الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(رواه) أي: الحديث، وفي نسخة:"ورواه". (سفيان) أي: الثوريُّ، وقيل: ابن عيينة، وعبَّر برواه دون تابعه؛ لأن الرواية أعمُّ من المتابعة كما مرَّ، فلعلَّه لم يَرْوهِ [متابعةً](1).
6 - بَابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ
(باب: ترك الحائض الصوم) أي: في أيام حيضها.
304 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ:"يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ" فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ" قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:"فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ" قُلْنَ: بَلَى، قَالَ:"فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا".
[1462، 1951، 2658 - مسلم 80 - فتح: 1/ 405]
(أخبرنا محمد) في نسخة: "حدثنا محمد". (زيد -هو ابن أسلم-) في نسخة: "زيد" فقط.
(خرج رسول الله) أي: من بيته، أو من مسجده. (في أضحى) أي: في عيد أضحى، وهو بفتح الهمزة، وسكون الضاد: جمع أضحاة إحدى أربع لغات في أسمها، ثانيتها وثالثتها: أضحية بضم الهمزة وكسرها مع تخفيف الياءِ، ورابعتها: ضحية بفتح الضاد وتشديد الياءِ،
(1) من (م).
وأضحى تذكر وتؤنث، وهو منصرف، سميت بذلك؛ لأنها تفعل في الضحى: وهو ارتفاع النهار. (أو فطر) أي: عيد الفطر، والشكُّ من أبي سعيد.
(إلى المصلَّى) هو مكان الصلاة. (يا معشر النساءِ) المعشر: كلُّ جماعة أمرهم واحد، وفيه: ردٌّ علي ثعلب؛ حيث خصَّه بالرجال إلا إن أراد بالتخصيص حالة إطلاق المعشر لا تقييده.
(أريتكن) بضمِّ الهمزة، أي: أخبرت، وهو متعدٍّ إلى ثلاثة، ثالثها:(أكثر أهل النار) وكانت الرؤية ليلة الإسراء، أو حالة صلاة الكسوف فيها، كما يؤخذ من حديث ابن عبَّاس الآتي في بابها.
(فقلن) في نسخة: "قلن". (وبم) الواو عاطفة على مقدر، أي: وما ذنبنا، وقيل: استئنافية، والباء سببية، والميم أصلها: ما الاستفهامية، حذفت ألفها تخفيفًا على القاعدة في مثل ذلك، بخلاف ما الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، والزائدة، فإن ألفها تثبت، نحو:{بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [الأنفال: 47]، {بِمَا كَسَبُوا} [الكهف: 58] {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79]{فَبِمَا رَحْمَةٍ} [آل عمران: 159].
(تُكْثِرنْ اللَّعْنَ) أي: الدعاء به، وهو الإبعاد من الله، والدعاء به على معين لم يعلم بنص خاتمة أمره بسوءٍ - محرم، بخلاف المعين الذي علم بنص خاتمةِ أمرِه بسوءٍ، كأبي جهل، وغير المعين ممن اتصف بسوءٍ، كالظالمين، والكافرين، فيجوز الدعاء عليهم بذلك.
(وَتَكْفُرنَ) من الكفر وهو الستر، وكفر النعمة: سترها. (العشير) أي: المعاشر، وهو الزوج، والخطاب عامٌّ، غلِّبت فيه الحاضرات على الغائبات. و (من ناقصات عقل) صفة لمحذوف، أي: أحدًا،
والعقل: العلم ببعض الضروريات. الذي هو مناط التكليف، وقيل: غريزة يتبعها العلم بالضروريات عند سلامة الآلات، وقد بسطت الكلام عليه في "شرح آداب البحث".
(أذهب) من الإذهاب على قول سيبويه، يجوز بناء أفعل التفضيل من مزيد الثلاثي وكان القياس أن يقال: أشد إذهابًا. (للبِّ) بضمِّ اللام الثانية، وتشديد الموحدة: العقل الخالص من الشوائب، وسمِّي بذلك؛ لأنه خالص ما في الإنسان من قواه، فكلُّ لبٍّ عقلٌ لا العكس.
(الحازم) بحاءٍ مهملة وزاي، أي: الضابط لأمره، وذكره مبالغة في وصفهنَّ بذلك؛ لأن الضابط لأمره إذا كان معهنَّ متصفًا بما ذكر فغيره أولى. (ديننا وعقلنا) في نسخةٍ:"دينها وعقلها".
(فذلكِ) بكسر الكاف، عدل إليه عن فذالكن؛ ليفيد العموم لكلِّ مخاطبة.
وفي الحديث: كما قال النوريُّ الحثُّ على الصدقة، وأن الحسنات يذهبن السيئات، وأن كفران العشير من الكبائر؛ للتوعد عليه بالنَّار، وجواز إطلاق الكفر على غير الكفريات (1)، والمراجعة فيما لا يظهر معناه، وكون شهادة امرأتين بشهادة رجل، وحضورهن مجامع الرجال، لكن بانعزالهن عنهم؛ خوف الفتنة، وخروج الإمام للمصلَّى في العيد، وإنَّ نقص الدين قد يكون مع عدم الإثم، كما أن الكامل ناقصٌ عن الأكمل، وإن لم يكن إثمًا، ثُمَّ إن البخاري خصَّ بالذكر في الترجمة صوم الحائض دون صلاتها، مع أنهما في الحديث؛ لأن تركها للصلاة واضح؛ لافتقارها إلى الطهارة، بخلاف الصوم، فتركها له مع
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 66.
الحيض تعبد محضٌ فاحتيج إلى ذكره بخلاف الصلاة، وليس المراد بذكر نقص العقل والدين في النساءِ لومهنَّ عليه؛ لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيرًا منهن. وهل تثاب على تركها الصوم؛ لأنها مكلفة به، كما يثاب المريض علي النوافل التي كان يفعلها في صحته، وشغل عنها بمرضه؟.
قال النوويُّ: الظاهر لا؛ لظاهر الحديث؛ لأن المريض كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته لها (1)، وهي ليست كذلك، بل نيتها ترك الصلاة زمنَ الحيض، وكيف لا وهي حرامٌ عليها.
قال الطيبي (2): والجواب، أي: بقوله: (تكثرن اللعن
…
إلخ) من أسلوب الحكيم؛ لأن (ما رأيت
…
إلخ) زيادة، فإن قوله:(تكثرن اللعن وتكفرن العشير) جواب تامٌّ، فكأنه من باب: الاستتباع؛ إذ الذمُّ بالنقصان استتبع الذمَّ بأمرٍ آخر غريب، وهو كون الرجل الكامل منقادًا للناقصات دينًا وعقلًا.
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 68.
(2)
هو أَبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد حمدان الطيبي المعروف بالصائن تفقه بواسط على المجير البغدادي، وصنف مختصرًا في الفرائض. مولده سنة ثلاث وستين وخمسمائة. قال الذهبي: مصنف "شرح التنبيه" ومعيد النظامية، كان سديد الفتاوى، متقنا، فرضيًا، حاسبًا، فاضلًا. توفي في صفر سنة أربع وعشرين وستمائة.
انظر: "البداية والنهاية" 13/ 122، "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة 2/ 74.