الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ القَصْرِ
يُسَنُّ لِمَن نَوَى سَفَرًا طَويلًا، وهو أَرْبَعَةُ بُرُدٍ ستَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا تقريبًا، كُلُّ فَرْسَخٍ ثَلاثَةُ أميالٍ هَاشِمِيَّة، كُلُّ ميلٍ سِتَّةُ آلاف ذراع برًّا أو بَحْرًا، وهي يومان قَاصِدَانِ في زَمَنٍ مُعْتَدِلٍ بسَيْرِ الأَثْقَالِ ودَبيبِ الأَقْدَامِ، فَيُصَلي الرُّباعِيّهَ رَكْعَتَيْنِ، ولا يُكرَهُ الإتمام.
وشُرِطَ كونُهُ مُبَاحًا، ولو نُزْهَةً وفُرْجَةً أو هو أكثرُ قَصْدِهِ أو تَابَ فيه وقد بَقِيَتْ أو أُكْرِهَ كَأَسِيرٍ، أو غُرِّب أو شُرِّدَ، لا هائمٌ وسائحٌ وتائِهٌ إذا فَارَقَ بيوت قريتِهِ العامرةِ، أو خيامَ قَوْمِهِ أو ما نُسِبَ إِليه عُرْفًا سكانُ قُصُورٍ وبساتينَ ونحوهم، وَأَلَّا يَرْجِعَ إلى وطنِهِ ولا ينويَه قَرِيبًا، فإن رَجَعَ لم يَتَرخَّصْ حَتَّى يُفَارِقَهُ ثانيًا، وإن بدا له الرُّجُوعُ لِحَاجَةٍ لم يَتَرخَّصْ في رجوعِهِ بعد نيَّةِ عَوْدِهِ حَتَّى يُفَارِقَ أيضًا إلَّا أن يكُونَ رُجوعُهُ سَفَرًا طويلًا، ولا يُعيدُ من قَصَرَ ثُمَّ رَجَعَ قبل استكمالِ المَسَافَةِ.
وإن رَجَعَ ثُمَّ بَدَا لَهُ العَوْدُ لم تقْصُرْ حَتَّى يُفارِقَ مكانَهُ، فإن شَكَّ
في قَدْرِ المَسَافَةِ لم يَقْصُرْ حَتَّى يُجَاوِزَها كَمَن خَرَجَ في طَلَبِ آبقٍ أو ضَالَّةٍ.
ولو انتقَلَ من سَفَرِهِ المُبَاحِ إلى مُحَرَّمٍ امتنَعَ، ولو قَامَ إلى ثَالِثَةٍ عَمْدًا أَتمَّ وجُوبًا وسَهوًا رَجَعَ، فَلو نَوى الإتمامَ أَتَمَّ وأَتَى بما بَقِي سوى ما سَهى عنه فإنه لَغْو.
ولو كانَ إمامًا بمسافرٍ تَابَعَهُ إلَّا أن يعلمَ سَهْوَهُ فينبِّهَهُ، فإن رَجَعَ وإلَّا فَارَقَهُ.
وتَبطلُ صَلاتُهُ بمتابَعَتِهِ، وَيَقْصُرُ من أَسْلَمَ أو بَلَغَ أو طَهُرَتْ بِسَفَرٍ مُبيحٍ ولو بقي دُونَ المسافة. وزَوْجَةٌ وقِنٌّ وجُنْديٌّ تَبَعٌ لِزَوْجٍ وسَيِّدٍ وأَمِيرٍ.
وأهلُ مكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهَا ليس لهم القَصْرُ والجَمْعُ في عرَفَةَ ومُزْدَلِفَةَ فَهُمْ في المَسَافَةِ كغيرِهِم.
وَمَنْ مَرَّ بوطنِهِ، أو ببلدٍ له فيه امرأَةٌ، أو تَزَوَّج فيه، أو دَخَلَ وقتُ صَلاةٍ عليه حَضَرًا، أو أَوْقَعَ بعضها فيه، أوذَكَرَ صلاة حضرٍ بسفرٍ أو عكسُهُ، أو ائْتَمَّ بمقيمٍ أو بِمَن يَشُكُّ فيه، ويكفي علمُهُ بسفَرِهِ بعلامَةٍ، أو شَكَّ إِمامٌ في أثنائِها أنه نَواهُ عند إحرامِها، أو أعادَ فاسِدَةً، يَلْزَمُهُ إتمَامُهَا، أولم ينوِهِ عند إحرامٍ، أو نواهُ ثُمَّ رَفَضَه، أو جَهِلَ أنّ إِمَامَهُ نَواهُ، أو نوى إقامةً مُطْلَقَةً، أو أكثرَ من عشرين صلاة، أو لِحَاجَةٍ وظنَّ أنَّها لا تنقضي قَبلها، أو شَكَّ في نِيَّةِ المُدةِ، أو عَزَم في صلاتِهِ
على قَطْع الطريقِ ونحوه، أو تاب منه فيها، أو أَخَّرها بلا عُذْرٍ حَتى ضاق وقتُها عنها، لَزِمَهُ أن يُتِمَّ في جميع ذَلِكَ لا إن سَلَكَ أبْعَدَ الطريقينِ، أو ذكرَ صلاةَ سَفَرٍ في أَخَرَ، أو أقَامَ لِحَاجَةٍ بلا نِيّةِ إقامَةٍ ولا يدري متى تَنْقَضي أو حُبِسَ ظُلْمًا أو بمرَضٍ أو مَطَرٍ ونحوِه لا بِأَسْرٍ.
وَمَنْ نَوى بلدًا بِعَينهِ يَجْهَلُ مَسَافَتَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا قَصَرَ بعد عِلْمِها كَجَاهِلٍ بجوازِ القَصْرِ ابتداءً، ويقصرُ من عَلِمَها ثُمَّ نَوى إن وَجَدَ غريمَهُ رَجَعَ، أو نوى إقامَةً لا تمنَعُ القَصْرَ دونَ مقصِدِه بينَهُ وبين بلد نيتهِ الأُولى دونَ المَسَافَةِ، ولا يَتَرَخَّصُ مَلَّاحٌ معهُ أهلُهُ وليس له نِيّةُ إقامةٍ بِبَلَدِ، ومثْلُهُ مُكارٍ وراعٍ، ورسولُ السُّلطانِ ونحوُهُم.
وإن نَوى مُسَافِرٌ القَصْرَ حيثُ لم يُبَحْ عَالِمًا لم تنعقِدْ كما لو نَواهُ مُقِيمٌ.
* * *