الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: الجماع في العمرة
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: حكم الجماع في العمرة:
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على فساد العمرة بالجماع، ووجوب المضي فيها، وقضائها، ولزوم الكفارة
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
القياس على الحج؛ باعتبار أن العمرة حج أصغر، فما فسد من حج، أو عمرة وجب إتمامه، وقضاؤه، وتلزم الكفارة
(2)
.
ثانيا: اختلف الفقهاء في تحديد النسك، الذي يحصل به الأمن من فساد العمرة، على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
من أتم السعي فقد أمن من فساد العمرة، ولا يوجب الجماع بعد ذلك إلا الفدية، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: المالكية
(3)
، وقول عند الشافعية
(4)
، والمذهب عند الحنابلة
(5)
.
دليل القول الأول:
يمكن أن يستدل لهذا القول:
أن من أحرم بالعمرة، وطاف، وسعى، فقد استكمل أركان العمرة؛ وأركان العبادة إذا تمت أُمن فسادها، وأمكن جبر الخلل الحاصل فيها، كما في الصلاة، والصيام، والحج.
(1)
ينظر: المبسوط، للشيباني 2/ 399، والمبسوط، للسرخسي 4/ 58، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 228، وإرشاد السالك، لابن عسكر ص: 50، والفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 368، وحاشية العدوي 1/ 551، والوسيط، للغزالي 2/ 688، وفتح العزيز، للرافعي 3/ 479، وروضة الطالبين، للنووي 3/ 138، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320، وشرح الزركشي 3/ 322، والإنصاف، للمرداوي 3/ 501.
(2)
ينظر: الفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 368، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320.
(3)
ينظر: إرشاد السالك، لابن عسكر ص: 50، والفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 368، وحاشية العدوي 1/ 551.
(4)
ينظر: الوسيط، للغزالي 2/ 688، وفتح العزيز، للرافعي 3/ 479، وروضة الطالبين، للنووي 3/ 138.
(5)
ينظر: الشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320، وشرح الزركشي 3/ 322، والإنصاف، للمرداوي 3/ 501.
القول الثاني:
من أتم أربعة أشواط من الطواف فقد أمن من فساد العمرة، ولا يوجب جماعه بعد ذلك إلا الكفارة، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(1)
.
دليل القول الثاني:
ركن العمرة هو الطواف، فيتأكد الإحرام بأداء أكثر الأشواط، كما يتأكد إحرام الحج بالوقوف، فإذا حصل الجماع حصل قبل أداء الركن فسدت العمرة، كما إذا حصل الجماع قبل الوقوف بعرفة في الحج، فإن جامع بعد ما طاف أربعة أشواط لم تفسد عمرته؛ لأن الجماع حصل بعد أداء أكثر الركن
(2)
.
نوقش من وجهين:
الوجه الأول:
أن الجماع من محظورات الإحرام، فاستوى فيه ما قبل الطواف، وبعده، كسائر المحظورات
(3)
.
الوجه الثاني:
أنه وطء صادف إحراما تاما، فأفسده كما قبل الطواف
(4)
.
ويمكن أن يناقش من وجه ثالث أيضا:
لا يسلم بصحة القياس على الوقوف بعرفة في الحج؛ إذ الوقوف بعرفة جاء النص فيه بأن (الحج عرفة)
(5)
، ولم يرد مثل هذا في طواف العمرة، ولا يسلم أيضا بأن كل من وقف بعرفة أمن من فساد الحج؛ وإنما من أدرك التحلل الأول أمن من فساد الحج، ولو لم يتحلل التحلل الثاني، وليس في العمرة إلا تحلل واحد، فلم يصح القياس.
القول الثالث:
لا يأمن فساد العمرة، إلا من أتم الحلق أو التقصير، وهو قول عند الشافعية
(6)
.
(1)
ينظر: المبسوط، للشيباني 2/ 399، والمبسوط، للسرخسي 4/ 58، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 228.
(2)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 4/ 58، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 228.
(3)
ينظر: الشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320.
(4)
ينظر: الشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320.
(5)
سبق تخريجه ص: 291.
(6)
ينظر: الوسيط، للغزالي 2/ 688، وفتح العزيز، للرافعي 3/ 479، وروضة الطالبين، للنووي 3/ 138.
دليل القول الثالث:
الحلق نسك لا يحصل التحلل من العمرة إلا بأدائه
(1)
.
يمكن أن يناقش:
حتى لو سُلم بأنه نسك، فلا يسلم بأنه من أركان العمرة، والعبادة إذا تمت أركانها أُمن من فسادها.
الترجيح:
أتوقف عن الترجيح في هذه المسألة -والله أعلم-، والأحوط لعبادة المسلم، ألا يأتي شيئا من محظورات الإحرام، إلا بعد الحلق أو التقصير؛ خروجا من الخلاف.
المسألة الثانية: سبب الخلاف:
اختلاف الفقهاء في اعتبار أركان العمرة.
(1)
ينظر: فتح العزيز، للرافعي 3/ 479، وروضة الطالبين، للنووي 3/ 138.