الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ، بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ، مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ".
[انظر: 16 - مسلم: 43 - فتح: 1/ 72]
(حدثنا سليمان بن حرب) بفتحِ المهملةِ وسكونِ الراءِ وبموحدةٍ، ابن بجيلٍ: بفتحِ الموحدةِ وكسرِ الجيمِ، الأزديُّ. (عن أنسٍ) في نسخة:"عن أنسِ بنِ مالكٍ". (ثلاث) أي: ثلاثُ خصالٍ. (من كان) إلى آخرهِ، بدلٌ من ثلاث، أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، لَا بُدَّ في الجملِ الثلاثِ من تقدير محذوفٍ، أي: محبةُ من كان ومحبةُ من أحبَّ وكراهةُ من كره، وقد مرَّ الحديثُ آنفًا، وإنِ اختلف بعضُ الفاظِه فيهما، لكن رواةَ السابقِ عن أنسٍ غيرُ رواةِ هذا عنه.
15 - باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ
.
(باب) ساقطٌ من نسخةٍ. (تفاضلُ أهلِ الإيمانِ في الأعمالِ) في إعرابهِ ما مرَّ في سابقيهِ.
22 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ"، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:"أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَا، أَو الحَيَاةِ -شَكَّ مَالِكٌ- فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَويَةً" قَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو: الحَيَاةِ، وَقَالَ: خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ".
[4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439 - مسلم: 183 و 184 - فتح: 1/ 72]
(حدثنا إسماعيل) هو: ابن أبي أويس بنُ عبد الله الأصبحيُّ المدنيُّ. (عن عمرو بن يحيى) أي: ابن عمارة.
(يدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ) أي: فيها. (يقول الله تعالى) في نسخةٍ:
"يقولُ الله عز وجل" أي: لملائكتهِ. (اخرجوا) بقطع الهمزة (1)، وفي نسخةٍ:"أخرجوا من النار". (مثقالُ حبَّةٍ) أي: مقدارها، زائدًا على أصلِ التوحيد، والحبَّةُ: بفتح الحاء واحدةُ الحبِّ من الحنطةِ ونحوها، ويجمعُ أيضًا على حبَّات وحبوب وحباب.
(من خَرْدَلٍ) صفة لحبة: وهو نباتٌ معروفٌ، يشبَّهُ بهِ الشيءُ القليلُ البالغُ في القِلَّةِ، والمرادُ: القدرُ الذي لا يكونُ مؤمنًا بأقلِّ منهُ. (من إيمانٍ) صفةٌ لمثقالٍ، وتنوينهُ: للتقليل باعتبار الزيادة على ما يكفي، لا لأن الإيمانَ ببعضِ ما يجبُ الإيمانُ به كافٍ؛ وفي نسخةٍ:"من الإيمان" بالتعريفِ، والمرادُ من قولهِ منُ خَرْدَلٍ: التمثيلُ، فيكونُ عيارًا في المعرفة، لا في الوزنِ حقيقةً؛ لأن الإيمانَ ليس بجسمٍ، بل عرض، فلا يوزن، أو الحقيقة فيوزن الإيمانُ كما صرَّحَ به في خبرِ "وكانَ في قلبهِ من الخير ما يزنُ برة"(2)، بناءً على أن الأعراض تجسم فتوزن. (قد اسْوَدُّوا) أي: صاروا سودًا من تأثيرِ النار.
(فيلقون) بالبناءِ للمفعولِ. (الحيا) بالقصر: المطر. (أو الحياة) هو: النهر الذي من غمس فيه، حي (شكَّ مالكٌ) أي: في أيهما الرواية، وفي نسخةٍ:"يشكُّ"، وجملةُ شكَّ: اعتراض. (الحِبَّةُ) بكسر الحاءِ: بذر العشب، برفعٍ على حبَّ، كقِرْبةٍ وقرب. (في جانب السيلِ) قيلَ: إذا ألقوا فيهِ هَذه الحبة، وجرى عليها السيلُ، نبتْت في يومٍ وليلةٍ، بخلاف سائر الحبوب (صفراء) ذُكِرَ هذا اللونُ؛ لأنهُ يسرُّ
(1) لأنه من الفعل الرباعي (أخرجَ) لا من الثلاثي (خرج).
(2)
سيأتي برقم (44) كتاب: الإيمان، باب: زيادة الإيمان ونقصانه. وعند مسلم برقم (193) كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها.
الناظرينَ؛ ولهذا كان سيِّدَ رياحين الجنةِ الحنَّاءُ، وهو أصفرُ. (ملتويةً) أي: منعطفةً؛ لأن ذلكَ أيضًا يزيد الريحانَ حسنًا، باهتزازه وتميلهِ، فمن في قلبهِ مثقالُ حبةِ من إيمانٍ يخرج نضرًا حسنًا منتشطًا، كخروجِ هذه الريحانةِ من جانبِ السيلِ، فوجهُ التشبيه: متعدد؛ لأنَّ التشبيهَ، وقعَ من حيثُ الإسراع وضعفِ النباتِ والطراوةِ والحسن، و (صفراءُ ملتويةٌ) حالان متداخلتان، أو مترادفتان.
(قال وُهَيْبٌ) أي: ابن خالد عجلان الباهليُّ. (حدثنا عمرو) وهو: ابن يحيى المازنيُّ السابق. (الحياةِ) بالجرِّ: على الحكاية، أي: لم يشك، كما شكَّ مالكٌ. (وقال) أي: وهيب، بدل من إيمان. (من خير) وهذا التعليقُ وصلهُ البخاريُّ في الرقاق، فرواه عن موسى بن إسماعيل (1)، عن وهيب، عن عمرو، إلى آخر سنده هنا، وفي الحديث: الردُّ على المرجئةِ، في قولهم: لا يضر مع الإيمانِ معصية، وعلى المعتزلة، في قولهم: بتخليدِ أهلِ الكبائرِ في النارِ.
23 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ". قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الدِّينَ".
[3691، 7008، 7009 - مسلم: 2390 - فتح 1/ 73]
(حدثنا محمد بن عبيد الله) أي: ابن محمدِ بن زيدٍ القرشيُّ الأمويُّ. (إبراهيمُ بنُ سعدٍ) أي: ابن إبراهيمَ بن عبدِ الرحمنِ. (عن
(1) سيأتي برقم (6560) كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار.
صالح) هو: ابن محمد بن كيسان الغفاريُّ. (عن ابن شهاب) هو: الزهريُّ. (عن أبي أمامة) هو: بضمِّ الهمزةِ، أسعد بن سهلٍ، وزادَ في نسخةٍ:"ابن حنيف".
(رأيت) من الرؤيا الحلميةِ، ويحتملُ أنه من الرؤيةِ البصرية، أو العملية، فعلى الثاني: يكون (يعرضون عليَّ) أي: يظهرون لي حالًا، وعلى الآخرين: يكون مفعولًا ثانيًا. (قُمُصٌ) بضم القاف مع ضمِّ الميم وسكونها. (الثُّدِيَّ) بضم المثلثة وكسرها، مع كسر الدَّالِ فيهما، وتشديد الياء، جمع ثدي بفتح المثلثة وسكون الدالِ.
(ما دون ذلك) أي: لم يبلغ إلى الثدي لقصره، (فما أولت ذلك) التأويل لغة: تفسير الشيءِ بما يأول إليه، والمراد هنا تعبير الرؤيا، وأما التأويل في اصطلاح الأصوليين: فهو حمل الظاهر على المحتمل المرجوح لدليلٍ يصيرُ به راجحًا.
(الدِّينَ) بالنصب، مفعولٌ ثانٍ لـ (أولت) مقدرًا (1)، ويجوز رفعه مشاكلةً للمبتدأ، ووجه تأويلِ القميص بالدينِ: أن القميص يسترُ العورةَ، والدينُ يستر من النَّارِ ومن كل مكروه، ولا يلزم من ذلك أفضلية عمر على أبي بكرٍ؛ لأنه لم يحصره في عمرٍ، ولو حصره فأحاديث أفضلية أبي بكر متواترة تواترًا معنويًّا، فلا يعارضها آحادٌ، وأيضًا فالإجماع على أفضلية أبي بكر، وهو قطعيٌّ فلا يعارضه ظنِّيٌّ.
وفي الحديث -كما قال النوويُّ- فوائد: أن العمل من الإيمان، وأن الإيمان والدين بمعنى، وتفاضل أهل الإيمان وعظم فضل عمر، وتعبير الرؤيا وسؤال العالم بها عنها، وثناء العالم على بعض أصحابه؛ حيث لا يخشى فتنة بإعجاب أو نحوه، بل ليعلم بمنزلته
(1) والتقدير: أَوَّلْتُهُ الدينَ.