الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترجعوا كفارًا يضرب بعضكم.
وفي الحديث: طلب الإنصات لسماع العلم.
44 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ
.
(باب: ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس) أي: أي شخص من أشخاص الناس أعلم من غيره، وإذا شرطية فالفاء في (فيكل) داخل على الجر والجملة الشرطية بيان لما يستحب أو ظرفية ليستحب، فالفاء تفسيرية على تقدير المضارع مصدرًا أي: ما يستحب عند السؤال، هو الوكول.
122 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ؟ فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلَا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا، فَانْسَلَّ الحُوتُ مِنَ المِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا،
وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ:(أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ) قَالَ مُوسَى: (ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا) فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ، قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا العُصْفُورِ فِي البَحْرِ، فَعَمَدَ الخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ، فَنَزَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ قَالَ: لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا - فَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا -، فَانْطَلَقَا، فَإِذَا غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلَاهُ فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ؟ قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا؟ - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَهَذَا أَوْكَدُ - فَانْطَلَقَا، حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا
فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ، قَالَ الخَضِرُ: بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا، قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ " قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا".
[انظر: 74 - مسلم: 2380 - فتح: 1/ 217].
(حدثنا عمرو) هو: ابن دينار وفي نسخة: "أخبرنا عمرو".
(نَوْفًا) بفتح النون وسكون الواو وبفاءٍ منصرف وهو عربي، ولو سلمنا عجميته فمنصرف أيضًا على الأفصح لسكون وسطه، كنوح ولوط واسم أبي نوفٍ: فضالة البكاليّ بكسر الموحدة وفتحها وتخفيف الكاف، وحكي تشديدها مع فتح الموحدة، منسوب إلى بني بكال بطن من حمير. (أن موسى) أي: صاحب الخضر.
(ليس بموسى بني إسرائيل) موسى ممنوع من الصرف؛ للعلمية والعجمة، وإنما أضيف مع أنه علم لتنكيره أي: تأويله بواحد موسى آخر. نون موسى لكونه نكرة فانصرف لزوال علميته، وفي نسخة: بغير تنوين؛ لأنه علم على معين، وهو موسى بن ميشا بكسر الميم وسكون التحتية وبالشين المعجمة.
(فقال: كذب عدو الله) خرج مخرج الزجر والتحذير لا القدح في نوف؛ لأن ابن عباس قاله في حال غضبه، وألفاظ الغضب تقع على غير الحقيقة غالبًا، وتكذيبه له؛ لكونه قال غير الواقع ولا يلزم منه تعمده.
(حدثنا أُبَيُّ) في نسخة: "حدثني أبي". (فعتب الله عليه) منشأ
العتب تغير النفس، وهو مستحيل في حقه تعالى فيحمل على أنه لم يرض قوله.
(لم يرد العلم إليه) في نسخة: "لم يرد العلم إل الله" ويرد مثلث الدال، وجوز الفك أيضًا. (فأوحى الله تعالى إليه أن عبدًا) بفتح الهمزة أي: بأن وبكسرها بتقدير فقال: إن عبدًا، والمراد به: الخضر.
(بمجمع البحرين) أي: ملتقى بحري فارس والروم من جهة المشرق، أو بإفريقية. (هو أعلم منك) أي: بشيءِ مخصوص، كما يدل له كلامه بعد، ولا ريب أن موسى أفضل من الخضر، وإن قيل بنبوته لما اختص به من الرسالة وسماع كلام الله.
(قال رب) بحذف ياء النداء تخفيفًا، وفي نسخة:"يا رب" بإثباتها، وحذفت فيهما ياء المتكلم، تخفيفًا، واجتزاءً بالكسرة. (وكيف به) أي: كيف الالتقاء، والالتباس به، أي: كيف السبيل إلى لقائه. (حوتًا) أي: سمكة، وقيل: شق سمكة. (وانطلق بفتاه) في نسخة: "وانطلق معه فتاه". (في مكتل) بكسر الميم وفتح الفوقية، الزنبيل: يسع خمسة عشر صاعًا.
(فإذا فقدته) بفتح القاف، أي: الحوت. (فانطلق) أي: موسى. (يوشع) عطف بيان لفتاه، وجرَّ بالفتحة، لأنه غير منصرف؛ للعجمة والعلمية، وبالكسرة يجعله منصرفًا، قيل: وهو الأفصح.
(عند الصخرة) أي: التي عند الساحل الموعود بلقي الخضر عنده. (وناما) في نسخة: "فناما" بالفاءِ. (سربًا) أي: ذهابًا، وزاد في سورة الكهف "فأمسك الله عن الحوت جريه الماء فصار عليه مثل الطاق"(1).
(وكان) أي: ما ذكر من إحياء الحوت المملوح وإمساك جريه الماء حتَّى صار مسلكًا. (بقية ليلتهما ويومها) بجر (يومهما) عطف على (بقية) قال شيخنا: ونبه بعض الحذاق على أنه مقلوب، وأن الصواب: بقية يومها وليلتهما (2)، قلت: وهو ما رواه البخاري في التفسير.
(غداءنا) بفتح الغين المعجمة، وبالمدِّ: الطعام الذي يؤكلُ أول النهار. (نصبًا) أي: تعبا لَحِقَهُ؛ ليذكر به نسيان الحوت، ولهذا لم يلحقه قبل ذلك.
(مسًّا) في نسخة: "شيئًا". (فقال له) في نسخة: "قال له". (أرأيت) أي: أخبرني، كما. (فإني نسيت الحوت) أي: فقدته، أو نسيت ذكره، وزاد في نسخة:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إلا الشَّيْطَانُ} ". (قال موسى ذلك) أي: أمر الحوت. ({مَا كُنَّا نَبْغِ}) أي: نطلبه؛ لأنه علامة وجدان المطلوب.
({قصصًا}) بالنصب بمقدر أي: يقصان قصصًا. (رجل) مبتدأ. (مُسجَّى)(3) أي: مغطّى، كما يغطى الميت، وهو خبر المبتدأ، أو صفة له، والخبر محذوف أي: نائم.
(1) سيأتي برقم (4725) كتاب: التفسير، باب:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} .
(2)
"فتح الباري" 1/ 220.
(3)
يقال: سجَّى الميت: غطاه، وسَجَّى: تغطى انظر مادة (سجى) في: "اللسان" 4/ 1948 و"القاموس"(1293).
(وأنَّي بأرضك السلام؟) أي: من أين السلام في هذه الأرض التي لا يعرف فيها السلام؟ (فقال أنا) في نسخة: "قال أنا"(موسى بني إسرائيل) خبر مبتدأ محذوف أي أنت موسى؟
(علمك الله) في نسخة: "علمكه الله"(1)(فكلموهم) أي: فكلم موسى والخضر، ويوشع أصحاب السفينة (أن يحملوهما) أي موسى والخضر وترك يوشع لأنه تابع، وإلا فهو محول أيضًا، كما ذكر في نسخة بلفظ:"فحملوهم" وهو نظير قوله تعالى: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: من الآية 117](2).
(بغير نول) أي: أجر، ويقال فيه: نوال أيضًا. (عصفور) بضمِّ أوَّله وحكي فتحه، قيل: سمي به؛ لأنه عصى وفرَّ. (ما نقص إلخ) ليس المراد من التشبيه أن علم الله نقص لاستحالة نقصه، بل هو تقريب إلى الأفهام، وقيل:(نَقَصَ) بمعنى أخذ، لأن النقص أخذ خاص، وقيل:(إلا) بمعنى: ولا (3) أي: ما نقص علمي وعلمك، ولا ما أخذ هذا العصفور شيئًا من علم الله؛ لأن علم الله لا ينقص بحال، وقيل: العلم هنا بمعنى: المعلوم، كما في:{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة:
(1) فيكون الفعل علم قد اتصل به ضميران: الكاف للخطاب، والهاء للغيبة.
(2)
حيث الشقاء لهما، كما الخروج لهما، لكنه خاطب به آدم وحده.
(3)
(إلا) حرف بابه الاستثناء. وقد ذهب بعض النحويين إلى أنها تكون حرف عطف أيضًا. ونُسب هذا القول إلى الأخفش والفراء وأحمد بن يحيى وأبي عبيدة والكوفيين. وقد جعلها الأخفش عاطفة في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} ومذهبُ الجمهور ردُّ هذا القول. وقالوا: إن إلا حرف استثناء واحتجوا بأنها تلى العوامل، وليس شيء من حروف العطف كذلك.
255] ولولا ذلك لما صحَّ التبعيض في قوله: (من علم الله) لأن الصفة القديمة لا يدخلها تبعيض.
(فعمد) بفتح الميم. (فنزعه) أي: بفأس. (لتغرق) بضم الفوقية، وكسر الراءِ. (أهلها)(1) بالنصب على المفعولية، وفي نسخة:"ليغرق أهلها" بفتح التحتية والراء، ورفع أهلها على الفاعلية.
(بما نسيت) زاد في نسخة: "ولا ترهقني من أمري عسرًا".
(فكانت الأولى) أي: المسألة الأولى. (نسيانًا)[خبر كان](2) وفي نسخة: "نسيان" بالرفع بجعل اسم كان ضمير الشان، وما بعدها مبتدأ وخبر (3)، أو بجعل كان تامة، أو زائدة (4). (فانطلقا) أي: بعد خروجهما من السفينة. (فإذا غلام) هو اسم للمولود إلى أن يبلغ. (أقتلت نفسًا) الاستفهام فيه استفهام تقرير. (وهذا أوكد) أي: لزيادة لك. (حتَّى
(1) يلاحظ أن موسى نسي نفسه هنا، بدليل قوله: لتغرق أهلها، ولم يقل: لتغرقنا، والجدير بأن ينهمك بامر نفسه وما هو مقدمّ عليه من سوء المصير، وإنما حمله على الإنكار الحمية للحق، فنسي نفسه واشتغل بغيره في الحالة التي يقول فيها كل واحد: نفسي نفسي.
(2)
من (م).
(3)
ومن ذلك قولهم: زيد كان أبوه منطلق، فأبوه مبتدأ، ومنطلق خبره، وجملة: أبوه منطلق خبر كان واسمها مضمر فيها. ومما جاء ذلك ما استشهد به سيبويه من قول الشاعر:
إذا ما المرء كان أبوه عَبْسُ
…
فحسبُك ما تريد إلى الكلام
ومنه أيضًا قول أبي تمام:
من كان مَرْعى عزمه وهمومه
…
روض الأماني لم يزل مهزولا
(4)
جعلها زائدة أضعف الأقوال؛ لأن هذا الموضع ليس من مواضع زيادتها.
أتيا) في نسخة: "حتَّى إذا أتيا". (أهل قرية) هي أنطاكية (1) وقيل: ناصرة (2)، وقيل أُبُلَّة (3) بضم الهمزة والموحدة، وتشديد اللام المفتوحة وهي مدينة قرب بصرة وعبادان، وقيل: غير ذلك. (يريد) أي: يشرف؛ لأن الجدار لا إرادة له (4). (قال الخضر بيده) أي: أشار بها، وفيه: إطلاق القول على الفعل، وفي نسخة:"فمسحه بيده". (فأقامه) أي: بيده، وقيل: نقضه وبناه، وقيل بعمود عمده به، وفي نسخة:"يريد أن ينقص فأقامه". (فقال موسى) في نسخة: "فقال له موسى". (لو شئت) إنما قال موسى ذلك؛ لأنه في محلِّ اضطرار للتطعم، فاقتضى أن يكتسب لذلك بأخذ الأجرة.
(لاتَّخَذْت) بهمزة وصل وتشديد التاءِ من اتّخذ كاتبع، وفي نسخة:"لَتَخذت" أي: لأخذت. (هذا فراق) الإشارة فيه إشارة إلى الفراق الموعود بقوله: (فلا تصاحبني) أو إلى السؤال الثالث أي: هذا الاعتراض سبب الفراق، أو إلى الوقت أي: هذا الوقت وقت الفراق.
(1) هي بلد عظيم ذو سور وفيصل، ولسوره ثلاثمائة وستون برجًا، وشكل البلد كنصف دائرة، قطرها يتصل بجبل، انظر:"معجم البلدان" 1/ 266 - 270.
(2)
ناصرة: قرية بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلًا، فيها كان مولد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.
انظر: "معجم البلدان" 5/ 251.
(3)
الأبلة: بلدة على شاطيء دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة. انظر:"معجم البلدان" 1/ 76 - 77.
(4)
وهذا على سبيل الاستعارة المكنية، حيث اسُتعيرت الإدارة للمشارفة والمداناة. ويجوز أن يكون مجازًا عقليًّا وشبيه به قول حسان بن ثابت:
إن دهرًا يلفُّ شملي بجمل
…
لزمان يهمُّ بالإحسان