُ عُلُوُّ مَوْضِعِ رَأْسِهِ على قدمَيهِ كثيرًا، وإِنْ خَرَج عن صِفَةِ السُّجُود لم يَكْفِ.
والسُّجُودُ بالمُصلى على هذهِ الأَعضاءِ مع الأَنْفِ ركنٌ مع القُدرةِ، وإنْ عَجَزَ بالجَبْهَةِ، أَوْمَأَ ما أَمْكَنَه، ولم يَلْزمَه بغيرِهَا.
وَيُجْزِئُ بعضُ كُلِّ عُضْوٍ منها، ولو على ظَهْرِ كَفٍّ وَقَدَمٍ ونَحوِهما. لا إن كان بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ.
وَيُعْتَبَرُ المَقَرُّ لأَعضاءِ السُّجود، فلو وَضَعَ جبهتَهُ على قُطْنٍ مَنْفُوشٍ ونحوهِ، أو صَلّى مُعلقًا ولا ضرورةَ لم تَصِحَّ.
وتُسَنُ مباشرةُ المُصَلَّى باعضاءِ السُّجودِ ما عَدا الرُّكْبتينِ، وبباطنِ كفْيهِ، وَضم أَصابِعهما موجهةً نحو القِبْلَةِ رافعًا مرفقَيهِ.
ويُكْرَهُ تَرْكُ المُبَاشَرَةِ بلا عُذْرٍ، والصَّلاةُ بمكانٍ شديدِ الحَرِّ أو البَرْدِ.
ويُسَنُّ أن يُجافِي عَضُدِيْهِ عن جَنْبَيْه، وَبَطْنَه عن فَخِذَيْه، وَفَخِذَيْه عن ساقَيْه، ما لم يُؤْذِ جَارَه فَيَجِبُ تَرْكُهُ.
ويَضَعُ يديهِ على الأَرْضِ حَذْوَ مَنكِبَيْه ويُفَرِّقُ بيْنَ رُكْبَتَيْه ورِجْلَيْه، ويقول:"سُبْحانَ رَبِّيَ الأَعْلَى". وحُكْمُهُ كتَسْبِيح الرُّكوع.
ثُمَّ يَرْفَعُ رأْسه مُكَبِّرًا، وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا، فيفْرُشُ يُسْرَاهُ ويجلسُ عليها، وَينصِبُ يمناهُ، ويَجْعَلُ بُطونَ أصابِعِها نحو القِبْلةِ مفرَّقةً باسطًا يديه على فخذيهِ مضمومةَ الأَصَابِعِ، قائلًا:"رَبِّ اغْفِرْ لِي" ثلاثًا، وهو الكمالُ هنا، ولا تكْرُه الزيادةُ على شيءٍ من ذلك مِمَّا وَرَدَ.
ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانيةَ كالأُولَى.
ثمَّ يَرْفَعُ رأسه مُكَبِّرًا قائِمًا على صُدورِ قَدَمَيْه مُعْتَمِدًا على رُكْبَتَيْه بيَدَيْه، وإن شَقَّ يَعْتَمِدُ بالأَرضِ.
ويُكْرَهُ أن يُقَدِّمَ إِحْدى رِجْلَيْه.
ولا تُسَنُّ جلسةُ الاسْتِرَاحَة.
ثُمَّ يأتي بِمِثْلِها إلَّا في تَجْدِيد النِّيَّةِ وتَحْرِيمةٍ واستفتاحٍ، وتَعَوُّذٍ إن تَعَوَّذَ في الأولى.
ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا وَيَضعُ يديهِ على فخذيهِ، يَقْبِضُ مِنْ يُمناه الخِنْصِرَ والبِنْصِرَ ويُحلِّقُ الِإبهامَ مع الوُسْطَى، ويَبْسُطُ أصابِعَ يُسرَاهُ مضمومةً إلى القِبْلَةِ، ثُمَّ يَتَشَهَدُ سرًّا فيقول:"التَّحِيَّاتُ للهِ والصَّلَواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّها النَّبيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُه، السَّلامُ علينا وعلى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحينَ، أَشْهَدُ أَنَّ لا إلهَ إِلَّا اللهُ، وأَشهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُه ورسُولُه". ويُشيرُ بسبابتِه اليُمنى في تَشهدِهِ ودعائهِ مُطلقًا عند ذكر الله تعالى.
ثُمَّ يَنْهَضُ في مغرب ورُباعيةٍ مُكَبرًا، ولا يَرْفَعُ يديهِ، ويُصلي الباقي كذلك إلَّا أنَّه يُسِرُّ ولا يزيدُ على الفاتحة.
ثُمَّ يَجلس مُتَورِّكًا؛ يَفْرِشُ اليُسْرَى، ويَنْصِبُ اليُمْنى ويُخْرِجُهما عن يمينِهِ وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ على الأَرض، ثُمَّ يَتَشهدُ التَّشَهُّد الأَوَّل ثُمَّ يقول: "اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ على
آلِ إبراهيم، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وبَارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما بَاركْتَ على آل إبراهيم، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".
ثُمَّ يقول نَدْبًا: "أَعُوذُ باللهِ مِنْ عَذابِ جَهَنَّمَ، ومِن عَذَابِ القَبْرِ، ومِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ".
وإن دعا بِما وَرَدَ في الكِتَابِ والسُّنَّةِ، أو عن الصَّحَابَةِ أو السَّلَفِ، أو بأمْرِ الآخِرَةِ ولو لم يُشْبِهْ مَا وَرَدَ، أو لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِغَير كافِ الخطابِ فَلا بَأْسَ، وتبطلُ إن أتى بها لِغَير اللهِ ورسولهِ (1).
ثُمَّ يقولُ عن يمينهِ ثُمَّ عن يَسارِه: "السَّلامُ عليكم وَرَحْمَةُ اللهِ" مُرَتَّبًا مُعَرَّفًا وجُوبًا.
وسُنَّ التفاتُهُ عن يمينه أولًا، وعن يَسَارِه أكثر، وَأَكْمَلُهُ فيهما بحيث يُرَى خَدَّاهُ، وحَذْفُ السَّلام وهو أن لا يُطَوِّلَهُ ولا يَمُدَّهُ في الصَّلاةِ وعلى النَّاس، وَجَزْمُهُ بِأَنْ يَقِفَ عَلَى آخِرِ كُلِّ تسليمةٍ، ونِيَّتُهُ بِهِ الخُرُوجَ مِنَ الصَّلاةِ.
فإِن نَوى معه على الحفظَةِ والإمام والمَأْمُومِ جَازَ ولم يُسْتَحَبْ، ولا يُجْزِئُ إن تَرَكَ وَ "رحمةُ اللهِ" أو أسْقَطَ المِيمَ من "عَليكُم"، والأَولى أن لا يزيدَ "وبركاتُهُ".
والمَرأَةُ كالرَّجُلِ، لكن تَجْمَعُ نَفْسَهَا، وَتَجْلِسُ مُسدِلةً رِجْلَيْها عن يَمينِها، وهو أَفْضَلُ أو مُتَرَبِّعَةً، والخُنْثَى مِثْلُها.
(1) في (ب) عند هذه الكلمة والتي قبلها بياض.