الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: وطء الأسير المسلم زوجته
، وفيه مطلبان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
إذا كانت المرأة مأسورة مع زوجها في دار الحرب، فهل يطأها؟
المسألة الثانية: وطء الأسير المسلم زوجته:
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على أن الحربي إذا كان يطأ زوجة الأسير، فلا يحل للأسير أن يجامعها
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
حديث رويفع بن ثابت الأنصاري
(2)
، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل لامرئ يؤمن بالله، واليوم الآخر، أن يسقي ماءه زرع غيره)
(3)
.
وجه الاستدلال بالحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضع أحدٌ نطفته، في موضع يأتيه غيره
(4)
.
ثانيا: اختلف الفقهاء في حكم وطء الأسير لزوجته، إذا لم يطأها الحربي، على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
يكره للأسير أن يجامع زوجته، وهذا ما ذهب إليه المالكية
(5)
، والشافعية
(6)
.
(1)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 3/ 266، ودرر الحكام، لملا خسرو 1/ 293، ومجمع الأنهر، لشيخي زاده 1/ 656، والنوادر، لابن أبي زيد القيرواني 3/ 316، والبيان والتحصيل، لابن رشد 3/ 35، والذخيرة، للقرافي 3/ 392، والأم، للشافعي 4/ 284، والمغني، لابن قدامة 9/ 293، ومطالب أولي النهى، للسيوطي 5/ 7، وحاشية الروض المربع، لابن قاسم 6/ 228.
(2)
هو: رويفع بن ثابت بن السّكن، من بني مالك بن النّجّار، نزل مصر، وولّاه معاوية على طرابلس سنة ستّ وأربعين، فغزا إفريقية، وروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، توفي ببرقة وهو أمير عليها، مات سنة ست وخمسين. ينظر: الإصابة، لابن حجر 2/ 417.
(3)
أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: النكاح، باب: إتيان السبايا (2158) 2/ 248، وأحمد في مسنده، مسند: الشاميين، حديث رويفع (16990) 28/ 199، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 2/ 1109.
(4)
ينظر: مرقاة المفاتيح، لعلي قاري 5/ 2189.
(5)
ينظر: النوادر، لابن أبي زيد القيرواني 3/ 316، والبيان والتحصيل، لابن رشد 3/ 35، والذخيرة، للقرافي 3/ 392.
(6)
ينظر: الأم، للشافعي 4/ 284.
دليل القول الأول:
الأسير غير قادر على حفظ عرضه، فقد يشركه في بضع زوجته غيره، فيستحب له الاحتياط لنطفته، ويكره أن يعرض ماءه للاختلاط بماء غيره
(1)
.
القول الثاني:
يباح للأسير أن يجامع زوجته، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(2)
.
دليل القول الثاني:
المرأة الحرة لا يملكها أهل الحرب بالاستيلاء عليها، فنكاح الأسير باقٍ على صحته
(3)
.
يمكن أن يناقش:
لا ينازع في أن المرأة الحرة لا تملك بالاستيلاء، وأن نكاحها باقٍ على أصله، ولكن النزاع في المفاسد المترتبة على وطئها، كنكاح الأمة مباح في أصله، لكن كره لما يترتب عليه من مفسدة استرقاق الولد.
القول الثالث:
يحرم على الأسير أن يجامع زوجته، وهو المذهب عند الحنابلة
(4)
.
أدلة القول الثالث:
الدليل الأول:
الأسير إذا ولد له ولد، كان رقيقا عند أهل الحرب، وتعلم الكفر منهم، وربما جُند معهم ضد الإسلام، وأهله
(5)
.
يمكن أن يناقش:
مفسدة استرقاق الولد، تُستدفع بالعزل.
(1)
ينظر: الأم، للشافعي 4/ 284.
(2)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 3/ 266، ودرر الحكام، لملا خسرو 1/ 293، ومجمع الأنهر، لشيخي زاده 1/ 656.
(3)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 3/ 266، ودرر الحكام، لملا خسرو 1/ 293.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 9/ 293، ومطالب أولي النهى، للسيوطي 5/ 7، وحاشية الروض المربع، لابن قاسم 6/ 228.
(5)
ينظر: المغني، لابن قدامة 9/ 293.
الدليل الثاني:
لا يأمن الأسير أن يطأ امرأته غيره من الحربيين
(1)
.
يمكن أن يناقش:
غلبة الظن معمول بها في الشريعة، فإن غلب على ظنه أنهم يواقعونها، فقد ارتفع النزاع بالاتفاق السابق، وإن غلب على ظنه أنهم لا يواقعونها، فلا وجه لتحريم ما أصله الحل!
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول، القائل بكراهة وطء الأسير زوجته؛ إذ هو القول الوسط بين الأقوال، ولورود المناقشة على استدلال الأقوال الأخرى.
(1)
ينظر: المغني، لابن قدامة 9/ 293.