الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في العبادة، والمعنى: إن لم تستطيعوا العمل بالأكمل، فاعملوا بما يقرب منه.
(وأبشروا) بقطع الهمزة، وكسر الشين من الإبشار، ويجوز لغة وصل الهمزة وضمُّ الشين من البشر، بمعنى الإبشار أي: أبشروا بالثواب على العمل، وإن قل وترك المبشر به للتنبيه على تعظيمه وتفخيمه. (بالغدوة) بضم الغين، وقيل: بفتحها: ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس. (والروحة) بفتح الراء: ما بين الزوال وغروب الشمس، وقد يقال لما قبل الزوال أيضًا. (الدُّلْجة) بضم الدال المهملة، وسكون اللام: سير آخر الليل، أو الليل كلّه، أما الدَّلجة بالفتح فسير أول الليل.
واستعار في الحديث الأوقات الثلاثة، لأوقات النشاط وفراغ القلب للطاعة؛ لأنها أطيب أوقات المسافر، فكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرًا إلى مقصده، فنبهه على أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع. وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنه المداومة من غير مشقة.
30 - باب الصَّلاةُ مِنَ الإِيمَانِ
.
وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ.
(باب) ساقط من نسخة. (الصلاة من الإيمان) مبتدأ وخبر. (وقول الله) بالجرِّ والرفع نظير ما مرَّ في الباب قبله. (تعالى) في نسخةٍ: "عز وجل". (يعني صلاتكم) بمكة (عند البيت) أي: الحرام، متوجهين إلى بيت المقدس.
40 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إسحق، عَنِ البَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الَمدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجدَادِهِ -أَوْ قَالَ: أَخوَالِهِ- مِنَ الأنصَارِ، وَأنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيتِ الَمقدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهرًا -أَوْ سَبعَةَ عَشَرَ شَهرًا- وَكَانَ يُعجِبُهُ أَن تَكونَ قِبلَتُهُ قِبَلَ البَيتِ، وَأنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةِ صَلَّاهَا صَلَاةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ ممَّن صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهلِ مَسجِدٍ وَهُم رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بالله لَقَدْ صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكُّةَ. فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيتِ، وَكانَتِ اليَهُودُ قَد أَعجبَتهم اِذ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الَمقْدِسِ، وَأَهلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ البَيتِ أَنكَرُوا ذَلِكَ.
قَالَ زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا أَبُو إسحق، عَنِ الَبرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هذا أنَّهُ مَاتَ عَلَى القِبلَةِ قَبلَ أَن تُحَوَّلَ رِجَال وَقُتِلُوا، فَلَمْ نَدرِ مَا نَقُولُ فِيهِم، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143].
[399، 4486، 4492، 7252 - مسلم: 525 - فتح: 1/ 95]
(زهير) هو ابن معاوية بن حديج بضم الحاء وفتح الدَّال المهملتين الجعفي. (أبو أسحاق) اسمه: عمرو بن عبد الله بن علي الهمداني. (عن البراء) في نسخة: "عن البراء بن عازب".
(أوَّلَ) نصب على الظرفية، لا خبر كان؛ إذ خبرها (نزل) الآتي.
(ما قدم) ما مصدرية. (المدنية) من مدن بالمكان إذا قام به، فجمعها مدائن بالهمز أو من دان أي: أطاع، أو من دين أي: ملك، فجمعها مداين بلا همز، ولها أسماء آخر يثرب، وطيبة، وطابة، والدَّار وطيبة؛ لخلوصها من الشرك؛ أو لطيبها لساكنها.
(أو قال) الشك من أبي إسحق، وكل من الأمرين صحيح، إذ الجدودة هنا من جهة الأم كالخؤلة، وإطلاق الجدّ والخالِ هنا مجاز؛ لأن هاشمًا جدَّ أبي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تزوج من الأنصار. (وأنه صلى)
عطف على أن النبيَّ.
(قبل بيت المقدس) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: جهته، والمقدس بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال مصدر، كالمرجع، أو مكان المقدس وهو الطهر أي: المكان الذي يطهر العابد فيه من الذنوب، أو يطهر العبادة فيه من الأصنام، ويقال: أيضًا بضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة ويقال: البيت المقدس على الصفة، والأشهر: بيت المقدس بالإضافة البيانية، كمسجد الجامع.
(أو سبعة عشر شهرًا) الشكُّ منَ البرَّاءِ، وجزَم مسلمٌ وغيرُه بالأوَّلِ (1)، بعد زمني القدوم والتحويل من الشهرين شهرًا، وجزم الطبرانيُّ وغيره بالثاني (2)، بعد الزمنين شهرين وسمِّي زمن الشهر شهر الشهرية عند النَّاس لمحلِّ الحاجةِ إليه.
(يعجبه) أي: يحبه. (وأنه أوَّل صلاة) عطف على (أن النبيَّ) أيضًا، وفي نسخة:"وأنَّه صلَّى أوَّلَ صلاةٍ" بذكرِ صلَّى، وهو مقدَّرٌ في الأولى، فصلى المذكور، أو المقدر خبر أنَّ، وأوَّل: مفعوله. (صلاة العصر) بالنصب بدلٌ من أول، ومن رفعهما على الابتداء والخبر، كأنه جعل ضمير أنه للشأن والجملة مفسرةٌ له.
(فخرج رجلٌ) هو عباد بفتح العين، هو ابن نهيك بفتح النون وكسر الهاء، وهذا غير عَباد بن بشر الذي أخبر أهل قباء في صلاة
(1) مسلم برقم (525) كتاب: المساجد، باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة.
(2)
"الطّبرانيّ في "الكبير" 20/ 132 - 133 (270) و"مجمع الزوائد" 2/ 13 (1969) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في القبلة، و"الثقات" لابن حبان 1/ 151.
الصبح، كما سيأتي بيانه (على أهل مسجد) هم من بني حارثة، ويعرف المسجد الآن بمسجد القبلتين. (وهم راكعون) أي: في الركوع حقيقة، أو في الصلاة مجازًا، من إطلاق الجزءِ على الكل.
(أشهد بالله) أي: أحلفُ به. (لقد صليت) مقولُ القولِ، فجملة أشهد بالله: اعتراضٌ بين القول ومقوله. (مع رسول الله) في نسخة: "مع النَّبيِّ". (قبل مكّة) أي: قبل البيت الذي بها.
(كما هم) أي: عليه، فما موصولةٌ، وصلتها: جملة هُمْ عليه (1).
(قبل البيت) أي: الحرام. (اليهود) هم قوم مُوسَى عليه الصلاة والسلام واشتقاقه: من هاد أي: مال؛ لأنهم مالوا عن دين موسى إلى عبادة العجل، أو من هاد: إذا رجع من خير إلى شرِّ وعكسه؛ لكثرة انتقالاتهم.
(أعجبهم إذ كان يصلِّي) فاعل أعجب يحتمل أن يكون ضمير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وإذ بدل اشتمال منه، وأن يكون إذ يجعلها لمطلق الزمان، أي: زمان كان يصلي لبيت المقدس؛ لأنه كان قبلَتهم، فيعجبهم موافقتها. (وأهل الكتاب) بالرفع عطف على اليهود، وهو من عطف العام على الخاص، فإن أريد بهم النصارى لم يكن العطف من ذلك، وإعجابهم ذلك، ليس لكونه قبلتهم، بل بطريق التبعية لليهود. (أنكروا ذلك) قال تعالى:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} الآية [البقرة: 142].
(قال زهير) أي: ابن معاوية (أبو إسحق) أي: السبيعيُّ (مات على القبلة) أي: المنسوخة: وهيَ بيت المقدس. (رجال) أي: عشرة، منهم: البراء بن معرور، وأسعد بن زرارة، وعبد الله بن شهاب الزهريُّ.
(1) فصلة (ما) هنا جملة اسمية، وهو قليل، والأكثر أن تكون صلتها جملة فعلية.