الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: جماع الزوجة الصائمة وهي نائمة
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
إذا جامع الرجل امرأته النائمة، وهي صائمة صياما واجبا، ولم تستيقظ إلا بعد فراغه من جماعها، فما الواجب في حقها؟
المسألة الثانية: جماع الزوجة الصائمة وهي نائمة:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة، على قولين:
القول الأول:
لا يجب على المرأة قضاء، ولا كفارة، وهذا ما ذهب إليه الشافعية
(1)
، ووجه عند المالكية
(2)
، ووجه عند الحنابلة
(3)
.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
قوله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}
(4)
.
وجه الاستدلال بالآية:
أن من لم يؤاخذ بكلمة الكفر حال الإكراه، أولى ألا يؤاخذ بوطء في حال إكراه، بل وطء لم يعلم به، ولم يشعر به.
الدليل الثاني:
حديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يعقل)
(5)
.
(1)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 430، وبحر المذهب، للروياني 3/ 250، والمجموع، للنووي 6/ 324.
(2)
ينظر: التوضيح، لضياء الدين الجندي 2/ 436، والمختصر الفقهي، لابن عرفة 2/ 73.
(3)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 137، وشرح العمدة (كتاب الصيام) ، لابن تيمية 1/ 334، والمنور، للمقرئ الأدمي ص:215.
(4)
النحل من الآية: 106.
(5)
أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حدا (4398) 4/ 139، والترمذي في سننه، أبواب: الحدود، باب: ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد (1423) 4/ 32، والنسائي في سننه، كتاب: الطلاق، باب: من لا يقع طلاقه من الأزواج (3432) 6/ 156، وابن ماجه في سننه، كتاب: الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغير والنائم (2041) 1/ 658، وصححه الألباني في تحقيقه لأحاديث مشكاة المصابيح 2/ 980.
وجه الاستدلال بالحديث:
أن الحديث نص في عدم اعتبار أفعال النائمين.
الدليل الثالث:
حديث أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه)
(1)
.
وجه الاستدلال بالحديث:
أن الوطء في حال النوم، ضرب من الإكراه.
الدليل الرابع:
من لا يفطر بالأكل ناسيا، لا يفطر بالوطء ناسيا، ومن لم يفطر بالوطء ناسيا، فلأن لا يفطر به نائما أولى
(2)
.
الدليل الخامس:
المرأة النائمة لم يوجد منها فعل، فلم تشعر بالجماع، ولم تجد طعمه، ولم تذق عسيلته؛ فلم تفطر، كما لو صب في حلقها ماء بغير اختيارها
(3)
.
القول الثاني:
يجب على المرأة القضاء فقط، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(4)
، وقول عند المالكية
(5)
، والمذهب عند الحنابلة
(6)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الطلاق، باب: طلاق المكره والناسي (2043) 1/ 659، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح 3/ 1771.
(2)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 3/ 430، وبحر المذهب، للروياني 3/ 250.
(3)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 137، وشرح العمدة (كتاب الصيام) ، لابن تيمية 1/ 334.
(4)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 1/ 342، ومنحة السلوك، للعيني ص: 265، والدر المختار، للحصفكي ص:147.
(5)
ينظر: عيون المسائل، للقاضي عبد الوهاب ص: 218، والجامع لمسائل المدونة، للصقلي 3/ 1151، والتبصرة للخمي 2/ 797.
(6)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 137، وشرح العمدة (كتاب الصيام) ، لابن تيمية 1/ 334، وحاشية الروض المربع، لابن قاسم 3/ 413.
دليل القول الثاني:
الصوم عبادة يفسدها الوطء، ففسدت به على كل حال
(1)
.
يمكن أن يناقش:
لا يسلم بفساد الصوم بالوطء على كل حال، بل النصوص استثنت الأفعال، التي تكون بغير اختيار المكلف، من الاعتبار، والمؤاخذة.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بعدم لزوم القضاء على من جومعت وهي نائمة في صوم واجب؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني، وإن كان القول الأول أقرب لدلالة نصوص الكتاب، والسنة، إلا أن القول الثاني أسلم من الخلاف، وأبرأ لذمة المسلم -والله أعلم-.
(1)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 137، وشرح العمدة (كتاب الصيام) ، لابن تيمية 1/ 334.