الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(اللون) وفي نسخة: "واللون". (لون الدم) ليشهد لصاحبه بفضله على بذل نفسه. (والعَرْفُ) بفتح العين المهملة وسكون الراءِ، أي: الريح. (عرف المسك) لينتشر في أهل الموقف؛ إظهارًا لفضل الجريح، وفي نسخة: تنكير (الدم) و (المسك).
ووجه دخول الحديث في الباب: أن المسكَ طاهرٌ، وأصله:
نجسٌ، فإن تغير خرج عن حكمه فكذلك الماء.
68 - باب [الْبَوْلِ فِي] المَاءِ الدَّائِمِ
. (1)
(1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاري" ص 41 - 42:
إن قيل: ما مناسبة الترجمة بهذا الحديث، وما مناسبة هذا الحديث لآخره؟ فالجواب: أما مناسبة الترجمة فله وجهان: أحدهما: أن من عادة البخاري أحيانا وغيره من المحدثين ذكر الحديث جملة؛ لتضمنه موضع الدلالة المطلوبة ولا يكون باقيه مقصودا بالاستدلال، إنما جاء تبعا لموضع الدليل. والثاني: أن حديث: "نحن الآخرون السابقون" أول حديث في صحيفة همام عن أبي هريرة، وكان همام إذا روى الصحيفة استفتح بذكر:"نحن الآخرون السابقون" ثم يسرد الأحاديث، فوافقه البخاري هاهنا، وكذلك يقول مسلم فيه بذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما مناسبة هذا الحديث لآخره هنا وفي قوله: "إنما جعل الإمام جنة" ومن جهة أن هذه الأمة آخر من يدفن من الأمم، وأول من يخرج؛ لأن الأرض لهم وعاء، والوعاء آخر ما يوضع فيه، وأول ما يخرج منه فكذلك الماء الراكد آخر ما يقع فيه من البول أول ما يصادف عضو يتطهر منه، فينبغي أن يجتنب ذلك ولا يفعله؛ كيلا يتطهر بنجاسة، وكذلك جاء في سياق قوله:(إنما الإمام جنة) أي: كما نحن آخرون سابقون فكذلك الإمام حال القتال في موضع وقوفه وراءهم، فهو وإن كان آخرًا موضعًا، فهو أول موقعا في قوة القلوب بوجوده.
(باب: البول في الماءِ الدائم) في نسخة: "باب: الماءِ الدائم".
وفي أخرى: "باب: لا تبولوا في الماء الدائم".
(أخبرنا أبو الزناد) في نسخة: "حدثنا أبو الزناد".
(أنَّه سمع) في نسخةٍ: "قال: سمعت" وفي أخرى: "يقول: سمعت". (رسول الله) في نسخةٍ: "النبي". (نحن الآخرون) بكسر الخاءِ، أي: المتأخرون في الدنيا، وهو جمع آخر بالكسر، مقابل أول، أمَّا آخَر بالفتِح: فأفعل تفضيل، بمعنى: مغاير، فهو أعم من آخر بالكسر. (السَّابِقُون) أي: المتقدمون في الآخرة.
238 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ".
[876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495 - مسلم: 855 - فتح: 1/ 345]
239 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ".
[مسلم: 282 - فتح: 1/ 346]
(بإِسْنَادِهِ) أي: بإسناد الحديث السابق. (في الماء الدائم) أي: الراكد، أو الكائن ببئر معينة، كما نصَّ عليهما الشافعيُّ في "البويطي" فهو تفسير للراكد، وفسره البخاريُّ بقوله:(الذي لا يجري) ولا منافاة بينهما. (ثمَّ يغتسل فيه) أي: أو يتوضأ، و (يغتسل) بالرفع على المشهور، وجوَّز ابن مالك جزمه عطفًا على (يبولنَّ) المجزوم محلًا بلا الناهية، ونصبه على إضمار أن؛ إعطاءً لـ (ثم) حكم واو الجمع (1). وردَّه النوويُّ بأنه يقتضي أن النهي للجمعِ بينهما، ولم يقله أحد، بل البول
(1) إعطاء (ثم) حكم الواو، ونصب الفعل بعدها قاله بعض النحويين وردَّه الجمهور.
منهيٌّ عنه (1).
وأجاب ابن دقيق العيد: بأنه لا يلزم أن يدلَّ على الأحكام المتعددة لفظٌ واحد، فيؤخذ النهيُّ عن الجمع بينهما من هذا الحديث إن ثبتت رواية النصب، ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر (2).
وقضية ذكر الراكد المفسر بما مرَّ: أنه لا فرق بين القليل والكثير وهو ظاهر، وإن قيده بعضهم بالقليل، غايته: أن فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز؛ لكون البول في القليل حرامًا، وفي الكثير مكروهًا، وذلك جائز عند الشافعي، وخرج بالذي لا يجري الجاري فلا يكره ذلك فيه؛ لأنه إذا خالطه نجس دفعه الجزءُ الذي يليه فيغلبه فيصير كالمستهلك، بخلاف الراكد.
لكن نقل النوويُّ في "مجموعه" وغيره (3) عن جماعة: الكراهةَ في القليل منه دون الكثير، ثم قال: وينبغي أن يحرم البولُ في الماءِ القليل مطلقًا؛ لإتلافه.
وأجيب عنه: بإمكان طهره بالكثرة، قال: وأما الكثير -يعني: من الجاري- فالأَوْلَى اجتنابُهُ. ووجه ذكر "نحن الآخرون السابقون" مع ما بعده مع أنه ليس في الترجمة: احتمال أن أبا هريرة سمعهما في نسق واحد من النبي صلى الله عليه وسلم فحدث بهما جميعًا، وتبعه البخاريُّ.
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 187.
(2)
"إحكام الأحكام" 1/ 22.
(3)
"المجموع" 2/ 112، و"صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 187.