المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: أثر ترك الصلاة على عقد الزوجية - مسائل العبادات المختصة بالزوجين

[لولوة بنت صالح السنيدي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ضابط الموضوع:

- ‌أهمية الموضوع وسبب اختياره:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌أولاً: ضابط البحث:

- ‌ثانياً: المسائل التي وقع فيها التشابه:

- ‌منهج البحث:

- ‌تقسيمات البحث:

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: تعريف العبادات

- ‌المطلب الثاني: تعريف الزوجين

- ‌الفصل الأول: مسائل الطهارة المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل الوضوء وخصال الفطرة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: إجبار الزوجة على الإتيان بخصال الفطرة المتعلقة بالاستمتاع

- ‌المطلب الثاني: خروج المذي(2)من الاستمتاع بما دون الفرج

- ‌المطلب الثالث: خروج مني الرجل(1)(1) من فرج المرأة بعد الغسل

- ‌المطلب الرابع: الاستمتاع بما دون الفرج من غير خروج مني ولا مذي

- ‌المطلب الخامس: أثر لمس الزوجة في نقض الوضوء

- ‌المطلب السادس: وضوء الجنب بين الجماعين

- ‌المبحث الثاني: مسائل الغسل المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: حد الإيلاج الموجب للغسل

- ‌المطلب الثاني: الاستمناء(1)عن طريق الزوجة، أو الزوج

- ‌المطلب الثالث: طواف الرجل على نسائه بغسل واحد

- ‌المطلب الرابع: اغتسال الزوجين من إناء واحد من جنابة

- ‌المطلب الخامس: إجبار الزوجة المسلمة على الغسل لحق الزوج

- ‌المطلب السادس: إجبار الزوجة الذمية على الغسل لحق الزوج

- ‌المبحث الثالث: مسائل التيمم المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: جماع العادم للماء

- ‌المطلب الثاني: وطء الزوجة التي تطهرت بالتيمم من الحيض، أو النفاس

- ‌المطلب الثالث: شراء الزوج لزوجته الماء الذي تتطهر به

- ‌المبحث الرابع: مسائل الحيض والنفاس المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: الاستمتاع بالزوجة الحائض

- ‌المسألة الأولى: الاستمتاع بالفرج، وكفارته

- ‌المسألة الثانية: الاستمتاع بما دون الفرج

- ‌المطلب الثاني: حيض المرأة، أو نفاسها قبل غسلها من الجماع

- ‌المطلب الثالث: وطء الحائض، والنفساء قبل الغسل

- ‌المطلب الرابع: جماع النفساء في الأربعين بعد انقطاع الدم، وقبل تمام الأربعين

- ‌المطلب الخامس: إذن الزوج للزوجة في إنزال، ورفع الحيض بالدواء

- ‌المطلب السادس: جماع الحائض مع وجود الحائل على الفرج

- ‌الفصل الثاني: مسائل الصلاة المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: أثر ترك الصلاة على عقد الزوجية

- ‌المبحث الثاني: مسائل صلاة الجماعة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تخلف الزوج عن الجماعة لحضور شهوة الجماع

- ‌المطلب الثاني: تخلف الزوج عن الجماعة لزفاف(1)زوجته

- ‌المطلب الثالث: إذن الزوج لزوجته في الخروج لصلاة الجماعة

- ‌المبحث الثالث: القصر في السفر إذا دخل بلدا تزوج فيه

- ‌المبحث الرابع: الجماع يوم الجمعة

- ‌المبحث الخامس: مسائل صلاة الجنائز المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تغسيل أحد الزوجين الآخر بعد وفاته

- ‌المطلب الثاني: تغسيل أحد الزوجين الآخر، إذا مات أحدهما في زمن عدة الطلاق

- ‌المطلب الثالث: تغسيل الزوجة زوجها بعد انقضاء عدتها بالوضع

- ‌المطلب الرابع: تغسيل المرأة الذمية

- ‌الفصل الثالث: مسائل الزكاة المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل زكاة الفريضة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: زكاة المهر

- ‌المطلب الثاني: زكاة عوض الخلع

- ‌المطلب الثالث: دفع أحد الزوجين زكاة ماله للآخر

- ‌المسألة الأولى: دفع الزوجة لزوجها زكاة مالها

- ‌المسألة الثانية: دفع الزوج لزوجته زكاة ماله

- ‌المسألة الثالثة: إعطاء الزوجة الناشز(3)من الزكاة

- ‌المطلب الرابع: زكاة الفطر عن الزوجة

- ‌المبحث الثاني: مسائل صدقة التطوع المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: صدقة الزوجة من مال زوجها بغير علمه، أو إذنه

- ‌المطلب الثاني: صدقة المرأة بمالها من غير إذن زوجها

- ‌المطلب الثالث: صدقة المرأة على زوجها تطوعا

- ‌الفصل الرابع: مسائل الصيام المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل رخص الفطر المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: السفر من أجل الجماع في نهار رمضان

- ‌المطلب الثاني: الفطر بالجماع في السفر

- ‌المطلب الثالث: الجماع في نهار رمضان بعد زوال العذر المبيح للفطر في أوله

- ‌المطلب الرابع: الفطر في السفر إذا مر ببلد تزوج فيه

- ‌المبحث الثاني: مسائل مفسدات الصوم المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: الجماع في الصيام

- ‌المسألة الأولى: الجماع في صيام الفرض

- ‌المسألة الثانية: الجماع في صيام النفل

- ‌المطلب الثاني: جماع الناسي في نهار رمضان

- ‌المطلب الثالث: الإكراه على الجماع في نهار رمضان

- ‌المطلب الرابع: الجماع في نهار رمضان جهلا بتحريمه

- ‌المطلب الخامس: جماع الزوجة الصائمة وهي نائمة

- ‌المطلب السادس: جماع من غلبه الشبق(1)في نهار رمضان

- ‌المطلب السابع: نزع المجامع مع أول طلوع الفجر

- ‌المطلب الثامن: استدامة الجماع مع طلوع الفجر

- ‌المطلب التاسع: الجماع بعد طلوع الفجر ظاناً عدم طلوعه

- ‌المطلب العاشر: الجماع قبل غروب الشمس ظاناً غروبها

- ‌المطلب الحادي عشر: مقدمات الجماع للصائم

- ‌المبحث الثالث: مسائل الكفارة المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: كفارة المرأة الموطوءة في نهار رمضان

- ‌المطلب الثاني: كفارة من جامع يظن عدم طلوع الفجر

- ‌المطلب الثالث: كفارة من جامع يظن غروب الشمس

- ‌المطلب الرابع: تعدد الجماع، وأثره على الكفارة

- ‌المطلب الخامس: انتقال صاحب الشبق إلى الإطعام في الكفارة

- ‌المبحث الرابع: مسائل الإذن في الصيام المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: صيام القضاء بغير إذن الزوج

- ‌المطلب الثاني: رجوع الزوج عن إذنه، بعد شروع زوجته في صيام القضاء

- ‌المطلب الثالث: صيام التطوع بغير إذن الزوج

- ‌المطلب الرابع: رجوع الزوج عن إذنه بصيام التطوع

- ‌المطلب الخامس: صيام المرأة بغير إذن زوجها إذا كان غائبا، أو صائما، أو محرما، أو مريضا

- ‌المبحث الخامس: مسائل الاعتكاف المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: جماع المعتكف، أو المعتكفة

- ‌المطلب الثاني: مقدمات الجماع للمعتكف، أو المعتكفة

- ‌المطلب الثالث: وفاة الزوج أثناء اعتكاف زوجته

- ‌المطلب الرابع: طلاق الزوجة في الاعتكاف

- ‌المطلب الخامس: إذن الزوج لزوجته في الاعتكاف

- ‌المطلب السادس: رجوع الزوج عن إذنه لزوجته في الاعتكاف

- ‌المطلب السابع: تحليل الزوج زوجته من الاعتكاف

- ‌الفصل الخامس: مسائل المناسك المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: مسائل شروط الحج المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تحقق استطاعة الزوجة، باستطاعة زوجها

- ‌المطلب الثاني: خروج الزوج مع زوجته للحج

- ‌المطلب الثالث: إذن الزوج لزوجته في الحج الواجب

- ‌المطلب الرابع: إذن الزوج لزوجته في حج التطوع

- ‌المبحث الثاني: مسائل محظورات الإحرام وآثارها المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: الجماع قبل الوقوف بعرفة

- ‌المطلب الثالث: الجماع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول

- ‌المطلب الرابع: الجماع بعد التحلل الأول

- ‌المطلب الخامس: الجماع في العمرة

- ‌المطلب السادس: مقدمات الجماع للمحرم

- ‌المبحث الثالث: مسائل الفدية المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: كفارة الجماع في الإحرام

- ‌المطلب الثاني: تعدد الجماع، وأثره على الكفارة

- ‌المبحث الرابع: مسائل الفوات والإحصار المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: تحليل الزوج زوجته من الحج

- ‌المطلب الثاني: وفاة الزوج بعد إحرام زوجته

- ‌المطلب الثالث: إحصار(1)الزوجة بتعليق طلاقها على المضي في نسكها

- ‌الفصل السادس: مسائل الجهاد المختصة بالزوجين

- ‌المبحث الأول: الزواج بأرض العدو

- ‌المبحث الثاني: مسائل الأسر المختصة بالزوجين

- ‌المطلب الأول: عقد نكاح الأسير المسلم

- ‌المطلب الثاني: وطء الأسير المسلم زوجته

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث الأول: أثر ترك الصلاة على عقد الزوجية

‌المبحث الأول: أثر ترك الصلاة على عقد الزوجية

.

تحرير محل النزاع في المسألة:

أولاً: اتفق الفقهاء على أن تارك الصلاة جاحدا وجوبها كافر، إذا كان ممن لا يجهل مثله ذلك

(1)

.

والأدلة على ذلك ما يأتي:

الدليل الأول:

الإجماع المحكي في المسألة

(2)

.

الدليل الثاني:

أن من جحد وجوب الصلاة؛ فهو مكذب لله، ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لإنكاره معلوما من الدين بالضرورة؛ إذ إن وجوب الصلاة ثابت بالأدلة القطعية

(3)

.

ثانياً: اختلف الفقهاء في كفر من ترك الصلاة تهاونا، وكسلا، على قولين:

القول الأول:

تارك الصلاة تهاونا وكسلا لا يُحكم بكفره، ولا تُطبق عليه أحكام الردة، وهذا ما ذهب إليه الحنفية

(4)

، وجمهور المالكية

(5)

، والشافعية

(6)

، وإحدى الروايتين عند الحنابلة

(7)

.

(1)

ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، للمنبجي 1/ 155، والمعتصر، للجمال الملطي 1/ 93، وحاشية ابن عابدين 1/ 352، والجامع لمسائل المدونة، للصقلي 2/ 402 - 403، وعقد الجواهر الثمينة، لابن شاس 1/ 197، وحاشية الدسوقي 1/ 191، والحاوي الكبير، للماوردي 2/ 525، والمجموع، للنووي 3/ 13 ، والمقدمة الحضرمية، لبافضل الحضرمي ص: 114، والمغني، لابن قدامة 9/ 11، والمبدع، لابن مفلح 1/ 269، وكشاف القناع، للبهوتي 1/ 227.

(2)

وقد نقل الإجماع على ما ذُكر ابن عابدين في حاشيته 1/ 352.

(3)

ينظر: حاشية ابن عابدين 1/ 352، والحاوي الكبير، للماوردي 2/ 525، والمجموع، للنووي 3/ 14، والفروع، لابن مفلح 1/ 417، والروض المربع، للبهوتي ص:62.

(4)

ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، للمنبجي 1/ 155، والمعتصر، للجمال الملطي 1/ 93، وحاشية ابن عابدين 1/ 352.

(5)

ينظر: الجامع لمسائل المدونة، للصقلي 2/ 402 - 403، وعقد الجواهر الثمينة، لابن شاس 1/ 197، وحاشية الدسوقي 1/ 191.

(6)

ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 2/ 525، والمجموع، للنووي 3/ 13، والإقناع، للشربيني 2/ 554.

(7)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 331، والفروع، لابن مفلح 1/ 417، والإنصاف، للمرداوي 1/ 404.

ص: 110

أدلة القول الأول:

الدليل الأول:

عموم الأحاديث الدالة على عصمة من قال: لا إله إلا الله، ولم تستثن تارك الصلاة، كحديث محمود بن الربيع رضي الله عنه

(1)

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)

(2)

، وحديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة)

(3)

، وحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)

(4)

، وحديث أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن ذرة من خير)

(5)

.

(1)

هو: محمود بن الربيع بن سراقة الأنصاري الخزرجيّ، عقل عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه من دلو في دارهم، وهو ابن خمس سنين، أكثر روايته عن الصحابة، توفي سنة تسع وتسعين للهجرة. ينظر: الإصابة، لابن حجر 6/ 33.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الصلاة، باب: المساجد في البيوت (425) 1/ 92 ، ومسلم في صحيحه، كتاب: المساجد، باب: الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر (263) 1/ 455.

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: اللباس، باب: الثياب البيض (5827) 7/ 149 ، ومسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة (154) 1/ 95.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: أحاديث الأنبياء ، باب: قوله: قل يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم (3435) 4/ 165، ومسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: من لقي الله بالإيمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار (46) 1/ 57.

(5)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه (44) 1/ 17، ومسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها (193) 1/ 182.

ص: 111

الدليل الثاني:

حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن، كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة)

(1)

.

وجه الاستدلال بالحديث:

أن تارك الصلاة لو كان كافرا، لم يكن تحت مشيئة الرحمة

(2)

.

الدليل الثالث:

تارك الصلاة يؤمر بالصلاة، ولو كان كافرا لأمر بالإسلام أولا؛ إذ لا يؤمر كافر بالصلاة حتى يسلم

(3)

.

القول الثاني:

يكفر تارك الصلاة تهاونا، وكسلا، ويطبق عليه الإمام، أو نائبه أحكام الردة، وهو قول عند المالكية

(4)

، وعند الشافعية

(5)

، والمذهب عند الحنابلة

(6)

.

(1)

أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: الصلاة، باب: من لم يوتر (1420) 2/ 62، والنسائي في سننه الصغرى، كتاب: الصلاة، باب: من لم يحافظ على الصلوات الخمس (461) 1/ 230، وابن ماجه في سننه، كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في فرض الصلوات الخمس (1401) 1/ 449، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1/ 617.

(2)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 331

(3)

ينظر: المعتصر، للجمال الملطي 1/ 93

(4)

ينظر: الجامع لمسائل المدونة، للصقلي 2/ 402 - 403، وعقد الجواهر الثمينة، لابن شاس 1/ 197

(5)

ينظر: المهذب، للشيرازي 1/ 101، والمجموع، للنووي 3/ 14.

(6)

ينظر: الفروع، لابن مفلح 1/ 417، والمبدع، لابن مفلح 1/ 269، والإنصاف، للمرداوي 1/ 404، وكشاف القناع، للبهوتي 1/ 227.

ص: 112

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

حديث بريدة

(1)

رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)

(2)

.

وجه الاستدلال بالحديث:

أن الحديث نصٌ في كفر تارك الصلاة.

نوقش وجه الاستدلال بالحديث:

الإخبار بكفر تارك الصلاة هو على سبيل التغليظ، والتشبيه له بالكفار، لا على الحقيقة، كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة:(من أتى حائضا، أو امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد)

(3)

، وقوله في حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:(سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)

(4)

، وأشباه هذا مما أريد به التشديد في الوعيد

(5)

.

(1)

هو: بريدة بن الحصيب بن عبد اللَّه الأسلمي، أسلم حين مرّ به النبيّ صلى الله عليه وسلم مهاجرا، وأقام في موضعه حتى مضت بدر وأحد، ثم قدم بعد ذلك، غزا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ستّ عشرة غزوة، غزا خراسان في زمن عثمان ثم تحوّل إلى مرو فسكنها إلى أن مات في خلافة يزيد بن معاوية، سنة ثلاث وستين. ينظر: الإصابة، لابن حجر 1/ 418.

(2)

أخرجه الترمذي في سننه، أبواب: الإيمان، باب: ماجاء في ترك الصلاة (2621) 5/ 13، والنسائي في سننه، كتاب: الصلاة، باب: الحكم في تارك الصلاة (463) 1/ 231، وابن ماجه في سننه، كتاب: إقامة الصلاة، باب: ماجاء في من ترك الصلاة (1079) 1/ 342، وصححه الألباني في تحقيقه على كتاب مشكاة المصابيح 1/ 181.

(3)

سبق تخريجه ص: 80.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الأدب، باب: ما ينهى من السباب واللعن (6044) 8/ 15، ومسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (64) 1/ 81.

(5)

ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 331.

ص: 113

الدليل الثاني:

عن عبد الله بن شقيق العقيلي

(1)

، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة

(2)

. وهذا حكاية لإجماع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على كفر تارك الصلاة.

نوقش من وجهين:

الوجه الأول:

أن المراد بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، وأعربه بإعرابه، فهو إنما يحكي فتوى من لقي من الصحابة -رضوان الله عليهم-.

الوجه الثاني:

إن أراد جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصحابة -رضوان الله عليهم- لم يحكموا بذلك إلا اتباعا لقوله صلى الله عليه وسلم:(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)

(3)

، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك إلا على سبيل التغليظ، فإذا حمل قوله صلى الله عليه وسلم على التغليظ فكذلك قول أصحابه رضي الله عنهم أجمعين-

(4)

.

الترجيح:

الذي يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بعدم كفر تارك الصلاة تهاونا وكسلا؛ لقوة ما استدلوا به من الأثر، والنظر، ولتطرق الاحتمال إلى استدلال القول الثاني.

ثالثا: اتفق الفقهاء على أن ردة أحد الزوجين قبل الدخول، تثبت به الفرقة في الحال

(5)

، فإذا ترك أحد الزوجين الصلاة جحودا، أو تركها تهاونا، وكسلا، وحكم الإمام بكفره، وكان ذلك قبل الدخول؛ فإن الفرقة تثبت في الحال.

واستدلوا على ذلك بما يأتي:

الإجماع المحكي في المسألة

(6)

.

رابعا: اختلف الفقهاء في حكم عقد الزوجية، إذا ثبتت ردة أحد الزوجين بعد الدخول، على قولين:

القول الأول:

تتوقف الفرقة على انقضاء العدة، وهذا ما ذهب إليه الشافعية

(7)

، والمذهب عند الحنابلة

(8)

.

دليل القول الأول:

المرأة المدخول بها عليها العدة، فلذلك تعلقت الفرقة بانقضاء العدة، كالطلاق الرجعي، تتعجل الفرقة في غير المدخول بها؛ لعدم لزوم العدة عليها، وتتأجل إلى انقضاء العدة في المدخول بها؛ للزوم العدة عليها

(9)

.

(1)

هو: عبد الله بن شقيق العقيلي، من أهل البصرة، تابعي جليل من أصحاب عمر رضي الله عنه، كان ثقة في الحديث، توفي في ولاية الحجاج على العراق. ينظر: طبقات ابن سعد 7/ 91.

(2)

أخرجه الترمذي في سننه، أبواب: الإيمان، باب: ما جاء في ترك الصلاة (2622) 5/ 14، وصححه الألباني في تحقيقه لأحاديث مشكاة المصابيح 1/ 183.

(3)

سبق تخريجه ص: 116.

(4)

ينظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب، للمنبجي 1/ 155.

(5)

ينظر: المبسوط، للسرخسي 5/ 49، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 337، ودرر الحكام، لملا خسرو 1/ 301، والتاج والإكليل، للمواق 5/ 137، وشرح مختصر خليل، للخرشي 3/ 229، وحاشية الدسوقي 2/ 270، والأم، للشافعي 6/ 173، والحاوي الكبير، للماوردي 9/ 295، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 9/ 355 - 356، والمغني، لابن قدامة 6/ 370، والمبدع، لابن مفلح 6/ 183، والإنصاف، للماوردي 8/ 216.

(6)

وقد نقل الإجماع على ما ذُكر الماوردي في الحاوي الكبير 9/ 295.

(7)

ينظر: الأم، للشافعي 6/ 173، والحاوي الكبير، للماوردي 9/ 295، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 9/ 355 - 356.

(8)

ينظر: المغني، لابن قدامة 6/ 370، والمبدع، لابن مفلح 6/ 183، والإنصاف، للماوردي 8/ 216.

(9)

ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 9/ 295.

ص: 114

القول الثاني:

تثبت الفرقة في الحال، وهذا ما ذهب إليه الحنفية

(1)

، والمالكية

(2)

، وإحدى الروايتين عند الحنابلة

(3)

.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

الردة تنافي النكاح، واعتراض السبب المنافي للنكاح موجب للفرقة بنفسه، كاعتراض المحرمية برضاع، أو مصاهرة

(4)

.

نوقش:

تحريم الرضاع، والمصاهرة يتأبد، أما تحريم الردة قد يرتفع بالعودة للإسلام، فلذلك افترقا

(5)

.

الدليل الثاني:

الردة سبب مفض إلى الموت، والميت لا يكون محلا للنكاح

(6)

.

يمكن أن يناقش:

لو هرب المرتد بعد ردته، وعجز عنه الإمام، ثم عاد مسلما قبل انقضاء عدة زوجته، فهل يكفي هذا التعليل لإبطال نكاحه الأول!

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بتأجيل فرقة المرتد إلى انقضاء العدة؛ إذ الشرع يتشوف إلى تصحيح العقود ما أمكن، ولورود المناقشة على أدلة القول الثاني.

(1)

ينظر: المبسوط، للسرخسي 5/ 49، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 337، ودرر الحكام، لملا خسرو 1/ 301.

(2)

ينظر: التاج والإكليل، للمواق 5/ 137، وشرح مختصر خليل، للخرشي 3/ 229، وحاشية الدسوقي 2/ 270.

(3)

ينظر: المغني، لابن قدامة 6/ 370، والمبدع، لابن مفلح 6/ 183، والإنصاف، للماوردي 8/ 216.

(4)

ينظر: المبسوط، للسرخسي 5/ 49 ، والمبدع، لابن مفلح 6/ 183.

(5)

ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 9/ 295، والمبدع، لابن مفلح 6/ 183.

(6)

ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 2/ 337

ص: 115