الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: جماع النفساء في الأربعين بعد انقطاع الدم، وقبل تمام الأربعين
.
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على أن المرأة إذا طهرت لأقل النفاس، صلت وصامت
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول:
الإجماع المحكي في المسألة
(2)
.
الدليل الثاني:
دم النفاس دم أذى كالحيض، قال تعالى:{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}
(3)
، فإذا وجد الأذى وجد حكمه، وإذا ارتفع الأذى ارتفع حكمه.
ثانيا: اختلف الفقهاء في حل جماعها إذا انقطع الدم عنها قبل تمام الأربعين، على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
يحل جماع المرأة النفساء إذا تطهرت قبل بلوغها أربعين يوما من ولادتها، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية
(4)
، والمالكية
(5)
، والشافعية
(6)
، ورواية عند الحنابلة
(7)
.
(1)
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 1/ 41، وتبيين الحقائق، للزيلعي 1/ 67، والبحر الرائق، لابن نجيم 1/ 230،
والكافي، لابن عبدالبر 1/ 31، ومواهب الجليل، للحطاب 1/ 376، وحاشية الخرشي 1/ 210، والمجموع، للنووي 3/ 539، وروضة الطالبين، للنووي 1/ 174، ومغني المحتاج، للشربيني 1/ 119، والكافي، لابن قدامة 1/ 85، والمبدع، لابن مفلح 1/ 294، وكشاف القناع، للبهوتي 1/ 219.
(2)
قال الترمذي في سننه: "أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي" ينظر: سنن الترمذي 1/ 258.
(3)
البقرة من الآية: 222.
(4)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 2/ 19، والبناية، للعيني 1/ 690، وبدائع الصنائع، للكاساني 1/ 41.
(5)
ينظر: الكافي، لابن عبدالبر 1/ 186، والمقدمات الممهدات، لابن رشد الجد 1/ 129، ومواهب الجليل، للحطاب 1/ 376.
(6)
ينظر: فتح العزيز، للرافعي 1/ 356، والمجموع، للنووي 2/ 532، وروضة الطالبين، للنووي 1/ 179.
(7)
ينظر: المبدع، لابن مفلح 1/ 260، والإنصاف، للمرداوي 1/ 384.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
أن المرأة ما دامت لها حكم الطاهرات في الصوم، والصلاة، فينبغي أن يكون لها حكم الطاهرات في الوطء
(1)
.
الدليل الثاني:
أن المانع من الوطء الدم؛ فإذا زال المانع زال حكمه
(2)
.
القول الثاني:
يكره جماع المرأة النفساء إذا طهرت قبل الأربعين، وهذا المذهب عند الحنابلة
(3)
.
دليل القول الثاني:
المرأة في الأربعين، لا تأمن عود الدم، فيكون واطئا في نفاس
(4)
.
نوقش:
معاودة الدم أمر موهوم؛ فلا يترك حكم طهرها المعلوم، من أجل شيء موهوم
(5)
.
القول الثالث:
يحرم جماع المرأة النفساء إذا طهرت قبل الأربعين، وهذا القول رواية عند الحنابلة
(6)
.
(1)
ينظر: المجموع، للنووي 2/ 532.
(2)
ينظر: المبدع، لابن مفلح 1/ 260.
(3)
ينظر: المغني، لابن قدامة 1/ 252، والمبدع، لابن مفلح 1/ 260، والإنصاف، للمرداوي 1/ 384.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 1/ 252، والمبدع، لابن مفلح 1/ 260.
(5)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 2/ 19، وبدائع الصنائع، للكاساني 1/ 41.
(6)
ينظر: المبدع، لابن مفلح 1/ 260، والإنصاف، للمرداوي 1/ 384.
دليل القول الثالث:
لم أقف على دليل لهذا القول، إلا أنه يمكن الاستدلال له بما علل به أصحاب القول الثاني: وهو أن المرأة في الأربعين، لا تأمن عود الدم، فيكون واطئا في نفاس
(1)
، مع تغليب جانب الاحتياط؛ فيحكم بالحرمة.
يمكن أن يناقش من وجهين:
الوجه لأول:
الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما دل الدليل على حرمته، وليس ثمة دليل مُحرم.
الوجه لثاني:
اليقين لا يزول بالشك، وقد تيقنت الطهارة، ومعاودة الدم مشكوك فيها.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بحل جماع المرأة النفساء إذا تطهرت قبل بلوغها أربعين يوما من ولادتها لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على أدلة الأقوال الأخرى، ولقربه من قواعد الشريعة.
(1)
ينظر: المغني، لابن قدامة 1/ 252، والمبدع، لابن مفلح 1/ 260.