الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: الجماع بعد التحلل الأول
.
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على عدم فساد الحج، بالجماع بعد التحلل الأول
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
أن الحج عبادة لها تحللان، فوجود المفسد بعد تحللها الأول، لا يفسدها، كما بعد التسليمة الأولى في الصلاة
(2)
.
ثانيا: اتفق الفقهاء على وجوب الكفارة بالجماع
(3)
، بعد التحلل الأول
(4)
.
ويمكن أن يستدل لهذا الاتفاق:
أن حكم الإحرام بالنسبة لجماع النساء باقٍ؛ إلا أنه خف بالتحلل الأول، فوجب أن تحفظ حرمة الإحرام بإيجاب الفدية، كانتهاك سائر محظورات الإحرام قبل التحلل الأول.
ثالثا: اختلف الفقهاء في وجوب تجديد الإحرام، من الحل، على من جامع بعد التحلل الأول، على قولين:
القول الأول:
لا يجب على من جامع بعد التحلل الأول تجديد إحرامه من الحل، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(5)
، والشافعية
(6)
.
(1)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 2/ 58، والعناية، للبابرتي 3/ 47، والبناية، للعيني 4/ 352، البيان والتحصيل، لابن رشد الجد 17/ 623، والذخيرة، للقرافي 3/ 267، والفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 368، والحاوي الكبير، للماوردي 4/ 219، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 227، والمجموع، للنووي 7/ 407، والمغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320، والمبدع، لابن مفلح 3/ 150.
(2)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320، والمبدع، لابن مفلح 3/ 151.
(3)
سيأتي تفصيل كفارة الجماع في الإحرام في مطلب مستقل صـ 303.
(4)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 2/ 58، والعناية، للبابرتي 3/ 47، والبناية، للعيني 4/ 352، البيان والتحصيل، لابن رشد الجد 17/ 623، والذخيرة، للقرافي 3/ 267، والفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 368، والحاوي الكبير، للماوردي 4/ 219، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 227، والمجموع، للنووي 7/ 408، والمغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 321، والمبدع، لابن مفلح 3/ 152.
(5)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 2/ 58، والعناية، للبابرتي 3/ 47، والبناية، للعيني 4/ 352.
(6)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 219، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 227، والمجموع، للنووي 7/ 407.
دليل القول الأول:
ما أفسد بعض العبادة أفسد جمعيها، وما لم يفسد جميعها لم يفسد شيء منها، كالصلاة، والصيام، فلما كان هذا الوطء غير مفسد لما مضى من الحج، وجب أن يكون غير مفسد لما بقي من الحج؛ إذ العبادة الواحدة، المرتبطة، لا يمكن أن يوصف بعضها، بالبطلان دون بعض
(1)
.
القول الثاني:
يجب على من جامع بعد التحلل الأول تجديد إحرامه من الحل، وهذا ما ذهب إليه المالكية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
دليل القول الثاني:
أن هذا وطء صادف إحراماً فأفسده، كما يفسد الإحرام التام بالجماع، وإذا فسد إحرامه، فعليه أن يحرم ليأتي بالطواف في إحرام صحيح
(4)
.
يمكن أن يناقش من وجهين:
الوجه الأول:
لا يسلم بأن ما بقي من الإحرام في حق النساء، قد فسد بالجماع؛ إذ يلزم منه إباحة الجماع ثانيا، وثالثا؛ لعدم وجود الإحرام الصحيح.
الوجه الثاني:
الجماع بعد التحلل الأول، شابه سائر محظورات الإحرام قبل التحلل الأول، بجامع أنها توجب الفدية، ولا تفسد الحج، وإذا كان ارتكاب محظورات الإحرام قبل التحلل الأول، لا يفسد الإحرام، ولا يوجب تجديده من الحل، فكذلك الجماع بعد التحلل الأول، لما لم يفسد الحج، لم يفسد ما بقي من الإحرام.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بعدم وجوب تجديد الإحرام من الحل، على من جامع بعد التحلل الأول؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.
(1)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 219، والمجموع، للنووي 7/ 408.
(2)
ينظر: البيان والتحصيل، لابن رشد الجد 17/ 623، والذخيرة، للقرافي 3/ 267، والفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 368.
(3)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320، والمبدع، لابن مفلح 3/ 151.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 321، والمبدع، لابن مفلح 3/ 151.