الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: وضوء الجنب بين الجماعين
، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
إذا أراد الجنب معاودة الوطء مرة أخرى قبل أن يغتسل من جماعه الأول، فما المشروع في حقه؟
المسألة الثانية: حكم وضوء الجنب بين الجماعين:
اختلف الفقهاء في ذلك، على أربعة أقوال:
القول الأول:
يستحب للجنب أن يتوضأ بين الجماعين، وضوءه للصلاة، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، ومذهب الحنابلة
(3)
.
دليل القول الأول:
حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود، فليتوضأ)
(4)
، وفي رواية:(وضوءه للصلاة)
(5)
، وفي رواية:(فإنه أنشط للعود)
(6)
.
وجه الاستدلال بالحديث:
استدلوا بالرواية الثانية على أن الوضوء المقصود هو الوضوء الشرعي: وضوء الصلاة، واستدلوا بالرواية الثالثة على صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب لتعليله بأمر ليس بواجب.
(1)
ينظر: المبسوط، للسرخسي 1/ 73، وحاشية ابن عابدين 1/ 176.
(2)
ينظر: فتح العزيز، للرافعي 1/ 187، والمجموع، للنووي 2/ 156.
(3)
ينظر: مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه أبي الفضل 1/ 481، والشرح الكبير، لعبدالرحمن ابن قدامة 8/ 142.
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الحيض، باب: جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له، وغسل الفرج إذا أراد أن يأكل، أو يشرب، أو ينام، أو يجامع (308) 1/ 249.
(5)
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، كتاب: الوضوء، باب: ذكر الدليل على أن الوضوء لمعاودة لجماع كوضوء الصلاة (220) 1/ 145، وأحمد في مسنده، مسند: المكثرين من الصحابة، مسند: أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (11227) 17/ 326 ، وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد.
(6)
أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، كتاب: الوضوء، باب: ذكر الدليل على أن الأمر بالوضوء عند إرادة الجماع أمر ندب وإرشاد، (221) 1/ 146، وابن حبان في صحيحه، كتاب: الطهارة، باب: ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر (1211) 4/ 12، والبيهقي في سننه الكبرى، كتاب: الطهارة، باب: الجنب يريد أن يعود (985) 1/ 314، والحاكم في مستدركه، كتاب: الطهارة، (542) 1/ 254، وقال: هذه لفظة تفرد بها شعبة، عن عاصم، والتفرد من مثله مقبول عندهما.
القول الثاني:
يستحب للجنب غسل فرجه فقط بين الجماعين، وهذا المذهب عند المالكية
(1)
.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول:
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد في رواية أخرى: (إذا أتى أحدكم أهله فأراد أن يعود فليغسل فرجه)
(2)
.
وجه الاستدلال بالحديث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستحب أكثر من غسل الفرج.
ويمكن أن يناقش وجه الاستدلال:
أن هذه الرواية ضعيفة لا تقوم بها الحجة.
الدليل الثاني:
الأمر بالوضوء في الحديث محمول على غسل الفرج؛ لأن الغسل والوضوء الشرعي إنما يرادان للصلاة، أو لما جرى مجراها مما يشترط فيه الطهارة، وليس الجماع مما يشترط فيه الطهارة.
الدليل الثالث:
أن الجماع ينقض الغسل، والوضوء بدل من الغسل، فلا يشرع الوضوء لناقضه، وإنما تشرع الطهارة لما تجتمع معه، وتكمل مصلحته
(3)
.
ويمكن أن يناقش:
الألفاظ في كلام الشارع إنما تحمل على حقيقتها الشرعية مادام يمكن حملها عليه، كما أن الوضوء قد يشرع مع ما ينقضه لتخفيف الحدث، كما في وضوء الجنب قبل نومه.
الترجيح:
(1)
ينظر: التاج والإكليل، للمواق 1/ 461، وحاشية الدسوقي 1/ 137.
(2)
أخرجه البيهقي في سننه الكبرى، جماع أبواب إتيان المرأة، باب: الجنب يتوضأ كلما أراد إتيان واحدة أو أراد العود (14090) 7/ 311 ، وقال البيهقي بعدما ذكر الحديث: ليث بن أبي سليم لا يحتج به، وضعفه أيضا الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة 5/ 224.
(3)
ينظر: المنتقى، للباجي 1/ 107 ، وشرح الزرقاني على الموطأ 1/ 217 ، والذخيرة، للقرافي 1/ 300.