المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - منحة الباري بشرح صحيح البخاري - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌اسمه ولقبه وولادته وأسرته:

- ‌نشأته:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌عبادته وزهده:

- ‌عقيدته:

- ‌تصوفه:

- ‌آثاره العلمية:

- ‌ما وقفنا عليه من أسماء مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌كتاب "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" أو "تحفة الباري

- ‌اسم الكتاب:

- ‌عملنا في كتاب المنحة

- ‌عملنا في كتاب صحيح البخاري

- ‌منهج ضبط متن صحيح البخاري:

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌1 - كتاب بدء الوحي

- ‌1 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْي إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - باب

- ‌3 - باب

- ‌4 - باب

- ‌5 - باب

- ‌6 - باب:

- ‌2 - كتاب الإيمان

- ‌1 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌2 - باب: {دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77]: إِيمَانُكُمْ

- ‌3 - باب أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - باب المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - باب أَيُّ الإِسْلام أَفْضَلُ

- ‌6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلامِ

- ‌7 - باب: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - بَابٌ: حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - باب حَلاوَةِ الإِيمَانِ

- ‌10 - باب عَلامَةُ الإيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ

- ‌11 - باب

- ‌12 - باب مِنَ الدِّينِ الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ

- ‌13 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ

- ‌14 - بَابٌ: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌15 - باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌16 - باب الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - بَابٌ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

- ‌18 - باب مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَلُ

- ‌19 - بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلامُ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَكَانَ عَلَى الاسْتِسْلامِ أَو الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ

- ‌20 - باب إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - باب كُفْرَانِ العَشِيرِ وكُفْرِ بَعْدَ كُفْرٍ

- ‌22 - باب المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ

- ‌23 - باب ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - باب عَلامَةِ المُنَافِقِ

- ‌25 - باب قِيَامُ لَيلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - باب الجهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - باب تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - باب الدِّينُ يُسْرٌ

- ‌30 - باب الصَّلاةُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - باب حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ

- ‌32 - باب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى الله أَدْوَمُهُ

- ‌33 - باب زِيادةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌34 - بَابٌ: الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌35 - بَابٌ: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌37 - بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ

- ‌38 - باب

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بَابٌ: أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - بَابٌ: مَا جَاءَ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - بَابُ فَضْلِ العِلْمِ

- ‌2 - بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ

- ‌4 - بَابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَأَنْبَأَنَا

- ‌5 - بَابُ طَرْحِ الإِمَامِ المَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ

- ‌6 - بَابُ مَا جَاءَ فِي العِلْمِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

- ‌7 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بِالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ

- ‌8 - بَابُ مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا

- ‌9 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ

- ‌11 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - بَابُ مَنْ جَعَلَ لِأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً

- ‌13 - بَابٌ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ

- ‌14 - بَابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

- ‌15 - بَابُ الاغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحِكْمَةِ

- ‌16 - بَابُ مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم فِي البَحْرِ إِلَى الخَضِرِ

- ‌17 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ

- ‌18 - بَابٌ: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ

- ‌19 - بَابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌20 - بَابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ

- ‌21 - بَابُ رَفْعِ العِلْمِ وَظُهُورِ الجَهْلِ

- ‌22 - باب فَضْلِ العِلْم

- ‌23 - بَابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ، وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ

- ‌26 - بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ، وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌27 - بَابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

- ‌28 - بَابُ الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ

- ‌29 - بَابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَو المُحَدِّثِ

- ‌30 - بَابُ مَنْ أَعَادَ الحَدِيثَ ثَلاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ

- ‌31 - بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ

- ‌32 - بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ

- ‌33 - بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ

- ‌34 - باب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ

- ‌35 - بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ فِي العِلْمِ

- ‌36 - باب مَنْ سَمِعَ شَيئًا فَرَاجَعَ حَتَّى يَعْرِفَهُ

- ‌37 - بَابٌ: لِيُبَلِّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغَائِبَ

- ‌38 - بَابُ إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌39 - باب كتَابَةِ العِلْمِ

- ‌40 - بَابُ العِلْمِ وَالعِظَةِ بِاللَّيْلِ

- ‌41 - باب السَّمَرِ بِالْعِلْم

- ‌42 - باب حِفْظِ العِلْمِ

- ‌43 - باب الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ

- ‌44 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ

- ‌45 - بَابُ مَنْ سَأَلَ، وَهُوَ قَائِمٌ، عَالِمًا جَالِسًا

- ‌46 - بَابُ السُّؤَالِ وَالفُتْيَا عِنْدَ رَمْيِ الجِمَارِ

- ‌47 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]

- ‌48 - بَابُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ

- ‌49 - بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا

- ‌50 - باب الحَيَاءِ فِي العِلْم

- ‌51 - بَابُ مَنِ اسْتَحْيَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ

- ‌52 - بَابُ ذِكْرِ العِلْمِ وَالفُتْيَا فِي المَسْجِدِ

- ‌53 - بَابُ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ

- ‌4 - كتاب الوضوء

- ‌1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ

- ‌2 - بَابٌ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌3 - بَابُ فَضْلِ الوُضُوءِ، وَالغُرُّ المُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ

- ‌4 - بَابُ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

- ‌5 - بَابُ التَّخْفِيفِ فِي الوُضُوءِ

- ‌6 - بَابُ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ

- ‌7 - بَابُ غَسْلِ الوَجْهِ بِاليَدَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ

- ‌8 - بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الوقَاعِ

- ‌9 - بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الخَلاءِ

- ‌10 - بَابُ وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلاءِ

- ‌11 - بَابٌ: لَا تُسْتَقْبَلُ القِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، إلا عِنْدَ البِنَاءِ، جِدَارٍ أَوْ نَحْوهِ

- ‌12 - بَابُ مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ

- ‌13 - بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى البَرَازِ

- ‌14 - بَابُ التَّبَرُّزِ فِي البُيُوتِ

- ‌15 - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌16 - بَابُ مَنْ حُمِلَ مَعَهُ المَاءُ لِطُهُورِهِ

- ‌17 - بَابُ حَمْلِ العَنَزَةِ مَعَ المَاءِ فِي الاسْتِنْجَاءِ

- ‌18 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ الاسْتِنْجَاءِ بِاليَمِينِ

- ‌19 - بَابٌ: لَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ

- ‌20 - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالحِجَارَةِ

- ‌21 - [بَابٌ: لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ]

- ‌22 - بَابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌23 - بَابٌ: الوُضُوءُ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

- ‌24 - بَابُ: الوُضُوءُ ثَلاثًا ثَلاثًا

- ‌25 - بَابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ

- ‌26 - بَابُ الاسْتِجْمَارِ وتْرًا

- ‌27 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ

- ‌28 - بَابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ

- ‌29 - بَابُ غَسْلِ الأَعْقَابِ

- ‌30 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ

- ‌31 - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ وَالغَسْلِ

- ‌32 - بَابُ التِمَاسِ الوَضُوءِ إِذَا حَانَتِ الصَّلاةُ

- ‌33 - بَابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ

- ‌34 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلا مِنَ المَخْرَجَيْنِ: مِنَ القُبُلِ وَالدُّبُرِ

- ‌35 - بَابٌ: الرَّجُلُ يُوَضِّئُ صَاحِبَهُ

- ‌36 - بَابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ

- ‌37 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ إلا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ

- ‌38 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ

- ‌39 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الكَعْبَيْنِ

- ‌40 - بَابُ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ

- ‌41 - بَابُ مَنْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ

- ‌42 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً

- ‌43 - بَابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ

- ‌44 - بَابُ صَبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءهُ عَلَى المُغْمَى عَلَيْهِ

- ‌45 - بَابُ الغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ وَالقَدَحِ وَالخَشَبِ وَالحِجَارَةِ

- ‌46 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ التَّوْرِ

- ‌47 - بَابُ الوُضُوءِ بِالْمُدِّ

- ‌48 - بَابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ

- ‌49 - بَابُ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ

- ‌50 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّويقِ

- ‌51 - بَابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّويقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

- ‌52 - بَابٌ: هَلْ يُمَضْمِضُ مِنَ اللَّبَنِ

- ‌53 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ مِنَ النَّعْسَةِ وَالنَّعْسَتَيْنِ، أَوِ الخَفْقَةِ وُضُوءًا

- ‌54 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ

- ‌55 - بَابٌ: مِنَ الكَبَائِرِ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ

- ‌56 - باب مَا جَاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ

- ‌57 - بَابُ تَرْكِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسِ الأَعْرَابِيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ فِي المَسْجِدِ

- ‌58 - باب صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ

- ‌59 - باب بَوْلِ الصِّبْيَانِ

- ‌60 - بَابُ البَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا

- ‌61 - بَابُ البَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَالتَّسَتُّرِ بِالحَائِطِ

- ‌62 - بَابُ البَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ

- ‌63 - باب غَسْلِ الدَّمِ

- ‌64 - بَابُ غَسْلِ المَنِيِّ وَفَرْكِهِ، وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ

- ‌65 - بَابُ إِذَا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ

- ‌66 - بَابُ أَبْوَالِ الإِبِلِ، وَالدَّوَابِّ، وَالغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا

- ‌67 - بَابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالمَاءِ

- ‌68 - باب [الْبَوْلِ فِي] المَاءِ الدَّائِمِ

- ‌69 - بَابُ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ، لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ

- ‌70 - بَابُ البُزَاقِ وَالمُخَاطِ وَنَحْوهِ فِي الثَّوْبِ

- ‌71 - بَابُ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ، وَلَا المُسْكِرِ

- ‌72 - بَابُ غَسْلِ المَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ

- ‌73 - باب السِّوَاكِ

- ‌74 - باب دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الأَكْبَرِ

- ‌75 - بَابُ فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الوُضُوءِ

- ‌5 - كتاب الغسل

- ‌1 - بَابُ الوُضُوءِ قَبْلَ الغُسْلِ

- ‌2 - بَابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ

- ‌3 - باب الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوهِ

- ‌4 - باب مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا

- ‌5 - باب الغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً

- ‌6 - بَابُ مَنْ بَدَأَ بِالحِلابِ أَو الطِّيبِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌7 - بَابُ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ

- ‌8 - بَابُ مَسْحِ اليَدِ بِالتُّرَابِ لِتَكُونَ أَنْقَى

- ‌9 - بَابٌ: هَلْ يُدْخِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ غَيْرُ الجَنَابَةِ

- ‌10 - بَابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ وَالوُضُوءِ

- ‌11 - بَابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ

- ‌12 - بَابُ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ، وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ

- ‌13 - بَابُ غَسْلِ المَذْيِ وَالوُضُوءِ مِنْهُ

- ‌14 - بَابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ

- ‌15 - بَابُ تَخْلِيلِ الشَّعَرِ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌16 - بَابُ مَنْ تَوَضَّأَ فِي الجَنَابَةِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌17 - بَابُ إِذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ، يَخْرُجُ كَمَا هُوَ، وَلَا يَتَيَمَّمُ

- ‌18 - بَابُ نَفْضِ اليَدَيْنِ مِنَ الغُسْلِ عَنِ الجَنَابَةِ

- ‌19 - بَابُ مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ فِي الغُسْلِ

- ‌20 - بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ

- ‌21 - بَابُ التَّسَتُّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ

- ‌22 - بَابُ إِذَا احْتَلَمَتِ المَرْأَةُ

- ‌23 - بَابُ عَرَقِ الجُنُبِ، وَأَنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ

- ‌24 - بَابٌ: الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ

- ‌25 - بَابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي البَيْتِ، إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌26 - باب نَوْمِ الجُنُبِ

- ‌27 - بَابُ الجُنُبِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ

- ‌28 - بَابٌ: إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ

- ‌29 - بَابُ غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ المَرْأَةِ

- ‌6 - كتاب الحيض

- ‌1 - بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الحَيْضِ

- ‌2 - بَابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ

- ‌3 - بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌4 - بَابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا

- ‌5 - بَابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ

- ‌6 - بَابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ

- ‌7 - بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إلا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ

- ‌8 - باب الاسْتِحَاضَةِ

- ‌9 - باب غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ

- ‌10 - بَابُ اعْتِكَافِ المُسْتَحَاضَةِ

- ‌11 - بَابٌ: هَلْ تُصَلِّي المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ

- ‌12 - بَابٌ: الطِّيبُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

- ‌13 - بَابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ، وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ، وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَتَّبِعُ [بها] أَثَرَ الدَّمِ

- ‌14 - باب غَسْلِ المَحِيضِ

- ‌15 - بَابُ امْتِشَاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

- ‌16 - بَابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ المَحِيضِ

- ‌17 - بَابُ: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌18 - بَابٌ: كَيْفَ تُهِلُّ الحَائِضُ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ

- ‌19 - بَابُ إِقْبَالِ المَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ

- ‌20 - بَابٌ: لَا تَقْضِي الحَائِضُ الصَّلاةَ

- ‌21 - بَابُ النَّوْمِ مَعَ الحَائِضِ وَهِيَ فِي ثِيَابِهَا

- ‌22 - بَابُ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ

- ‌23 - بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ العِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى

- ‌24 - بَابُ إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاثَ حِيَضٍ

- ‌25 - بَابُ الصُّفْرَةِ وَالكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الحَيْضِ

- ‌26 - بَابُ عِرْقِ الاسْتِحَاضَةِ

- ‌27 - بَابُ المَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌28 - بَابُ إِذَا رَأَتِ المُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ

- ‌29 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا

- ‌30 - باب

الفصل: ‌1 - باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قَالَ الشَّيْخُ الإمَامُ الحَافِظُ أبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بْنُ إسماعيل بْنِ إبراهيم بن المُغِيرَةِ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى آمينَ

‌1 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْي إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

-. وَقَوْلِ الله جل ذِكْرُهُ {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163][فتح: 1/ 8]

قال المصنف رحمه الله: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أي: أبتدئ أو أؤلِّفُ؛ إذْ كلُّ فاعلٍ يبدأُ في فعلِه ببسم الله يُضمِرُ ما جعلَ التسميةَ مبدأ له (1)، كما أنَّ المسافرَ إذا حلَّ أو ارْتحلَ، فقالَ باسمِ الله كان المعنى: باسم الله أحلُّ، أو بسم الله أرتحل. والباءُ للمصاحبةِ (2)؛ ليكونَ ابتداءُ التأليفِ مصاحِبًا لاسم الله تعالى المتبرك بذكره. وقِيلَ: للاستعانةِ، نحو: كتبتُ بالقلمِ. والاسْمُ مشتقٌّ مِنَ السُّموِّ (3)، وهو: العُلُوُّ، وقيلَ: مِنَ

(1) اختلف النحاة في المتعلّق في البَسْمَلة فبعضهم يجعله فعلًا -وعليه المصنف- والمعنى: أبتدئ ببسم الله وعليه يكون الجار والمجرور في محل نصب مفعول به مقدم وبعضهم يجعله اسمًا، والمعنى: ابتدائي ببسم الله، وعليه يكون الجار والمجرور متعلقًا بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف.

(2)

المصاحبة والاستعانة من معاني الباء، وقد وصل بعضهم بمعاني الباء إلى ثلاثة عشر معنًى جمعها في قوله:

بالباءِ أَلْصِقْ، واسْتَعِنْ، أو عَدٍّ، أو

أَقْسِمْ، وبَعِّضْ، أو فَزِدْ، أو عَلِّلِ

وأَتَتْ بمعنى مَعْ، وفي، وعلَي، وعنْ

وبها فَعَوِّضْ، إن تشا، أو أبْدِلِ

(3)

هذا مذهب البصريين. انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" ص 6.

ص: 63

الوَسْمِ (1)، وهو: العلامة؛ لأنَّ كل ما سمِّي فقد نُوِّهَ باسمه ووُسِمَ و (الله): علَمٌ للذات الواجب الوجود، وأصلُه (2): الإله حُذِفَت همزته وعوِّض عنها حرف التعريف، ثم جعل علمًا، وهو عربي عند الأكثرِ (3)، وزعمَ البلخيُّ من المعتزلة أنه معرَّب، فقيل: عبري. وقيل: سرياني.

و (الرحمن)(4) و (الرحيم)(5): اسمانِ بنُيا للمبالغةِ من: رَحِمَ،

(1) وهذا مذهب الكوفيين. انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" ص 6.

(2)

لفظ الجلالة مرتجل غير مشتق عند الأكثرين، وإليه ذهب سيبويه في أحد قوليه، فلا يجوز حذف الألف واللام منه. وقيل: هو مشتق، وإليه ذهب سيبويه في قوله الثاني. ولهم في اشتقاقه قولان:

أحدهما: أن أصله: (إلاه) على وزن فِعال من قولهم: إله الرجل يأله إلاهة، أي عبد عبادة ثم حذفوا الهمزة تخفيفًا؛ لكثرة وروده واستعماله، ثم أُدخلت الألف واللام للتعظيم، ودفع الشيوع الذي ذهبوا إليه من تسميته أصنامهم وما يعبدونه آلهة من دون الله.

الثاني: أن أصله: (لاه) ثم أدخلت الألف واللام عليه، واشتقاقه من لاه يليه، إذا تستر، كأنه سبحانه يُسمَّى بذلك لاستتاره واحجابه عن إدراك الأبصار.

(3)

في (م)[الأكثرين].

(4)

الرحمن على وزن فعْلان وصيغة فعلان في اللغة تدل على وصف فعليٍّ فيه معنى المبالغة للصفات الطارئة كعطشان. وتحذف الألف من (الرحمن) لدخول الألف واللام عليها. ولم يوصف بالرحمن في العربية بالألف واللام إلا الله تعالى. وقد نعتت العرب مسيلمة الكذاب به مضافًا، فقالوا: رحمان اليمامة. قال شاعر يمدح مسيلمة:

سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبًا

وأنت غيث الورى لا زلت رحمانًا

(5)

الرحيم على وزن فعيل، وصيغة فعيل تدل على وزن فعلى فيه معنى المبالغة للصفات الدائمة الثابتة؛ ولهذا لا يستغنى بأحد الوصفين عن الآخر.

ص: 64

والرحمة لغةً: رقة القلب تقتضي التفضل، فالتفضل غايتها، وأسماء الله تعالى المأخوذة من نحو ذلك إنما تُؤخذ باعتبارِ الغاية دون المبدأ، والرحمن أبلغُ منَ الرحيم؛ لأنَّ زيادةَ البناء تدلُّ على زيادةِ المعنى، كما في قطع وقطَّع، وفيه: كلام ذكرته مع جوابه في "شرح البهجة".

وبدأ كتابَه بالبسملةِ (1) اقتداءَ بالكتابِ العزيز، وعملًا بخبر:"كُلُّ أمرِ ذي بالٍ لا يبدأ فيه ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فهو أقطعُ". أي: للبركة. ورواه أبو داود وغيرُه، وحسَّنه ابن الصلاح وغيره (2).

(باب) ساقطٌ من نسخة، وهو لغةً (3): ما يتُوصلُ به إلى غيره،

(1) يقال لمن قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مُبَسْمِلٌ وهو ضربٌ من النحت اللغوي. يقال: بَسْمَلَ الرجل، إذا قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وقال الشاعر:

لقد بسملت ليلى غداة لقيتها

فيا حبنا ذاك الحبيب المُبَسْمِلُ

وتكتب (بسم الله) بغير ألف في البسملة خاصة استغناء عنها بالباء بخلاف قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} .

(2)

رواه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" 2/ 69 (1210) والرهاوي في "الأربعين البلدانية" كما ذكره ابن حجر في "التلخيص" 3/ 151، وأخرجه السبكي أيضًا في "طبقات الشافعية" 1/ 12 بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة.

وأخرجه أبو داود، كما أشار المصنف، ولكن بلفظ:"لا يبدأ فيه بحمد الله" بدل (بسم الله) برقم (4840) كتاب: الأدب، باب الهدي في الكلام من طريق الوليد بن مسلم وقد حسنه النووي في "أذكاره" وقد روي موصولًا، وروي مرسلًا، ورواية الموصول جيدة الإسناد، وإذا روي الحديث موصولًا ومرسلًا فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء؛ لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير. انظر:"كتاب الأذكار" ص 148.

(3)

انظر في معنى (باب): "الصحاح"، "اللسان"، مادة (بوب).

ص: 65

وعرفًا: اسمٌ لجملة مختصة من العلم مشتملة غالبًا على فصول، ويُقرأُ بالتنوين وتركه، وبالوقف عليه على سبيلِ التعداد للأبواب، فعليه: لا إعراب له، وعلى الأولين: خبرٌ لمبتدإ محذوف، لكنه على الثاني: مضاف إلا ما بعده بتقدير مضاف أي: هذا باب جواب (كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ابتدأ كتابه بذلك؛ لأنَّ الوحي مادة الشريعة إذ قَصْدُه: جمع حديث النبي وهو وحْيٌ.

و (كَيْفَ): في محلِّ نصب خبر (كان) إن جُعلت ناقصةً، وحالًا إن جُعلت تامة، وتقديمها واجب؛ لأنها في الأصل للشرط (1)، نحو: كيف تصنع أصنع وللاستفهام حقيقة كما هنا، أو تجوزا نحو:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28] لأنها فيه بمعنى الإنكار والتعجب وكل مِنَ الشرط والاستفهام له صدرُ الكلامِ / 1 / والضابطُ في إعرابها: أنَّها إنْ وقعَتْ قبل مالا يستغنا عنها فمحلها بحسب الافتقار إليها، ففي نحو: كيف أنت؟ رُفِعَ لأنَّها خبرُ المبتدإ، وفي نحو: كيف تصنعْ أصنعْ، نُصِبَ مفعولًا لتصنع، وفي نحو: كيف كنتَ؟ نصب إن قدرت كان

(1) كيف تكون للشرط باتفاق، لكنهم اختلفوا بعد ذلك من حيث المجازاة بها، فذهب الكوفيون إلى أنه يُجازى بها، كما يُجازى بغيرها من كلمات المجازاة، واحتجوا بأنها مشابهة لكلمات المجازاة في الاستفهام، وبأن معناها، كمعنى هذه الكلمات. وذهب البصريون إلى أنه لا يُجازى بـ (كيف) واحتجوا بأنها قصرت عن كلمات المجازاة من وجهين:

أحدهما: أن جوابها لا يكون إلا نكرة لأنها سؤال عن الحال، والحال لا يكون إلا نكرة.

الثاني: أنها لا يجوز الإخبار عنها ولا يعود عليها ضمير.

انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين" 2/ 643 وما بعدها.

ص: 66

ناقصةً خبرًا لها، وفي نحو: كيف ظننت زيدًا؟ نصب مفعولًا ثانيًا لظنَّ، وإن وقعت قبل ما ويستغني عنها، نحو: كيف جاء زيد؟ فمحلها: نصب على الحال، وقد تأتى مفعولًا مطلقًا نحو:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] لاقتضاء الكلام ذلك.

و (بدءُ): بفتح الباء وسكون الدال وبالهمز مصدر بدأ بمعنى: الابتداء، وبضم الباء والدال وتشديد الواو مصدر بدا بمعنى: ظهر، قيل: والأحسن الأولُ؛ لجَمْعِهِ المعنيين. وقيل بالعكس؛ لأنه الأظهرُ في المقصود. وقال العلامةُ الشمسُ البرماويُّ (1): والظاهرُ: أنَّ أحدَهما

(1) هو العلامة شمس الدين محمد بن عبد الدائم بن موسى بن عبد الدائم بن فارس بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النعميمي العسقلاني الأصل البرماوي ثم القاهري الشافعي، والبرماوي نسبة لبرمة من نواحي الغربية بمصر من طريق الإسكندرية، ولد رحمه الله في منتصف ذي القعدة سنة ثلاث وستين وسبعمائة بالقاهرة، نشا في بيت علم وأدب حيث إن أباه كان مؤدب الأطفال فنشأ طالب علم منذ نعومة أظفاره، يقول عنه السخاوي: كان إمامًا علامة في الفقه والأصول، والعربية وغيرها مع الحفظ والنظم. وقال عنه ابن قاضي شهبة إنه كان في صغره في خدمة البدر ابن أبي البقاء وفضل وتميز في الفقه والحديث والنحو والأصول، وكانت معرفته بهذه الأصول الثلاثة من معرفته بالفقه، وأقام بمصر يشتغل ويفتي في حياة البلقيني.

تلقى العلم رحمه الله عن عدد غير قليل من العلماء منهم: التنوخي، الأبناسي والبدر الزركشي، والعراقي، والبلقيني، وابن الملقن، والبرهان بن جماعة وإبراهيم بن إسحاق الآمدي، غيرهم، وأما عن تلاميذه فقد تتلمذ على يد الشيخ البرماوي كثيرون منهم: الزين رضوان القاهري، والسند بيسي، والمناوي والمحلي، وابن حجي، وغيرهم كثير، من مصنفاته "ألفية في الأصول الفقهية"، "البهجة الوردية"، "تلخيص التوشيح"، "تلخيص قوت القلوب"، "تلخيص المهمات" للإسنوي،

ص: 67

لا يستلزمُ الآخر، والمرادُ ببدءِ الوحي: حالُه مع كلِّ ما يتعلقُ بهِ أيَّ تعلقٍ كانَ. فلا يردُّ الاعتراض بأنه لم يتعرض في الحديث لبيان كيفية بدء الوحي فقط. بل لبيان كيفية الوحي على أنه قد تعرض له بعدُ في حديث عائشة، حديث ذكر فيه أن ابتداءه كان رؤيا منام، ولا يضره نقص الترجمة عن المترجم له، إنما يُعاب العكس.

و (الوحي) لغةً (1): يقال للإعلام بخفاء، وللكتاب، وللمكتوب وللبعث، وللإلهام، وللأمر، وللإيماء، وللإشارة، وللتصويت شيئًا بعد شيء. وشرعًا: الإعلام بالشرع بكتاب، أو رسالة ملك، أو منام، أو إلهام، أو نحوها. وقد يطلق الوحي ويراد به اسم المفعول منه أي: الموحى وهو كلام الله المنزَّلُ على النبي صلى الله عليه وسلم.

والرسول: إنسانٌ أُوحي إليه بشرعٍ وأُمِرَ بتبليغه، فهو أَخصُّ من النبيِّ؛ لأن النبيَّ إنسان أُوحي إليه بشرعٍ وإن لم يؤمر بتبليغه. و (قول الله): بالرفع مبتدأ خبره ما بعده، وبالجر عطفًا على كيف إن أضيف إليها (باب) أي: باب بيان كيف كان بدءُ الوحي، وباب معنى قول الله أو على كان بتقدير مضاف أي: كيف كان نزول قول الله، وإنما قلت:

"ثلاثيات البخاري" وغيرها. توفي -رحمه الله تعالى- يوم الخميس ثاني من جمادى الثانية سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بعد عمر حافل بالعلم والعطاء والتأليف والتصنيف ودفن ببيت المقدس بمقبرة "ماملا" -رحمه الله تعالى وعفا عنه-.

انظر: "إنباء الغمر" 3/ 414، و"الإنس الجليل" 2/ 112، "شذرات الذهب" 7/ 197، "البدر الطالع" 2/ 181، "الضوء اللامع" 7/ 270.

(1)

انظر "القاموس المحيط" ص 1729.

ص: 68

بتقدير مضاف؛ لأن العطف بدونه [على كان](1) يقتضي أن لكلام الله كيفيةً، ولا كيفيةَ له. وكثيرًا ما يذكر البخاريُّ في الترجمة آيةً فأكثر من القرآن؛ للاستشهاد بها على ما قبلها أو ما بعدها. (جلَّ ذكره) في نسخة:"عز وجل".

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} الآية [النساء: 163]. عادةُ البخاري رحمه الله أن يضمَّ إلى بعض التراجم والحديث ما يناسبه من قرآن وتفسير له، أو حديثٍ على غير شرطه، أو أثر عن بعض الصحابة، أو عن بعض التابعين، بحسب ما يليق عنده ذلك بالمقام، وأراد بذكر هذه الآية في أوَّلِ هذا الباب؛ الإشارة إلى أن الوَحْي سنة الله تعالى في أنبيائه عليهم السلام، وإلى أن الوَحْي إلى نبيِّنا محمد شبيه بالوحي إلى بقية الأنبياء في أنه وحيُ رسالةٍ لا وَحْيَ إلهام. ولما كان كتابه لجمع وحي السنة، وكان الوَحْيُ لبيان الأحكام الشرعية صدَّره بباب الوحي؛ لأنه مادة الشريعة كما مرَّ ثم بحديث:"إنما الأعمال بالنيات" الآتي لمناسبته للآية السابقة؛ لأنه أوحي إلى الجميع الأمر بالنية، بقوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] والإخلاص: النية، قيل: قدم ذكر نوح لأنه أوَّلُ نبيٍّ أُرسل، أو أوَّلُ نبيٍّ عوقب قومه.

1 -

حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ

(1) من (م).

ص: 69

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ".

[54، 2529، 3898، 5070، 6689، 6953 مسلم: 1907 - فتح: 1/ 9]

(حدثنا الحُمَيْدِيُّ) بالتصغير أبو بكر عبد الله بن الزبير مكيّ، منسوب إلى حميد بن أسامة بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي. (حدثنا سُفْيَان) هو بضمِّ السين أَفْصَحُ من فتحها وكسرها ابن عيينة بن أبي عُمْران الهلالُّي مكيُّ، حدثنا (يَحْيى بنُ سعيد) اسم جدَّه قيس بن عمرو مدني (الأنصاري) نسبة إلى الأنصار جدهم نَصير، كشريف وأشراف، وقيل: ناصر كصاحب وأصحاب، وهو وصف لهم بعد الإسلام وهم قبيلتان الأوس والخزرج / 2 / ابنا حارثة بن ثعلبة (قال: أخبرني محمد بن إبراهيم) اسم جده الحارث، ويحيى ومحمد تابعيَّان (التيميِّ) نسبة لتيم قريش.

(أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي) بالمثلثة نسبة إلى ليث بن بكر ذكره ابن منده في الصحابة وغيره في التابعين، (سمعت عمر بن الخطاب) اسم جدّه نفيل أي: سمعته حال كونه (على المنبر) بكسر الميم من النبر: وهو الارتفاع، (قال) في نسخة "يقول" (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو مفعول سمعت (يقول) حال دالة على محذوف مضاف للمفعول أي: سمعت كلامه؛ لأن الذوات لا تسمع، وقيل: مفعول ثانِ لسمعت (1)، وأتى به مضارعًا بعد سمع الماضي حكاية لحال وقت السماع، أو لإحضار ذلك في ذهن السامع، وأتى في السند بحدثنا، وأخبرني، وسمعت؛ ليفيد أنها كلها تفيد السماع والاتصال، كما نبه

(1) كونها حالًا أفضل؛ لأن (سمع) لا يتعدى في أصله لمفعولين.

ص: 70

عليه بعدُ في باب: العلم، وقد بينت ذلك مع زيادةٍ في "شرحِ ألفيةِ العراقيِّ"(1).

(إنما) مركبة من إنَّ المشددة وما الكافة (2). (الأعمال) البدنية أقوالها وأفعالها الصادرة من المؤمنين أي: إنما صحتها منهم كائنة. (بالنيات) في رواية: "بالنية"(3)، وفي أخرى:"العمل بالنيات" وفي أخرى: "العمل بالنية"(4)، وفي أخرى لابن حبان:"الأعمال بالنيات"(5) بحذف إنما، وكلها تفيد الحصر، أما في الأخيرة فبعموم المبتدأ أو خصوص الخبر على حد: صديقى زيد، وأما في البقية فبكلٍ من: إنما وما بعدها، والحصر بإنما بالمنطوق لا بالمفهوم؛ لأنه لو قال: ما له عليَّ إلا دينار كان إقرارًا بالدينار، ولو كان بالمفهوم لم يكن مقرًا لعدم اعتبار المفهوم في الأقارير، ثم الحصر فيما ذكر أكْثَرِيٌّ لا كُليُّ إذ قد يصح العمل بلا نية كالأذان والإقامة (6) كما يصح ترك العمل

(1)"فتح الباقي" للمصنف ص 290 - 294.

(2)

ما الكافة على ثلاثة أنواع:

أحدها: الكافة عن عمل الرفع وتتصل بثلاثة أفعال: حَلَّ: وكَثُرَ، وطال. وعلة ذلك: شبههن برُبَّ.

الثاني: الكافة عن عمل النصب والرفع، وتتصل بـ (إنّ) وأخواتها. وهي التي ذكرها المصنف.

الثالث: الكافة عن عمل الجد، وتتصل بأحرف وظروف. فالأحرف:(رُبَّ)، والكاف، والباء، ومِنْ والظروف: بَعْدُ، وبين، وحيث، وإذ.

(3)

ستأتي برقم (54) كتاب: الإيمان، باب: ما جاء إن الأعمال بالنية.

(4)

ستأتي برقم (5070) كتاب: النكاح، باب: من هاجر أو عمل خيرًا.

(5)

"صحيح ابن حبان" 2/ 113 (388) كتاب: البر والإحسان، باب: الإخلاص وأعمال السر.

(6)

في (م)[القراءة].

ص: 71

بدونها، كترك الزنا وإن افتقر حصول الثواب فيه إليها بأن يقصد بتركه امتثال الشرع وإزالة النجاسة من قبيل الترك، والحصر فيها ذكر من حصر المبتدأ في الخبر.

والنيةُ لغةً (1): القصد، وشرعًا: قصد الشيء مقترنًا بفعله، فإن تراخى عنه كان عزمًا. وقد بسطت الكلام على ذلك في "شرح البهجة" وغيره.

(وإنما لكل امرئٍ ما نوى) وكذا لكلِّ امرأةٍ، والحصر في هذا عكس ما قبله؛ لأنه حصر الخبر في المبتدأ إذ المحصور فيه بإنما المؤخر دائمًا والحصر هنا مُفاد بكلٍّ من إنما وتقديم الخبر، ثم المراد من هذه غير المراد من التي قبلها بأن يقال المراد من تلك: حَصْرُ المبتدأ في الخبر ومن الثانية عكسه كما مرَّ، أو أن المراد من تلك: بيان توقف الصحة على النية ومن هذه: بيان توقف الثواب عليها، أو أن تلك لم تفد تعيين العمل بالنية وهذه أفادته؛ لأنه لو نوى صلاة إن كانت فائتة وإلا فهي تطوع لم تجزئه عن فرضه؛ لأنه لم يمحص النية ولم يعين بها شيئًا.

(فمن كانت هجرته إلى دنيا) بضم الدال وبالقصر بلا تنوين للتأنيث والعلمية وحكي الكسر والتنوين، وسميت بذلك؛ لدنوها بسبقها على الدار الآخرة، واستشكل استعمالها منكرة؛ لأنها في الأصل مؤنث أدنى، وأدنى أفعل تفضيل فحقها أن تستعمل باللام نحو: الكبرى والحسنى، وأجيب: بأن دنيا خلعت عن الوصفية وأجريت مجرى ما لم يكن وصفًا مما وزنه فُعْلى اسمًا، كرُجْعَى، وبُهْمَى.

(1) انظر "القاموس المحيط" ص 1728.

ص: 72

(يصيبها) صفة لدنيا. (أو إلى امرأة) في نسخة: "أو امرأة" وخُصَّت بالذكر مع دخولها في دنيا؛ لأنها فتنة عظيمة، فنبه على التحذير منها ففي الحديث:"ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجل من النساء"(1) ولأنها سبب ورد عليه الحديث وهو الرجل الذي هاجر إلى امرأة لينكحها يقال لها: أم قيس واسمها: قيلة (2)(ينكحها) أي: يتزوجها كما في رواية (3).

(فهجرته إلى ما هاجر إليه) جواب مَنْ (4)، وأسقط من روايته هنا تنافى بقية الروايات عقب قوله: نوى، وهو (فمن كانت هجرته إلا الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله).

وأبدل (واو فمن كانت هجرته إلى / 3 / دنيا) بفاء.

والهجرة فِعْلَة من الهَجْرِ: وهو الترك، والمراد هنا: ترك الوطن إلى غيره؛ لأن المقصود هجرة من هاجر من مكة إلى المدينة وقد وقع قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك هجرة بعض الصحابة للحبشة مرتين، وبالجملة فحكم الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام مستمر على التفصيل المذكور في الفقه، وقد تطلق الهجرة، كما في بعض الأحاديث على هَجْرِ ما نهى الله عنه، وعلى هجر المسلم أخاه، وهجر

(1) سيأتي برقم (5096) كتاب: النكاح، باب: ما يتقي من شؤم المرأة. ورواه مسلم (2740) كتاب: الذكر والدعاء، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء، وأكثر أهل النار النساء. من حديث أسامة بن زيد.

(2)

قال الحافظ في "الفتح" 1/ 24: لم نقف على تسميته، ونقل ابن دحية أن اسمها: قيلة.

(3)

ستأتي برقم (54) كتاب: الإيمان، باب: ما جاء أن الأعمال بالنية.

(4)

أي (مَنْ) في قوله: فمن كانت هجرته

وهي شرطية، وما بعدها شرطها.

ص: 73

المرأة في المضجع، وغير ذلك.

ومناسبة ذكر الهجرة هنا أنها من قاعدة الأعمال بالنية. وفاء فهجرته: داخلة في جواب (مَن) إن قدرت شرطية وفي خبرها إن قدرت موصولة لتضمنها معنى الشرط، لكن الشرط والجزاء، والمبتدأ والخبر لا بد من تغايرهما وظاهر الكلام هنا اتحادهما، فلا بد من تأويل للتغاير فقيل: تقديره فيما سقط من الحديث.

(فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) نيةً وقصدًا. (فهجرته إلى الله ورسوله) شرعًا وحكمًا، وقيل: حذف من الثاني الخبر أي: فهجرته إلى الله ورسوله مقبولة، أو صحيحة، وقيل: التقدير فيه: فله ثواب مَنْ هاجر إلى الله ورسوله فأقيم السبب مقام المسبب، وقيل: التقدير فيه: ما عُهد في الذهن.

وفي الأول: المشخص في الخارج مثل أنا أبو النجم وشعري شعري (1)، أي: شعري الذي سمعتموه هو شعري، أي:[المستقر](2) المعهود في الأذهان، ثم ما ظاهره الاتحاد يقصد به المبالغة إما في التعظيم، كما في قوله:(ومن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله)، وإما في التحقير، كما في قوله: (ومن كانت هجرته إلى

(1) هذا رَجَزٌ منسوب لأبي النجم في "الخصائص" 3/ 337، و"شرح المفصل" 1/ 98، و"شرح التسهيل" لابن مالك 4/ 301، و"المساعد" 1/ 225، و"شفاء العليل" 1/ 286، و"الخزانة" 1/ 439، 8/ 307، 2/ 419، وبلا نسبة في "الكامل" للمبرد 1/ 44، و"المستوفى" لابن فرُّخان 1/ 199، و"شرح الكافية" 1/ 225، 325، و"تذكرة النحاة"319.

(2)

في (م)[المشتهر].

ص: 74

دنيا

إلخ)، وإنما قال: إلى الله ورسوله، ولم يقل: إليهما. وإن كان الأصل الربطَ بالضمير لكونه أخصر، إما لأن الظاهر استلذاذًا بذكره صريحًا ولذلك لم يأت مثله في الجملة بعده إعراضًا عن تكرار لفظ الدنيا، وإما لئلا يجمع بين اسم الله ورسوله في ضمير، بل يفردان، كما في حديث:"بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله"(1) واعلم أن الجملة الأولى من هذا الحديث تضمنت المدح وهو ظاهرٌ والثانية منه الذم؛ لأن مضمونها خرج في صورة الطالب لفضل الهجرة وباطنه خلاف ظاهره، وأن نية المؤمن خير من عمله، لخبر ورد فيه بذلك؛ ولأن نية الحسنة يثاب عليها بخلاف عملها بلا نية، ولأن النية لكونها بالقلب لا يدخلها رياء، بخلاف الأعمال الظاهرة؛ ولأن القلب أشرف من غيره فكذا فعله؛ وأن هذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام.

قال أبو داود: يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث (2): الأعمال بالنيات، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه (3)، ولا يكون المؤمن

(1) رواه مسلم (870) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة. وأبو داود (1099) كتاب: الصلاة، باب: الرجل يخطب على قوس.

(2)

انظر: "تاريخ بغداد" 9/ 57، و"تهذيب الكمال" 11/ 364.

(3)

رواه الترمذي (2317) كتاب: الزهد، باب: فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه.

وابن ماجه (3976) كتاب: الفتن، باب: كفِّ اللسان في الفتنة. وابن حبان (229) كتاب: الإيمان، باب: صفات المؤمنين. وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

ص: 75