الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن سافَرَ عنها لِعُذْرٍ أو حاجةٍ سَقَطَ حَقُّها من القَسْمِ والوطْءِ.
وإن طال سَفَرُهُ وإن لم يكن عُذْرٌ مانعٌ من الرُّجوع وغابَ أكثرَ من سِتَّةِ أشْهُرٍ فَطَلَبَتْ قدومَهُ لَزِمَهُ ذلك إن لم يكن في غَزْوٍ أوحَجٍّ واجبينِ أو طلبِ رِزْقٍ يحتاجُ إليه، فيكتُبُ إليه الحاكمُ، فإن أَبى أن يَقْدُمَ من غير عُذْرٍ بعد مراسلةِ الحاكم إِليه فُسِخَ نكاحهُ.
وإذا غابَ غَيْبَةً ظاهِرُها السَّلامَةُ، ولم يُعْلَمْ خبَرهُ، وتضررت زوجتُهُ بتركِ الوطء، لم يُفْسَخْ نكاحُهَا لِذَلِكَ ولو طالَتْ غيبته.
فَصْلٌ
ويلزَمُ غيرَ طِفْلٍ أن يساويَ بين زوجاتِهِ في القَسْمِ إذا كُنَّ حرائرَ كُلَّهُنَّ، أو إِماءً كُلَّهُنَّ، فيبيتَ عند كُلِّ واحدةٍ ليلةً، وإن رَضِينَ بغير ذلك كليْلَتَيْنِ ليلتَينِ أو أكثر جاز.
وعمادُ القَسْمِ اللَّيْلُ ويخرجُ في النَّهارِ إلى معاشِهِ وقضاءِ حقوقِ النَّاسِ وما جَرَتِ العادةُ به، ولصلاةِ العِشاءِ والفجر ولو قبل طلُوعِهِ كصلاةِ النَّهارِ، فإن تعذَّرَ عليه المقامُ عِنْدَها ليلًا لِشُغْلٍ أو حَبْسٍ، أو تَرَكَهُ لغير عُذْرٍ قضاهُ لها، ويدخلُ النَّهارُ تبعًا لِلَّيلَةِ الماضية، وإن أحبَّ أن يجعلَ النَّهارُ مضافًا إِلى اللَّيْلِ يتعقبُهُ جازَ؛ لأَن ذلك لا يتفاوتُ.
ومن معيشتُهُ باللَّيْلِ كالحارسِ فإنَّه يقسمُ بالنَّهارِ، ويكونُ اللَّيلُ تَبعًا.
وَيَقْسِمُ المريضُ والمجبوبُ ونحوه كالصَّحيح، فإن شَقَّ على المريض أستأذن أزواجَهُ أن يكونَ عند إحداهنَّ، فإن لم يأذَنَّ له أقامَ عند إحداهُنَّ بِقُرْعَةٍ أو اعتَزَلَهُنَّ جميعًا إن أحبَّ.
ولا تَجِبُ التَّسويةُ بَيْنَهُنَّ في وطءٍ ودواعيهِ، ولا في نفقةٍ وكسوةٍ وشهواتٍ إذا قامَ بالواجبِ، وإن أمكنَهُ ذلك كان أحسنَ وَأَوْلَى وأبعدَ عن الشَّرِّ.
وَيَقْسِمُ لزوجتِهِ الأَمَةِ على النِّصْفِ من الحُرَّةِ وللمُبَعَّضَة بالحسابِ. وَيَقْسِمُ لحائِضٍ، وَنُفَسَاءَ، ومريضةٍ، ومعيبَةٍ، ورتْقاءَ، وصغيرةٍ يُمْكِنُ وطؤها، ولمن آلى أو ظاهَرَ منها، ولِمُحْرِمَةٍ وَزَمِنةٍ، ومجنونَةٍ مَأْمُونَةٍ، لا لرَجْعِيَّة.
ويَحْرُمُ دخوله في ليلة المَرْأَةِ إلى غيرها إلَّا لضرورةٍ مثل أن تكون مَنْزُولًا بها، أو لتُوصِيَ إليه، أولما لا بُدَّ منه، فإذا دَخَلَ بِلا ضَرُورةٍ ولم يَلْبَثْ عِنْدَها لم يَقْضِ، وإن لَبِث أو جامَعَ، لَزِمَهُ أن يَقْضِيَ لها مثلَ ذلك من حَقِّ الأُخرى، وإن قَبّلَ وَنحوه لم يلزمْهُ القضاءَ، والعدلُ أن يَقْضِيَ.
وكذا يحرُمُ دخوله نهارًا إلَّا لحاجةٍ، ويجوزُ أن يَقْضِيَ ليلةَ صَيْفٍ عن ليلةِ شِتاءٍ، وأوَّلَ اللَّيْل عن آخرِه، وعكسُهُ.
والأَوْلى أن يكون لِكُلِّ واحدةٍ من نِسَائِهِ مَسْكَنٌ يَأْتِيها فيه، فإن اتَّخَذَ لنفسِهِ مَسْكنًا يَدْعو إليه كلَّ واحِدةٍ مِنْهُنَّ وحدَها في ليلتِها ويَوْمِها
جازَ، وله دعاءُ البَعْضِ إلى مسكنِهِ وَيَأْتي البعض. وإن امْتَنعتْ من دَعاها عن إجابتِهِ سَقَطَ حَقُّها من القَسْمِ.
فإن كان له امرأتانِ في بلدينِ، فعليه العَدْلُ بينَهما، بأن يَمْضِيَ إلى الغائبة في أيَّامِها، أو يُقْدِمَها إليه، فإن امْتَنَعَتْ من القُدومِ مع الإمكان، سَقَطَ حَقُّها لنُشُوزها، وإن قَسَم في بَلَدَيْهما، جَعَلَ المُدَّةَ بحَسَب ما يُمْكِنُ، كشهرٍ وشهرٍ، أو أكثرَ أو أقَلَّ، على حَسَبِ تقارُبِ البَلدَيْنِ.
وإن قَسَمَ، ثُمَّ جاءَ ليَقْسِمَ للثَّانِيَة فأغْلَقَت البابَ دونَه، أو منعَتْهُ من الاستمتاعِ بها، أو قالت: لا تَدْخُلْ عليَّ أو لا تَبِتْ عندِي. أو ادَّعَت الطَّلاقَ، سَقَطَ حَقُّها من القَسْمِ والنَّفَقَةِ، فإن عادت إلى المُطاوعَةِ استَأْنَفَ القَسْمَ بينهما، ولم يَقْضِ لناشِزٍ.
ولا يَجُوزُ الجَمْعُ بين زوجتَيه في مَسْكَنٍ واحدٍ، أيْ بَيْتٍ واحدٍ إلَّا برضاهُما؛ لأَن كُلَّ واحدةٍ منهما تَسْمَعُ حِسَّهُ إذا أتى الأُخْرَى، فإن رضيتا ذلك أو بنومه بينهمَا في لِحَافٍ واحدٍ جاز.
وَيَجُوزُ أن يسكنَهُما في دارٍ واحدة، كل واحدةٍ منهما في بيتٍ منها إذا كان مَسكنَ مِثْلِها.
وكذلك لا يَجْمَعُ بين الزَّوْجَةِ والسُّرِّيَّةِ إلَّا برضى الزَّوْجَةِ.
وله منعُ زوجتِهِ من الخروج من منزله إلى ما لها منه بُدٌّ سواءٌ أرادت زيارةَ والديْها أو عيادتَهُما أو حضورَ جنازَةِ أحَدهما أو غيرَ ذلك.
وَيَحْرُمُ عليها الخروجُ بلا إذْنِهِ، فإن فعلَتْ فلا نفقَةَ لها إذن، هذا إذا قام بحوائجها، وإلَّا فلا بُدَّ لها منه.
فإن مَرِضَ بَعْض محارِمِها أو مات لا غيرُهُ من أَقارِبها اسْتُحِبَّ له أن يأْذن لها في الخروج إليه، لا لزيارةِ أبويْها، ولا يَمْلِكُ منعها من كلامِهِمَا، ولا مَنْعَهما من زيارتِها إلَّا من ظَنَّ حصولَ ضَرَرٍ، ويُعْرَفُ بقرائنِ الحَال، ولا يلزمُهَا طاعةُ أبويْها في فراقِهِ، ولا في زيارةٍ ونحوها، بل عليها طاعةُ زَوْجِها فهي أحَقُّ من طاعتهِما.
وإذا أرادَ النقلةَ من بلدٍ بِنِسَائِه وأمكنَهُ اسْتِصْحابُ الكُلِّ في سفرِهِ فَعَلَ، ولا يجوزُ إفرادُ إحداهُنَّ إلَّا بقرعَةِ، فإن فعل قَضَى للباقياتِ.
فَائِدَةٌ: وللمرأةِ أن تَهَبَ حَقَّها من القَسْمِ في جميع الزَّمان، وفي بعضِهِ لبعضِ ضَرائِرها بإذْنِهِ، أو لهُنَّ كُلِّهِنَّ، أو له، فَيَجْعَلَه لمن شاء منهُنَّ، ولو أبَتِ الموهوبُ لها، ولا يجوزُ هِبَةُ ذلك بمالِ، فإن أَخَذَتْ وَجَبَ رَدُّهُ، وعليه أن يَقْضِيَ لها؛ لأَنَّها تركتْه بشرْطِ العِوَضِ ولم يُسَلَّمْ لها، فإن كان عِوَضُها غيرَ المالِ؛ كإرضاءِ زَوْجِها عنها أو غيره جاز.
ثُمَّ إن كانت تلك الليلةُ المَوْهُوبَةُ تَلِي ليلةَ المَوْهُوبِ لها، وَالَى بينهما، وإلَّا لم يَجُزْ إلَّا برضا الباقيات، ومتى رَجَعَتْ في الهِبَةِ، عادَ حَقُّها في المُسْتَقْبَلِ فقط ولو في بعض اللَّيْلِ؛ ولا يَقْضِيه إن لم يَعْلَمْ