الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثامن: استدامة الجماع مع طلوع الفجر
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
من جامع قبل الفجر في رمضان، ثم طلع الفجر، ولم ينزع، واستدام جماعه، فما حكمه؟
المسألة الثانية: : حكم استدامة الجماع مع طلوع الفجر:
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على فساد صوم من استدام الجماع مع طلوع الفجر
(1)
.
ويمكن أن يُستدل على الاتفاق بما يأتي:
طلوع الفجر وقت بداية وجوب الصوم؛ فوجب أن يكون خاليا عن المفطرات، كالآكل إذا طلع عليه الفجر، وجب عليه إلقاء ما في فمه.
ثانيا: اختلف الفقهاء في الواجب باستدامة الجماع مع طلوع الفجر، على قولين:
القول الأول:
يجب على من استدام الجماع بعد طلوع الفجر، القضاء، والكفارة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم: أبو يوسف من الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، والمنصوص عند الشافعية
(4)
، والمذهب عند الحنابلة
(5)
.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 66، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 91، وحاشية ابن عابدين 2/ 398، والفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 306، وأسهل المدارك، للكشناوي 1/ 420، وحاشية الدسوقي 1/ 534، والتهذيب، للبغوي 3/ 159، وفتح العزيز، للرافعي 3/ 206، والمجموع، للنووي 6/ 338، والمغني، لابن قدامة 3/ 139، والمبدع، لابن مفلح 3/ 30، والإنصاف، للمرداوي 3/ 321.
(2)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 66، وحاشية ابن عابدين 2/ 398.
(3)
ينظر: الفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 306، وأسهل المدارك، للكشناوي 1/ 420، وحاشية الدسوقي 1/ 534.
(4)
ينظر: التهذيب، للبغوي 3/ 159، وفتح العزيز، للرافعي 3/ 206، والمجموع، للنووي 6/ 338.
(5)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 139، والمبدع، لابن مفلح 3/ 30، والإنصاف، للمرداوي 3/ 321.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
من استدام الجماع بعد طلوع الفجر، فقد منع صوم يوم من رمضان، بجماع من غير عذر، فوجبت عليه الكفارة، كما لو وطئ في أثناء النهار
(1)
.
الدليل الثاني:
من استدام الجماع بعد طلوع الفجر، فقد ترك صوم رمضان، بجماع أثم به؛ لحرمة الصوم، فوجبت به الكفارة
(2)
.
القول الثاني:
يجب على من استدام الجماع بعد طلوع الفجر، القضاء فقط، دون الكفارة، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(3)
، ووجه عند الشافعية
(4)
.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
أن الشبهة قد تمكنت في فعله؛ من حيث إن ابتداءه لم يكن جناية، فهو شبهة في اتحاد أول الفعل بآخره
(5)
.
يمكن أن يناقش من وجهين:
الوجه الأول:
لا يسلم بدرء الكفارات بالشُبَه؛ إذ الكفارات غالبا تقع على الأموال، وهي أخف خطرا من الأبدان.
(1)
ينظر: المجموع، للنووي 6/ 338.
(2)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 139.
(3)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 66، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 91، وحاشية ابن عابدين 2/ 398.
(4)
ينظر: المجموع، للنووي 6/ 338.
(5)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 66، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 91.
الوجه الثاني:
لو سلم أن الكفارات تدرء بالشُبْهة، لكانت هذه شبهة واهية، لا تكفي لدرء الكفارة؛ إذ ابتداء الفعل بإذن مقيد، لا يعني استدامة الإذن؛ فإن كل صاحب حق إذا أذن بشيء له حد معين، كانت مجاوزته جناية تستحق العقوبة، وتكون الجناية في التجاوز لا في الابتداء.
الدليل الثاني:
أن الكفارة إنما تجب بإفساد الصوم، وذلك بعد وجوده، وبقاؤه في الجماع يمنع وجود الصوم، فاستحال إفساده، فلا كفارة
(1)
.
يمكن أن يناقش من وجهين:
الوجه الأول:
وجود الصوم حاصل بنية صيام الشهر في أوله.
الوجه الثاني:
لو سلم بعدم وجود الصوم، لكان منع انعقاد الصوم بلا عذر، أعظم جناية من إفساده.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان ما ذهب إليه الجمهور في القول الأول؛ من أن استدامة الجماع بعد طلوع الفجر توجب القضاء والكفارة؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.
(1)
ينظر: حاشية ابن عابدين 2/ 398، والمجموع، للنووي 6/ 338.