الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ المِيَاهِ
هي ثَلاثَةُ أقْسَامٍ:
قِسْمٌ يُسْتَعْمَلُ في العَادَاتِ والعِبَادَاتِ.
وقِسْمٌ يُسْتَعْمَلُ في العَادَاتِ لا في العِبَادَاتِ.
وقِسْمٌ يَمْتَنِعُ اسْتِعْمَالُهُ فيهما.
أما الأَول: فهو الطَّهُورُ وهو البَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ كَمَاء البَحْرِ والنَّهْرِ والبِئْرِ والعَيْنِ والمَطَرِ، ومِنْهُ مَكْرُوهٌ بِلا حَاجَةٍ كَمَاءِ بِئْرٍ بِمَقْبَرَةٍ، ومُسَخَّنٍ بِنَجَسٍ، ومُتَغَيّرٍ بِغَيْرِ مُمَازِجٍ، أو بِمِلْحٍ مَائِيٍّ، وَيَسِيْرٍ مُسْتَعْمَلٍ في نَفْلِ طَهَارَةٍ، ولا يُكْرَهُ مَاءُ الحَمَّامِ، ولو سُخِّنَ بِنَجَسٍ.
ومِنْهُ ما يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا، ولا يَرْفَعُ الحَدَثَ، بَل يُزِيلُ الخَبَثَ مَعَ تَحْرِيمِهِ وهو المَغْصُوبُ، وَمَاءُ آبارِ ثَمُودَ غَيْرَ بِئْرِ النَّاقَةِ.
ومنه ماء لا يَرْفَعُ حَدَثَ رَجُلٍ وَخُنْثَى، وَيَرْفَعُ حَدَثَ غَيْرِهِمَا، وَيُزِيلُ الخَبَثَ وهو طَهُورٌ يَسِيرٌ خَلَتْ بِهِ مُكَلَّفَةٌ لِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ عن حَدَثٍ.
وأمَّا الثَّاني: فهو الطَّاهِرُ، كَمياهِ النَّباتَاتِ، وَطَهُورٍ تَغيَّرَ طَعْمُهُ أو لَونُهُ أَو رِيحُهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا بِطَاهِرٍ مُمَازجٍ كَزَعْفَرانٍ، وحِبْرٍ وخَلٍّ وأُشْنَانٍ، وَدِبْسٍ وَعَصِيرٍ وَصَابُونٍ ونحوها.
ومنه يَسِيرٌ اسْتُعْمِلَ في رَفْعِ حَدَثٍ أو كانَ آخِرَ غَسْلَةٍ طَهُرَ المَحَلُّ بها أو غُمِسَ فيه كُلُّ يَدِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوضُوءٍ.
وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُ هَذا الأَخِيرِ، وَيُقَدَّمُ عليه ما خَلَت بِهِ مُكَلَّفَةٌ إن لم يُوجَدْ غَيْرُهُما ثُمَّ التَّيَمُّمُ بَعْدَهُ.
فَائِدَةٌ: لَو كَان المَاءُ في إِنَاءٍ لا يَقْدِرُ عَلى الصَّبِّ مِنْهُ، بل على الاغْتِرافِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ ما يَغْتَرِفُ بِهِ، وَيَداهُ نَجِسَتَانِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ المَاءَ بفِيهِ، وَيَصُبُّ عليهما، فإِن لَمْ يُمْكِنْهُ تَيَمَّمَ وَتَرَكَهُ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ: فهو النَّجِسُ، وهو ما تَغَيَّرَ بالنَّجَاسَةِ في غَيْرِ مَحَلِّ تَطْهِيرٍ أو كانَ دُونَ القُلَّتَيْنِ وَحَلَّتْ فيه، لكن تَتَنَجَّسُ القُلَّتَانِ فَأَكْثَرُ بِبَوْلِ الآدَميِّ أو عَذِرَتِهِ المَائِعة مُطْلَقًا، إلَّا أن يَكُونَ مِمَّا يَشُقُّ نَزْحُهُ كَمَصَانِع طَرِيْقِ مَكَّةَ فإِنَّهُ لا ينجُسُ إلَّا بالتَّغَيُّرِ، وإذا زَالَ تَغَيُّرُ النَّجِسِ الكَثيرِ بِنَفْسِهِ أو كُوثِرَ بِمَاءٍ كثِيرٍ مع اتِّصَالِ الصَّبِّ عُرْفًا، أو نُزِحَ مِنْهُ فَبَقِيَ بَعْدَهُ كثيرٌ غيرُ مُتَغيّرٍ طَهُرَ.
والكثيرُ قُلَّتَانِ، واليَسِيرُ ما دُونَهما، وهُمَا خَمْسُمائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيٍّ تقريبًا، وَمائَةٌ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وسُبْعُ رَطْلٍ دِمَشْقِيٍّ، وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ رَطْلًا وثَلاثةُ أَسْبَاع رَطْلٍ بَعْلِيٍّ.
ومِسَاحَتُهما مُرَبَّعًا: ذِرَاعٌ ورُبعٌ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا، ومُدورًا: ذِراعٌ طُولًا وذِرَاعَانِ وَنِصْفٌ عُمْقًا، والمُرادُ ذِراعُ اليَدِ.
والجَارِي كَالرَّاكِدِ.
وَغَيْرُ المَاءِ مِنَ المَائِعَاتِ كَالزَّيتِ، والسَّمْنِ، والعَصِيرِ، والحِبْرِ يَنْجُسُ بِأَدْنَى نَجَاسَةٍ مُطْلقًا، وكذا المَاءُ الطَّاهرُ. وإن وَقَعَتْ في جَامِدٍ أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا. وإن شَكَّ في نَجَاسَةِ مَاءٍ أو غيره بَنَى على أَصْلِهِ.
وَيَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ نَجَاسَة شَيءٍ إِعْلامُ مَن أَرادَ أن يستعمِلَهُ، وَيُقْبَلُ خَبَرُ عَدْلٍ - ولو مَسْتُورًا أو ضَرِيرًا - مُكَلَّفٍ إن عَيَّنَ السَّبَبَ. وإن اشتَبَهَ طَهُورٌ مُبَاحٌ بِنَجِسٍ أو مُحَرَّمٍ لم يَتَحَرَّ وتيمَّمَ، لكِن إن أمْكَنَ تَطْهِير أحَدِهِما بالآخَرِ لَزِمَ. وإن اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِطَهُورٍ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا وُضُوءًا واحِدًا من هذا غَرْفةً ومن هذا غرفةً، يعمّ بِكُلِّ غَرْفَةٍ المَحَلَّ ولو مَعَ طهُورٍ بِيَقِينٍ (1).
وإن اشْتَبَهَت ثيابٌ طَاهِرَةٌ ومُبَاحَةٌ بِنَجِسَةٍ أو مُحَرَّمَةٍ، ولم يَكُن عِنْدَهُ طَاهِرٌ أو مُبَاحٌ بيقينٍ لم يَتَحَرَّ وصَلَّى في كُلِّ ثَوْبٍ صَلاةً بِعَدَدِ النَّجِسَةِ أو المُحَرَّمَةِ وَزادَ صَلاةً، وكذا حُكْمُ أمْكِنَةٍ ضَيِّقَةٍ.
ولا تَصِحُّ إِمَامَةُ من اشْتَبَهَ ذَلِكَ عليه.
(1) من قوله: "وَيَقْبَلُ خَبرَ عَدْلٍ"، إلى قوله:"طهور بيقينٍ" لا وجود له في (ب).