الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: دفع الزوج لزوجته زكاة ماله
.
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على أن الزوج لا تصح زكاته، إذا أداها لزوجته من مصرف الفقراء، والمساكين
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
الدليل الأول:
الإجماع المحكي في المسألة
(2)
.
الدليل الثاني:
نفقة الزوجة تلزم الزوج، فتستغني بها عن أخذ الزكاة
(3)
.
ثانيا: اختلف الفقهاء في إعطاء الزوجة، زكاة المال من المصارف الأخرى، على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
لا يصح إعطاء الزوجة من زكاة المال مطلقا، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(4)
، والمذهب عند الحنابلة
(5)
.
(1)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 1/ 301، والبحر الرائق، لابن نجيم 2/ 262، وحاشية ابن عابدين 2/ 346، والكافي، لابن عبدالبر 1/ 324، والقوانين الفقهية، لابن جزي ص: 74، وحاشية الدسوقي 1/ 499، ومختصر المزني 8/ 260 (مطبوع ملحقا بالأم) ، والحاوي الكبير، للماوردي 8/ 536، وبحر المذهب، للروياني 6/ 371 - 372، والمغني، لابن قدامة 2/ 484، وشرح الزركشي 2/ 431، وكشاف القناع، للبهوتي 2/ 290.
(2)
ينظر: الإجماع، لابن المنذر ص:49.
(3)
ينظر: مختصر المزني 8/ 260 (مطبوع ملحقا بالأم) ، والحاوي الكبير، للماوردي 8/ 536، والمغني، لابن قدامة 2/ 484، وشرح الزركشي 2/ 431، وكشاف القناع، للبهوتي 2/ 290.
(4)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 1/ 301، والبحر الرائق، لابن نجيم 2/ 262، وحاشية ابن عابدين 2/ 346.
(5)
ينظر: المغني، لابن قدامة 2/ 484، وشرح الزركشي 2/ 431، وكشاف القناع، للبهوتي 2/ 290.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
إذا أعطى الزوج زوجته زكاة ماله، لم يتحقق تمليك المال لآخذ الزكاة على الكمال؛ إذ بين الزوجين اشتراكٌ، واتصالٌ في المنافع عادة؛ فلم تنقطع المنفعة عن الزوج من كل وجه
(1)
.
الدليل الثاني:
القياس على الشهادة؛ فكما أن شهادة الزوج لزوجته لا تقبل؛ لكونها شهادة لنفسه من وجه، فكذلك زكاته على زوجته لا تقبل؛ لكونها منفعة له من وجه
(2)
.
القول الثاني:
يصح إعطاء الزوجة من مصرف الغارمين خاصة
(3)
، وهذا ما ذهب إليه المالكية
(4)
.
دليل القول الثاني:
إذا كانت الزوجة غارمة؛ فإن منفعة المال المزكى -المدفوع في دينها- لا تعود لمعطي الزكاة
(5)
.
يمكن أن يناقش:
لا يسلم بأن منفعة سداد دين الزوجة لا تعود على الزوج من كل وجه؛ بل ربما استدانت من أجل زوجها، وولده.
القول الثالث:
يصح إعطاء الزوجة من مصرف الغارمين، ومصرف ابن السبيل
(6)
، وهذا ما ذهب إليه الشافعية
(7)
، وزاد بعض الشافعية: مصرف المؤلفة قلوبهم
(8)
، ومصرف الرقاب
(9)
إذا كانت مُكاتِبة
(10)
.
(1)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 1/ 301، والبحر الرائق، لابن نجيم 2/ 262.
(2)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 1/ 301.
(3)
الغارمين جمع غارم، وهو: المدين الذي لا يجد ما يقضي به الدين، وخصه بعضهم بمن استدان لإصلاح ذات البين. ينظر: التعريفات الفقهية، للبركتي ص: 156، والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، للهروي ص: 197، والمطلع على ألفاظ المقنع، للبعلي ص:179.
(4)
ينظر: شرح مختصر خليل، للخرشي 2/ 221، وحاشية الدسوقي 1/ 499، ومنح الجليل، للشيخ عليش 2/ 93.
(5)
ينظر: مواهب الجليل، للحطاب 2/ 354.
(6)
ابن السبيل هو: المسافر، وسمي المسافر ابن السبيل؛ لملازمته إياها كملازمة الطفل أمه. ينظر: التعريفات الفقهية، للبركتي ص: 15، وتحرير ألفاظ التنبيه، للنووي ص: 121، والمطلع على ألفاظ المقنع، للبعلي ص:180.
(7)
ينظر: مختصر المزني 8/ 260 (مطبوع ملحقا بالأم) ، وبحر المذهب، للروياني 6/ 371 - 372، ومغني المحتاج، للشربيني 4/ 176.
(8)
المؤلفة قلوبهم: من حدث إسلامهم من الكفرة، فيعطون شيئا تطييبا لقلبهم، وتقريرا لهم على الإسلام، لا سيما رؤساء أهل الحرب، إذا كان لهم غلبة يخاف على المسلمين من شرهم. ينظر: التعريفات الفقهية، للبركتي ص: 191، وتحرير ألفاظ التنبيه، للنووي ص:119.
(9)
الرقاب هم: العبيد الذين ثبت في رقابهم ديون الموالي بالكتابة، والمكاتبة: لفظ وضع لعتق على مال منجم، إلى أوقات معلومة، يحل كل نجم لوقته المعلوم. ينظر: طلبة الطلبة، للنسفي ص: 18، والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، للهروي ص:282.
(10)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 8/ 536، ومغني المحتاج، للشربيني 4/ 176.
أدلة القول الثالث:
أولاً: دليلهم على جواز إعطاء الزوجة من مصرف الغارمين، وابن السبيل، والرقاب:
الزوج لا يلزمه قضاء الدين عن زوجته، ولا حملها إلى بلد أرادته، ولا أداء كتابتها عنها؛ فلا تكون غنية في هذه الأمور بزوجها
(1)
.
يمكن أن يناقش قولهم بجواز إعطاء الزوجة من مصرف الغارمين، والرقاب:
أن إعطاء الزوجة من سهم الغارمين، أو الرقاب تعود منفعته على الزوج بطريق، أو بآخر؛ فإن براءة ذمة الزوجة فيه منفعة للزوج؛ إذ يسلم من مطالبة الدائنين، ويحرز حقه من الميراث، وفي أداء دين الكتابة عنها، يحرز ولده عن الرق، والعبودية.
ويمكن أن يناقش قولهم بجواز إعطاء الزوجة من مصرف ابن السبيل:
بأن المرأة لو سافرت مع زوجها لوجبت نفقتها عليه
(2)
، وليس في الشرع ما يوجب عليها السفر وحدها، حتى سفر الحج يسقط عنها إذا لم تجد نفقة الطريق؛ فمنع دفع الزكاة في سفر الزوجة وحدها، فيه درء لكثير من المفاسد، ودفع للاحتيال على إسقاط الزكاة.
ثانياً: دليلهم على جواز إعطاء الزوجة من مصرف المؤلفة قلوبهم:
ما يقصد من حسن إسلام الرجل، وترغيب قومه في الإسلام، موجود في الزوجة، فتعطى ترغيبا لها في الإسلام
(3)
.
(1)
ينظر: مختصر المزني 8/ 260 (مطبوع ملحقا بالأم) ، والحاوي الكبير، للماوردي 8/ 536، وبحر المذهب، للروياني 6/ 371 - 372.
(2)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 8/ 536.
(3)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 8/ 536.