الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقدم شرح الحديث في باب: من رفع صوته بالعلم (1)، وأعاده؛ للتصريح هنا بصلاة العصر؛ ولاختلاف بعض رجال السند؛ لأنه هناك عن النعمان عن أبي عوانة، وهنا عن مسدد عن أبي عوانة.
31 - بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ
.
(باب: تعليم الرجل أمته وأهله) عطف الأهل على الأمة من عطف العام على الخاص؛ إذ أمة الرجل: من أهل بيته.
97 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلامٍ، حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ"، ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ: أَعْطَيْنَاكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى المَدِينَةِ.
[2544، 2547، 2551، 3011، 3446، 5083 - مسلم: 154 - فتح: 1/ 190]
(أخبرنا محمد) في نسخة: "حدثنا محمد هو ابن سلام" وفي أخرى: "حدثني محمد بن سلام". (حدثنا المحاربيُّ) في نسخةٍ: "أخبرنا المحاربيُّ" وهو: بضمِّ الميم، وبالحاءِ المهملة، وكسر الراءِ، وبالموحدة: عبد الرحمن بن محمد بن زياد الكوفيُّ.
(صالح بن حيَّان) بفتح المهملة، وتشديد المثناة التحتية، ونسبة صالح إلى جدِّه لشهرته به إذ هو صالح بن مسلم بن حيان، وليس هو صالح بن حيَّان القرشيَّ الضعيف. (قال: قال عامر) أي: قال صالحٌ:
(1) سبق برقم (60) كتاب: العلم، باب: من رفع صوته بالعلم.
قال عامرٌ، وعامر هو: ابن شرحبيل.
(ثلاثة لهم أجران) مبتدأ وخبر. (رجلٌ) بدل تفصيل من ثلاث، أو بدل بعض وهو مع ما عطف عليه بدل كل، أو خبر مبتدأ محذوف. (الكتاب) أي: التوراة والإنجيل، أو الإنجيل فقط على القول بأنَّ النصرانية ناسخة لليهودية، وخرج بالكتاب من لا كتاب له، كالحربيّ. (والعبد المملوك) قيد العبد بكونه مملوكًا، أي: للناس ليخرج غيره؛ لأن كلَّ الناس عبادُ الله، وإنما عرف العبد ونُكِّرَ الرجلُ في الموضعين؛ لأن (ال) فيه للجنس، والمعرف بلام الجنس، كالنكرة في المعنى.
(حق الله) أي: من صلاة وصوم وغيرهما. (وحقَّ مواليه) أي: من خدمتهم وجمعه لأنَّ المراد بالعبدِ: جنس العبيد، كما مرَّ وليدخل ما لو كان العبدُ مشتركًا بين موالٍ، فالمولا هنا السيد، ويطلقُ أيضًا على المعتق والعتيق، وابن العمِّ، والناصر، والجار، والحليف، ومن ولي أمرَ غيره، والمراد: ترجيح العبد المؤدي للحقين علىل العبد المؤدي لأحدهما، وإلا فالسيد قد يكون أرجح من العبد لجهات أُخرِ، فإن قيل فالصحابيُّ الذي كان كتابيًّا يلزم أن يزيد أجره على أكابر الصحابة، قيل: خرجوا بالإجماع.
(يطؤها) ساقط من نسخة، أي: يطؤها بالفعلِ، أو بالقوَّةِ، بأن يتمكن من وطئها شرعًا. (فأدبها) أي: علمها الأدب، وهو حسن الأحوال والأخلاق. (فأحسن تأديبها
…
إلخ) أي: أدبها وعلمها ما ينفعها من غير عنفٍ وضرب، بل بالرفق، وإنما عطف التعليم على التأديب، مع أنه داخل فيه؛ لتعلق التأديب بالمروءات، والتعليم بالشرعيات، وأراد بالأول العرفيَّ أو الدنيويَّ، وبالثاني: الشرعيَّ أو الأخرويَّ.
(ثم أعتقها) عطف أعتق بثم، والبقية بالفاءِ؛ لأن الإعتاق نقلٌ من صنف إلى صنف آخر، ولا يخفى ما بين الصنفين من البعد، بل من الضدية في الأحكام، والمنافاة في الأحوال فناسب لفظًا يدلُّ على التراخي، بخلاف البقية من التأديب والتعليم وأحسنيتهما، والتزوج نظرًا لشدة تشوف النفسِ إليها.
(فله) أي: لكلِّ من الثلاثة. (أجران) وخصَّ الثلاثة، مع أن من صام وصلَّى، أو أدى حقَّ الله، وحق والده، له أجران؛ لأن كلًّا من الثلاثة فاعلُ الضدين، بخلاف من ذكر ونحوه. ووجه الضدية في الثالث: الإعتاق منافٍ لجميع ما ذكر معه، وإلا فكان القياسُ: أن يكون له أكثر من أجرين؛ لتعدد مقتضى الأجر من التأديب والتعليم وأحسنيتهما والإعتاق والتزوج، أو المراد: فله أجران ولو مع زيادة.
(ثمَّ قال عامر) الشعبيُّ: (أعطيناكها) أي: المسألة أو المقالة، والخطاب لصالح. (من غير شيءٍ) أي: من غير أجرٍ دنيوي. (قد كان يركب) أي: يرحل، وفي نسخة:"وقد كان يركب"، وفي أخرى:"فقد كان يركب". (إلى المدينة) أي: النبوية.
ولم يذكر في الحديث الأهل مع أنه مذكور في الترجمة كأنه قاسه على الأمة، وأراد أن يورد فيه حديثًا، فلم يتفق له.
وفي قول الشعبيّ ذلك: جواز قول العالم مثله للتحريضِ على العلمِ، وبيان ما كان السلفُ عليه من الرحلة البعيدة في المسألة الواحدة، وفضلُ المدينة؛ لأنها معدن العلم، وكان يرحلُ إليها في طلبه.