الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا بعد فراغِ اللَّيْلَةِ، ولها هِبَةُ ذَلِكَ وَنَفَقَتُها وغيرُهما لِزَوْجِها ليُمْسِكَها، ولها الرُّجوعُ في المُسْتَقْبَل.
تَنْبِيهٌ: ولا قَسْمَ عليه في مِلْكِ اليمينِ، وله الاسْتِمتَاعُ بِهنَّ، وإن نَقَصَ زَمَنُ زَوْجاتِهِ، لكن يُساوِي بين زوجاتِهِ حينئِذٍ في حِرْمانِهنَّ.
وتُسَنُّ التَّسويَةُ بين إمائِهِ ولا يَعْضُلهُنَّ عِنْدَ عدم الاستمتاعِ. وإذا احتاجَتِ الأَمَةُ إلى النِّكاحِ وَجَبَ عليه إعْفَافُها؛ إمَّا بوَطْئِها، أو تَزْويجِها، أو بَيْعِها.
ويَجِبُ عليه الرِّفْقُ بمملوكِهِ ذَكَرًا كان أو أُنثى، وألَّا يُكَلِّفَهُ من العمل ما لا يطيقُ، وأن يكسوَهُ ويُطْعِمَهُ بالمعروف، وأن يُزَوِّجَهُ إن احتاجَ. ولا يُكْرِهَ الذَّكَرَ على ذلك، فإن قَصَّرَ بشيءٍ من ذلك عَصَى اللهَ تعالى ورسولَه وأُمِرِ بِبَيْعِهِ أو عِتْقِهِ أو كتابتهِ إن طلبها العَبْدُ.
فَصْلٌ
وإذا تَزَوَّجَ بِكْرًا ولو أَمَةً أقامَ عِنْدها سبعًا، وثَيِّبًا ثلاثًا، ولا يُحْتَسَبُ عليهما بِما أقاما عندهما، فإذا انتَهَتْ مُدَّةُ إقامتِهِ عند الجَديدةِ عادَ إلى القَسْمِ بين زوجاتِهِ كما كان، وَدَخَلَتْ بينهُنَّ، فصارَتْ آخِرَهُنَّ نَوْبَةً.
وإذا طَلَّقَ إحدى نسائِهِ في ليلتِها أَثِمَ، فإن تَزَوَّجَها بَعْد، قَضَى لها ليلتَها.
والنُّشُوزُ حرام بل هو من أَكبَرِ الكَبائِرِ، وهو مَعْصِيَتُها إيَّاهُ فيما يَجِبُ عليها. وإذا ظَهَرَ منها أماراتُهُ؛ بأن تَتَثَاقَلَ وتَتَدافعَ إذا دعاها إلى الاسْتِمْتَاعِ، أو تُجِيبَه مُتَبَرِّمَةً مُتكَرِّهَةً، أو يَخْتَلَّ أَدَبُها في حَقِّهِ، وَعَظَها، فإن رَجَعَتْ إلى الطَّاعَةِ والأدَبِ، حَرُمَ الهَجْرُ والضَّرْبُ. وإن أصَرَّتْ وَأَظْهَرَت النُّشُوزَ، بأن عَصَتْهُ، وامْتَنَعَتْ من إجابَتِهِ إلى الفِراشِ، أو خَرَجَتْ من بَيْتِهِ بغيرِ إذْنِهِ، ونحو ذلك، هَجَرَها في المَضْجَعِ ما شاءَ، وفي الكلامِ ثلاثَةَ أيَّامٍ فقط، فإن لم تَرْتَدِعْ، فله أن يَضْرِبَها ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ، يُفَرِّقُهُ على بَدَنِها، وَيَجْتَنِبُ الوَجْهُ، والبَطْنَ، والمَواضِعَ المخُوفَة، ولا يزيدُ على عَشْرَةِ أسواطٍ، فإن تَلِفَتْ من ذلك، فلا ضَمَانَ عليه.
وَيَجُوزُ مَنْعُ الرَّجُلِ من زوجتِهِ إذا عُلِمَ أنَّه يمنعُهَا حقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ ويُحْسِنَ عِشْرَتَهَا.
ولا يسْأَلُهُ أَحَدٌ لِمَ ضَرَبَها؟ ولا أَبُوها؛ لأَن فيه إبْقَاءً للمودَّةِ. وله تأديبُها كذلك على تَرْكِ فرائضِ الله تعالى.
فإن ادَّعى كُلٌّ منهما ظُلْمَ صاحبِهِ، أسْكَنَهما الحاكِمُ إلى جانِبِ ثِقَةٍ يُشْرِفُ عليهما، ويَكْشِفُ حالَهما، ويُلْزِمُهُما الإنْصافَ، ويكونُ الإسكانُ المذكورُ قَبْلَ بَعْثِ الحَكَمَيْنِ، فإن خَرَجَا إلى الشِّقاقِ والعَداوَةِ، وبَلَغا إلى المُشَاتَمَةِ، بَعَثَ الحاكِمُ حَكَمين، حُرَّيْن، مُسْلِمَيْن، ذَكَرَيْنِ، عَدْلَيْنِ، مُكَلَّفَيْنِ، فَقِيهَيْنِ، عَالِمَيْنِ بالجَمْعِ
والتَّفْرِيقِ، فيفعلانِ ما يَرَيانِهِ من جَمْعٍ بينَهما، أو تَفْرِيقٍ بطلاقٍ أو خُلْعٍ.
والأَولى أن يكونَ الحَكمانِ من أَهْل الزَّوْجَيْن، وينبغي لهما أن ينويَا الإصلاح لقوله تعالى:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، وأن يُلَطِّفا ويُنْصِفا، وأن يُرَغِّبا ويُخَوِّفا، وألَّا يَخُصَّا أحدَهما دونَ الآخَرِ. وهُما وكيلانِ عن الزَّوْجَينِ في ذلك، لا يُرْسِلانِ إلَّا برضاهُما وتوكيلِهما، فلا يملكانِ تَفْريقًا إلَّا بإِذْنِهما، فَيأْذَنُ الرجلُ لوكيلِهِ فيما يَراه من طلاقٍ أو إصلاحٍ، وتأذَنُ المرأَةُ لوكيلِها في الخُلْعِ، أو الصُّلْحِ على ما يراه.
ولا يَنْقَطعُ نَظَرُهما بغيْبَةِ الزَّوْجين أو أَحَدِهما ويَنْقَطعُ بجُنُونِهما أو أَحَدِهما ونحوِه مِمَّا يُبْطِلُ الوكالة.
وإن امْتَنَعا من التَّوْكيلِ لم يُجْبَرا عليه، لكن لا يزالُ الحاكِمُ يَبْحَثُ ويُرْسِلُ وَيَسْتَفْهِمُ عنهما حَتَّى يَظْهَرَ مَن الظالمُ؟ فَيَرْدَعَه، وَيَسْتَوفي منه الحَقَّ.
ولا يَصِحُّ الإبراءُ من الحكمين إلَّا في الخُلْعِ، خاصَّةً وكيلَ المرأة فقط.
وإن خافَتِ امرأةٌ نُشُوزَ زَوْجِها، وإعراضَه عنها، لِكبَرٍ أو غيره، فَوضَعَتْ عنه بعضَ حُقوقِها، أو كلَّها، تَسْتَرْضِيه بذلك جاز، ولها الرُّجوع بذلك في المستقبلِ.