الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: كفارة الجماع في الإحرام
، وفيه أربع مسائل:
المسألة الأولى: كفارة من جامع في إحرام الحج قبل الوقوف بعرفة.
اختلف الفقهاء في الكفارة الواجبة بالجماع، في إحرام الحج، قبل الوقوف بعرفة، على قولين:
القول الأول:
يجب على من جامع قبل الوقوف بعرفة، أن يهدي بدنة، وهذا ما ذهب إليه الشافعية
(1)
، والحنابلة
(2)
.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
وطء صادف إحراما لم يتحلل منه، فوجبت فيه بدنة، كالوطء بعد الوقوف
(3)
.
الدليل الثاني:
الوطء قبل الوقوف بعرفة مفسد للحج، وما يفسد الحج جنايته أعظم، فيجب أن تكون كفارته أغلظ
(4)
.
الدليل الثالث:
كل عبادة أوجب الوطء فيها الكفارة مع القضاء، فإن كفارته تكون كفارة مغلظة، كالوطء في رمضان، وتغليظ الكفارة في الجماع قبل الوقوف، أن تكون بدنة
(5)
.
القول الثاني:
من جامع قبل الوقوف بعرفة، يُجزئه أن يهدي شاة، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(6)
، والمالكية
(7)
.
(1)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 216، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 217.
(2)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 308، وشرح الزركشي 3/ 147.
(3)
ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 217.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 424.
(5)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 217.
(6)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 4/ 57، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 217.
(7)
ينظر: الكافي، لابن عبدالبر 1/ 396، وبداية المجتهد، لابن رشد الجد 2/ 135.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
هذه الكفارة في حقيقتها إنما وجبت لتعجيل الإحلال، والشاة تكفي في ذلك، كالمحصر إذا فاته الحج، يتحلل بشاة
(1)
.
نوقش:
الجمع بين فساد الحج، وفوات الحج غير صحيح؛ لأن الكفارة إنما تغلظ لغلظ الفعل، وعظم الإثم، والفساد بالوطء معصية، يعظم إثمها، أما الفوات فليس بمعصية يأثم بها، فلم يجز أن يجمع بينهما في الكفارة مع افتراقهما في المعصية
(2)
.
الدليل الثاني:
السبب الواحد لا يجوز أن يجب به التغليظ من وجهين، فجزاء من جامع قبل الوقوف، هو وجوب القضاء عليه؛ فلا يصح أن يجب معه كفارة مغلظة
(3)
.
نوقش:
لا يسلم بذلك، فإن الوطء في الصوم، يجب به القضاء، ومع ذلك كفارته كفارة تغليظ
(4)
.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بأنه يجب على من جامع قبل الوقوف بعرفة، أن يهدي بدنة؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الآخر.
المسألة الثانية: كفارة من جامع في إحرام الحج بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول.
اختلف الفقهاء في الكفارة الواجبة بالجماع، في إحرام الحج، بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول، على قولين:
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 4/ 57.
(2)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 217.
(3)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 4/ 57.
(4)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 217.
القول الأول:
يجب على من جامع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول، أن يهدي بدنة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
دليل القول الأول:
الجماع أعلى أنواع الارتفاق، فتتغلظ الكفارة بتغلظ موجبها
(4)
.
القول الثاني:
من جامع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول، يستحب له أن يهدي بدنة، ويُجزئه أن يهدي شاة مع الكراهة، وهذا ما ذهب إليه المالكية
(5)
.
دليل القول الثاني:
الإبل، والغنم تشترك في كونها من جنس بهيمة الأنعام، ومن الأزواج الثمانية التي نص الله
-تعالى- عليها، فبعضها يجزئ عن بعض
(6)
.
يمكن أن يناقش:
الإبل والغنم وإن اشتركتا في الجنس، إلا أنهما تختلفان في النوع اختلافا مؤثرا في التغليظ، والتخفيف، فالتكفير بالبدنة أغلظ وأنسب في جناية الجماع على إحرام تام.
(1)
ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص 2/ 550، والمبسوط، للسرخسي 4/ 119، والبناية، للعيني 4/ 352.
(2)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 217، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 217، وحاشية الجمل 2/ 518.
(3)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 424، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 317، وشرح الزركشي 3/ 146.
(4)
ينظر: البناية، للعيني 4/ 352.
(5)
ينظر: الكافي، لابن عبدالبر 1/ 403، وبداية المجتهد، لابن رشد الجد 2/ 138، والذخيرة، للقرافي 3/ 340.
(6)
ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد الجد 2/ 138.
الترجيح: يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بأنه يجب على من جامع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول، أن يهدي بدنة؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الآخر.
المسألة الثالثة: كفارة من جامع في إحرام الحج بعد الوقوف بعرفة، وبعد التحلل الأول.
اختلف الفقهاء في الكفارة الواجبة بالجماع، في إحرام الحج، بعد التحلل الأول، على قولين:
القول الأول:
من جامع في إحرام الحج، بعد التحلل الأول يجزئه أن يهدي شاة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، وقول عند الشافعية
(3)
، والمذهب عند الحنابلة
(4)
.
دليل القول الأول:
وطء لم يفسد به الحج، فخفت الجناية، فأجزأت الشاة
(5)
.
القول الثاني:
من جامع في إحرام الحج، بعد التحلل الأول، وجب عليه أن يهدي بدنة، وهو قول عند الشافعية
(6)
، ورواية عند الحنابلة
(7)
.
دليل القول الثاني:
أنه وطء حصل في إحرام الحج، فوجبت به بدنة، كالوطء قبل التحلل الأول
(8)
.
نوقش:
أن حكم الإحرام خفَّ بالتحلل الأول، فينبغي أن ينقص موجبه عن الإحرام التام
(9)
.
(1)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 2/ 58، والعناية، للبابرتي 3/ 47، والبناية، للعيني 4/ 352.
(2)
ينظر: الكافي، لابن عبدالبر 1/ 403، وبداية المجتهد، لابن رشد الجد 2/ 138، والذخيرة، للقرافي 3/ 340.
(3)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 219، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 228، والمجموع، للنووي 7/ 408.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 321، والمبدع، لابن مفلح 3/ 152.
(5)
ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي 2/ 58، والعناية، للبابرتي 3/ 47، والبناية، للعيني 4/ 352، والحاوي الكبير، للماوردي 4/ 219، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 228.
(6)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 219، والبيان في مذهب الإمام الشافعي، لابن أبي الخير العمراني 4/ 228، والمجموع، للنووي 7/ 408.
(7)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 321، والمبدع، لابن مفلح 3/ 152.
(8)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 321.
(9)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 425، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 321.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بأنه يجب على من جامع بعد التحلل الأول، أن يهدي شاة؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الآخر.
المسألة الرابعة: كفارة من جامع في العمرة.
اختلف الفقهاء في الكفارة الواجبة بالجماع، في العمرة، على قولين:
القول الأول:
من جامع في العمرة يجزئه أن يهدي شاة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من:
الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
دليل القول الأول:
لا مدخل للبدنة في العمرة؛ إذ أنها دون الحج في الفرضية، فيجب أن يكون حكم كفارة الجماع في إحرام العمرة، دون حكم كفارة الجماع في إحرام الحج
(4)
.
القول الثاني:
من جامع في إحرام العمرة يجب عليه أن يهدي بدنة، وهذا ما ذهب إليه الشافعية
(5)
.
دليل القول الثاني:
العمرة كالحج فيما يحل ويحرم بالإحرام، فوجب أن تكون كالحج، في وجوب البدنة، عند انتهاك الإحرام بالجماع
(6)
.
نوقش:
من حج قارنا، ثم جامع، لم تجب عليه بدنة لعمرة القران، فكذلك إذا كانت العمرة مفردة
(7)
.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بأن من جامع في إحرام العمرة، أجزأه أن يهدي شاة؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الآخر.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 4/ 58، وبدائع الصنائع، للكاساني 2/ 228، والمحيط البرهاني، لابن مازه 2/ 449.
(2)
ينظر: إرشاد السالك، لابن عسكر ص: 50، والفواكه الدواني، للنفراوي 1/ 368، وحاشية العدوي 1/ 551.
(3)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 424، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 3/ 320، وشرح الزركشي 3/ 322.
(4)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 4/ 58.
(5)
ينظر: الحاوي الكبير، للماوردي 4/ 233، والتنبيه، للشيرازي ص: 73، والمهذب، للشيرازي 1/ 393.
(6)
ينظر: الحاوي الكبير ، للماوردي 4/ 233.
(7)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 424.