الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: الجماع في نهار رمضان بعد زوال العذر المبيح للفطر في أوله
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
إذا قدم في نهار رمضان زوجان، مسافران، مفطران، أو قدم مسافر مفطر، وزوجته طهرت من حيض في أول النهار، هل يجوز لهما الجماع في بقية النهار؟
المسألة الثانية: حكم الجماع في نهار رمضان بعد زوال العذر المبيح للفطر في أوله:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة، على قولين:
القول الأول:
يباح لهما الجماع، ولا يلزمهما الإمساك بقية اليوم، وهذا ما ذهب إليه المالكية
(1)
، والشافعية
(2)
، ورواية عند الحنابلة
(3)
.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
من لم يلزمه الإمساك أول النهار، لم يلزمه إمساك بقية اليوم، كما لو دامت هذه الأعذار كل اليوم؛ إذ الصوم في اليوم الواحد عبادة واحدة لا تتجزأ
(4)
.
الدليل الثاني:
المسافر الذي قدم، والحائض التي طهرت، مفطران حقيقة، وحكما، فالقضاء ثابت في ذمتهما، وصيام بقية اليوم لا يسقط عنهما القضاء، فكيف يطالب المكلف بعبادة واحدة مرتين!
(5)
.
(1)
ينظر: الذخيرة، للقرافي 2/ 522، وإرشاد السالك، لابن عسكر ص: 40، والفواكه الدواني، للآبي 1/ 307.
(2)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 428، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 473، والمجموع، للنووي 6/ 263.
(3)
ينظر: المحرر، لابن تيمية 1/ 227، والمبدع، لابن مفلح 3/ 12، والإنصاف، للمرداوي 3/ 283.
(4)
ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 472.
(5)
ينظر: المجموع، للنووي 6/ 263.
القول الثاني:
يحرم عليهما الجماع، ويلزمهما الإمساك بقية اليوم، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(1)
، والمذهب عند الحنابلة
(2)
.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
نهار رمضان وقت معظم، فلزمهما الإمساك؛ تعظيما لحرمة الوقت
(3)
.
نوقش:
حرمة اليوم ارتفعت بالإفطار -المشروع-، المتقدم في أول النهار
(4)
.
الدليل الثاني:
اجتمع المحرم للفطر، وهو: الإقامة، والمرخص والمبيح للفطر، وهو: السفر في يوم واحد، فكان الترجيح للمحرم احتياطا
(5)
.
يمكن أن يناقش:
ترجيح المحرم للفطر، يلزم منه إيجاب عبادة واحدة على المكلف مرتين؛ الإمساك بقية اليوم، والإمساك في يوم القضاء، وليس هذا من معهود خطاب الشارع!
الدليل الثالث:
من قدم مفطرا، فقد أدرك جزءًا من وقت الإمساك، وهو من أهل الوجوب، فلزمه الإمساك في الوقت الذي صار فيه من أهل الوجوب، كمن أدرك جزءً من وقت الصلاة، وهو من أهل الوجوب؛ لزمه أداؤها
(6)
.
يمكن أن يناقش:
لا يسلم بالقياس على الصلاة؛ إذ الصلاة لا تستغرق جميع وقت الوجوب، بخلاف الصيام الذي يستغرق جميع وقت الوجوب.
(1)
ينظر: البحر الرائق، لابن نجيم المصري 2/ 313، والنهر الفائق، لابن نجيم الحنفي 2/ 37.
(2)
ينظر: المحرر، لابن تيمية 1/ 227، والمبدع، لابن مفلح 3/ 12، والإنصاف، للمرداوي 3/ 283.
(3)
ينظر: البحر الرائق، لابن نجيم المصري 2/ 313.
(4)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 428.
(5)
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 2/ 108.
(6)
ينظر: حاشية الروض، لابن قاسم 3/ 369.
الترجيح:
الذي يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بجواز جماع من زال عذرهما المبيح للفطر في نهار رمضان؛ لوجاهة استدلالهم، ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.