الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: كفارة من جامع يظن عدم طلوع الفجر
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
من جامع بعد طلوع الفجر في رمضان، وهو يظن أن الفجر لم يطلع، ثم تبين له طلوعه، فهل تجب عليه كفارة ذلك الجماع؟
المسألة الثانية: حكم كفارة من جامع يظن عدم طلوع الفجر:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة، على قولين:
القول الأول:
من جامع في رمضان ظانا أن الفجر لم يطلع، لا تجب عليه كفارة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، ورواية عند الحنابلة
(4)
.
أدلة القول الأول:
الدليل الأول:
كفارة الجماع في نهار رمضان عقوبة لا تجب إلا على الجاني على صومه متعمدا، والجناية في هذه الصورة قاصرة لعدم القصد
(5)
.
الدليل الثاني:
من جامع في رمضان ظانا أن الفجر لم يطلع، غير آثم؛ لأنه معذور بجهله، وكفارة الجماع في نهار رمضان، إنما شرعت ماحية للإثم؛ والحكم يدور مع علته وجودا وعدما؛ فلما لم يوجد الإثم، لم توجد الكفارة
(6)
.
الدليل الثالث:
كفارة الجماع في نهار رمضان تسقط بالشبهة، وفي هذه الصورة الشبهة قائمة بظن بقاء الليل
(7)
.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 55، والبناية، للعيني 4/ 101، وحاشية ابن عابدين 2/ 405.
(2)
ينظر: الكافي، لابن عبدالبر 1/ 350، والقوانين الفقهية، لابن جزي ص: 81، وأسهل المدارك، لابن جزي 1/ 418.
(3)
ينظر: الوسيط، للغزالي 2/ 547، وفتح العزيز، للرافعي 6/ 449، وروضة الطالبين، للنووي 2/ 377 - 378.
(4)
ينظر: المبدع، لابن مفلح 3/ 30، وتصحيح الفروع، للمرداوي 5/ 41، والإنصاف، للمرداوي 3/ 313.
(5)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 3/ 55، والبناية، للعيني 4/ 101.
(6)
ينظر: المجموع، للنووي 6/ 307.
(7)
ينظر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي، للبغوي 3/ 159.
القول الثاني:
من جامع ظانا أن الفجر لم يطلع، تجب عليه الكفارة، وهو المذهب عند الحنابلة، ومن مفردات المذهب
(1)
.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
لا فرق بين العامد، وغيره في وجوب الكفارة؛ ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: (ما لك؟ ) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال: لا، قال:(فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين)، قال: لا، فقال:(فهل تجد إطعام ستين مسكينا) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر قال:(أين السائل؟ ) فقال: أنا، قال:(خذها، فتصدق به)
(2)
.
وجه الاستدلال بالحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن حال السائل، وعن كيفية الوقاع، وإنما أمره بالكفارة مباشرة؛ فدل على عموم وجوبها في سائر الأحوال
(3)
.
يمكن أن يناقش وجه الاستدلال بالحديث:
في ألفاظ الحديث ما يدل على حال السائل، لذلك أمره بالكفارة، فإن السائل قال:(وقعت على امرأتي وأنا صائم) فدل على أنه قد شرع في صومه، حين وقت وجوب الإمساك، ثم جامع.
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بأن من جامع في رمضان ظانا أن الفجر لم يطلع، لا تجب عليه كفارة؛ لوجاهة ما استدلوا به، ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.
(1)
ينظر: مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله ص: 191، والمبدع، لابن مفلح 3/ 30، وتصحيح الفروع، للمرداوي 5/ 41.
(2)
سبق تخريجه ص: 198.
(3)
ينظر: كشاف القناع، للبهوتي 2/ 325.