الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخافض، ويجر؛ بتقدير مضاف، أي: ملء يدها. (فوق رأسها) ظرف لمحذوف، أي: صابَّةً، أو تصبُّ فوق لا لـ (أخذت) لفساده. (ثُمَّ تأخذ بيدها) في نسخة:"يدها" بدون باء الجارِّ، فتنصب بنزع الخافض، وَتجر نظير ما مرَّ. (وبيدها الأخرى علي شقها الأيسر) أي: من الرأس في الشقين. لا الأيمن والأيسر من الشخص. وبذلك يحصل المطابقة بين الحديث والترجمة، وظاهر ذلك: أن الصبَّ بيد واحدة، لكن العادة إنما هي الصبُّ باليدين معًا، فيحمل اليد على الجنس الصادق عليهما. وللحديث حكم الرفع؛ لأن الصحابيَّ إذا قال: كما نفعل فالظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم علي ذلك وتقريره عليه (1).
بسم الله الرحمن الرحيم
20 - بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ
وَقَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ".
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ساقط من نسخة.
(باب: من اغتسل عريانًا وحده في الخلوة) في نسخةٍ: "في خلوة" أي: من الناس، وهذا تأكيد لقوله:(وحده) لتلازمهما في المعنى. وكشف العورة للخلوة جائزٌ؛ للحاجة ولغيرها حرام على الأصحِّ،
(1) انظر: "علوم الحديث" النوع الثامن: معرفة المقطوع ص 47. و"المقنع في علوم الحديث" النوع الثامن: المقطوع ص 116 - 125.
وعليه يحمل خبر أبي داود: "إذا اغتسل أحدكم فليستتر"(1).
(ومن تستر) عطفٌ على (من اغتسل) وفي نسخة: "ومن ستر". (فالتستر) في نسخة: "والتستر". (أفضل) أي: من الكشف.
(وقال بهز) زاد في نسخةٍ: "ابن حكيم". (عن أبيه) حكيم. (عن جده) أي: معاوية الصحابي.
(الله أحقُّ أن يستحيا منه) في نسخة: "الله أحق أن يستتر منه".
(من الناس) متعلِّقٌ بأحقِّ.
278 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلا أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ، يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ، وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبًا " فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالحَجَرِ، سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، ضَرْبًا بِالحَجَرِ.
[3404، 4799 - مسلم: 339 - فتح: 1/ 385]
(إسحق بن نصر) نسبه هنا إلى جَدِّه، وفي محل آخر إلى أبيه إبراهيم. (عبد الرزاق) أي: ابن همَّام.
(كانت بنو إسرائيل) أنث (كانت) على رأي من يؤنث المجموع مطلقًا، ولو كان جمع سالم المذكر، كما هنا، وإن كان بنون جمع سلامة على خلاف القياس؛ لتغير مفرده، وأما على رأي من يقول: كلُّ
(1)"سنن أبي داود"(4012) كتاب: الحمام، باب: النهي عن التعري. وقال الألباني رحمه الله في "صحيح أبي داود": صحيح.
جمعٍ مؤنثٌ إلا جمع السلامة المذكر؛ فلتأويله بالقبيلة؛ أو لأنه جاء على خلاف القياس.
(ينظر بعضهم إلى بعض) إما لجوازه في شرعه، وموسى عليه السلام بختار الخلوة حياءً ومروءةً؛ أو لتساهلهم به مع كونه حرامًا. (وكان موسى) في نسخة:"موسى صلى الله عليه وسلم"، وفي أخرى:"موسَى عليه السلام". (أن يغتسلَ معنا) أي: عريانًا. (آدر) بمدِّ الهمزة وفتح المهملة، أي: عظيم الخصيتين منتفخهما.
(فذهب مرة يغتسل) أي: ليغتسل. (على حجر) قيل: هو الحجر الذي كان يحمله معه في الأسفار فيضربه فيتفجر منه الماء. (فخرج) في نسخةٍ: "فجَمَح" أي: أسرع، وجرى أشد الجري. (في إثره) بفتح الهمزة والمثلثة، وبكسرها وسكون المثلثة. (ثوبي) مفعول فعل محذوف، أي: رُدّ. (يا حجر) نزَّله منزلةَ من يعقل لِفِعْلهِ فِعْلَهُ فناداه. (فقالوا) في نسخةٍ: "وقالوا". (ما) بمعنَى: ليس. (بموسَى) خبرها. (من بأسِ) اسمها، ومن زائدة. (فطفق) بكسر الفاءِ وفتحها، وفي نسخة:"وطفق" أي شرع.
(بالحجر ضربًا) في نسخة: "فطفق يضرب الحجر ضربًا". (فقال أَبو هريرة) هو من تتمة كلام همَّام، فيكون مسندًا. أو من كلام البخاريِّ فيكون تعليقًا، وبالأول جزم شيخنا (1). وفي نسخة:"قال أَبو هريرة" بلا فاء. (لندب) بفتح النون والدال المهملة، أي: أثر. (ستة) أي: ستة آثار، وهو مرفوعٌ، بدل أو خبر لمبتدأ محذوف؛ أو منصوب تمييز أو حال من الضمير المستتر في الحجر. (أو سبعةٌ) شكٌّ من
(1) انظر: "الفتح" 1/ 386.
الراوي. (ضربًا) تمييز.
قال النووي: يجوز أن يكون موسَى أراد بضرب الحجر، إظهار المعجزة لقومه بأثر الضرب في الحجر، أو أنه أوحي إليه بذلك، ومشي الحجر بالثوب معجزة أخرى (1).
وفيه: ما ابتلي به الأنبياء من أذى الجهال، وصبرهم عليه، ونزاهتهم عن نقص الخلْقِ والخُلُق.
279 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ " وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا".
[3391، 7493 - فتح: 1/ 387]
(وعن أبي هريرة) هو تعليقٌ أيضًا، إلا أنه بصيغة التمريض، كذا قال الكرمانيُّ (2).
(بينا) أصله: بين أشبعت فتحته ألفًا، والعامل فيه جوابه، وهو قوله بعد:(فخَرَّ) ولا يضر وقوعه بعد الفاءِ؛ لأنَّ المعتمد أن ما بعدها يعمل فيما قبلها؛ ولأن الظرف يتوسع فيه، وإنما لم يؤت بإذا أو بإذ الفجائية، لقيام الفاءِ مقام كلٍّ منهما، كعكسه في قوله:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} الآية [الروم: 36]. (أيوب) أي: النبي المبتلى، واسمه أعجميٌّ.
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 4/ 33.
(2)
"البخاري بشرح الكرماني" 1/ 142.
(جراد من ذهب) الجراد معروف وهو مما يفرق فيه بين الجنس والواحد بالتاء، كتمرة وتمر، فالجراد، كما في "الصحاح" تقع على الذكر والأنثى وليس الجراد بذكر للجرادة؛ إنما هو اسم جنس، كالبقر والبقرة، والتمر والتمرة، والحمام والحمامة، وسمي جرادًا، لأنه يجرد الأرض فيأكل ما عليها (1).
(يحتثي)[بحاءٍ مهملة ساكنة وفوقية مفتوحة ومثلثة، أي: يأخذ بيده ويرمي في](2) ثوبه. (بلَى) أي: أغنيتني، ولو قيل: نعم لم يجز؛ لأنه كفرٌ، والفرق بينهما: أن (بلى) مختصة بإيجاب النفي [ونعم مقررة](3) لما سبقها، وإنما لم يفرق الفقهاء بينهما في الإقرار؛ لأنه مبنيٌّ على العرف. (لا غنى بي عن بركتك) أي: خيرك، و (غنى) بغير تنوين بُنيَ على أنَّ (لا) لنفي الجنس، وبالتنوين معربُ على أنَّ (لا) بمعنى: ليس ولكن الأول: نص في الاستغراق، والثاني: ظاهر فيه، وخبر لا: يجوز أن يكون: (عن بركتك).
وفي الحديث: فضل الغنى على الفقر؛ لأنه سماه بركة. وجواز الاغتسال عريانًا، لأنه تعالى لم يعاتب أيوب عليه، وعاتبه على جمع الجراد.
(ورواه إبراهيم) أي: ابن طهمان. (عن صفوان) أي: ابن سليم. (قال: بينا أيوب يغتسل عريانًا) في نسخة: "بينا أيوب" بدون (قال) وهو بدلٌ من ضمير (رواه إبراهيم) السابق في كلامه. قال الكرماني: ولعله إنما أخَّر الإسناد عن المتن؛ لأن له طريقًا آخر، وتركه وذكر الحديث؛
(1) انظر: مادة (جرد) في "الصحاح" 2/ 456.
(2)
من (م).
(3)
من (م).