الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 - بَابٌ: أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ
(باب: أداء الخمس من الإيمان) في باب ما مرَّ في نظائره، و (الخمس) بضم المعجمة، والميم من خمست القوم، أخمسهم، بضم الميم إذا أخذت منهم خمس أموالهم، وأمَّا خمستهم أخمسهم بكسرها فمعناه: إذا كنت خامسهم، أو كفلتهم خمسة بنفسك.
53 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ يُجْلِسُنِي عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي حَتَّى أَجْعَلَ لَكَ سَهْمًا مِنْ مَالِي فَأَقَمْتُ مَعَهُ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنِ القَوْمُ؟ - أَوْ مَنِ الوَفْدُ؟ -" قَالُوا: رَبِيعَةُ. قَالَ: "مَرْحَبًا بِالقَوْمِ، أَوْ بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى"، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيكَ إلا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ، نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلْ بِهِ الجَنَّةَ، وَسَأَلُوهُ عَنِ الأَشْرِبَةِ: فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، أَمَرَهُمْ: بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، قَالَ:"أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ" قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ المَغْنَمِ الخُمُسَ" وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ"، وَرُبَّمَا قَالَ: "المُقَيَّرِ" وَقَالَ: "احْفَظُوهُنَّ وَأَخْبِرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ" [87، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556 - مسلم: 17 - فتح: 1/ 129).
(عليُّ بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين: ابن عبيد الجوهري. (عن أبي جمرة) بالجيم والراء واسمه: نصر بن عمران الضبعيُّ بضم المعجمة وفتح الموحدة.
(كنت أقعد) أتى بالثاني مضارعًا لحكايةِ الحال الماضية؛
استحضارًا لتلك الصورة للحاضرين. (مع ابن عبَّاس) أي: عنده في زمن [ولايته البصرة من قبل](1) ولاية عليّ بن أبي طالبٍ. (يجلسني) حالٌ، وفي نسخة:"فيجلسني" أي: يرفعني على السرير بعد أن أقعد على غيره، ومن ثَمَّ عُطف على أقعد. (سريره) جمع له أسره وسُررٌ بضمتين، وحُكي فتحُ الرَّاءِ، سمي بذلك؛ لأنَّه مجلس السرور. (أقم عندي) أي: توطَّنْ لتساعدَني بالترجمة عند الأعجميِّ وله أو لتبلغ من لم يسمع. (سهمًا) أي: نصيبًا. (فأقمت معه) أي: عِنْدَه بمكة عبَّر بالمعية المشعرةِ بالمصاحبة؛ مبالغةً. (وفد عبد القيس) كانوا أربعة عشر راكبًا، كبيرهمُ: الأشج، وقيل: أربعين. (أو من الوفد) الشك من أحد الرواةِ. قال شيخُنا: وأظنُّه شعبةً (2).
(قالوا: ربيعة) أي: ابن نزار بن معد بن عدنان، وإنمَّا قالوا: ربيعة لأنَّ عبد القيس من أولاده، وعبَّر عن البعض بالكلِّ؛ لأنهم بعض ربيعة بقرينة قوله في الصلاة: فقالوا: إنَّ هذا الحيَّ من ربيعة (3). (مرحبًا) نصب على المصدر بعامل محذوف وجوبًا أي: صادفت رحبًا؛ أي: سعة فاستأنس، ولا تستوحش. (غير) بالنصب حال من القوم. (أو الوفد) بالجر بدل منه، أو صفة له بجعل (ال) فيهم للجنس. (خزايا) بفتح المعجمة والزايِّ، جمعُ خزيان، كسكارى وسكران، والخزيان: المستحي، وقيل الذليل، وقيل: المفتضح، والمعنى: غير مستحيين لقدومكم بدون حرب يوجب استحياؤكم.
(ندامى) جمع ندمان أي: منادم في اللهو، وقيل: جمع نادم،
(1) من (م).
(2)
"الفتح" 1/ 130.
(3)
سيأتي برقم (523) كتاب: مواقيت الصلاة، باب:{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ} .
وكان قياسه نادمين، لكنه جمع على ندامى لمناسبة خزايا تحسينًا، كما في لا دريت ولا تليت، والقياس: ولا تلوت. (في هذا الشهر الحرام)، المراد: الجنس، فيشمل الأربعة الحرم، أو العهد والمراد: شهر رجب، كما صرَّح به البيهقي (1)، وسمّي حرامًا لحرمة القتال فيه، وفي نسخةٍ:"إلا في شهر الحرام" من إضافة العام إلى الخاص، كخاتم فضة. (الحي) هو منزل القبيلة، ثم سميت به اتساعًا؛ لأنَّ بعضهم يحيى ببعض. (مضر) بضم الميم، وفتح المعجمة، غير منصرف للعملية والتأنيث هو ابن نزار بن معد بن عدنان.
(بأمرٍ) واحد الأوامر وهو القول الطالب للفعل، أو واحد الأمور، وهو الشأن. (فصلٍ) أي: فاصل، كعدل بمعنى: عادل. أي: يفصل بين الحقِّ والباطل، أو مفصَّل أي: واضح يتضح به المراد. (نخبر) بالجزم، جوابًا للأمر، وبالرفع صفة لأمرٍ. (من وراءنا) أي: من قومنا، أو من البلاد البعيدة، أو الأزمنة المستقبلة، ويروى بكسر ميم من [جارة](2) لـ (وائنا).
(وندخل) فيه الوجهان في (نخبر) وروي بحذف الواو، وعليه يتعين الرفع على الاستئناف. (عن الأشربة) أي: عن ظروفها، أو عن الأشربة التي تكون في الأواني المختلفة. (بأربع) أي: بخصال أربع.
(أمرهم بالإيمان) تفسير لقوله: (فأمرهم بأربع) ومن ثمَّ حذف العاطف.
(شهادة) بالجرّ بدل من الإيمان المجرور، وبالرفع خبر مبتدأ
(1)"سنن البيهقي" 6/ 303 كتاب: قسم الفيء، باب: بيان مصروف خمس الخمس.
(2)
من (م).
محذوف، وفيه: دليل على اتحاد الإيمان والإسلام عنده؛ لأنَّه فسَّر الإسلام فيما مرَّ بما فسَّر الإيمان هنا. (وأن تعطوا) أتى بالمصدر مؤولًا لا صريحًا؛ للإشعار بالتجدد، بخلاف بقية الأركان فإنها كانت ثابتة.
(من المغنم) أي: من الغنيمة؛ لأنَّ خمسها يخمس وأربعة أخماسها للغانمين، واستشكل قوله:(أمرهم بأربع) مع [إنه](1) ذكر خمسة، وأجيب: أنه لم يجعل الشهادة بالتوحيد وبالرسالة من الأربع لعلمهم بها دون البقية، وبأن قوله وأن تعطوا عطف على أربع، وتعقبه الكرمانيُّ بأنه ليس بصحيح؛ لأنَّ البخاريَّ عقد الباب على أنَّ أداء الخمس من الإيمان. فلا بد أن يكون داخلًا تحت أجزاء الإيمان؛ لاقتضاء أحرف العطف ذلك (2)، والأول أن يأتي على قراءة شهادة بالرفع لا بالجرِّ.
(عن الحنتم) هو بفتح المهملة وسكون النون، وفتح الفوقية، الجرار الخضر، أو الجرار مطلقًا، أو جرار مقيرات الأجواف أي: مطلية بما يسد مسام الخزف.
(والدباء) بضم الدال وتشديد الموحدة، القرع أي: وعاء اليقطين اليابس. (والنقير) بفتح النون وكسر القاف، جذع ينقر وسطه وينتبذ فيه. (المزفَّت) بتشديد الفاء ماطُلِيَ بالزفت. (وربما قال) أي: ابن عباس، (المقُيَّر) بدل (المزفت) والمراد بالجميع: الأوعية، والنهي عن الانتباذ فيها؛ لأنَّ الشراب فيها يسرع إليه التخمر فيصير مسكرًا من غير شعور به.
(1) من (م).
(2)
"صحيح البُخاريّ بشرح الكرماني" 1/ 209.