الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: زكاة المهر
.
تحرير محل النزاع في المسألة:
أولا: اتفق الفقهاء على أن المهر المقبوض، إذا كان مالا زكويا، وحال عليه الحول فإنه يزكى
(1)
.
واستدلوا على ذلك بما يأتي:
عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة، ومنها قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}
(2)
؛ فالمهر الزكوي المقبوض إذا بلغ نصابا، وحال عليه الحول، صار كأي مال تجب فيه الزكاة، ولا مخرج له من العموم.
ثانيا: اختلف الفقهاء في ابتداء حول الزكاة في المهر، على قولين:
القول الأول:
يحسب حول الزكاة، من حين قبض المهر، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(3)
، والمالكية
(4)
.
دليل القول الأول:
أن تمام المقصود من المهر لا يحصل إلا بالقبض، وصيرورته نصابا للزكاة بناء على تمام المقصود، لا على حصول أصل الملك، كالمبيع قبل القبض لا زكاة فيه؛ لأن ملكه لم يتم، ولهذا لا يجوز التصرف في المبيع قبل القبض، والملك إنما هو: عبارة عن مطلق التصرف، فإذا لم يكن للمالك مطلق التصرف، صار ملكه للمال ناقصا، ولم تجب عليه الزكاة؛ لعدم تمام الملكية
(5)
.
القول الثاني:
يحسب حول الزكاة، من حين عقد النكاح، وهذا ما ذهب إليه الشافعية
(6)
، والحنابلة
(7)
.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 41، والبناية، للعيني 3/ 289، والنهر الفائق، لابن نجيم 1/ 416، والمعونة، لابن نصر ص: 762، وشرح الزرقاني 2/ 268، وحاشية الدسوقي 1/ 466، وأسنى المطالب، للسنيكي 1/ 357، ومغني المحتاج، للشربيني 2/ 127، ونهاية المحتاج، للرملي 3/ 134، المغني، لابن قدامة 3/ 75، وحاشية الخلوتي 2/ 90، وكشاف القناع، للبهوتي 2/ 171.
(2)
البقرة من الآية: 43.
(3)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 41، والبناية، للعيني 3/ 289، والنهر الفائق، لابن نجيم 1/ 416.
(4)
ينظر: المعونة، لابن نصر ص: 762، وشرح الزرقاني 2/ 268، وحاشية الدسوقي 1/ 466.
(5)
ينظر: البناية، للعيني 3/ 289.
(6)
ينظر: المجموع، للنووي 6/ 23، وأسنى المطالب، للسنيكي 1/ 357، ومغني المحتاج، للشربيني 2/ 127.
(7)
ينظر: حاشية الخلوتي 2/ 90، وكشاف القناع، للبهوتي 2/ 171.
دليل القول الثاني:
أن ملك جميع المهر مستقر للزوجة بمجرد العقد، فيعتبر الحول من حين حصول سبب الملك
(1)
.
يمكن أن يناقش:
ملك المهر بالعقد ملك غير تام فالمرأة لا تتصرف به، ولا تنتفع به، ولا تتبسط فيه إلا بالقبض.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل باحتساب حول زكاة المهر من حين قبضه؛ إذ هو الأيسر، والأرفق، والأقرب لسماحة الشريعة.
ثالثا: اختلف الفقهاء في المهر الزكوي غير المقبوض، إذا حال عليه الحول، قولين:
القول الأول: لا تجب الزكاة في المهر غير المقبوض، وهذا ما ذهب إليه الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، ومذهب الحنابلة
(4)
.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
أصل دين المهر إنما هو بيد الزوج، ولا يزكى الدين إلا إذا كان أصله عين بيد الدائن، ثم أقرضه
(5)
الدليل الثاني:
المهر دين ضعيف؛ إذ هو بدل ما ليس بمال، فلا يزكى حتى يقبض
(6)
.
الدليل الثالث:
أن تمام المقصود من المهر لا يحصل إلا بالقبض، وصيرورة المال الزكوي نصابا للزكاة بناء على تمام المقصود، كالمبيع قبل القبض لا زكاة فيه؛ لأن ملكه لم يتم، ولهذا لا يجوز تصرفه فيه، والملك: عبارة عن مطلق التصرف فيكون الملك فيه ناقصا
(7)
.
(1)
ينظر: حاشية الخلوتي 2/ 90، وكشاف القناع، للبهوتي 2/ 171.
(2)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 41، والبناية، للعيني 3/ 289، والنهر الفائق، لابن نجيم 1/ 416.
(3)
ينظر: المعونة، لابن نصر ص: 762، وشرح الزرقاني 2/ 268، وحاشية الدسوقي 1/ 466.
(4)
ينظر: المغني، لابن قدامة 3/ 75، والإنصاف، للمرداوي 3/ 20، وكشاف القناع، للبهوتي 2/ 171.
(5)
ينظر: شرح الزرقاني 2/ 268، وحاشية الدسوقي 1/ 466.
(6)
ينظر: النهر الفائق، لابن نجيم 1/ 416.
(7)
ينظر: البناية، للعيني 3/ 289.
القول الثاني:
يجب على المرأة أن تزكي مهرها إذا بلغ نصابا، كل حول، وإن لم تقبضه، وهذا ما ذهب إليه الشافعية
(1)
.
دليل القول الثاني:
أن المرأة ملكت المهر بالعقد ملكا تاما؛ بدليل أنه لا يسقط بموتها قبل الوطء، وإن لم تسلم المنافع للزوج
(2)
.
يمكن أن يناقش:
لا يسلم بملك المرأة للمهر ملكا تاما بالعقد؛ إذ هو منتقض بعدم تصرفها فيه، كالمبيع قبل القبض.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بعدم وجوب الزكاة في المهر غير المقبوض؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على تعليل القول الآخر.
(1)
ينظر: المجموع، للنووي 6/ 23، وأسنى المطالب، للسنيكي 1/ 357، ومغني المحتاج، للشربيني 2/ 127.
(2)
ينظر: أسنى المطالب، للسنيكي 1/ 357، ونهاية المحتاج، للرملي 3/ 134.