الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
69 - بَابُ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ، لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: "إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا، وَهُوَ يُصَلِّي، وَضَعَهُ وَمَضَى فِي صَلاتِهِ" وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيُّ: "إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ، أَوْ لِغَيْرِ القِبْلَةِ، أَوْ تَيَمَّمَ صَلَّى، ثُمَّ أَدْرَكَ المَاءَ فِي وَقْتِهِ، لَا يُعِيدُ"[فتح: 1/ 348]
(باب: إذا أُلقيَ على ظهر المصلي قذرٌ أو جيفة، لم تفسد عليه صلاته) ألقي: مبني للمفعول. وقذر: نائب الفاعل، وهو بفتح المعجمة: الشيء النجس. والجيفة: جيفة الميتة.
(وكان) في نسخةٍ: "قال: وكان". (وضعه) أي: ألقاه عنه. (ومضى في صلاته) سكت عن إعادتها، ومذهب الشافعيِّ وأحمد: وجوب إعادتها؛ لندرة ذلك.
(وقال ابن المسَيَّب والشعبيُّ: إذا صلَّى) أي: المرء، وفي نسخةٍ:"وكان ابن المسيب والشعبي: إذا صَلَّى" أي: كلٌّ منهما. (وفي ثوبه دم) أي: لم يعلمه. (أو جنابة) أي: أثرها وهو المني. (أو لغير القبلة) باجتهاد أخطأ فيه. (أو تيمم) أي: عند عدمِ الماءِ. (وصلَّى) في نسخة: "فصلَّى". ثم أدرك الماء في وقته) أي: وقت تيممه.
(لا يعيد) صلاته، أما في صورة الدم: فمحمول على قلته إن كان من أجنبيِّ، أو على كثرته إن كان من المصلّي، والكثرة في محلِّ الجرح، وأما في صورة الجنابة فلطهارة المنيِّ عند الشافعيِّ، وأما في صورة غير القبلة فهو على مذهب الشافعيِّ في القديم، وأمَّا في الجديد: فتجب الإعادة، وأمَّا في صورة التيمم، فعدم الإعادة فيها هو
مذهب الأربعة، وأكثر السلف.
240 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ قَالَ: ح وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ البَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلانٍ، فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى القَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ لَا أُغْنِي شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ". ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ البَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ، ثُمَّ سَمَّى:"اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ" - وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْ -، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَرْعَى، فِي القَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ.
[520، 2934، 3185،
3854، 3160 - مسلم: 1794 - فتح: 1/ 341]
(عبدان) أي: ابن عثمان. (عن عبد الله) في نسخة: "قال عبد الله". (ح) علامة للتحويل، كما مرَّ، وفي نسخة بدلها. "قال" أي: البخاري. (وحدثني أحمد) في نسخةٍ: "وحدثنا أحمد". (أن عبد الله) في نسخة: "عن عبد الله".
(عند البيت) أي: الكعبة. (وأبو جهل) هو عمرو بن هشام
المخزومي، وكانت كنيته: أبا الحكم، فكناه صلى الله عليه وسلم: أبا جهل.
(وأصحاب له) وهم السبعة المدعوُّ عليهم بَعْدُ. (جلوس) خبر المبتدأ، وهو أبو جهل، وما عطف عليه، وجوز فيه الكرماني (1) أنه خبر (أصحاب)، وخبر "أبو جهل" محذوف على حد قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما
…
عندك راض والرأي مختلف (2)
(إن قال) في نسخة: "قال". (بعضهم) وهو أبو جهل؛ -كما في مسلم (3) -. (لبعض) زاد مسلم في روايته: "وقد نُحِرَت جَزورٌ بالأمسِ". (بِسَلَى) بفتح السين وخفة اللام، وبالقصر: الجلدةُ التي يخرج منها ولد البهيمة، كالمشيمة للآدميات، ويقال فيهن ذلك أيضًا. (جزور بني فلان) بفتح الجيم: من الإبل، يقع على الذكر والأنثى، وجمعه: جزر.
(فانبعث أشقى القوم) هو عقبة بن أبي معيط، أي: بعثته نفسه الخبيثة فانبعث يقال: انبعث في سيره، أي: أسرع فيه، وفي نسخةٍ:
(1)"البخاري بشرح الكرماني" 3/ 95.
(2)
هذا البيت نسبه ابن هشام اللخمي، وابن بري إلى عمرو بن امرئ القيس الأنصاري، ونسبه غيرهما ومنهم العباس "في معاهد التنصيص" إلى قيس بن الخطيم أحد فحول الشعراء في الجاهلية، وهو من قصيدة له أولها قوله:
رَدَّ الخليطُ الجمال وانصرفوا
…
ماذا عليهم لو أنهم وقفوا؟
والشاهد في البيت: حيث حذف الخبر -احترازا من العبث وقصدًا للاختصار مع ضيق المقام- من قوله: "نحن بما عندنا" والذي جعل صدفه سائغا سهلا دلالة خبر المبتدأ الثاني عليه أي: نحن بما عندنا راضون، فحذف خبر المبتدأ الأول؛ لدلالة الثاني عليه.
(3)
"صحيح مسلم"(1794) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من. أذى المشركين والمنافقين.
"أشقى قومه" وفي أخرى: "أشقى قوم" بالتنكير، وإنما كان أشقاهم مع أن فيهم أبا جهلٍ وهو أشد كفرًا منه وإيذاءً للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم اشتركوا في الكفر والرضا وانفرد هو بالمباشرة، ولهذا قتلوا في الحروب، وقتل هو صَبْرًا.
(لا أغني) بضمِّ الهمزة أي: لا أغني في كفِّ شرهم، وفي نسخة:"لا أغيِّر" أي: لا أغير من فعلهم شيئًا. (لو كان لي) في نسخةٍ: "لو كانت لي". (منعة) بفتح النون وسكونها، أي: قوة أو موانع؛ إذا المنعة هي القوة، أو جمع مانع، ككتبة وكاتب، وجواب (لو) محذوف، أي: لو كان لي قوة، أو عشيرة بمكة يمنعونهم مني؛ لأغنيت وكففت شرهم، أو غيرت فعلهم، أو هي للتمني (1) فلا تحتاج إلى جواب.
(فجعلوا يضحكون) أي: استهزاءً. (ويحيل بعضهم على بعض) أي: ينسب بعضهم فعل ذلك إلى بعض تهكُّمًا. (حتَّى جاءته) في نسخة: "حتَّى جاءت" بلا هاءٍ. (فاطمة) أي: بنت النبيِّ صلى الله عليه وسلم. (فطرحت) أي: ما وضعه أشقى القوم، وفي نسخة:"فطرحته" وإنما تمادى في صلاته مع أنَّ ما وُضع عليه نجس؛ لأنه لم يعلم نجاسته، والأصل الطهارة، ولم يعلم هل كانت الصلاة واجبة فتجب إعادتها؟ وإلا فلا تجب، ولو وجبت فالوقت موسع.
(فرفع رأسه) في نسخةٍ: "فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه". (ثم قال) أي: بعد تمام صلاته، وفي نسخة:"وقال". (اللهم عليك بقريش) أي:
(1)(لو) التي للتمني علامتها أن تكون بمعنى: ليت، نحو: لو تأتينا فتحدثنا والمعنى: ليتك تأتينا فتحدثنا، وجعلوا منه قوله تعالى:{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ} . و (لو) هذه كـ (ليت) في نصب الفعل بعدها مقرونًا بالفاء.
بإهلاك كفارهم أو من سمَّى منهم بَعْدُ. (ثلاث مراتٍ) ثلث ذلك على عادته في تثليث الدعاءِ وغيره. (إذ دعا) أي: حين دعا.
(قال) أي: ابن مسعود. (وكانوا يرون) بفتح أوله، أي: يعتقدون، وبضمه: أي: يظنون. (أن الدعوة) في نسخةٍ: "أن الدعوى".
(مستجابة) أي: مجابة، والمراد: أنهم ما اعتقدوا الإجابة إلا من جهة المكان لا من خصوص دعوته صلى الله عليه وسلم.
(ثم سمَّى) أي: عيَّن في دعائه وبيَّن ما أجمل أولًا. (وعدَّ) أي: النبيّ صلى الله عليه وسلم، أو عبد الله بن مسعود، أو عمرو بن ميمون. (الوليد بن عتبة) بالفوقية، ووقع في مسلم: ابن عقبة بالقاف وهو وَهْمُ نبَّه عليه ابن سفيان الراوي عن مسلم (1).
(فلم نحفظه) بنون، أي: نحن، أو بياء، أي: ابن مسعود، أو عمرو بن ميمون، لكن حفظه غيرهما، وهو عمارة بن الوليد بن المغيرة، كما ذكره البخاري في رواية (2). (قال) أي: ابن مسعود. (فوالذي نفسي بيده) في يده. (الذين عدَّ) أي: عدَّهم، وفي نسخة:"الذي عدَّ" أي: الجمع الذي عده رسول الله صلى الله عليه وسلم. (صرعى) جمع صريع بمعنا: مصروع، وهو حال من مفعول رأى؛ لأنها بصرية.
(في القليب) هو البئر قبل أن تطوى. (قَلِيبِ بَدْرٍ) بجرِّه بدلٌ من القليب، ويجوز رفعه ونصبه، وإنما ألقوا في القليب؛ تحقيرًا لشأنهم؛ ولئلا يتأذى الناسُ برائحتهم لا أنه دفن؛ لأن الحربي لا يجب دفنه،
(1)"صحيح مسلم"(1794) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين.
(2)
ستأتي برقم (520) كتاب: الصلاة، باب: المرأة تطوح عن المصلي شيئًا من الأذى.