الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأثر رواه مسلم مرفوعًا (1)، وفيه: دليل أن بعض المؤمنين بلغ حقيقة الإيمان، وبعضهم لم يبلغها، فهو يزيد وينقص. (وقال مجاهد) أي: ابن جبر المفسر. (وإيَّاهُ) أي: نوحًا والمعنى: أن ما تظاهرت عليه آيات الكتاب والسنة من زيادة الإيمان ونقصانه هو شرع الأنبياء كلهم؛ لقوله تعالى: ({شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ}) الآية. سبيلًا وسنة تفسير لقوله تعالى: ({شرعة ومنهاجًا}) ففيه: لفٌّ ونشرُ غيرُ مرتبٍ، وفي نسخةٍ:"سنةً وسبيلًا" فهو مرتبٌ، وآيةُ {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} دالة على اتحاد شِرعةِ الأنبياء، وذلك في أصولِ الدينِ، وآية {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} دالةٌ على تفريق شرائعهم وذلك في الفروع.
2 - باب: {دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77]: إِيمَانُكُمْ
.
كذا في أكثر النسخِ، وقال النوويُّ: هو غلطٌ فاحشٌ، وصَوابُهُ: ودعاؤكم إيمانُكمَ بحذف باب؛ لعدمِ مطابقةِ الحديثِ الآتي له؛ ولأنه ترجم قبله بقوله صلى الله عليه وسلم: بُنيَ الإسلام على خمس، ولم يذكره فيه بل ذكره بعده وعليه فيكون (دعاؤكم إيمانكم) من قول ابن عباس تفسيرًا للدعاء بالإيمان، قوله تعالى:{لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77] ووجه الاستشهاد فيه: أن الدعاء المفسر بالإيمان يقبل الزيادة والنقص.
8 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".
[4514 - مسلم: 16 - فتح: 1/ 49]
(1) انظر: "صحيح مسلم"(2553) كتاب: البر والصلة، باب: تفسير البر والإثم. من حديث النواس بن سمعان.
(عبيد الله بن موسى) هو ابن باذام بموحدة، وذالٍ معجمةٍ، العَبْسِيُّ بفتح المهملة، وسكون الموحدة، الكوفيُّ. (حنظلة بن أبي سفيان) هو قرشيٌّ، من ذرية صفوان بن أمية الجمحيُّ. (عكرمة بن خالد) هو سعيد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزويُّ.
(بُنيَ الإسلامُ) قال النوويُّ: أُدْخِلَ هذا الحديث في هذا الباب، يعني: باب قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (بُنيَ الإسلام على خمسٍ)؛ ليُبَيِّن أَنَّ الإسلام يُطْلَقُ عَلَى الأفعالِ، وأنَّ الإسلام والإيمانَ قد يكونانِ بمعنى واحدٍ. (عَلَى خَمْسٍ) أي: دَعَائم، أو قَوَائم، وفي نسخةٍ:"عَلَى خَمْسَةٍ" أَي: أَشْيَاءَ، أَوْ أَرْكَانَ، عَلَى أَنَّ دُخُولَ التَّاءِ في العَدَدِ للتَّذْكِيرِ، وَحَذْفَهَا مِنْهُ للتَّأنيثِ، محله: إذا ذُكِرَ المعدودُ، فإنْ حُذِفَ كما هنا جاز الأمرانِ.
(شهادة) هو مع ما عطف عليه، مجرورٌ على البدل من خمس بدل كلٌّ من كلٍّ، أو مرفوع خبر مبتدأ محذوف، ويجوز نصبه بتقدير أَعْنِي. (أن لا إله إلا الله) أن: فيه مخففة من الثقيلة عطف عليها (وأنَّ محمدًا رسولُ الله) بتشديد أن.
(وإقام الصلاة) أصله: إقوام الصلاة، نقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها فحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وحينئذٍ فيعوضُ عنها. التَّاء، فيقُالُ: إقامةٌ أَوْ ذِكْرُ المُضَافِ إلَيْهِ، فَيُقَالُ: إِقامُ الصَّلاةِ، كَما هُنا. (وإِيتَاءِ الزكاة) أَي: إِعْطَائِهَا مُسْتحِقَّهَا.
(والَحجِّ) أي: والعُمْرَةِ إلى أن في الحديث التنبيهَ عَلَى جَميع مَا أُمِرَ بالإيمانِ بهِ، كالإِيْمان بُرسُلِ الله، وَمَلَائكَته، وكُتُبِه، والبَعْثِ، وَغَيْرِهِا، فاسْتُغْني بمفتتح الإيمانِ عَنْ ذَلك، كَمَا تَقُولُ: قَرَأْتُ الحَمْدَ، والمراد إلى آخر السُّورةِ. (وصوم رمضان) فيه: دليلٌ لمن جوَّز إطلاقَ رمضانَ مِنْ غَيْر إضافةِ شَهْرٍ إلَيهِ، وَاعلَمْ أَنَّ الإسلامَ مُشَبَّهٌ بِشَيءٍ لَهُ دَعَائم
فذكرَ المُشَبَّه وأسْندَ إليهَ مَا هُو من خَواصِّ المشبه به، وهو البناءُ، ويسَمَّى ذَلِكَ استعارة بالكناية كأنبت الربيعُ البقلَ، ويجوز أنْ تكون الاستعارة تبعيةً، بأنْ شبه ثبات الإسلام على الأمور الخمسة ببناء الخباء على الأعمدة الخمسة، ثمَّ مرَّتْ الاستعارة منَ المصدرِ إلى الفعلِ، ووجهُ الحصرِ في الخمسة: أنَّ العبادةَ إما قولية وهي الشهادة، أو غير قولية، فإِما تركيٌّ وهو الصوم، أو فعليٌّ، فإما بدنيُّ، وهو الصلاة، أو ماليُّ، وهو الزكاة، أو مركبٌّ منهما وهو الحَجُّ.
قال النَّوويُّ: وَحُكْمُ الإِسْلَام في الظَّاهِرِ ثَبُتَ بالشهادَتَيْنِ، وإنَّما أضيفَ إليهما الصلاةُ ونحوهَا، لِكونِها أظهَر شعائر الإسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم استسلامه وتركه لها يشعر بانحلاله انتهى. فالإسلام الحقيقي يحصل بالشهادتين (1) بشرطِ التصديقِ كما مرَّ، والكاملُ يحصلُ بالأمور الخمسة، فإن قيلَ: إذَا كانَ حصولُه بالخمسةِ فهُوَ عَيْنُهَا، والمبني يجب أنْ يكون غير المبنى عَلَيْهِ وأُجِيْبُ: بأنَّ الإسلامَ هو المجموع، والمجموعُ غيرُ كلٍّ منْ أركانهِ، فإنْ قيلَ فالأرَبعةُ لَا تَصِحُّ إلا بالأوَّل فهي المبنية، وهو المبنى عليه، فلا يجوز إدخالهما في سلكٍ واحدٍ، أجيبُ: بأنهُ لا امتناع أنْ يكونَ أمرًا مبنيًّا على أمرٍ، ثمَّ الأمرُ أنْ يكون مبينًا عليهُمَا شيء آخرُ، أو إِنَّ مَعْنَى بناءِ الأَرْبَعَةِ مِنْ جِهَةِ صِحَّتِهِا، وذلك غير معنى بناءِ الإسلام على الخمسِ فإنْ قيلَ: لِمَ لمْ يذكر مع [الخمس](2) الجهادِ؟ أجيبُ بَأنَّهُ: لم يكنْ فرضًا، أو كانَ فرضه فرضَ كفايةٍ، بخلافِ الخمس، فإنَّهَا فرائضُ أعيانٍ.
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 1/ 148.
(2)
من (م).