الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: مقدمات الجماع للمعتكف، أو المعتكفة
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
من كان معتكفا، وباشر زوجه فيما دون الجماع، هل يفسد اعتكافه؟
المسألة الثانية: حكم مقدمات الجماع للمعتكف، أو المعتكفة:
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على أن المباشرة إذا كانت بغير شهوة فهي جائزة، ولا تفسد الاعتكاف
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
حديث عائشة رضي الله عنها: أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم، وهي حائض وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه
(2)
. ولو كانت المباشرة تفسد الاعتكاف على كل حال، لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه لعائشة رضي الله عنها وهو ملازم للمسجد، للاعتكاف.
ثانيا: اتفق الفقهاء على أن المباشرة بشهوة محرمة على المعتكف
(3)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
من باشر بشهوة وهو في المسجد، فإنه لا يأمن الإفضاء إلى إفساد الاعتكاف، وما أفضى إلى الحرام فهو حرام؛ إذ لو كان السبب حلالا لكان المسبب أيضا حلالا؛ لأن المقصود من شرعية السبب هو المسبب
(4)
.
ثالثا: اختلف الفقهاء في فساد الاعتكاف بالمباشرة، مع الشهوة، على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
يفسد الاعتكاف بالمباشرة بشهوة إن أنزل المني، ولا يفسد إذا لم ينزل، وهذا ما ذهب إليه: الحنفية
(5)
، ووجه عند الشافعية
(6)
، والمذهب عند الحنابلة
(7)
.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 123، وتحفة الفقهاء، لعلاء الدين السمرقندي 1/ 375، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 116، وشرح مختصر خليل، للخرشي 2/ 269، وحاشية العدوي 1/ 467، وحاشية الدسوقي 1/ 544، والحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595، والمجموع، للنووي 6/ 523، والمغني، لابن قدامة 3/ 198، والكافي، لابن قدامة 1/ 460، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 144 - 145.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الاعتكاف، باب: المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل (2046) 3/ 52.
(3)
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 2/ 116، والهداية، للمرغياني 1/ 130، والبناية، للعيني 12/ 184، والمدونة، للإمام مالك 1/ 291، ومنح الجليل، للشيخ عليش 2/ 168، وأسهل المدارك، للكشناوي 1/ 439، والحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595، والمجموع، للنووي 6/ 524، والمغني، لابن قدامة 3/ 198، والكافي، لابن قدامة 1/ 460، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 144 - 145.
(4)
ينظر: البناية، للعيني 12/ 184 - 185، والمغني، لابن قدامة 3/ 198، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 145.
(5)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 123، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 116.
(6)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595، والمجموع، للنووي 6/ 525.
(7)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 198، والكافي، لابن قدامة 1/ 460، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 144 - 145.
دليل القول الأول:
أن المباشرة فيما دون الفرج إذا اتصل بها الإنزال كانت مُفسدة للصوم، والاعتكاف فرع على الصوم، وهو في معنى الجماع في الفرج فيما هو المقصود منه، فيفسد الاعتكاف، أما إذا لم يتصل به الإنزال، فهو ليس في معنى الجماع في الفرج، ولا ملحق به حكما في إفساد العبادة، ولا يفسد به الصوم، فكذلك الاعتكاف
(1)
.
القول الثاني:
يفسد الاعتكاف بالمباشرة بشهوة مطلقا أنزل أو لم ينزل، وهذا ما ذهب إليه المالكية
(2)
، وقول عند الشافعية
(3)
.
دليل القول الثاني:
المباشرة بشهوة محرمة في الاعتكاف، والنهي يقتضي الفساد، فيبطل بها الاعتكاف، كالجماع
(4)
.
نوقش:
لو بطل الاعتكاف بالمباشرة كما بطل بالوطء، لصار في ذلك تسوية بين حكم المباشرة، والوطء، ولما صار للوطء مزيد مزية يختص فيها بالتغليظ دون غيره، كما هو الحال في الحج، والصوم، والحد
(5)
.
القول الثالث:
لا يفسد الاعتكاف بالمباشرة بشهوة مطلقا أنزل أو لم ينزل، وهو قول عند الشافعية
(6)
.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 123، والمغني، لابن قدامة 3/ 198، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 145.
(2)
ينظر: المدونة، للإمام مالك 1/ 291، ومنح الجليل، للشيخ عليش 2/ 168، وأسهل المدارك، للكشناوي 1/ 439.
(3)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595، والمجموع، للنووي 6/ 523.
(4)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595.
(5)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595.
(6)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595، والمجموع، للنووي 6/ 523.
دليل القول الثالث:
الاعتكاف عبادة تتعلق بمكان مخصوص؛ فوجب أن لا تبطل بالمباشرة فيما دون الفرج، كالحج
(1)
.
يمكن أن يناقش:
لا يسلم بصحة القياس على الحج؛ إذ المباشرة مع الإنزال قبل التحلل الأول لها تأثير على الحج، فينبغي أن يكون لها تأثير على الاعتكاف.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بأن الاعتكاف يفسد بالمباشرة بشهوة إن أنزل المني، ولا يفسد إذا لم ينزل؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال الأقوال الأخرى.
(1)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 499، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 595.