المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: تغسيل أحد الزوجين الآخر بعد وفاته - مسائل العبادات المختصة بالزوجين

[لولوة بنت صالح السنيدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ضابط الموضوع:

- ‌أهمية الموضوع وسبب اختياره:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌أولاً: ضابط البحث:

- ‌ثانياً: المسائل التي وقع فيها التشابه:

- ‌منهج البحث:

- ‌تقسيمات البحث:

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف العبادات

- ‌المطلب الثاني: تعريف الزوجين

- ‌الفصل الأول: مسائل الطهارة المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل الوضوء وخصال الفطرة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: إجبار الزوجة على الإتيان بخصال الفطرة المتعلقة بالاستمتاع

- ‌المطلب الثاني: خروج المذي(2)من الاستمتاع بما دون الفرج

- ‌المطلب الثالث: خروج مني الرجل(1)(1) من فرج المرأة بعد الغسل

- ‌المطلب الرابع: الاستمتاع بما دون الفرج من غير خروج مني ولا مذي

- ‌المطلب الخامس: أثر لمس الزوجة في نقض الوضوء

- ‌المطلب السادس: وضوء الجنب بين الجماعين

- ‌المبحث الثاني: مسائل الغسل المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: حد الإيلاج الموجب للغسل

- ‌المطلب الثاني: الاستمناء(1)عن طريق الزوجة، أو الزوج

- ‌المطلب الثالث: طواف الرجل على نسائه بغسل واحد

- ‌المطلب الرابع: اغتسال الزوجين من إناء واحد من جنابة

- ‌المطلب الخامس: إجبار الزوجة المسلمة على الغسل لحق الزوج

- ‌المطلب السادس: إجبار الزوجة الذمية على الغسل لحق الزوج

- ‌المبحث الثالث: مسائل التيمم المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: جماع العادم للماء

- ‌المطلب الثاني: وطء الزوجة التي تطهرت بالتيمم من الحيض، أو النفاس

- ‌المطلب الثالث: شراء الزوج لزوجته الماء الذي تتطهر به

- ‌المبحث الرابع: مسائل الحيض والنفاس المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: الاستمتاع بالزوجة الحائض

- ‌المسألة الأولى: الاستمتاع بالفرج، وكفارته

- ‌المسألة الثانية: الاستمتاع بما دون الفرج

- ‌المطلب الثاني: حيض المرأة، أو نفاسها قبل غسلها من الجماع

- ‌المطلب الثالث: وطء الحائض، والنفساء قبل الغسل

- ‌المطلب الرابع: جماع النفساء في الأربعين بعد انقطاع الدم، وقبل تمام الأربعين

- ‌المطلب الخامس: إذن الزوج للزوجة في إنزال، ورفع الحيض بالدواء

- ‌المطلب السادس: جماع الحائض مع وجود الحائل على الفرج

- ‌الفصل الثاني: مسائل الصلاة المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: أثر ترك الصلاة على عقد الزوجية

- ‌المبحث الثاني: مسائل صلاة الجماعة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تخلف الزوج عن الجماعة لحضور شهوة الجماع

- ‌المطلب الثاني: تخلف الزوج عن الجماعة لزفاف(1)زوجته

- ‌المطلب الثالث: إذن الزوج لزوجته في الخروج لصلاة الجماعة

- ‌المبحث الثالث: القصر في السفر إذا دخل بلدا تزوج فيه

- ‌المبحث الرابع: الجماع يوم الجمعة

- ‌المبحث الخامس: مسائل صلاة الجنائز المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تغسيل أحد الزوجين الآخر بعد وفاته

- ‌المطلب الثاني: تغسيل أحد الزوجين الآخر، إذا مات أحدهما في زمن عدة الطلاق

- ‌المطلب الثالث: تغسيل الزوجة زوجها بعد انقضاء عدتها بالوضع

- ‌المطلب الرابع: تغسيل المرأة الذمية

- ‌الفصل الثالث: مسائل الزكاة المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل زكاة الفريضة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: زكاة المهر

- ‌المطلب الثاني: زكاة عوض الخلع

- ‌المطلب الثالث: دفع أحد الزوجين زكاة ماله للآخر

- ‌المسألة الأولى: دفع الزوجة لزوجها زكاة مالها

- ‌المسألة الثانية: دفع الزوج لزوجته زكاة ماله

- ‌المسألة الثالثة: إعطاء الزوجة الناشز(3)من الزكاة

- ‌المطلب الرابع: زكاة الفطر عن الزوجة

- ‌المبحث الثاني: مسائل صدقة التطوع المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: صدقة الزوجة من مال زوجها بغير علمه، أو إذنه

- ‌المطلب الثاني: صدقة المرأة بمالها من غير إذن زوجها

- ‌المطلب الثالث: صدقة المرأة على زوجها تطوعا

- ‌الفصل الرابع: مسائل الصيام المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل رخص الفطر المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: السفر من أجل الجماع في نهار رمضان

- ‌المطلب الثاني: الفطر بالجماع في السفر

- ‌المطلب الثالث: الجماع في نهار رمضان بعد زوال العذر المبيح للفطر في أوله

- ‌المطلب الرابع: الفطر في السفر إذا مر ببلد تزوج فيه

- ‌المبحث الثاني: مسائل مفسدات الصوم المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: الجماع في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الجماع في صيام الفرض

- ‌المسألة الثانية: الجماع في صيام النفل

- ‌المطلب الثاني: جماع الناسي في نهار رمضان

- ‌المطلب الثالث: الإكراه على الجماع في نهار رمضان

- ‌المطلب الرابع: الجماع في نهار رمضان جهلا بتحريمه

- ‌المطلب الخامس: جماع الزوجة الصائمة وهي نائمة

- ‌المطلب السادس: جماع من غلبه الشبق(1)في نهار رمضان

- ‌المطلب السابع: نزع المجامع مع أول طلوع الفجر

- ‌المطلب الثامن: استدامة الجماع مع طلوع الفجر

- ‌المطلب التاسع: الجماع بعد طلوع الفجر ظاناً عدم طلوعه

- ‌المطلب العاشر: الجماع قبل غروب الشمس ظاناً غروبها

- ‌المطلب الحادي عشر: مقدمات الجماع للصائم

- ‌المبحث الثالث: مسائل الكفارة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: كفارة المرأة الموطوءة في نهار رمضان

- ‌المطلب الثاني: كفارة من جامع يظن عدم طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث: كفارة من جامع يظن غروب الشمس

- ‌المطلب الرابع: تعدد الجماع، وأثره على الكفارة

- ‌المطلب الخامس: انتقال صاحب الشبق إلى الإطعام في الكفارة

- ‌المبحث الرابع: مسائل الإذن في الصيام المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: صيام القضاء بغير إذن الزوج

- ‌المطلب الثاني: رجوع الزوج عن إذنه، بعد شروع زوجته في صيام القضاء

- ‌المطلب الثالث: صيام التطوع بغير إذن الزوج

- ‌المطلب الرابع: رجوع الزوج عن إذنه بصيام التطوع

- ‌المطلب الخامس: صيام المرأة بغير إذن زوجها إذا كان غائبا، أو صائما، أو محرما، أو مريضا

- ‌المبحث الخامس: مسائل الاعتكاف المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: جماع المعتكف، أو المعتكفة

- ‌المطلب الثاني: مقدمات الجماع للمعتكف، أو المعتكفة

- ‌المطلب الثالث: وفاة الزوج أثناء اعتكاف زوجته

- ‌المطلب الرابع: طلاق الزوجة في الاعتكاف

- ‌المطلب الخامس: إذن الزوج لزوجته في الاعتكاف

- ‌المطلب السادس: رجوع الزوج عن إذنه لزوجته في الاعتكاف

- ‌المطلب السابع: تحليل الزوج زوجته من الاعتكاف

- ‌الفصل الخامس: مسائل المناسك المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل شروط الحج المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تحقق استطاعة الزوجة، باستطاعة زوجها

- ‌المطلب الثاني: خروج الزوج مع زوجته للحج

- ‌المطلب الثالث: إذن الزوج لزوجته في الحج الواجب

- ‌المطلب الرابع: إذن الزوج لزوجته في حج التطوع

- ‌المبحث الثاني: مسائل محظورات الإحرام وآثارها المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: الجماع قبل الوقوف بعرفة

- ‌المطلب الثالث: الجماع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول

- ‌المطلب الرابع: الجماع بعد التحلل الأول

- ‌المطلب الخامس: الجماع في العمرة

- ‌المطلب السادس: مقدمات الجماع للمحرم

- ‌المبحث الثالث: مسائل الفدية المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: كفارة الجماع في الإحرام

- ‌المطلب الثاني: تعدد الجماع، وأثره على الكفارة

- ‌المبحث الرابع: مسائل الفوات والإحصار المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تحليل الزوج زوجته من الحج

- ‌المطلب الثاني: وفاة الزوج بعد إحرام زوجته

- ‌المطلب الثالث: إحصار(1)الزوجة بتعليق طلاقها على المضي في نسكها

- ‌الفصل السادس: مسائل الجهاد المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: الزواج بأرض العدو

- ‌المبحث الثاني: مسائل الأسر المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: عقد نكاح الأسير المسلم

- ‌المطلب الثاني: وطء الأسير المسلم زوجته

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: تغسيل أحد الزوجين الآخر بعد وفاته

‌المطلب الأول: تغسيل أحد الزوجين الآخر بعد وفاته

، وفيه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: حكم تغسيل أحد الزوجين الآخر بعد وفاته:

تحرير محل النزاع في المسألة:

أولاً: اتفق الفقهاء على أن المرأة يباح لها غسل زوجها إذا مات

(1)

.

والأدلة على ذلك ما يأتي:

الدليل الأول:

الإجماع المحكي في المسألة

(2)

.

الدليل الثاني:

حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما غسله إلا نساؤه)

(3)

، وهي أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم، ولو كانت تعلم أنه لا يجوز لها تغسيله لما تمنت غسله صلى الله عليه وسلم.

ثانياً:

اختلف الفقهاء في غسل الرجل امرأته إذا ماتت، على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

يباح للزوج غسل زوجته، وبه قال: المالكية

(4)

، والشافعية

(5)

، والمذهب عند الحنابلة

(6)

.

(1)

ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص 2/ 205، والغرة المنيفة، للغرنوي ص: 46، وحاشية ابن عابدين 2/ 198، والجامع لمسائل المدونة، للصقلي 3/ 1016، والمختصر الفقهي، لابن عرفة 1/ 441، وحاشية العدوي 1/ 413، وفتح الوهاب، للسنيكي 1/ 108، وحاشية الجمل 2/ 150، وحاشية البجيرمي 1/ 458، والمغني، لابن قدامة 2/ 390، والمبدع، لابن مفلح 2/ 225، والإنصاف، للمرداوي 2/ 479.

(2)

ينظر: الأوسط، لابن المنذر 5/ 334، وبداية المجتهد، لابن رشد الحفيد 1/ 241،

(3)

أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: الجنائز، باب: في ستر الميت عند غسله (3141) 3/ 196، وأحمد في مسنده، مسند: النساء، مسند: الصديقة، (26307) 43/ 332، وحسنه الألباني في إرواء الغليل 3/ 162.

(4)

ينظر: الجامع لمسائل المدونة، للصقلي 3/ 1016، والمختصر الفقهي، لابن عرفة 1/ 441.

(5)

ينظر: فتح الوهاب، للسنيكي 1/ 108، وحاشية الجمل 2/ 149، وحاشية البجيرمي 1/ 458.

(6)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390، الشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312، والمبدع، لابن مفلح 2/ 225، والإنصاف، للمرداوي 2/ 479.

ص: 137

أدلة القول الأول:

الدليل الأول:

حديث عائشة رضي الله عنها قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ضرك لو مت قبلي، فقمت عليك، فغسلتك، وكفنتك، وصليت عليك، ودفنتك)

(1)

.

وجه الاستدلال بالحديث:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عائشة رضي الله عنها أنه إن عاش بعد موتها غسلها، ولو كان تغسيل الرجل لامرأته بعد موتها حراما لم يعزم صلى الله عليه وسلم على فعله.

نوقش وجه الاستدلال بالحديث من وجهين:

الوجه الأول:

أن زوجية النبي صلى الله عليه وسلم لا تنقطع بالموت؛ لحديث عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي

(2)

)

(3)

، فيكون ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تجوز فيها المتابعة

(4)

.

ويمكن أن يجاب عن هذا الوجه:

أن تغسيل الميت من أحكام الدنيا، وليس من أحكام الآخرة، والحديث ينص على انقطاع السبب، والنسب في الآخرة فقط.

الوجه الثاني:

أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (غسلتك) أي: قمت بتهيئة أسباب غسلك وأمرت به، كما يقال: بنى السلطان المدرسة، أي: أمر ببنائها

(5)

.

(1)

أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الجنائز، باب: ماجاء في غسل الرجل امرأته والمرأة زوجها (1465) 1/ 470 ، وأحمد في مسنده، مسند: النساء، مسند: الصديقة (25908) 43/ 81، وصححه الألباني في إرواء الغليل 3/ 160.

(2)

السبب: ما يكون بالزواج، والنسب: ما يكون بالولادة. ينظر: النهاية، لابن الأثير 2/ 329.

(3)

أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، باب: الحاء، أخبار الحسن بن علي (2635) 3/ 45، والبيهقي في سننه الكبرى، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في نكاح الآباء الأبكار (13660) 7/ 185، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/ 832.

(4)

ينظر: الغرة المنيفة، للغرنوي 1/ 46.

(5)

ينظر: الغرة المنيفة، للغرنوي 1/ 46.

ص: 138

أجيب عن هذا الوجه:

الأصل في إضافة الفعل إلى الشخص أن تكون للمباشرة، وإذا حملنا الحديث على الأمر بطلت فائدة التخصيص؛ إذ ليس في الأمر بالتغسيل مزيد مزية

(1)

.

الدليل الثاني:

أن تغسيل الزوج لزوجته، كتغسيل الزوجة لزوجها، ولا دليل على التفريق، فيكون حكمهما إذن واحدا

(2)

.

نوقش:

المرأة هي محل النكاح، فيمكن بقاء النكاح ببقائها، ولهذا تعتد المرأة بعد وفاة زوجها، والعدة أثر النكاح، والشيء يعد باقيا ببقاء أثره، أما إذا ماتت الزوجة فيستحيل بقاء النكاح؛ لاستحالة بقاء الشيء بدون محله

(3)

.

أجيب عن المناقشة بوجهين:

الوجه الأول:

لا يسلم بأن المرأة هي محل النكاح فقط بل كل واحد من الزوجين هو محل النكاح لصاحبه.

الوجه الثاني:

إن سُلِّم أن المرأة هي محل النكاح فقط، وسُلِّم أن الشيء يعد باقيا ببقاء أثره، فإن الإرث أيضا أثر للنكاح، والرجل يرث من امرأته

(4)

.

نوقش الوجه الثاني:

أن الإرث بناء على سبب يسبق الموت

(5)

.

(1)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390.

(2)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312.

(3)

ينظر: الغرة المنيفة، للغرنوي ص:46.

(4)

ينظر: حاشية الجمل 2/ 149، والمبدع، لابن مفلح 2/ 226.

(5)

ينظر: الغرة المنيفة، للغرنوي ص:46.

ص: 139

ويمكن أن يجاب هذه المناقشة:

أن التغسيل كذلك مبني على سبب يسبق الموت.

الدليل الثالث:

أن الميت يسهل عليه إطلاع زوجه على عورته دون غيره من الناس؛ لما كان بينهما في الحياة من المعاشرة والإفضاء

(1)

.

الدليل الرابع:

أن الزوج أحرى بأن يأتي بالغسل على أكمل وجه، لما بين الزوجين من المودة والرحمة

(2)

.

القول الثاني:

لا يباح للزوج غسل زوجته، وهذا ما ذهب إليه الحنفية

(3)

، ورواية عند الحنابلة

(4)

.

دليل القول الثاني:

قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ

وَرَبَائِبُكُمُ الَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ الَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ

وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}

(5)

.

وجه الاستدلال بالآية:

دلت الآية الكريمة على أنه يباح للرجل أن يتزوج بنت زوجته، إذا حصلت الفرقة قبل الدخول، فإن توفيت المرأة قبل الدخول بها، ثم نكح الرجل ابنتها قبل غسلها، فإن غسلها ونظر إلى فرجها، فإنه يصبح جامعا بين الأم وابنتها في بعض أحكام النكاح، وكذلك لو تزوج أختها قبل غسلها، ثم غسلها، لكان مستبيحا للنظر إلى فرج الأختين، وذلك محرم بظاهر الكتاب

(6)

.

(1)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312.

(2)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312.

(3)

ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص 2/ 205، والغرة المنيفة، للغرنوي ص: 46، وحاشية ابن عابدين 2/ 198.

(4)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312، والمبدع، لابن مفلح 2/ 226، والإنصاف، للمرداوي 2/ 479.

(5)

النساء من الآية: 23

(6)

ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص 2/ 205، والمغني، لابن قدامة 2/ 390، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312، والمبدع، لابن مفلح 2/ 226.

ص: 140

نوقش:

لا يُسلم بصحة الاستدلال بالآية؛ لأن معنى النهي عن الجمع هو ما كان على وجه الاستمتاع، ولم يرد تحريم الجمع فيما عداه، كالجمع بينهما في عقد الاستخدام، وغير ذلك، وإذا تقرر هذا؛ فليس في إباحة غسل المرأة، والنظر إليها، جمع بينها وبين أختها؛ لأن إباحة النظر إلى أختها هو من طريق الاستمتاع، والالتذاذ، وليس في النظر إليها، وتغسيلها، حال وفاتها استمتاع، ولا التذاذ

(1)

.

القول الثالث:

يُكره للرجل تغسيل زوجته مع وجود من يغسلها سواه، وهذا القول رواية عند الحنابلة

(2)

.

دليل القول الثالث:

أن غسل الزوجة وقع فيه خلاف قوي، فيتنزه عنه خروجا من الخلاف، وتورعا عن الشبهة

(3)

.

يمكن أن يناقش:

الشبهة تزول إذا قام الدليل.

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان قول الجمهور؛ القائل بإباحة غسل الزوج لزوجته؛ لقوة الأدلة المستدل بها، ولورود المناقشة على أدلة الأقوال الأخرى.

المسألة الثانية: سبب الخلاف:

اختلاف الفقهاء في تشبيه فرقة الموت بفرقة الطلاق، فمن شبه فرقة الموت بفرقة الطلاق، قال: لا يحل أن ينظر إليها بعد الموت، أما من لم يشبه فرق الموت بفرقة الطلاق، قال: إن ما يحل له من النظر إليها قبل الموت، يحل له بعد الموت

(4)

.

(1)

ينظر: شرح الرسالة، للقاضي عبدالوهاب 1/ 92.

(2)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312، والمبدع، لابن مفلح 2/ 225، والإنصاف، للمرداوي 2/ 479.

(3)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390.

(4)

ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد الحفيد 1/ 241.

ص: 141

المسألة الثالثة: حكم غسل الزوج زوجته، إذا تزوج بعد وفاة زوجته بمن يحرم جمعها معها حال حياتها.

اختلف الفقهاء القائلون بإباحة غسل الزوج زوجته في هذه المسألة، على قولين:

القول الأول:

يُكره للزوج تغسيل زوجته، إذا تزوج بمن يحرم جمعها معها حال حياتها، وهو أحد القولين عند المالكية

(1)

.

دليل القول الأول:

لم أقف لهم على دليل لهذه الصورة، لكن مما يمكن الاستدلال به:

أن هذه الصورة يتجاذبها حاظر ومبيح؛ أما الحاظر فالجمع في بعض أحكام النكاح، بين امرأتين يحرم الجمع بينهما، وأما المبيح فهو استصحاب بقاء عقد النكاح، فغلب جانب الحظر احتياطا.

القول الثاني:

يباح للزوج غسل زوجته، حتى وإن تزوج بمن يحرم جمعها معها حال حياتها، وهو أحد القولين عند المالكية

(2)

، وقول الشافعية

(3)

، والمذهب عند الحنابلة

(4)

.

أدلة القول الثاني:

استدلوا بنفس الأدلة التي استدلوا بها على إباحة غسل الزوجة زوجته مطلقا.

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول القائل بكراهة تغسيل الزوج لزوجته إذا تزوج بمن يحرم الجمع بينهما حال الحياة؛ لما فيه من الاحتياط للفروج، وصيانة عورة الميت.

(1)

ينظر: الجامع لمسائل المدونة، للصقلي 3/ 1016، والمختصر الفقهي، لابن عرفة 1/ 441.

(2)

ينظر: الجامع لمسائل المدونة، للصقلي 3/ 1016، والمختصر الفقهي، لابن عرفة 1/ 441.

(3)

ينظر: فتح الوهاب، للسنيكي 1/ 108، وحاشية الجمل 2/ 149، وحاشية البجيرمي 1/ 458.

(4)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 390، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 2/ 312، والمبدع، لابن مفلح 2/ 225، والإنصاف، للمرداوي 2/ 479.

ص: 142