الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو ابن يزيد بن مشكان الأَيليّ بفتح الهمزة.
(ومَعْمَر) بفتح الميمين وسكون العين: أبو عروة بن أبي عمرو بن راشد الأزديُّ الحرانيُّ (بَوَادِرُه) جمع بادرة: وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق، تضطرب عند فزع الإنسان أي: وقال يونس ومعمر في الحديث بدل (يرجف فؤاده)(ترجف بوادره). وفائدة المتابعة: التقوية؛ ولهذا تقع برواية من لا يحتج بحديثه منفردًا.
4 - باب
5 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} [القيامة: 16] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُهُمَا. وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا، فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)} [القيامة: 16 - 17] قَالَ: جَمْعُهُ لَكَ فِي صَدْرِكَ، وَتَقْرَأَهُ:{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} [القيامة: 18] قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 19] ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَرَأَهُ.
[4927، 4928، 4929، 5044، 7524 - مسلم: 448 - فتح: 1/ 29]
(حدثنا) في نسخة: "أخبرنا"(موسى بن إسماعيل) هو أبو سلمة المنقريُّ بكسر الميم وفتح القاف نسبة إلى مِنْقَر أبي عبيد. (أبو عوانة) هو الوضاح بن عبد الله اليَشْكُري بفتح التحتية وضم الكاف. (موسى بن
أبي عائشة) هو أبو الحسن الكوفيُّ الهمدانيُّ بإسكان الميم. (سعيد بن جُبَيْر) بضم الجيم وفتح الموحدة، ابن هشام الكوفيُّ الأسديُّ.
(يعالج) أي: لعظم ما يلقاه من القول الثقيل. (شدة) مفعول به ليعالج أو مفعول مطلق أي: معالجة شديدة. (وكان مما يحرك شفتيه) أي: وكان العلاج ناشئًا من تحريك النبيّ صلى الله عليه وسلم شفتيه، فمن متعلقة بخبر كان محذوفًا وما مصدرية أو المعنى: وكان النبيُّ مما يحرك شفتيه بجعل الضمير في كان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، و (ما) بمعنى: من، وكان في مثل ذلك تفيد التكرر والاستمرار. (فأنا أحركها) تقديم أنا على الفعل يشعر بتقوية الفعل، ووقوعه لا محال. (لك) في نسخة:"لكم".
(كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركها) لم يقل فيه، كما قال في الذي بعده (كما رأيت عباس)؛ لأن ابن عباس لم يدرك ذلك، بل صح عنده أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك؛ لأنه لم يكن وُلِدَ أَوَّلَ البعثة.
وقوله: (يحركهما) لا ينافي مفهوم قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} من أنه كان يحرك لسانه لا شفتيه لتلازم التحريكين غالبًا؛ أو لأنه كان يحرك الفم المشتمل على اللسان والشفتين، فيصدق على التحريكين وهذا الحديث يسمى بالمسلسل بتحريك الشفتين، لكن في طبقة الصحابة والتابعين لا في من بعدهم، وفيه: أنه يُسَنُّ للمُعَلِّمِ أَنْ يُرِيَ المُتَعَلِّمَ صورةَ الفعل إذا كان فيه زيادة بيان على ذكره بالقول. (فأنزل الله) عطف على كان يعالج فقوله: قال ابن عباس إلى آخره اعتراض بالفاء، كما في قول الشاعر:
واعْلَمْ فَعِلْمُ المَرْءِ يَنْفَعُهُ
…
أنْ سَوْفَ يَأتى كُلَّمَا قدرَا
(وقرآنه) أي: قراءته. (قال) أي: ابن عباس في تفسيره لجَمْعُه الواقع في الآية أن المَعْنَى به: (جَمْعُهُ لك في صدرك) بسكون الميم
وضم العين مصدرًا أي: إنَّ علينا أن نجمعه لك، وفي نسخة:"جَمَعَهُ لك صدرك" صلى الله عليه وسلم بحذف (في) فصدرك فاعل و (جَمَعَهُ) وفي أخرى: "جَمَعَهُ" بفتح الميم والعين فعل، وإسناد الجمع للصدر في هاتين الروايتين مجاز بملابسة الظرفية؛ إذ الصدر ظرف الجمع فيكون مثل أنبت الربيعُ البقل.
(وَتَقرَأَهُ) عطف على جمعه، أي: أن نجمعه لك، أو أن يجمعه لك صدرك، وأن تقرأ، والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم كان يحرك شفتيه بما يسمعه من جبريل قبل إتمامه؛ استعجالًا لحفظه واعتناءً بتلقيه، فقيل له:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ} أي: بالقرآن {لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} في صدرك، وفي معناه قوله:{وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} ({فَإِذَا قَرَأْنَاهُ}) أي: فإذا فرغ جبريل من قرآته {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال أي: ابن عباس: معناه (فاستمع له) وسقط من نسخةٍ قال. (وأَنْصِتْ) بهمزة قطعٍ مفتوحة من أَنْصَتَ وقد تكسر من نَصَتَ وتحذف في الدرج، ومفاده مفاد استمع فعطفه عليه عطف تفسير.
والاستماع افتعال يقتضي تعرفًا؛ لأنه إصغاء بقصد السماع، فهو أبلغ من السماع نحو: كسب واكتسب، ولهذا قال تعالى:{لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} بلفظ: الاكتساب في الشر، إذ لا بد فيه من السعي، بخلاف الخير {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)}) معناه عند ابن عباس:(ثمَّ إنَّ علينا أنْ تقرأَهُ)، وعنَد غيرِه: بيانُ ما أشكلَ عليكَ منْ معاِنيْه. وفي تَصْدِيرِ ذلكَ بثمَّ المفيدة للتراخي (1) دليلٌ على جوازِ تأخير البيان عنْ وقت الخطابِ وهوَ الراجحُ. (قرأَهُ النبيُّ) أيْ: قَرَأَ القُرْآنَ،
(1) هذا على رأي جمهور النحاة في أن (ثُمَّ) تفيد الترتيب والتراخي، وذهب بعضهم إلى أن (ثُمَّ) لا تقتضي الترتيب والتراخي، بل إنها قد تكون بمعنى الواو.