الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: كفارة المرأة الموطوءة في نهار رمضان
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
إذا وطئ الرجل زوجته، وهي مطاوعةٌ في نهار رمضان، فهل تجب على المرأة كفارة؟
المسألة الثانية: حكم كفارة المرأة الموطوءة في نهار رمضان:
اختلف الفقهاء في المسألة، على قولين:
القول الأول:
يجب على المرأة كفارة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، وقول عند الشافعية
(3)
، والمذهب عند الحنابلة
(4)
.
دليل القول الأول:
كفارة الجماع في نهار رمضان، عقوبة تتعلق بالجماع، فاستوى فيها الرجل، والمرأة، كحد الزنا، وهذا السبب يتحقق في جانب المرأة، كما يتحقق في جانب الرجل، فنلزمها الكفارة، كما يلزمها الحد بسبب الزنا؛ فإن تمكينها للرجل يعتبر فعلا كاملا
(5)
.
القول الثاني:
لا تجب على المرأة كفارة، وهو قول عند الشافعية
(6)
، ورواية عند الحنابلة
(7)
.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: (ما لك؟ ) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال
(1)
ينظر: المبسوط، للشيباني 2/ 152، والمبسوط، للسرخسي 3/ 72، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 98.
(2)
ينظر: المدونة، للإمام مالك 1/ 268، والكافي، لابن عبدالبر 1/ 342، وعقد الجواهر الثمينة، لابن شاس 1/ 256.
(3)
ينظر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي، للبغوي 3/ 168، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 521، والمجموع، للنووي 6/ 334.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 137، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 57 - 58، والإنصاف، للمرداوي 3/ 314.
(5)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 72.
(6)
ينظر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي، للبغوي 3/ 168، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 521، والمجموع، للنووي 6/ 334.
(7)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 137، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 57 - 58، والإنصاف، للمرداوي 3/ 314.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال: لا، قال:(فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين)، قال: لا، فقال:(فهل تجد إطعام ستين مسكينا) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر قال:(أين السائل؟ ) فقال: أنا، قال:(خذها، فتصدق به) فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال:(أطعمه أهلك)
(1)
.
وجه الاستدلال بالحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الأعرابي إلا برقبة واحدة، ولو كان على المرأة كفارة، لأمر زوجته أيضا بالتكفير
(2)
.
نوقش:
أن بيان النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة في جانب الرجل، بيانٌ للكفارة في جانب المرأة؛ لأن كفارتهما واحدة، فالنص وإن ورد في الرجل، لكنه معلول بمعنى يوجد في الرجل، والمرأة على حد السواء، وهو: إفساد صوم رمضان، بجماع يأثم به، فوجبت عليها الكفارة بدلالة النص
(3)
.
الدليل الثاني:
كفارة الجماع في نهار رمضان، غُرم مالي يختص بالجماع؛ فيجب على الرجل دون المرأة؛ كالمهر يجب على الرجل وحده
(4)
.
يمكن أن يناقش:
لا يسلم بصحة قياس المهر على الكفارة، فالكفارة عقوبة، والمهر فريضة، كما أن الكفارة محددة من قبل الشارع، والمهر لا حد فيه.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول القائل؛ بوجوب الكفارة على المرأة، لوجاهة استدلالهم، ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.
(1)
سبق تخريجه ص: 198.
(2)
ينظر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 168.
(3)
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 2/ 98.
(4)
ينظر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 3/ 168، والشرح الكبير على متن المقنع، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 58.