الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: مسائل التيمم المختصة بالزوجين
، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: جماع العادم للماء
.
المطلب الثاني: وطء الزوجة التي تطهرت بالتيمم من الحيض أو النفاس.
المطلب الثالث: شراء الزوج لزوجته الماء الذي تتطهر به.
المطلب الأول: جماع العادم للماء، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
من كان عادما للماء، هل يجوز له أن يأتي أهله، وهو يعلم أنه لن يتمكن من الغسل؟
المسألة الثانية: حكم جماع العادم للماء:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة، على قولين:
القول الأول:
يجوز لعادم الماء أن يجامع أهله، وإن علم أنه لا يجد الماء، ويتيمم
(1)
بلا كراهة، وإليه ذهب الحنفية
(2)
، وبعض المالكية
(3)
، وقول الشافعية
(4)
، والمذهب عند الحنابلة
(5)
.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}
(6)
فأباح سبحانه وتعالى ملامسة النساء، وتناول سبب الجنابة في حال عدم الماء
(7)
.
الدليل الثاني:
حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت أعزب عن الماء، ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة، فأصلي بغير طهور، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فقال: (يا أبا ذر: إن الصعيد الطيب طهور، وإن لم تجد الماء إلى عشر
(1)
التيمم هو: مسح الوجه واليدين بشيء من الصعيد الطاهر، ينظر: التعريفات الفقهية، للبركتي ص: 65، وشرح حدود ابن عرفة، للرصاع ص: 42، وتحرير ألفاظ التنبيه، للنووي ص: 41، والمطلع على ألفاظ المقنع، للبعلي ص:48.
(2)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 1/ 117، والمحيط البرهاني، لبرهان الدين البخاري 1/ 164، والبناية، للعيني 1/ 519.
(3)
ينظر: البيان والتحصيل، لابن رشد الجد الجد 1/ 57.
(4)
ينظر: الأم، للشافعي 1/ 61، والحاوي الكبير، للماوردي 1/ 249، والمجموع، للنووي 2/ 209.
(5)
ينظر: الإنصاف، للمرداوي 1/ 263، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 1/ 282، والمغني، لابن قدامة 1/ 203.
(6)
النساء من الآية: 43.
(7)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 1/ 117، والمحيط البرهاني، لبرهان الدين البخاري 1/ 164.
سنين، فإذا وجدت الماء، فأمسه جلدك)
(1)
فلم ينكر صلى الله عليه وسلم على أبي ذر إتيانه امرأته، وهو لا يجد الماء، بل أقره عليه، وأمره أن يتيمم.
الدليل الثاني:
الجماع مباح؛ فلا يُكره إلا بدليل، ولا دليل على الكراهة
(2)
.
الدليل الثالث:
التيمم للحدث الأكبر، والأصغر صفته واحدة، وكما يجوز للمسلم إتيان سبب الحدث الأصغر في حال عدم الماء؛ فكذلك إتيان سبب الحدث الأكبر لا حرج فيه
(3)
.
الدليل الرابع:
في منع النفس عن الجماع بعد غلبة الشبق بعض الحرج، وما شرع التيمم إلا لدفع الحرج
(4)
.
القول الثاني:
يكره لعادم الماء أن يجامع أهله، مالم يتضرر بترك الجماع، وإليه ذهب المالكية
(5)
، ورواية عند الحنابلة
(6)
.
دليل القول الثاني:
من أتى سبب الجنابة وهو عادم للماء، فقد فوت على نفسه طهارة أصلية يمكن بقاؤها
(7)
.
يمكن أن يناقش:
أن المجامع إنما فوت طهارة أصلية إلى بدل مشروع، فلا حرج.
(1)
أخرجه أبو داود في سننه، واللفظ له، كتاب: الطهارة، باب: الجنب يتيمم (332) 1/ 90، والترمذي في سننه، أبواب: الطهارة، باب: التيمم للجنب إذا لم يجد الماء (124) 1/ 211، والنسائي في سننه الصغرى، كتاب: الطهارة، باب: الصلوات بتيمم واحد، (322) 1/ 171، والإمام أحمد في مسنده، مسند: الأنصار، حديث أبي ذر (21304) 35/ 230، وصححه الألباني في صحيح أبي داود في 2/ 152.
(2)
ينظر: المجموع، للنووي 2/ 209.
(3)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 1/ 117، والمحيط البرهاني، لبرهان الدين البخاري 1/ 164.
(4)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 1/ 117، والمحيط البرهاني، لبرهان الدين البخاري 1/ 164.
(5)
ينظر: المدونة، للإمام مالك 1/ 136، والبيان والتحصيل، لابن رشد الجد 1/ 57، وحاشية الصاوي 1/ 200.
(6)
ينظر: الإنصاف، للمرداوي 1/ 263، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 1/ 282، والمغني، لابن قدامة 1/ 203.
(7)
ينظر: المغني، لابن قدامة 1/ 203، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 1/ 282.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بجواز جماع العادم للماء من غير كراهة؛ لموافقته نصوص الكتاب والسنة، ولورود المناقشة على تعليل القول الثاني.