الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيل: رؤية مثاله لا رؤيةَ شخصهِ، والأقربُ كما قال الكرمانيُّ: ما قيل إنها رؤيته حقيقةً، إذ العقلُ لا يحيلهَا، فلا حاجةَ إلا تأويلها، وأما قولهم فأنه قد يُرى على خلافِ صفته، أو في مكانين، فإنه تغييرٌ في صفاتِه، لا في ذاتِه، فتكونُ ذاتُه مرئيةً وصفاتُه متخيلةً، والرؤيةُ: أمرٌ يخلقها الله في الحيِّ، لا بشرطِ مواجهةٍ ولا تحديقِ بصر، ولا كونَ المرئيّ ظاهرًا، بل الشرط: كونه موجودًا فقط حتى يجوز رؤيةُ أعمى الصينِ بقةَ الأندلسِ، ولم يقُمْ دليلٌ على فناءِ جسمِه صلى الله عليه وسلم، بل جاء في الحديثِ ما يقتضي بقاءَهُ (1).
(لا يتمثل في صورتي) أي: لا يتمثل بها.
39 - باب كتَابَةِ العِلْمِ
.
(باب: كتابة العلم) أي: بيانها.
111 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: "لَا، إلا كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ".
[1870، 3047، 3172، 3179، 6755، 6103، 6915، 7300 - مسلم: 1370 - فتح: 1/ 204]
(ابن سلام) في نسخةٍ: "محمد بن سلام". (وكيع) هو: ابن الجرَّاح. (عن سفيان) هو: ابن عيينة، أو الثوريُّ، وكلٌّ صحيح، لأنَّ وكيعًا يروي عن كل منهما. (عن مطرف) بضم الميم وتشديد الراءِ المكسورة: ابن طريف بطاءٍ مهملة. (عن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح
(1)"البخاري بشرح الكرماني" 2/ 117.
الحاءِ المهملةِ. اسمه: وهب بنُ عبد الله السوائيُّ. (قال: قلت لعلى) في نسخةٍ: "لعليّ بن أبي طالب".
(هل عندكم؟) خاطب به عليًّا بالجمعِ تعظيمًا؛ أو لإرادته مع أهلِ البيت. (كتاب) أي: مكتوب عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أسرارِ علم الوحى، خصكم به، كما تزعم الشيعة. (إلا كتاب الله) بالرفع على الاستثناءِ من معمول لا المقدر، وهو استثناءٌ متصلٌ. (أو فهم) مستثنى أيضًا. أي: مفهوم بالاستنباط من فحوى الكلام.
(أُعطيه) بالبناءِ للمفعولِ. (أو ما في هذه الصحيفةِ) مستثنى أيضًا.
أي: ما في هذه الورقةِ وكانت معلقةً بقبضة سيفه احتياطًا أو استحضارًا، أو لانفراده بسماعها، أو للإشعارِ بأنَّ مصالحَ الدنيا ليست بالسيفِ وحده، بل بالقتلِ، أو الدِّية، أو العفو (وما) في نسخةٍ:"فما". (العقل) أي: الدِّية؛ لأنَّ إبلها تعقل بفناءِ دارِ المستحقِّ والمرادُ: بيان أحكام ذلك.
(فكاك) بكسر الفاء وفتحها: ما يفتك به أي: يخلِّص. يقال: فكَّه وأفتكه بمعنى. (الأسير) فعيل بمعنى مأسور من أسره: شدَّه بالإسار وهو القِد. أي: السير من جلدٍ بكسر القاف وبالمهملة؛ لأنهم كانوا يشدون الأسير به، ثم سمي كل مأخوذٍ أسيرًا، وإن لم يشدُّ به.
(ولا يقتل مسلم بكافر) في نسخةٍ: "وأن لا يقتل" فالعطف عليها عطف مفرد تقديرًا على مفرد، وعلى الأولى عطف جملة على مفرد، كما في نحو قوله تعالى:{آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] والمعني في الصحيفة حكم العقل، وفكاك الأسير وحرمة قتل المسلم بالكافر، وهو مذهب الشافعي وغيره، وخالفه الحنفية فجوزوا قتله بالذمي تمسكًا بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قتل مسلمًا بذمي،
وقال: "أنا أكرم من وفى بذمته"(1) وأجيب عنه: بأنه ضعيف، ومتروك بالإجماع؛ لأنه روي أن الكافر كان رسولًا فيكون مستأمنًا، وهو لا يقتل به المسلم اتفاقًا وإن صحَّ فمنسوخ؛ لأن ذلك كان قبل فتح مكة، وقد قال صلى الله عليه وسلم يوم فتحها في خطبته:"ولا يقتل مؤمن بكافرِ، ولا ذو عهد في عهده"(2).
112 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ - بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ القَتْلَ، أَوِ الفِيلَ» - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَذَا، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَاجْعَلُوهُ عَلَى الشَّكِّ الفِيلَ أَوِ القَتْلَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ الفِيلَ - وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُؤْمِنِينَ، أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، أَلَا وَإِنَّهَا
(1) أخرجه الدارقطني في "السنن" 3/ 134 - 135 (165) كتاب: الحدود والديات وغيره، وقال الدارقطني: لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث والصواب عن ربيعة عن ابن البيلماني مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة، إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله، والله أعلم. والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 30.
(2)
أخرجه أبو داود برقم (4530) كتاب: الديات، باب: أيقاد المسلم بالكافر، والنسائي 8/ 19 - 20 كتاب: القسامة، باب: القود بين الأحرار والمماليك في النفس، و 8/ 24 كتاب: القسامة، باب: سقوط القود من المسلم للكافر. وأحمد 1/ 119، 122، والبزار في "مسنده" 2/ 290 - 291 (713 - 714)، وأبو يعلى في "مسنده" 1/ 282 (338) و 1/ 424 - 425 (562)، 1/ 462 (628)، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 29 كتاب: الجراح، باب: فيمن لا قصاص بينه باختلاف الدينين.
والبغوي في "شرح السنة" 10/ 172 (2531) كتاب: القصاص، باب: لا يقتل مؤمن بكافر. من حديث علي بن أبي طالب، وأحمد 2/ 180، و 194، 211 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ القَتِيلِ ". فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ:«اكْتُبُوا لِأَبِي فُلَانٍ» . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلَّا الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِلَّا الإِذْخِرَ إِلَّا الإِذْخِرَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يُقَالُ: يُقَادُ بِالقَافِ فَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ كَتَبَ لَهُ؟ قَالَ: كَتَبَ لَهُ هَذِهِ الخُطْبَةَ.
[2434، 6880 - مسلم: 1355 - فتح: 1/ 205]
(عن يحيى): هو: ابن أبي كثير صالح بن المتوكل الطائي.
(أن خزاعة) بضم المعجمة وبالزاي حيٌّ من الأزد سميت بذلك؛ لأن الأزد لما خرجوا من مكة وتفرقوا خزعت أي: تخلفت، وأقامت بمكة. (قتلوا رجلًا) اسمه: جندب بن الأكوع الهذلي، واسم قاتله: خراش بن أمية الخزاعي، ففي قوله: قتلوا تجوز حيث عبَّر عن الواحد بالجمع. (بقتيلٍ منهم) أي: من خزاعة، واسم هذا القتيل: أحمس فأخبر بالبناء للمفعول. (راحلته) هي الناقة التي تصلح أن يرحل عليها، ويقال: هي المركوب من الإبل، ذكرًا كان أو أنثى.
(حبس عن مكة القتل) بالقاف المفتوحة والمثناة الفوقية. (أو الفيل) بالفاء المكسورة والمثناة التحتية الحيوان المشهور.
(قال محمد) في نسخة: "قال أبو عبد الله" أي: البخاري. (واجعلوه) بصيغة الأمر، أي: أنتم، وفي نسخةٍ:"وجعلوا" وفي أخرى: "وجعلوه لما بصيغة الخبر فيهما، وبضمير النصب: في ثانيتهما، أي: وجعل الرواة اللفظ على الشك، كذا قال أبو نعيم: القتل أو الفيل، أي: على الشك، فالشك من أبي نعيم وغيره أي: غير أبي
نعيم. يقول: الفيل بالفاء من غير شك، والمراد بحبس الفيل: حبس أصحابه الذين غزوا مكة به، فمنعها الله عنهم، كما أشار إليه تعالى في القرآن، وفيما قاله البخاري تلويح بأن الجمهور على رواية الفيل بالفاء من غير شك وفي نسخة: بدل (قال محمد
…
إلخ) "شك أبو عبد الله"، أي: البخاري، فالشك من البخاري نفسه.
(وسلط) بالبناء للمفعول، وهو عطف على حبس عن مكة، وفي نسخة:"وسلط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين" ببناء سلط للفاعل أي: سلط الله. (ألا) بالتخفيف: حرف تنبيه. (وإنها) بكسر الهمزة عطف على مقدر أي: ألا إن الله حبس عن مكة الفيل، (وإنها) في نسخة:"فإنهما".
(لم تحل
…
إلخ) المراد به: عدم حل القتال فيها في الزمنين ومحله كما قال النووي: في قتال بما يعم كمنجنيق إذا أمكن إصلاح الحال بدونه، وإلا فقتال أهل البغي أو طائفة تحصنت بمكة، جائز فيها، كما نصّ عليه الشافعي والجمهور (1)، وفي نسخة: بدل (ولا تحل)"ولم تحل" واستشكل بأن "لم" تقلب المضارع ماضيَا، وبعد الاستقبال، فيتنافيان، وأجيب: بأن المعنى: لم يحكم الله في الماضي بالحل في المستقبل. (ألا وأنها) أي: مكة.
(ساعتي هذه) أي: فيها. (حرام) خبر أن وهو في الأصل خبر مكة وجاز الإخبار به عنها مع أنه مذكر وهي مؤنث لأنه مصدر فيجوز الإخبار به عن المؤنث، كغيره. (لا يختلي) أي: لا يجز شوكها أي: غير المؤذي واليابس.
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 125.
(ولا يعضد) أي: لا يقطع. (شجرها) أي: غير اليابس. (إلا لمنشد) أي: لمعرف اللقطة أما طالبها فناشد فعلم أن التقاطها للتملك حرام، وهو مذهب الشافعي وغيره، وخالف الإمامان مالك وأحمد وغيرهما، فجوزوا التقاطها في الحرم، كغيره.
(فمن قتل) بالبناء للمفعول، أي:"فمن قتل له قتيل" كما في نسخة. (فهو بخير النظرين) أي: أفضلهما، وقوله: فهو راجع إلى من قتل له قتيل. (إما أن يعقل) بالبناء للمفعول أي: يعطى العقل وهو الدية. (وإما أن يقاد) بالبناء للمفعول. أي: ينقاد قاتل قتيله أي: يقتص منه، فنائب فاعل يقاد: مضمر، ونائب فاعل يعقل قاتل القتيل، وإن كان في تقريرنا ضميرًا مستترا، ففيه: إقامة الظاهر مقام المضمر مع أنه لا يحتاج مع تقريرنا إلى هذا الظاهر.
وجعل بعضهم ذلك من باب التنازع وهو صحيح، لكن مع تعسف زائد، وفي نسخة: بدل (يقاد)"يفاد" بالفاءِ أي: يعطى فداؤه وهو محمولٌ على إعطاء الدية التي لا تتحملها العاقلة، ويعقل على التي تتحملها العاقلة؛ لئلا يلزم التكرار، وفيما ذكر جواز القصاص في الحرم، وهو مذهب الشافعي، فإنكار النَّبي صلى الله عليه وسلم على خزاعة ليس لكون القصاص في الحرم بل لجواز أنهم قتلوا غير القاتل على عادة الجاهلية، وفيه بالنظر إلى الجمع بين الأحاديث: أن المستحق مخير بين أن يأخذ حقه بعينه، وأن يعفو على الدية، إذ لم يرد القصاص، وأن يعف مطلقًا وهذا لا يستلزم أن الواجب أحدهما لا بعينه، كما قال به جماعة.
(فجاء رجل من أهل اليمن) هو: أبو شاهٍ بشين معجمة وهاء منونة. (وقال: اكتب لي) أي: الخطبة التي سمعتها منك. (لأبي فلان)
أي: لأبي شاه. (فقال رجل من قريش) هو العباس بن عبد المطلب.
(إلا الإذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال، وكسر الخاءِ المعجمتين وهو نبت معروف طيب الرائحة، ونصبه على الاستثناءِ وجوز بعضهم رفعه على أنه بدل بعض مما قبله، وكأنه جعل إلا بمعنى غير.
(فإننا نجعله في بيوتنا) أي: نسقف به فوق خشبها. (وقبورنا) أي: نسد به فرج لحدها المتخللة بين اللبنات.
(فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إلا الإذخر) قاله اجتهادًا أو أوحي إليه في الحال باستثناء ذلك أو قبله بأنه إن طلب منك أحدٌ استثناء شيءٍ فاستثنه، وفي نسخة:"إلا الإذخر مرتين" فالثانية للتأكيد.
وفي الحديث والذي بعده غير ما مرَّ: جواز كتابة العلم خلافًا لمن كرهه محتجًا بخبر مسلم: "لا تكتبوا عني غير القرآن، ومن كتب غير القرآن فليمحه"(1)، قال الكرماني: وكان في ذلك خلاف ثم أجمعوا على الجواز بل على الاستحباب، وحملوا النهي على أنه في حقّ من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة، وحديث أبي شاه على من لا يوثق بحفظه أو كان النهي عند خوف الاختلاط بالقرآن وقد أمن ذلك أو النهي عن كتابة القرآن والحديث في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشبته على القارئ أو النهي للتنزيه أو منسوخ (2). وبالجملة فقد كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا حفظه لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونه، وأول من دون الحديث ابن
(1)"صحيح مسلم"(3004) كتاب: الزهد والرقائق، باب: التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم.
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 2/ 124.
شهاب الزهريّ على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز ثم أكثر التدوين ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير.
113 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ:"مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إلا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ" تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
[فتح: 1/ 206]
(سفيان) أي: ابن عيينة. (حدثنا عمرو) هو: ابن دينار المكي.
(عن أخيه) اسمه: همام بن منبه.
(أكثر حديثًا) بنصب أكثر خبر ما، وهو أفعل تفضيل، وجاز وقوع الفاصلة بينه وبين من في قوله:"منِّي"؛ لأنها ليست أجنبية وفي نسخة: "أكثر" بالرفع صفة، أحد (فما) مهملة، و (أحد) مبتدأ وخبره من أصحاب النبي.
(إلا ما كان من عبد الله بن عمرو) أي: ابن العاص وإنما قلت الرواية عنه مع كثرة ما حمله؛ لأنه سكن مصر وكان الوار دون إليها قليلًا، وأبو هريرة سكن المدنية، وهي مقصد المسلمين من كلِّ جهة، والاستثناء كما قال الكرماني يحتمل الانقطاع، أي: لكن الذي كان من عبد الله أي: الكتابة لم تكن منِّي، والخبر محذوف بقرينة باقي الكلام، ويحتمل الاتصال؛ نظرًا إلى المعنئ؛ لأن حديثًا وقع تمييزًا، والتمييز كالمحكوم عليه فكأنه قال، ما أجد حديثه أكثر من حديثي، إلا أحاديث حصلت من عبد الله (1).
(تابعه) أي: وهب بن منبه في روايته هذا الحديث. (معمر عن همام) أي: ابن منبه.
(1)"البخاري بشرح الكرماني" 2/ 125.
114 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ قَالَ: "ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ" قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ:"قُومُوا عَنِّي، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ" فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ كِتَابِهِ".
[3053، 3168، 4431، 4432، 5669، 7366 - مسلم: 1637 - فتح: 1/ 208]
(يحيى بن سليمان) أي: ابن يحيى الجعفي. (عن وهب) هو عبد الله المصري. (يونس) هو: ابن يزيد الأيلي. (عن عبيد الله بن عبد الله) أي: ابن عتبة بن مسعود.
(وجعه) أي: الذي توفى فيه. (ائتوني بكتاب) أي: بما من شأنه أنه يكتب فيه، كالكاغد وعظم الكتف، أو بأدوات كتاب: كقلم ودواة فالمراد بالكتاب: الكتابة.
(أكتب) بالجزم جواب الأمر ومعنى كتابته مع أنه أميٌّ: أنه يأمر بها، أو أنه يأتي بها؛ لأن الأميَّ من لا يحسن الكتابة لا من لا يقدر عليها، وقد ثبت في الصحيح أنه كتب بيده. (لا تضلوا) بفتح التاءِ وبالجزم، بدل من جواب الأمر، وفي نسخة:"لن تضلوا".
(حسبنا) خبر مبتدأ محذوف أي: وهو حسبنا أي: كافينا، فلا نكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشق عليه، وهذا تتمة كلام عمر، والأمر في ائتوني للإرشاد والندب، لا للوجوب. وإلا لما ساغ لعمر الاعتراض على أمر الرسول، ولما ترك الرسول الإنكار عليه.
(وكثر اللغط) بفتح اللام وبالمعجمة ساكنة، ومفتوحة، أي: الصوت، بسبب اختلاف الصحابة. (قال) في نسخة:"فقال" وفي