الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَتَابُ الجَنَائِزِ
يُسَنُّ الاستعدادُ للموتِ، والإكثارُ من ذَكْرِهِ، وعِيادَةُ مُسلِمٍ غَيْرِ مُبْتَدعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ كرافِضِيٍّ أو يُسَنُّ كَمُتَجَاهِرٍ بمعصيةٍ.
ويعودُه غِبًّا من أَولِ المرَضِ بُكْرَةً وعشيًا، وفي رمضانَ ليلًا، وتكرَهُ وسَطَ النَّهارِ.
ويُذَكِّرُهُ التَّوْبةَ والوصيَّةَ ويدعُو بالعافيةِ والصَّلاحِ، ولا يطيل الجلوس، ويسأَلُهُ عن حَالِه ويُنَفِّس لَهُ في الأَجَلِ بما يُطَيِّبُ نفسَهُ، ويَقُولُ في دُعائِه:"أَذْهِبِ الَبأْسَ رَبَّ النَّاسِ، واشْفِ، أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا ولا أَلمًا"(1). ويقول: "أَسْأَلُ الَّله العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيم أن يَشْفِيكَ، ويُعَافِيكَ"(2) سَبْعَ مَرَّاتٍ.
(1) أخرجه البخاري (10/ 206)، ومسلم (4/ 1722) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2)
أخرجه أبو داود (3106)، والترمذي (2084) من حديث ابن عباس وصححه النووي في "الأذكار" ص 235.
ولا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ عليه، ولا بإخبارِ المَريض بما يجدُ بلا شكوى، ولكن يَحْمَدُ لِلَّهِ قبلَهُ.
ويَجِبُ عليه بِتَأَكُّدٍ أن يُحْسِنَ ظنَّهُ بربِّهِ، ويُسَنَّ له بتأَكُّدٍ أن يصبِرَ، والصَّبْرُ الجَمِيلُ صَبْرٌ بلا شَكْوَى، والشِّكْوَى إلى الخَالِقِ لا تُنافِيهِ، بل مَطْلُوبَةٌ، ويُكْرَهُ الأَنينُ، وتَمَني المَوْتِ، وقَطْعُ البَاسُور، ويَحْرُمُ مع خوفِ التَّلَفِ، ويُبَاحُ مع خوف التَّلَفِ ببقائِهِ.
ولا يَجِبُ التَّداوي ولو ظَنَّ نَفْعَهُ بل تَرْكُهُ أفضلُ، ويحرُمُ بمُحرَّمٍ لكن إن كانَ الدواءُ مَسْمُومًا وغلب منه السَّلامَةُ وَرُجِي نَفْعُهُ أُبِيحَ لِدَفْعِ ما هُو أَعْظَمُ منهُ كغيرِهِ من الأَدويةِ، ولو أَمَرَهُ أَبُوه بِشُرْبِ دواءٍ بِخَمْرٍ وقال: أُمُّكَ طَالِقٌ ثلاثًا إن لم تَشْرَبْهُ حَرُمَ شربُهُ.
وتَحْرُمُ التَّمِيمَةُ، وهي عَوْذَةٌ، أو خَرَزَةٌ، أو خَيْطٌ ونَحْوُهُ، يَتَعَلَّقُها.
ويُبَاحُ كتبُ قُرآنٍ وذكرٍ بإناءٍ لِعُسْرِ الوِلادَةِ ولِمَريضٍ ويُسقَيانِهِ.
وإذا نَزَلَ به سُنَ تعاهُدُ بَلِّ حلقِهِ بِمَاءٍ أو شَرابٍ، وتَنديةُ شفتيهِ بِقُطْنَةٍ، وتلقينُهُ:"لا إله إلَّا الَّلهُ" مَرَّةً ولم يزد على ثلاثٍ إلَّا أن يتكَلَّمَ فيعيدَه بِرفْقٍ.
ويُسَنُّ قراءة "يس"، و"الفَاتِحَةِ"، عِنْدَهُ (1)، وتوجيهُهُ إلى القِبْلَةِ
(1) الأحاديث التي في فضل سورة ياسين وفضل قراءتها عند الميت لا تصح. انظر: "الفوائد المجموعة" للشوكاني ص 300.
على جنْبِهِ الأَيْمَنِ مع سَعَةِ المكانِ وإلَّا فعلى ظَهْرِهِ، وينبغي له أن يشتغل بنفسِهِ، ويَعْتَمِدَ على الَّله تعالى فيمن يُحِبُّ ويوصي للأَرجحِ في نَظَرِهِ.
فإذا مَاتَ استُحِبَّ تغميضُ عَيْنَيْهِ، ويُكْرَهُ من جُنُبٍ وحائضٍ، وأن يَقْرَبَاهُ. وللرَّجُل أن يُغَمِّضَ ذاتَ مَحْرَمِهِ، وتُغَمِّضَ ذا مَحْرَمِهَا، ويقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وعلى وفاةِ رسُولِ الله. ولا يتكلَّمُ من حَضَرَ إلَّا بخيرٍ، ويَشُدَّ لَحْيَيْهِ، ويُلَيِّنُ مَفاصِلَهُ عَقِبَ مَوْتهِ، فَيُلْصِقُ ذراعَيْهِ بعَضُدَيهِ ثُمَّ يُعيدُهُما، وسَاقَيْه بِفَخْذيه، وفَخِذيهِ ببطنِهِ ثُمَّ يعيدُهُما، فإن شَقَّ ذلك عليه تركَهُ.
وينْزِعُ ثِيابَهُ ويُسَجَّى بِثَوْبٍ، ويَجْعَلُ على بَطْنِهِ مِرْآةً من حَديدٍ، أو طِينٍ، ونَحْوِهِ. ويُوضَعُ على سَريرِ غَسْلِهِ مُتَوَجِّهًا على جَنْبِهِ الأَيْمَنِ، مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ، ولا يَدَعهُ على الأَرْضِ.
وَيَجِبُ أن يُسارِعَ في قَضَاءِ دَيْنِه، وتَفْرِيقِ وَصِيَّتِه، وكُلِّ ما فيه إبراءُ ذمّتِهِ مِنْ إخراجِ كَفَّارةٍ أو حَجٍّ أو غيرِ ذلك، قَبْلَ الصَّلاةِ عليه، فإن تَعَذَّرَ وفاءُ دينهِ في الحَالِ نُدِبَ لوارثِهِ أو غيرِه أن يتكَفَّلَ به عَنْهُ.
ويُسَنُّ الإسراعُ في تجهيزهِ، إن مَاتَ غَيْرَ فَجْأَةٍ، ولا بأْسَ بانتظارِ من يحضُرُهُ من وليهِ وغيره إن قَرُبَ ما لم يُخْشَ عليه، أو يَشُقَّ على الحَاضرين، ويُنْتَظَرُ بِمَن مات فَجْأَةً بِصَعْقَةٍ، أو هَدْمٍ ونحوِهِ، أو شُكَّ