الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: مقدمات الجماع للمحرم
.
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على أن مقدمات الجماع تحرم على المحرم، وهي من محظورات الإحرام
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول:
قوله عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَارَفَثَ}
(2)
.
وجه الاستدلال بالآية:
أن الرفث -المنهي عنه في الآية- هو: الجماع، وتعاطي دواعيه من المباشرة، والتقبيل
(3)
.
الدليل الثاني:
إذا حرم على المُحرم عقد النكاح؛ فلأن تحرم عليه المباشرة، وهي أدعى إلى الوطء من باب أولى
(4)
.
ثانيا: اتفق الفقهاء على أن الكفارة تجب على المحرم، إذا أتى شيئا من مقدمات الجماع، أنزل أو لم ينزل
(5)
.
(1)
ينظر: المبسوط، للشيباني 2/ 473، والمبسوط، للسرخسي 4/ 22، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 195، والإشراف على نكت مسائل الخلاف، للقاضي عبدالوهاب 1/ 487، والدر الثمين، لميارة ص: 529، وحاشية العدوي 1/ 551، والحاوي الكبير، للماوردي 4/ 223، والمجموع، للنووي 7291، والإقناع، للشربيني 1/ 261، والمغني، لابن قدامة 3/ 310 - 311، وشرح الزركشي 3/ 148 - 149، والإنصاف، للمرداوي 3/ 501 - 502.
(2)
البقرة من الآية: 197.
(3)
ينظر: تفسير ابن كثير 1/ 543.
(4)
ينظر: المجموع، للنووي 7/ 291.
(5)
ينظر: المبسوط، للشيباني 2/ 473، والمبسوط، للسرخسي 4/ 22، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 195، والإشراف على نكت مسائل الخلاف، للقاضي عبدالوهاب 1/ 487، والدر الثمين، لميارة ص: 529، وحاشية العدوي 1/ 551، والحاوي الكبير، للماوردي 4/ 223، والمجموع، للنووي 7291، والإقناع، للشربيني 1/ 261، والمغني، لابن قدامة 3/ 310 - 311، وشرح الزركشي 3/ 148 - 149، والإنصاف، للمرداوي 3/ 501 - 502.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول:
من أتى شيئا من مقدمات الجماع، فقد حصل له ارتفاق كامل؛ فوجبت عليه الكفارة
(1)
.
الدليل الثاني:
مقدمات الجماع محظور من محظورات الإحرام، فتجب الكفارة بانتهاكها، كسائر المحظورات
(2)
.
ثالثا: اتفق الفقهاء على عدم فساد الحج، والعمرة بمقدمات الجماع، إذا لم يكن معها إنزال للمني
(3)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
مباشرة دون الفرج عريت عن الإنزال، ولم توجب الاغتسال، فلم يفسد بها الحج، كاللمس
(4)
.
رابعا: اختلف الفقهاء في فساد الحج، والعمرة بمقدمات الجماع، إذا أنزل معها المني، على قولين:
القول الأول:
لا يفسد الحج، والعمرة بمقدمات الجماع، إذا أنزل معها المني، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، من: الحنفية
(5)
، والشافعية
(6)
، والمذهب عند الحنابلة
(7)
.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
الحكم بفساد الحج، حكم شرعي، لا يجوز إثباته إلا بدليل، وليس في ذلك نص، ولا إجماع، ولا هو في معنى المنصوص عليه
(8)
.
(1)
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 2/ 195.
(2)
ينظر: المجموع، للنووي 7/ 291.
(3)
ينظر: المبسوط، للشيباني 2/ 473، والمبسوط، للسرخسي 4/ 22، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 195، والإشراف على نكت مسائل الخلاف، للقاضي عبدالوهاب 1/ 487، والدر الثمين، لميارة ص: 529، وحاشية العدوي 1/ 551، والحاوي الكبير، للماوردي 4/ 223، والمجموع، للنووي 7291، والإقناع، للشربيني 1/ 261، والمغني، لابن قدامة 3/ 310 - 311، وشرح الزركشي 3/ 148 - 149، والإنصاف، للمرداوي 3/ 501 - 502.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 310.
(5)
ينظر: المبسوط، للشيباني 2/ 473، والمبسوط، للسرخسي 4/ 22، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 195.
(6)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 223، والمجموع، للنووي 7291، والإقناع، للشربيني 1/ 261.
(7)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 310 - 311، وشرح الزركشي 3/ 148 - 149، والإنصاف، للمرداوي 3/ 501 - 502.
(8)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 311.
الدليل الثاني:
الحكم بفساد الحج متعلق بالجماع في الفرج، على طريق التغليظ؛ لأن الوطء في الفرج أغلظ حكما من المباشرة دون الفرج، فلم يجز أن يستوي حكمهما في إفساد الحج، مع اختلافهما، وتباينهما، فما تعلق بعين الجماع من العقوبة، لا يتعلق بمقدماته، كالحد
(1)
.
القول الثاني:
يفسد الحج، والعمرة بمقدمات الجماع، إذا أنزل معها المني، وهذا ما ذهب إليه المالكية
(2)
، ورواية عند الحنابلة
(3)
.
دليل القول الثاني:
المقصود من الجماع هو: الإنزال، وهو أبلغ من الإيلاج، فجاز أن يفسد الحج به إذا انفرد، كالإيلاج إذا عري عن الإنزال
(4)
.
يمكن أن يناقش:
لا يسلم بأن المقصود من الجماع هو الإنزال، وإلا لما حكم بفساد الحج في عكس الصورة، وهي الجماع في الفرج دون إنزال.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بعدم فساد الحج بمقدمات الجماع، حتى ولو حصل معها إنزال المني؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 4/ 22، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 195، والحاوي الكبير، للماوردي 4/ 223.
(2)
ينظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف، للقاضي عبدالوهاب 1/ 487، والدر الثمين، لميارة ص: 529، وحاشية العدوي 1/ 551.
(3)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 310 - 311، وشرح الزركشي 3/ 148 - 149، والإنصاف، للمرداوي 3/ 501 - 502.
(4)
ينظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف، للقاضي عبدالوهاب 1/ 487.