الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشهورة: ({أُوتِيتُمْ}) والخطاب فيهما عام، وقيل: لليهود (1)({إلا قَلِيلًا}) استثناء العلم أي: إلا علمًا قليلًا، أو من إلا إيتاء، أي إلا إيتاءً قليلًا، أو من الضمير أي: إلا قليلًا منكم.
وفي الحديث: أن من العلم أشياء لم يُطُلِعِ الله عليها نبيًّا ولا غيره.
48 - بَابُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ
.
126 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ، كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ لَوْلَا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - بِكُفْرٍ، لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ " فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
[1583، 1584، 1585، 1586، 3368، 4484، 7243 - مسلم: 133 - فتح: 1/ 224]
(باب: من ترك بعض الاختيار) أي: بعض الشيء المختار. (مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا) بالنصب بحذف النون عطف على (يقصر). (في أشد منه) أي: من ترك الاختيار، [وفي نسخة:"في أشر منه" بالراء] (2) وفي أخرى: "شرٍّ منه" بالراءِ وحذف الهمزة.
(1) روى ذلك الترمذي (3140) كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة بني إسرائيل، وابن أبي عاصم في "السنة"(595). وصححه الألباني.
(2)
من (م).
(عبيد الله بن موسى) أي: العبسي. (عن إسرائيل) هو ابن يونس. (عن أبي إسحق) أي: السبيعي بفتح المهملة، وكسر الموحدة؛ نسبة إلى سبيع بن سبع. (الأسود) هو يزيد بن قيس النخعي. (ابن الزبير) اسمه: عبد الله.
(تسرُّ إليك كثيرًا) في نسخة: "تسر إليك حديثًا كثيرًا". (في الكعبة) أي: في شأنها، وسميت بذلك من الكعوب: وهو النشوز؛ لأنها ناشزة في الأرض، أو من التربيع؛ لأنها مربعة (1).
(قلت) في نسخة: "فقلت". (لولا قومك حديث عهدهم) بتنوين حديث، خبر عن (قومك)، وبرفع (عهدهم) فاعل بـ (حديث)؛ لأنه صفة مشبهة والخبر بعد (لولا) وإن كان حذفه واجبًا محلُّه إذا كان كونًا عامًّا، أما الخاص فيذكر، كما هنا (2)، وفي نسخة:"لولا أن قومك". (قال)
(1) سميت الكعبة بذلك لنُتُوئها، وقيل لارتفاعها وتربيعها، والكعبة: البيت المزبع. وجمعه كِعَابُ.
(2)
هذا الحديث يستشهد به النجاة على ثبوت الخبر بعد (لولا) حيث اختلف النجاة في خبر المبتدأ الواقع بعد (لولا) على قولين: أحدهما -لجمهور النجاة: أن الخبر محذوف وجوبًا، ولا يكون إلا كونًا مطلقًا ولذلك يجب عندهم أن يقال: لولا زيد لأكرمتك، ولا يقال: لولا زيدُ قائم لأكرمتك. الثاني- للرماني وابن الشجري والشلوبين وابن مالك: أن الخبر بعد (لولا) ليس واجب الحذف على الإطلاق بل فيه تفضيل على ثلاثة أوجه.
الأول- أنه إذا كان كونًا مطلقًا وجب حذفه نحو: لولا زيد لأكرمتك.
الثاني- أنه إذا كان كونًا مقيدًا ولا دليل يدل عليه وجب إثباته، ومنه هذا الحديث:"لولا قومك حديث عهدهم".
الثالث- أنه إذا كان كونا مقيد وله دليل يدل عليه جاز إثباته وحذفه نحو:
في نسخة: "فقال". (ابن الزبير بكفر) أي: زاد في روايته (بكفر) فالجملة معترضة بين طرفيها (1). (باب يدخل الناس) أي: منه. (وباب يخرجون) أي: منه، وفي نسخة: بإثبات "منه" في الثاني، وفي أخرى:"بابًا" بالنصب في الموضعين على البدلية مما قبلهما، أو البيان له. (ففعله) أي: ما ذكر من النقض وجعل البابين.
(ابن الزبير) هذه الرابعة من بناء البيت: بنته الملائكة، ثم إبراهيم، ثم قريش في الجاهلية، ثم الرابعة بنية ابن الزبير هذه، ثم الخامسة بنية الحجاج، واستمرَّ. وقد تضمن الحديث معنى ما ترجم له؛ لأن قريشًا كانت تعظم أمر الكعبة فخشي النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يظن؛ لأجل قرب عهدهم بالإسلام. أنه غيَّر بناءها، لينفرد بالفخر عليهم.
وفي الحديث -كما قال النووي: دليل لقواعد منها: إذا تعارض مصلحة ومفسدة، بُدِيءَ بالأهم من فعل المصلحة وترك المفسدة؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم ترك مصلحة خوف فتنة بعض من أسلم، ومنها فكرُ وليِّ الأمر في مصالحِ رعيتهِ، واجتنابُ ما فيه ضررٌ عليه في دين أو دنيا، إلَّا الأمور الشرعيةِ، كأخذِ الزكاةِ، وإقامةِ الحدودِ. ومنها تألفُ قلوبهمِ (2).
لولا أنصار زيد لهلك. ومما جاء على ثبوت الخبر قول المعري:
فلولا الغمد يُمسكه لسالا
…
يُذيب الرعب منه كل عضب
وكلام المصنف يظهر اختياره مذهب أصحاب القول الثاني.
(1)
أي بين طرفى (لولا)، يعني جواب (لولا) وما بعدها.
(2)
"صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 89.