الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
كمال الاستمتاع يقف على اغتسال المرأة من الجنابة؛ إذ النفس تعاف من وطء الجنب؛ فملك زوجها إجبارها على إزالة ما تعافه نفسه
(1)
.
يمكن أن يناقش:
أن الجنابة وصف حكمي، لا نجاسة عينية تقتضي نفور النفس.
الدليل الثاني:
الصلاة واجبة عليها، ولا تتمكن منها إلا بالغسل من الجنابة
(2)
.
يمكن أن يناقش:
الغسل الذي يكون بالإكراه والإجبار لا يبيح الصلاة؛ لأنه من غير نية.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بعدم إجبار الزوجة على غسل الجنابة، لورود المناقشة على أدلة القول الثاني، ووجاهة تعليل القول الأول، إلا أن يتضايق وقت الصلاة فيأمرها به لحق الله.
المطلب السادس: إجبار الزوجة الذمية على الغسل لحق الزوج
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
إذا امتنعت امرأة ذمية تحت رجل مسلم عن غسل الجنابة، أو غسل الحيض، والنفاس، هل يملك زوجها إجبارها على الاغتسال؟
المسألة الثانية: حكم إجبار الزوجة الذمية على الغسل لحق الزوج:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
تجبر الزوجة الذمية على غسل الحيض، والنفاس، دون غسل الجنابة، فلا تجبر عليه، وهذا المشهور عند المالكية
(3)
، وقول عند الشافعية
(4)
، ورواية عند الحنابلة
(5)
.
دليل القول الأول:
وطء الجنب لا يقف على الاغتسال؛ إذ يستبيح الرجل وطء زوجته الجنب دون أن تغتسل، بخلاف وطء الحائض فإنه يقف على اغتسالها، ولا يستبيح وطأها حتى تطهر وتغتسل؛ فافترقا في الإجبار
(6)
.
(1)
ينظر: المهذب، للشيرازي 2/ 480.
(2)
ينظر: المجموع، للنووي 16/ 409، والمغني، لابن قدامة 7/ 294، والكافي، لابن قدامة 3/ 82، والمبدع، لابن مفلح 6/ 246.
(3)
ينظر: التهذيب في اختصار المدونة، لابن أبي القاسم 1/ 198، والبيان والتحصيل، لابن رشد الجد 1/ 123، والتوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، لضياء الدين الجندي 1/ 106 - 107.
(4)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 9/ 228، والمجموع، للنووي 16/ 409.
(5)
ينظر: المغني، لابن قدامة 7/ 294، والكافي، لابن قدامة 3/ 82.
(6)
ينظر: التهذيب في اختصار المدونة، لابن أبي القاسم 1/ 198، والحاوي الكبير، للماوردي 9/ 228، والمغني، لابن قدامة 7/ 294، والكافي، لابن قدامة 3/ 82.
القول الثاني:
تجبر الزوجة الذمية على غسل الحيض، والنفاس، وغسل الجنابة، وهو قول مخرج لأبي يوسف
(1)
، وقول عند المالكية
(2)
، وقول عند الشافعية
(3)
، والمذهب عند الحنابلة
(4)
.
أدلة القول الثاني:
أولاً: دليلهم على إجبار الذمية، على غسل الحيض والنفاس:
أن الله -تعالى- حرم وطء الحائض حتى تغتسل بقوله سبحانه: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}
(5)
، فامتناعها عن الغسل يمنع الاستمتاع الذي هو حق لزوجها، فملك الزوج إجبارها على إزالة ما يمنع حقه؛ ليصل إلى حقه منها
(6)
.
ثانياً: دليلهم على إجبار الذمية، على غسل الجنابة:
نفس المسلم قد تعاف وطء من لا تغتسل من جنابة؛ فكان للرجل أن يجبر زوجته الذمية على غسل الجنابة؛ ليكمل به الاستمتاع
(7)
.
(1)
ينظر: المحيط البرهاني، لبرهان الدين البخاري 3/ 171، والبحر الرائق، لابن نجيم 8/ 230.
(2)
ينظر: البيان والتحصيل، لابن رشد الجد 1/ 123، والتوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، لضياء الدين الجندي 1/ 106 - 107.
(3)
ينظر: مختصر المزني 8/ 270، والحاوي الكبير، للماوردي 9/ 228.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 7/ 294، والكافي، لابن قدامة 3/ 82، والمبدع، لابن مفلح 6/ 246، والإنصاف، للمرداوي 8/ 349.
(5)
البقرة من الآية: 222.
(6)
ينظر: التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، لضياء الدين الجندي 1/ 106 - 107، والحاوي الكبير، للماوردي 9/ 228، والمجموع، للنووي 16/ 409.
(7)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 9/ 228، والمغني، لابن قدامة 7/ 294، والكافي، لابن قدامة 3/ 82، والمبدع، لابن مفلح 6/ 246.
يمكن أن يناقش:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعاود دون أن يغتسل، كما في حديث أبي سعيد رضي الله عنه:(إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ)
(1)
، ومعلوم أن الوضوء لا يرفع الجنابة، وهذا يقتضي إتيانه صلى الله عليه وسلم للجنب من نسائه دون أن تعاف نفسه ذلك.
القول الثالث:
لا تجبر الزوجة الذمية على غسل الحيض، والنفاس، ولا على غسل الجنابة، وهذا مذهب الحنفية
(2)
، وقول عند المالكية
(3)
، ورواية عند الحنابلة
(4)
.
دليل القول الثالث:
الغسل ليس بواجب عليها؛ إذ الغسل من باب القربة، وهي ليست مخاطبة بالقربات
(5)
.
نوقش من وجهين:
الوجه الأول: لا يسلم بعدم وجوب الغسل على الذمية؛ بل هم مخاطبون بفروع الشريعة، كما خُوطب المسلمون بها؛ فقد ذم - سبحانه تعالى- قوم شعيب بالكفر، ونقص المكيال، وقوم لوط بالكفر، وإتيان الذكور، وذم قوم هود بالكفر وشدة البطش، ولو كانوا غير مخاطبين بفروع الشريعة لذمهم على الكفر فحسب
(6)
.
الوجه الثاني: إن سُلم أن الذمية غير مخاطبة بفروع الشريعة، فهي تغتسل لحق زوجها لا لحق الله؛ إذ أنها بتزوجها للمسلم التزمت الأحكام الواجبة فيما بينها وبين زوجها
(7)
.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بإجبار الذمية تحت المسلم، على غسل الحيض دون غسل الجنابة؛ لجمعه بين الأدلة، ولورود المناقشة على أدلة الأقوال الأخرى.
(1)
سبق تخريجه ص: 44.
(2)
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 2/ 311، والمحيط البرهاني، لبرهان الدين البخاري 5/ 362، والبحر الرائق، لابن نجيم 3/ 237.
(3)
ينظر: البيان والتحصيل، لابن رشد الجد 1/ 121، والتوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، لضياء الدين الجندي 1/ 106 - 107.
(4)
ينظر: المبدع، لابن مفلح 6/ 246، والإنصاف، للمرداوي 8/ 349.
(5)
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني 2/ 311، المحيط البرهاني، لبرهان الدين البخاري 5/ 362، المبدع لابن مفلح 6/ 246.
(6)
ينظر: البحر المحيط، للزركشي 2/ 126.
(7)
ينظر: التنبيه على مبادئ التوجيه، للتنوخي 1/ 315.