المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌اسمه ولقبه وولادته وأسرته:

- ‌نشأته:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌عبادته وزهده:

- ‌عقيدته:

- ‌تصوفه:

- ‌آثاره العلمية:

- ‌ما وقفنا عليه من أسماء مؤلفاته:

- ‌وفاته:

- ‌كتاب "منحة الباري بشرح صحيح البخاري" أو "تحفة الباري

- ‌اسم الكتاب:

- ‌عملنا في كتاب المنحة

- ‌عملنا في كتاب صحيح البخاري

- ‌منهج ضبط متن صحيح البخاري:

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌1 - كتاب بدء الوحي

- ‌1 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْي إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - باب

- ‌3 - باب

- ‌4 - باب

- ‌5 - باب

- ‌6 - باب:

- ‌2 - كتاب الإيمان

- ‌1 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌2 - باب: {دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77]: إِيمَانُكُمْ

- ‌3 - باب أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - باب المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - باب أَيُّ الإِسْلام أَفْضَلُ

- ‌6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلامِ

- ‌7 - باب: مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - بَابٌ: حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - باب حَلاوَةِ الإِيمَانِ

- ‌10 - باب عَلامَةُ الإيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ

- ‌11 - باب

- ‌12 - باب مِنَ الدِّينِ الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ

- ‌13 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ

- ‌14 - بَابٌ: مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌15 - باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌16 - باب الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - بَابٌ: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

- ‌18 - باب مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ العَمَلُ

- ‌19 - بَابُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلامُ عَلَى الحَقِيقَةِ، وَكَانَ عَلَى الاسْتِسْلامِ أَو الخَوْفِ مِنَ القَتْلِ

- ‌20 - باب إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - باب كُفْرَانِ العَشِيرِ وكُفْرِ بَعْدَ كُفْرٍ

- ‌22 - باب المَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ

- ‌23 - باب ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - باب عَلامَةِ المُنَافِقِ

- ‌25 - باب قِيَامُ لَيلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - باب الجهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - باب تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بَابٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - باب الدِّينُ يُسْرٌ

- ‌30 - باب الصَّلاةُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌31 - باب حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ

- ‌32 - باب أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى الله أَدْوَمُهُ

- ‌33 - باب زِيادةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ

- ‌34 - بَابٌ: الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌35 - بَابٌ: اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌37 - بَابُ سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ

- ‌38 - باب

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بَابٌ: أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - بَابٌ: مَا جَاءَ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - بَابُ فَضْلِ العِلْمِ

- ‌2 - بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ

- ‌4 - بَابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، وَأَنْبَأَنَا

- ‌5 - بَابُ طَرْحِ الإِمَامِ المَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ العِلْمِ

- ‌6 - بَابُ مَا جَاءَ فِي العِلْمِ. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

- ‌7 - بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بِالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ

- ‌8 - بَابُ مَنْ قَعَدَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا

- ‌9 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بَابٌ: العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ

- ‌11 - بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - بَابُ مَنْ جَعَلَ لِأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً

- ‌13 - بَابٌ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ

- ‌14 - بَابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

- ‌15 - بَابُ الاغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحِكْمَةِ

- ‌16 - بَابُ مَا ذُكِرَ فِي ذَهَابِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم فِي البَحْرِ إِلَى الخَضِرِ

- ‌17 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ

- ‌18 - بَابٌ: مَتَى يَصِحُّ سَمَاعُ الصَّغِيرِ

- ‌19 - بَابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌20 - بَابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ

- ‌21 - بَابُ رَفْعِ العِلْمِ وَظُهُورِ الجَهْلِ

- ‌22 - باب فَضْلِ العِلْم

- ‌23 - بَابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ، وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ

- ‌26 - بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ، وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌27 - بَابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

- ‌28 - بَابُ الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ

- ‌29 - بَابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَو المُحَدِّثِ

- ‌30 - بَابُ مَنْ أَعَادَ الحَدِيثَ ثَلاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ

- ‌31 - بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ

- ‌32 - بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ

- ‌33 - بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ

- ‌34 - باب كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ

- ‌35 - بَابٌ: هَلْ يُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ يَوْمٌ عَلَى حِدَةٍ فِي العِلْمِ

- ‌36 - باب مَنْ سَمِعَ شَيئًا فَرَاجَعَ حَتَّى يَعْرِفَهُ

- ‌37 - بَابٌ: لِيُبَلِّغِ العِلْمَ الشَّاهِدُ الغَائِبَ

- ‌38 - بَابُ إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌39 - باب كتَابَةِ العِلْمِ

- ‌40 - بَابُ العِلْمِ وَالعِظَةِ بِاللَّيْلِ

- ‌41 - باب السَّمَرِ بِالْعِلْم

- ‌42 - باب حِفْظِ العِلْمِ

- ‌43 - باب الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ

- ‌44 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ

- ‌45 - بَابُ مَنْ سَأَلَ، وَهُوَ قَائِمٌ، عَالِمًا جَالِسًا

- ‌46 - بَابُ السُّؤَالِ وَالفُتْيَا عِنْدَ رَمْيِ الجِمَارِ

- ‌47 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]

- ‌48 - بَابُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ

- ‌49 - بَابُ مَنْ خَصَّ بِالعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا

- ‌50 - باب الحَيَاءِ فِي العِلْم

- ‌51 - بَابُ مَنِ اسْتَحْيَا فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالسُّؤَالِ

- ‌52 - بَابُ ذِكْرِ العِلْمِ وَالفُتْيَا فِي المَسْجِدِ

- ‌53 - بَابُ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ

- ‌4 - كتاب الوضوء

- ‌1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ

- ‌2 - بَابٌ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌3 - بَابُ فَضْلِ الوُضُوءِ، وَالغُرُّ المُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ

- ‌4 - بَابُ مَنْ لَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

- ‌5 - بَابُ التَّخْفِيفِ فِي الوُضُوءِ

- ‌6 - بَابُ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ

- ‌7 - بَابُ غَسْلِ الوَجْهِ بِاليَدَيْنِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ

- ‌8 - بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعِنْدَ الوقَاعِ

- ‌9 - بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الخَلاءِ

- ‌10 - بَابُ وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلاءِ

- ‌11 - بَابٌ: لَا تُسْتَقْبَلُ القِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، إلا عِنْدَ البِنَاءِ، جِدَارٍ أَوْ نَحْوهِ

- ‌12 - بَابُ مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ

- ‌13 - بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى البَرَازِ

- ‌14 - بَابُ التَّبَرُّزِ فِي البُيُوتِ

- ‌15 - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌16 - بَابُ مَنْ حُمِلَ مَعَهُ المَاءُ لِطُهُورِهِ

- ‌17 - بَابُ حَمْلِ العَنَزَةِ مَعَ المَاءِ فِي الاسْتِنْجَاءِ

- ‌18 - بَابُ النَّهْيِ عَنْ الاسْتِنْجَاءِ بِاليَمِينِ

- ‌19 - بَابٌ: لَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ

- ‌20 - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالحِجَارَةِ

- ‌21 - [بَابٌ: لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ]

- ‌22 - بَابُ الوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌23 - بَابٌ: الوُضُوءُ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

- ‌24 - بَابُ: الوُضُوءُ ثَلاثًا ثَلاثًا

- ‌25 - بَابُ الاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ

- ‌26 - بَابُ الاسْتِجْمَارِ وتْرًا

- ‌27 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ

- ‌28 - بَابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ

- ‌29 - بَابُ غَسْلِ الأَعْقَابِ

- ‌30 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ

- ‌31 - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الوُضُوءِ وَالغَسْلِ

- ‌32 - بَابُ التِمَاسِ الوَضُوءِ إِذَا حَانَتِ الصَّلاةُ

- ‌33 - بَابُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ شَعَرُ الإِنْسَانِ

- ‌34 - بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الوُضُوءَ إلا مِنَ المَخْرَجَيْنِ: مِنَ القُبُلِ وَالدُّبُرِ

- ‌35 - بَابٌ: الرَّجُلُ يُوَضِّئُ صَاحِبَهُ

- ‌36 - بَابُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ وَغَيْرِهِ

- ‌37 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ إلا مِنَ الغَشْيِ المُثْقِلِ

- ‌38 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ

- ‌39 - بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الكَعْبَيْنِ

- ‌40 - بَابُ اسْتِعْمَالِ فَضْلِ وَضُوءِ النَّاسِ

- ‌41 - بَابُ مَنْ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ

- ‌42 - بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً

- ‌43 - بَابُ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَفَضْلِ وَضُوءِ المَرْأَةِ

- ‌44 - بَابُ صَبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءهُ عَلَى المُغْمَى عَلَيْهِ

- ‌45 - بَابُ الغُسْلِ وَالوُضُوءِ فِي المِخْضَبِ وَالقَدَحِ وَالخَشَبِ وَالحِجَارَةِ

- ‌46 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ التَّوْرِ

- ‌47 - بَابُ الوُضُوءِ بِالْمُدِّ

- ‌48 - بَابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ

- ‌49 - بَابُ إِذَا أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ

- ‌50 - بَابُ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّويقِ

- ‌51 - بَابُ مَنْ مَضْمَضَ مِنَ السَّويقِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

- ‌52 - بَابٌ: هَلْ يُمَضْمِضُ مِنَ اللَّبَنِ

- ‌53 - بَابُ الوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ مِنَ النَّعْسَةِ وَالنَّعْسَتَيْنِ، أَوِ الخَفْقَةِ وُضُوءًا

- ‌54 - بَابُ الوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ

- ‌55 - بَابٌ: مِنَ الكَبَائِرِ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ مِنْ بَوْلِهِ

- ‌56 - باب مَا جَاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ

- ‌57 - بَابُ تَرْكِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسِ الأَعْرَابِيَّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ بَوْلِهِ فِي المَسْجِدِ

- ‌58 - باب صَبِّ المَاءِ عَلَى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ

- ‌59 - باب بَوْلِ الصِّبْيَانِ

- ‌60 - بَابُ البَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا

- ‌61 - بَابُ البَوْلِ عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَالتَّسَتُّرِ بِالحَائِطِ

- ‌62 - بَابُ البَوْلِ عِنْدَ سُبَاطَةِ قَوْمٍ

- ‌63 - باب غَسْلِ الدَّمِ

- ‌64 - بَابُ غَسْلِ المَنِيِّ وَفَرْكِهِ، وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنَ المَرْأَةِ

- ‌65 - بَابُ إِذَا غَسَلَ الجَنَابَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ

- ‌66 - بَابُ أَبْوَالِ الإِبِلِ، وَالدَّوَابِّ، وَالغَنَمِ وَمَرَابِضِهَا

- ‌67 - بَابُ مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالمَاءِ

- ‌68 - باب [الْبَوْلِ فِي] المَاءِ الدَّائِمِ

- ‌69 - بَابُ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ المُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ، لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاتُهُ

- ‌70 - بَابُ البُزَاقِ وَالمُخَاطِ وَنَحْوهِ فِي الثَّوْبِ

- ‌71 - بَابُ لَا يَجُوزُ الوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ، وَلَا المُسْكِرِ

- ‌72 - بَابُ غَسْلِ المَرْأَةِ أَبَاهَا الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ

- ‌73 - باب السِّوَاكِ

- ‌74 - باب دَفْعِ السِّوَاكِ إِلَى الأَكْبَرِ

- ‌75 - بَابُ فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الوُضُوءِ

- ‌5 - كتاب الغسل

- ‌1 - بَابُ الوُضُوءِ قَبْلَ الغُسْلِ

- ‌2 - بَابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ

- ‌3 - باب الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوهِ

- ‌4 - باب مَنْ أَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا

- ‌5 - باب الغُسْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً

- ‌6 - بَابُ مَنْ بَدَأَ بِالحِلابِ أَو الطِّيبِ عِنْدَ الغُسْلِ

- ‌7 - بَابُ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ فِي الجَنَابَةِ

- ‌8 - بَابُ مَسْحِ اليَدِ بِالتُّرَابِ لِتَكُونَ أَنْقَى

- ‌9 - بَابٌ: هَلْ يُدْخِلُ الجُنُبُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ غَيْرُ الجَنَابَةِ

- ‌10 - بَابُ تَفْرِيقِ الغُسْلِ وَالوُضُوءِ

- ‌11 - بَابُ مَنْ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فِي الغُسْلِ

- ‌12 - بَابُ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ، وَمَنْ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ

- ‌13 - بَابُ غَسْلِ المَذْيِ وَالوُضُوءِ مِنْهُ

- ‌14 - بَابُ مَنْ تَطَيَّبَ ثُمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ

- ‌15 - بَابُ تَخْلِيلِ الشَّعَرِ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ

- ‌16 - بَابُ مَنْ تَوَضَّأَ فِي الجَنَابَةِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، وَلَمْ يُعِدْ غَسْلَ مَوَاضِعِ الوُضُوءِ مَرَّةً أُخْرَى

- ‌17 - بَابُ إِذَا ذَكَرَ فِي المَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ، يَخْرُجُ كَمَا هُوَ، وَلَا يَتَيَمَّمُ

- ‌18 - بَابُ نَفْضِ اليَدَيْنِ مِنَ الغُسْلِ عَنِ الجَنَابَةِ

- ‌19 - بَابُ مَنْ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ فِي الغُسْلِ

- ‌20 - بَابُ مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ

- ‌21 - بَابُ التَّسَتُّرِ فِي الغُسْلِ عِنْدَ النَّاسِ

- ‌22 - بَابُ إِذَا احْتَلَمَتِ المَرْأَةُ

- ‌23 - بَابُ عَرَقِ الجُنُبِ، وَأَنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ

- ‌24 - بَابٌ: الجُنُبُ يَخْرُجُ وَيَمْشِي فِي السُّوقِ وَغَيْرِهِ

- ‌25 - بَابُ كَيْنُونَةِ الجُنُبِ فِي البَيْتِ، إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ

- ‌26 - باب نَوْمِ الجُنُبِ

- ‌27 - بَابُ الجُنُبِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ

- ‌28 - بَابٌ: إِذَا التَقَى الخِتَانَانِ

- ‌29 - بَابُ غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ المَرْأَةِ

- ‌6 - كتاب الحيض

- ‌1 - بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الحَيْضِ

- ‌2 - بَابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ

- ‌3 - بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حَجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌4 - بَابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا

- ‌5 - بَابُ مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ

- ‌6 - بَابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ

- ‌7 - بَابٌ: تَقْضِي الحَائِضُ المَنَاسِكَ كُلَّهَا إلا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ

- ‌8 - باب الاسْتِحَاضَةِ

- ‌9 - باب غَسْلِ دَمِ المَحِيضِ

- ‌10 - بَابُ اعْتِكَافِ المُسْتَحَاضَةِ

- ‌11 - بَابٌ: هَلْ تُصَلِّي المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ

- ‌12 - بَابٌ: الطِّيبُ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

- ‌13 - بَابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ، وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ، وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً، فَتَتَّبِعُ [بها] أَثَرَ الدَّمِ

- ‌14 - باب غَسْلِ المَحِيضِ

- ‌15 - بَابُ امْتِشَاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

- ‌16 - بَابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ المَحِيضِ

- ‌17 - بَابُ: {مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}

- ‌18 - بَابٌ: كَيْفَ تُهِلُّ الحَائِضُ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ

- ‌19 - بَابُ إِقْبَالِ المَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ

- ‌20 - بَابٌ: لَا تَقْضِي الحَائِضُ الصَّلاةَ

- ‌21 - بَابُ النَّوْمِ مَعَ الحَائِضِ وَهِيَ فِي ثِيَابِهَا

- ‌22 - بَابُ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ

- ‌23 - بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ العِيدَيْنِ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ، وَيَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى

- ‌24 - بَابُ إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاثَ حِيَضٍ

- ‌25 - بَابُ الصُّفْرَةِ وَالكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الحَيْضِ

- ‌26 - بَابُ عِرْقِ الاسْتِحَاضَةِ

- ‌27 - بَابُ المَرْأَةِ تَحِيضُ بَعْدَ الإِفَاضَةِ

- ‌28 - بَابُ إِذَا رَأَتِ المُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ

- ‌29 - بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النُّفَسَاءِ وَسُنَّتِهَا

- ‌30 - باب

الفصل: ‌6 - باب:

للتوكيد، أو جواب لقسم مقدر، والفاء للسببية. (المرسلة) بفتح السين، أي: المطلقة، أشار به إلى أنه صلى الله عليه وسلم في الإسراع بالجود، أسرعُ من الريح المرسلة، وإلى عموم النفع بجوده صلى الله عليه وسلم، كما تعمُّ الريحُ المرسلةُ جميعَ ما تهبُّ عليهِ.

وفي الحديث: جواز المبالغة في التشبيه، وجواز تشبيه المعنوي بالمحسوس؛ ليقرب لفهم سامعه، وتخصيص بعد تخصيص على سبيل الترقي جحما فَضَّلَ أولًا: جودَه مطلقًا على جود الناس كلهم، ثم فَضَّلَ ثانيًا: جوده في رمضان على جوده في غيره، ثم فَضَّلَ ثالثًا: جوده في ليالي رمضان عند لقاء جبريل على جودِهِ في رمضانَ مطلقًا، ثم شبَّهَ جودَه بالريح المرسلةِ.

ولما فرغ من بدء الوحي شرع يذكر جملة من أوصاف الموحى إليه الواقعة في بدء الوحي فقال.

‌6 - باب:

7 -

حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي (1)، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلَا

(1) في السلطانية بضم الهمزة.

ص: 106

الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا.

قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا.

قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ.

فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ؟، فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ:، هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.

وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ: بِمَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ،

ص: 107

وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.

ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ" وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} " [آل عمران: 64].

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلامَ.

وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ -صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ- سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إلا اليَهُودُ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُودِ.

فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا؟ فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا

ص: 108

مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ.

ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ.

رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [51، 2681، 2804، 2941، 2978، 3174، 4553، 5980، 6260، 7196، 7541 - مسلم: 1773 - فتح: 1/ 31](حدثنا أبو اليمان الحكم) بفتح المهملة، والكاف، وفي نسخة:"حدثنا الحكم"، (أخبرنا شعيب) هو: ابن أبي حمزة، بمهملة، وزاي، القرشيُّ. (عن الزهريِّ) أتي فيه أوَّلًا: بحدثنا، وثانيًا: بأخبرنا، وثالثًا: بعن، ورابعًا: بأخبرني؟ إما للفرق بينها، أو لحكاية الواقع؛ أو لأن الكل جائز، إذا قلنا لا فرق، وهو الأصح. (أبا سفيان) بتثليث السين، يُكْنَى أيضًا: بأبي حنظلة، واسمه: صخر بن حرب، وهو بمهملة وراء، ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، جد النبيِّ صلى الله عليه وسلم. (هِرَقْلُ) بكسر الهاء، وفتح الراء، وسكون القاف، وهو غير منصرف للعجمة والعلمية، وحُكِيَ فيه "هِرْقِلُ"[بكسر الهاء](1) بسكون الراء، وكسر القاف، ولقبه: قيصر. (في رَكْبِ) جمع راكب، كتجرٍ وتاجر، وقال سيبويه: إنه اسم جمع، كقوم، ودود، والركبُ: أصحابُ الإبلِ

(1) من (م).

ص: 109

العشرة فما فوقها، قاله الجوهريُّ (1).

(من قريش) صفة لركب، وقريش: ولد النضر، وقيل: ولد فهد بن مالك ابن النضر، سُمُّوا قريشًا من القرش وهو: الكسب، والجمع؛ لتكسبهم، أو لتجمعهم بعد التفرق، وقيل: سُمُّوا ذلك باسم دابة في البحر من أقوى دوابِّه، تأكلُ ولا تؤكل، وتعلو ولا يُعْلَى عليها، والتصغير فيه للتعظيم، وهو منصرف، على إرادة الحيِّ، و [قد](2) يمنع، على إرادة القبيلة.

(تُجَّارًا) بالضم والتشديد بوزن كُفَّار، وبالكسر والتخفيف بوزن كِلَاب، جمع تاجر. (بالشام) بالهمز وبدونه، وبالهمزة مع المد، وهو متعلق بـ "تجارًا" أو بـ (كانوا)، أو صفة بعد صفة لـ (ركب). (مادَّ) بالتشديد، فعلٌ ماضٍ من المفاعلة، يقال: مادَّ الغريمان إذا اتفقا على أجل للدين، وضربا له زمانًا، وهو من المدة أي: القطعة من الزمان، وهذه المدة: هي مدة صلح الحديبية الذي جرى بين النبيِّ صلى الله عليه وسلم وبين أبي سفيان حاكِي القصة، وكفارِ قريش سنة ستٍّ من الهجرة. (وكفار قريش) عطفه على (أبا سفيان) فهو من عطف العامِّ على الخاصِّ، وقيل: هو مفعولٌ معه، فالواو بمعنى مع (3).

(1) انظر: "الصحاح" 1/ 138.

(2)

في (م)[قيل].

(3)

الواو التي بمعنى مع تُسمَّى واو المعية، وما بعدها يكون مفعولًا معه منصوبًا نحو استوى الماءُ والخشبةَ. وقد اختلف النحاة في عمل هذه الواو، فذهب عبد القاهر الجرجاني إلى أنها عاملة تنصب المفعول معه بعدها. وقيل إنها غير عاملة وما بعدها منصوب بما قبلها من فعل أو شبهه بواسطة الواو.

وذهب الزجاج إلى أن ناصب المفعول معه مضمر بعد الواو من فعل أو شبهه. وذهب الكوفيون إلى أن ما بعد الواو منصوب بالخلاف، وذهب

ص: 110

(فأتوه) الفاء فيه فصيحة (1)، وهي العاطفة على مقدر أي: أرسل إليه فجاء الرسولُ، فطلب أن يأتوه فأتوه، على حدِّ:{اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ} [الأعراف: 160] أي: فضرب فانفجر.

(وهم) أي: هرقل وجماعته، وفي نسخة:"وهو" أي: هرقل، (بإيلياء) بالمد، بوزن: كبرياء، وفي نسخة: بالقصر، وفي أخرى:"إلياء"، بحذف الياء الأولى، بوزن: إعطاء، وحُكِيَ: إيليَّا بتشديد الياء الثانية والقصر ومعناه: بيت الله، والمراد: بيت المقدس.

(في مجلسه) حال؛ أي: دعاهم حالة كونه في مجلسه؛ لأن دعا إنما يتعدى بإلى، نحو:{يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] أي: دعاهم وهو في مجلس ملكه، لا في خلوته. (وحوله) نصب على الظرفية، ويقال فيه: حواليه، وحوليه، وحواله، وهو خبر لقوله:(عظماء الروم) والروم: اسم للجيل المعروف، قال الجوهريُّ: ولد الروم بن عيصو أي: فغلب عليهم اسم أبيهم (2)، (ثم دعاهم) عطف على فدعاهم، وليس بتكرار؛ لأن معناه: أنه دعاهم أولًا، فلما حضروا بعيدًا منه وقعت مهلة بقرينة ثم دعاهم ثانيًا؛ ليقربوا منه.

(تَرجُمانه) بفتح التاء، وضم الجيم، وقد تضم التاء اتباعًا، وقد

الأخفش إلى أنه منصوب على الظرفية.

واختلف النحاة -كذلك- في أصل هذه الواو: أهي قسمٌ برأسه، أ، هي واو العطف؟ فاختار بعض النحاة الأول، واختار آخرون الثاني.

(1)

الفاء الفصيحة هي العاطفة على كلام مُقدَّرٍ، وأكثر ما يكون المقدر قبلها الشرط، ومنه قوله تعالى:{فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)} أي إن علمت هذا أيها الإنسان فما يكذبك.

(2)

انظر: "الصحاح" 5/ 1939.

ص: 111

يفتحان، وقد يضم الأول ويفتح الثاني، وفي نسخة:"بترجمانه"، وفي أخرى:"بالترجمان"، وهو: المفسر لغة بلغة، والباء في الأخيرتين زائدة للتوكيد (1)، كما في قوله:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] أو أصلية بتضمين دعا معنى استعان، وإلا فدعا متعد بنفسه.

(فقال: أيكم أقرب) الفاء فصيحة، أي: فقال للترجمان قل: أيكم أقرب فقال الترجمان ذلك، وصلة أفعل التفضيل، والمفضل عليه: محذوفان، والتقدير: أيكم أقرب إليه من غيره، ووجه سؤال هرقل ذلك: أن الأقرب إلى النبيِّ أعلمُ بحاله، وأبعد من الكذب في نسبه؛ لئلا يكون قدحًا في نسب نفسه.

(فقال) في نسخةٍ: "قال"(قلت) في نسخةٍ: "فقلتُ". (أقربهم نسبًا) في نسخةٍ: "أقربهم به نسبًا". (فقال) نسخة: "قال". (أدنوه) بهمزة قطع مفتوحة؛ أي: قربوه، وأصله: ادنيوا بكسر النون استثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان فحذفت الياءُ دون

(1) أن تكون الباء زائدة في ستة مواضع:

أحدها: في الفاعل، نحو: كفى بالله شهيدًا.

الثاني: في المفعول، وعليه خرَّج المصنف زيادة الباء في (بالترجمان).

الثالث: في المبتدأ، نحو: بحسبك وَلَد.

الرابع: في الخبر. وبخاصة في خبر ليس وما العاملة عملها، نحو:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} و {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} .

الخامس: في النفس والعين في باب التوكيد نحو: جاء محمد بنفسه، أو: بعينه.

السادس: في الحال المنفية. قاله بعض النحاة واحتجوا بأن جملة الحال شبيهة بجملة الخبر، وجعلوا منه قول الشاعر:

فما رَجَعَتْ بخائبةِ رِكابٌ

حكيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنْتَهاهَا

ص: 112

الواو لأنها علامة الجمع ثم أبدلت كسرة النون ضمة؛ لمناسبتها الواو فصار أدنوه وإنما أمر بإدنائه؛ ليمعن في السؤال، ويشفي غليله عند ظهره؛ ليكون أهون عليهم في تكذيبه؛ لأن مقابلته بذلك في وجهه صعبة. (هذا الرجل) أي: النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأشار إليه إشارة القريب؛ لقرب العهد بذكره؛ أو لأنه معهود في أذهانهم.

(كذبني) أي: نقل إليَّ الكذب، وهو يتعدى إلى مفعولين، تقول: كذبنيَ الحديثَ، كما في: صدق، قال تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا} [الفتح: 27] بخلاف كذَّب، وصدَّق بالتشديد، فإنهما يتعديان إلى واحد، وهذا من الغرائب، أن يكون الفعلُ بالتخفيف متعدِّيًا لاثنين، وبالتشديد لواحدٍ (1).

(يأثروا) بضم المثلثة وكسرها؛ أي: يرووا من أثرت الحديث بالقصر. آثره بالمد أي: رويته عليَّ، بمعنى: عنِّي، والمعنى لولا الحياء من أن رفقتي يروون عنِّي أني كذبت. وهو قبيح فأعاب به. (لكذبت عنه) أي: لأخبرت عنه بكذب لبغضي إياه، وفي نسخة: بدل عنه "عليه".

(ثم كان أَوَّل ما سألني عنه أن قال) بنصب أَوَّل: خبرًا لكان، واسمها: أن قال، أو ضمير الشأن بجعل (أن قال) بدلًا من (سألني) ويجوز رفعه: اسمًا لكان، وخبرها: أن قال، واعترض إطلاق جواز النصب والرفع؛ بأن الصواب أن يقال: إن جعلت (ما) نكرة، تعين نصبه على الخبرية؛ لأن أن قال: مؤوَّل بمصدر مضاف إلى الضمير فهو معرفة، فيتعين أن يكون اسم كان، وأَوَّل: خبرها؛ لكونه نكرة، وإن

(1) لأن الأصل هو العكس أن يكون الفعل بالتخفيف متعديًا لواحدٍ وبالتشديد -أو بالهمز- متعديًا لاثنين، أو ثلاثة.

ص: 113

جعلت (ما) موصولة، جاز الأمران، لكن المختار جعل (أن قال) هو الاسم لكونه أعرف (ذو نسب) التنوين فيه للتعظيم، كقوله تعالى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179].

(قَطُّ) بفتح القاف، وتشديد الطاء مضمومة على الأشهر، وبضمها مع التشديد ومع التخفيف، وبفتح القاف وتخفيف الطاء ساكنة، أو مضمومة، وهي هنا: ظرف ولا تستعمل إلا في ماضٍ منفيِّ، أو ما في معناه، كالاستفهام هنا فإنه في حكم النفي إذ المعنى: هل قال هذا القول منكم أحد، أولم يقله أحد قط قبله؟ في نسخة:"مثله"، فيكون بدلًا من هذا القول.

(من ملك) بكسر الميم، حرف جر، وملك: بكسر اللام، صفة مشبهة، وفي نسخة: بفتح ميم "من" موصولة، أو بفتح أحرف "ملك"، فعل ماض، وفي أخرى:"ملك" بإسقاط من، وكسر لام ملك.

(فأشراف النَّاسِ) أي: كِبارُهم، وأهلُ الأحسابِ. (يتَّبعونه) في نسخة:"اتَّبَعُوه". (بل ضعفاؤهم) فيه: تغليبٌ إذ تَبِعه بعضُ الأشرافِ مثلُ العُمرين ممِن أَسْلم قبل سؤالِ هِرَقل. (سخطةً لدينِه) بفتح السينِ أي: كراهةً، ونصبت مفعولًا له، أو حالًا أي: ساخطًا، ويُروى: سُخْطًا بضم السين، وفتحِها، وسكون الخاءِ، ويجوز فتحها مع فتح السين، وخرج بذلك من ارتد مكرها، أولًا لسخطةِ ديِنه، بل لرغبةٍ في غيره لحظ نَفْسانِي.

(يغدِر) بدال مهملة مكسورة أي: ينقضِ العهدِ في مدِة صلح الحديبية، أو مدةِ غَيبةِ أبي سفيانَ، وانقطَاع أَخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنه.

(قال) أي: أبي سفيانَ. (ولم تُمكنّي) بالفوقيةِ، أو التحتية، كلمةُ فيها ثلاثُ لغاتٍ مشهورة، وأطلقَها هنَا على الجملة أي: لم يمكني

ص: 114

جملةَ أُدْخِل فيها شيئًا أنتقصُه به (غير هذه الكلمة) أي: الجملة، وغيرَ: منصوبة صفة لـ (شيئًا)، ومرفوعة صفة لكلمةٍ، وإن كانت غيرَ مضافةٍ إلى معرفةٍ؛ لأنَّها لا تتعرف بالإضافةِ إلَّا عند توسُّطها بين المتغايرين، على ما قاله ابن السراج (1)، وهنا ليس كذلك.

(فهل قاتلتموه) نَسبَ ابتداء القتال إليهم لا إليه لما اطَّلع عليه من أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لا يبدأ فرقةً بالقتالِ حتَّى يقاتِلُوه.

(قتالكم إياه) هو أفصح من قتالكموه. (قلت) في نسخةِ "قال"(سِجالٌ) بكسر السين: جمع سجل: وهو: الدَّلو الكبيرُ، شبَّه الحربَ بالاستقاءِ؛ لأنَّ المتحاربين كالمستقين: يَستقي هذا دلوًا وهذا دلوًا، فالمرادُ بالسِجالِ: النَّوبُ، وسوِّغَ الإخبار به مع أنَّه جمعٌ عن مفردٍ، وهو الحربُ؛ لأنَّ لامَ الحربِ للجنسِ؛ أي: الحروبُ بيننا وبينه تُشبه السِجالِ: نوبةٌ لنا، ونوبةٌ له، كما فسَّره بقولهِ:(ينالُ منَّا وننالُ منه) أي: يصيبُ منا، ونصيبُ منه. (ماذا) في نسخةٍ: بماذا، وفي أخرى:"فماذا".

(ولا تُشركوا) في نسخةٍ: "لا تشركوا"، وهلذه الجملةُ والتي قبلها، والتي بعدها متلازمة والقولُ: بأنَّ الثانيةَ أخصُّ من الأولى؛ لأنَّ

(1) هو محمد بن السري بن سهل البغدادي المعروف بابن السراج أبو بكر أديب نحوي، لغوي. صحب المبرد وقرأ عليه كتاب سيبويه في النحو ثم اشتغل بالموسيقى، ثم رجع إلى كتاب سيبويه ونظر في دقائق، وعول على مسائل الأخفش والكوفيين، وخالف أصول البصريين في مسائل كثيرة وأخذ عنه عبد الرحمن الزحاجي وأبو سعيد السيرافي، وأبو علي الفارسي توفي في سن الكهولة في ذي الحجة سنة ست عشرة وثلثمائة. ومن تصانيفه:"شرح كتاب سيبويه" في النحو، "احتجاج القراء في القراءة"، "جمل الأصول"، "الاشتقاق"، "الشعر والشعراء"، "وله شعر"، "الموجز في النحو".

ص: 115

عدَم الإشراكِ أخصُّ من عبادَة الله وهمٌ؛ لأنَّ الأُولى مقيدةٌ بقولهِ وحدَه، وفي الجمل الثلاث مبالغةٌ؛ لأنَّها أشدُّ الأشياءِ على أبي سفيانَ، أو أنَّه فَهِمَ أنَّ هِرَقل من الذين قالوا بالإشراكِ من النصارى، وأرادَ تحريكه، وتنفيره عن دين الإسلِام (بالصلاة) أي: المعهودةُ المفتتحةُ بالتكبيرِ، المختتمةُ بالتسليم، وزاد في نسخةٍ:"والزكاةُ" والصدق: هو القولُ المطابقُ للواقع، وفي نسخةٍ:"والصدقةُ".

(والعفافُ) بفتح العينِ، الكفِ عن المحارِم، وخوارم المُروَّة، والصلةُ أي: للأرحام، أو لكلِ قريبٍ، والأَولَى: عُمومُه في كلِ ما أمَر الله به أنْ يوصلَ بالصدقةِ، والبرِّ، والسِلامِ.

وفي ذكر الأمرِ بالأربعةِ: تمامُ مكارِم الأخلاقِ؛ لأن الفضيلة إما قولية: وهي الصدق، أو فعلية متعلقةٌ بالله تعالى: وهي الصلاةُ، أو بنفسه: وهي العفة، أو بغيره: وهي الصلةُ.

(وكذلك الرسل) أي: يكونون ذوي أنسابٍ شريفة؛ لأنَّ من شَرُف نَسَبُه كان أبعدَ من انتحِال الباطل، وأقربَ لانقيادِ الناسِ إليه.

(فقلت) أي: في نفسي. (يَأتسي) بهمزة ساكنةٍ بعد التحتية، أي: يَقتدي، وفي نسخة:"يتأسَّى" بتحتيةٍ، ففوقيةٍ، فهمزةٍ مفتوحةٍ، فسينٍ مفتوحةٍ مشددةٍ. (قلت) في نسخةٍ:"فقلت"(فلو) في نسخةٍ: "لو"(لم يكن ليذر الكذب) لام ليذر الجحود (1)، وفائدتُها: تأكيدُ النفي نحو:

(1) لام الجحود هي اللام الواقعة بعد كان الناقصة المنفية، لفظًا أو معنى. وسُمِّيت لام الجحود؛ لاختصاصها بالنفي. ويكون الفعل بعدها منصوبًا.

وقد اختلف في هذه اللام، فمذهب الكوفيين أنها ناصبة بنفسها، ومذهب البصربين أنها جارَّة والناصب مقدَّرٌ بعدها وهو أن. ومذهب ثعلب أنها ناصبة لكن لقيامها مقام (أن).

ص: 116

{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137]. (وهم أتباعُ الرسل) أي: لأنَّ الأشرافَ يأنفون من تقدم مثلِهم عليهم بخلافِ الضعفاء، فإنَّهم يُسرعون إلى الانقيادِ واتباعِ الحقِّ، وهذا بحسب الغالبِ، كما مرَّ.

(أيرتد أحدٌ؟) حكمة هذا السؤال: أنَّ مَن دخلَ على بصيرةٍ في أمرٍ محققٍ لا يرجع، بخلافِ مَن دخلَ في باطلٍ، لا يُقالُ: فقد ارتد بعض من آمن؛ لأنَّا نقولُ: وقوعُ ذلك لم يكن في أوائل الأمرِ، أو ليس لسخطةِ الدِّين، بل لمعنى آخرَ، كحبِّ الرياسةِ.

(حين) في نسخةٍ: "حتى". (تخالطُ بشاشته القلوبَ) أي: تخالطُ بشاشةُ الإيمان القلوبَ، فالبشاشةُ: وهي انشراحُ الصدرِ للحق ووضوحُه: فاعلُ تخالط، والقلوب: مفعولٌ به، وفي نسخةٍ:"بشاشة القلوبِ" بنصب بشاشة وإضافته إلى القلوب، أيْ: يخالطُ الإيمانُ بشاشةَ القلوب، ففاعلُ يخالطُ ضميرٌ مستترٌ.

(وكذلك الرُّسلُ لا تغدر) لطلبهم الآخرةَ، ومَن طلبها لا يرتكبُ غدرًا، ولا غيره من القبائح، بخلافِ طالبِ الدنيا لا يبالي بذلك. (بما يأمُرُكم) هو مِن القليلِ في إثباتِ ألفِ ما الاستفهاميةِ عِنَد دخول الجارِّ عليها (1).

(ولا تُشركوا) أدخلَهُ في المأمورِ معَ أنَّه مَنهيٌ، بناءً على أنَّ الأمرَ

(1) جعل المصنف إثبات ألف ما الاستفهامية عند دخول عليها قليلًا، فظاهر كلامه أن حذف الألف كثير. والمشهور عند النحاة وجوب حذف ألف ما الاستفهامية إذا سبقها حرف الجر، وإبقاء الفتحة على الميم دليلًا عليها. وعليه جاء القرآن الكريم. قال تعالى:{فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)} ، وقال:{فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35] وقال: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} وقال: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} .

ص: 117

بالشيء نهيٌ عَنْ ضدِّهِ.

(ويَنْهاكم عَن عبادةِ الأوثانِ). تعرَّض هِرَقلُ لذلك، وإنْ لمْ يقع في لفظِ أبي سفيانَ؛ لأنَّه لازم قوله:(وَحْدَهُ) إلخ، تركَ ذكرَ الصِّلةِ وهي موجودةٌ في كلامِ أبي سفيانَ لدخولها في العفافِ، وترك مِن إعادةِ الأسئلةِ: وهي أحدَ عشرَ إعادة اثنين: وهما: السؤالُ عن القتالِ، وعن كيفيته؛ لأن مقصوده بيان علامات النبوة، وأمرُ القتالِ لا دخل لهُ فيها إلَّا بالنظرِ للعاقبةِ، وهي إذ ذاك مغيبةٌ؛ أو لأنَّ الرَّاويَ اكتفى عن ذلك بما سيذكره في روايةِ أُخرى فذكرها البخاريُّ مع زيادة في الجهادِ، في بابِ: دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم (1)(كنتُ أعلمُ) إِلى آخرِه، مأخذه إمَّا من القرائن العقليةِ، أو الأحوالِ العادية، أو الكتب القديمة.

(أخلص) أي: أَصِلُ (لتِجَشَّمْتُ) بجيمٍ وشينٍ معجمتينِ أي: تكلفت لِمَا فيه مِن المشقةِ، ورواه في التفسيرِ بلفظِ:(أحببت)(2)، والمعنى: لو كنتُ أتيقنُ الوصولَ إليه لتكلفتُ ذلك، لكني أخافُ أنْ يَعوقَني عنه عائقٌ، فأكونُ قدْ تركتُ مُلكيَ، ولمْ أصلْ إلى خدمتهِ، ولا يحكم بإيمانه بذلك، ولا بما يأتي بعدُ؛ لقوله:(بعد قلت) مقالتي آنفًا، أختبر بها شدتكم على دينكم، ولا عذر له في قوله: لتجشمت؛ لأنه قد عرف صدق النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإنما سُجَّ بالملك، ورغب في الرياسة، فآثرها على الإسلام.

وزعم ابن عبد البرِّ أنه آمن. (ثم دعا) أي: من وُكِّلَ ذلك إليه.

(1) ستأتي برقم (2941)، كتاب: الجهاد والسير، باب: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة.

(2)

ستأتي برقم (4553) كتاب: التفسير، باب: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله}.

ص: 118

(بكتاب) هو مدعو به، ولذلك عُدِّيَ بالباءِ، والباءُ زائدة، أي: دعا الكتاب على سبيل المجاز، أو ضمَّن دعا معنى اشتغل، ونحوه.

(بعث به) أي: أرسله، وفي معناه بعثه، وابتعثه مع، بفتح العين أفصح من سكونها. (دحية) بكسر الدال وفتحها: ابن خليفة بن فروة الكلبيُّ، وهو صحابيٌّ، ومعناه بلغة اليمن: رئيس الجند، وكان من أجمل الناس وجهًا، وهذا هو الحكمة في أن جبريل عليه السلام كان يأتي في صورته، وفي نسخة:"بعث به دحية"، بحذف مع.

(عظيم بُصْرَي): هو الحارث بن أبي شمر الغساني، وبُصْرى: بضم الموحدة مدينة بين المدينة ودمشق، وقيل: هي حوران، بفتح الحاء والراء المهملتين (1).

(من محمد عبد الله) في نسخةٍ: "محمد بن عبد الله" وفي ذكر عبد الله تعريض ببطلان قول النصارى في المسيح: إنه ابن الله. (رسوله) فيه: الترقي من كونه عبد الله إلى كونه رسوله. (عظيم الروم) بالجرِّ بدل من هرقل، وقد يقطع بالرفع والنصب، ولم يقل: ملك الروم؛ لأن فيه تسليمًا لملكه، واتصافه بما لا يستحق، وهو بحق الدين معزول، مع أنه لم يخله من نوع الإكرام في المخاطبة؛ أخذًا بأمرِ الله في تليين القولِ لمن يُدْعَى إلى الحق، كما في قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: 125] الآية.

(سلامٌ على مَن اتبع الهُدى) لم يقل: عليكَ؛ لأن الكافرَ لا يُسَلَّمُ عليه. (أما بعدُ) مبني على الضمِّ بِنِية الإضافة (2)، أي: بعد ما ذُكِرَ،

(1) انظر: "معجم البلدان" 1/ 441.

(2)

أي الإضافة المعنوية لا اللفظية لأن قبل وبعد ظرفان يضافان ويقطعان عند الاضافة فإن أضيفا نُصِبًا أوجُدَّا بمن؛ لأنهما من الظروف المتصرفة. وإن قُطِعَا عن الإضافة بُنِيَا على الضَّمِّ.

ص: 119

و (أما)(1) للاستئناف، كما في أوائلِ الكتبِ، لا لتفصيل ما أُجْمِلَ، حتى يحتاج إلى قسيم، كقولك: جاء القوم: أما زيد فأكرمته، وأما عمرو فأهنته.

(بدعاية الإسلام) أي: بدعوته، وهي كلمة الشهادة، التي تُدعى بها الأمم، للدخول فيه، فهي شعاره، وهي من دعا يدعو دِعايةً، كشكا يَشْكُو شِكايةً، ويحتمل: أن يراد بالدعوة الإسلام، كشجر الأراك، فالإضافة للبيان، والباء بمعنى إلى، والمعنى: آمرك بكلمة التوحيد.

(أَسْلِمْ) بكسر اللام. (تَسْلَمْ) بفتحها. (يُؤتِكَ) بالجزم: جوابًا ثانيًا للأمر، أو بدلًا من الجواب، أو بيانًا له. (مرتين) أي: مرة للإيمان بنبيهم، ومرة للإيمان بنبينا.

(توليت) أي: أعرضتَ. (عليك إثم الأَرِيْسيِّين) رويَ بفتح الهمزة، وكسر الراء، وسكون المثناة تحت، ثم ياء مشددة للنسب، ثم علامة جمع السلامة في المذكور وهي: الياء والنون، وبذلك أيضًا، لكن بإبدال الهمزة ياءً، وبه أيضًا، لكن بدون ياء النسب في روايتي الهمزة والياء، وبكسر الهمزة والراءِ المشددة، وياء واحدة بعد السين ومعنى الكلِّ: المزارعون، المعبر عنهم في رواية:"بالأكَّارين"، ويقال: الفلاحون، ويقال: اليهود والنصارى، ويقال: المكاسون، ويعبر عنهم بالعشَّارين، ومعنى الجميع: أن عليك إثم أتباعك، وقدَّم عليك؛ لإفادة الحصر ولا ينافيه قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [فاطر: 18]؛ لأن المراد هنا: إثم إضلالِكَ لهم؛ ولأن إثم الوزْرِ لا يتحمله غيرُ الوازرِ، لكن المتسبب للمسببات يتحمل من جهتين: جهة فعله وجهة تسبُّبه.

(1) أما في الأصل حرف شرط وتفصيل، وتلزمها الظاء في جوابها.

ص: 120

({يَاأَهْلَ الْكِتَابِ})[آل عمران: 65] عطف على باسم الله أي: وفيه: ({يَاأَهْلَ الْكِتَابِ})(تعالوا) أصله: تعاليوا، قلبت الياء ألفًا، لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان، فحذفت الألف (1). {أَلَّا نَعْبُدَ إلا اللَّهَ} ) الآية. تفسير للكلمة، قال النوويُّ: وفي الحديث فوائد: جواز مكاتبة الكفار، ودعائهم إلا الإسلام قبل المقاتلة، وهو واجب إذا لم تبلغهم دعوة الإسلام، وإلا فمستحب، ووجوب العمل بخبر الواحد (2)، وإلا لما بعثه مع دحية وحده، واستحباب تصدير الكتب بالبسملة، ولو كان المبعوث إليه كافرًا، وجواز السفر بآية من القرآن ونحوها، إلى بلاد الكفر، والنهيُ عن ذلك يُحمل على النهي عن المسافرة بالقرآن كله أو كثير منه إذا خُشِيَ أن يقع في يد كافر، وجواز مسِّ الجنب والكافر ما فيه قرآن، وغيره، إذا كان غير القرآن أكثر، واستحباب بداءة الكاتب في الرسائلِ بنفسهِ، وأنَّ مَن تَسبب في ضلالٍ أَثِمَ. واستعمالُ (أمَّا بعدُ) في المكاتبةِ، والخطبِ.

(فلمَّا قال) أي: هِرَقل. (ما قال) أي: مِن السؤالِ والجوابِ. (الصَّخَب) بفتح الصادِ المهملةِ، والخاء المعجمة: اختلاطُ الأصواتِ، ويقال له السَّخَب، ورُويَ: اللَّخَب، واللّغَط، وهما: بمعنى الصَّخَب. (وأُخْرِجنَا) بالبناءِ للمفعولِ أي: من مجلسهِ.

(لقد أَمِرَ) جوابُ قسمٍ محذوفٌ، وأَمِر بفتح الهمزة، وكسر الميم، أي: عَظُمَ. (أَمْر) بسكون الميم أي: شأنُ (ابن أبي كبشةَ) يُريدُ أبو

(1) وهكذا شأن كل فعل معتل الآخر إذا لحقته واو الجماعة حذف آخره، نحو: تقاضوا، تناسوا، تهادوا.

(2)

انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 12/ 113.

ص: 121

سفيانَ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، شبَّههُ بأبي كبشةَ من حيث أن كلًّا منهما خالفَ العرب في عبادة الأوثان؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم عَبَدَ الله تعالى، وأبو كبشةَ [عَبَد الشعرى فجعله ابنًا له تشيبهًا به، وأبو كبشة](1) رجلٌ مِن خذاعةَ، وقيل: هو جَدُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأُمِّه، وقيل: أبوه من الرَّضَاع، وقيل: جَدُّ جده عبدِ المطلبِ، واسمه: الحارثُ بن عبدِ العزى السَّعْدِي.

(إنَّه يخافُه) بكسر الهمزةِ استئنافٌ بيانيٌّ، وبفتحها على أنَّه مفعولٌ له، أو بدلٌ مِن أمرٍ، وبيانٌ له. (بِنَي الأصْفر) همُ: الرومُ سمُّوا بذلك لأن جيشًا مِن الحبشةِ غَلَبَ على ناحيتهم في وقتٍ فوطئُوا نساءَهُم، فولدت أولالًا صفرًا، لسوادِ الحبشةِ، وبياضِ الرُّومِ، وقيل: نسبةً للأصفرِ مِن الرُّومِ ابن [عيصو](2) بن إسحاق عليه السلام. (ابن النَّاطُور) بطاءٍ مهملةٍ ومعجمة، حافظ الزرع. (صاحب إيلياء وهرقل أسقفًا) برفع صاحب صفة لابن الناطور، وبنصبه على الاختصاص، أو الحال، واسم كان: ابن الناطور، وخبرها أسقف بوزن أترج، [وفي نسخة:"سُقُفا" بضم السين والقاف وتشديد الفاء، وفي أخرى:"سقفًا" بوزن قفل] (3)، وفي أخرى:"سُقفًا" بضم السين وتشديد القاف مكسورة ومعناه في الأخيرة: جعل رئيس النصارى وقاضيهم، وفي البقية رئيسهم وقاضيهم، وهرقل: مجرور بالفتحة؛ عطفًا على إيلياء، [فصاحب إيليا] (4) بمعنى: حاكمها، وصاحب هرقل بمعنى: صديقه، ففي صاحب الجمع بين الحقيقة والمجاز، ويعبر عنه بعضهم بعموم المجاز.

(نَصَارى الشامِ) سُمُّوا بذلك؛ لنصرةِ بعضِهمِ بعضًا؛ أو لأنهم

(1) من (م).

(2)

في (م)[عيص].

(3)

و (4) من (م).

ص: 122

نزلوا نَصْرانَ [أو نصرةَ](1) أو ناصرةَ: اسم موضع أو لقوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي} [الصف: 14].

(يُحَدِّثُ) خبر بعد خبر لكان، وقيل: هو الخبر، وأسقفًا حال (حتى قدم إيلياء) أي: من حمص عند غلبةِ جنوده على جنود فارس وإخراجِهِم. (خبيث النفس) أي: مهمومًا غيرَ نَشِيْطٍ، ولا مُنْبَسِطٍ (بَطارقته) بفتح الباء: جمع بطريق: بكسرها، وهم: قُوَّادُ مُلْكِهِ وخواصُّ دولتِه. (استنكرنا هيئتك) أي: أنكرنَا حالتَكَ لمخالفَتِها لسائرِ الأيَّامِ.

(حَزَّاءً) بفتح المهملة، وتشديد الزاى والمد أي: كهَّانا (ينظر في النجوم) تفسير له، ويجوز أن يكونَ نوعًا منه؛ لأن الكِهانةَ أنواع. (سَألُوْهُ) أي؛ عما استنكُرُوْه مِنْهُ.

(ملك الختان) بضم الميم وسكون اللام، وبفتحها وكسر اللام، والختان: قطع جلدة فوق الحشفة، والمرادُ: أن هِرَقْل رأى بواسطة رؤيته في النجومِ طائفة أهل ختان [يملكون](2)، فاغتمَّ لذلك؛ لأن النصارى لا تختتن، فالملك ينتقل عنهم إلى أهل الختان.

(قد ظهر) أي: بدا، أو غلب. (من هذه الأمَّة) أي: من أهل هذا العصر. (يُهِمُّنَّكَ) بضم أوَّلهِ أي: يُقْلِقُنَّكَ وَيُحْزنْنَّكَ، والمعنى: هو لا أحقر من أن يهتمَّ بهم، أو يبالي بهم. (مدائنُ) بالهمز أفصحُ من تركِهِ، فَهَمْزُهَا على أنها جمعٌ لمدينة بوزن فَعْيِلَة، وَتَرْكُهُ على أنَّها جَمْعٌ لَمْديَنَة بوزن مَفْعَلَة من دَانَ أي: ملك.

(أتَيَ) مبنيٌّ للمفعول، وقع جوابًا لبينما، مجردًا من إذ، وإذا الفجائيتين، وهو العامل في بينما؛ لأنه جوابها. (مَلِكُ غَسَّان) هو

(1) و (2) من (م).

ص: 123

صاحب بُصْرى، وهو من ملوكِ اليمنِ، سكنوا الشام وغَسَّان: بفتح الغين المعجمة، ما نزلوا عنده. (اذهبوا به) أي: بالرجلِ، و (به): ساقط من نسخةٍ. (هذا ملك) بضم الميم وسكون اللام: مصدر، وبفتحها وكسر اللام: صفة مشبهة، وفي نسخة:"يملك" فعل مضارع. (قَدْ ظَهَرَ) جملةٌ مستأنفةٌ، أو خبرٌ بعد خبرٍ لهذا.

(برومية) بتخفيف الياء، مدينة معروفة بالروم (1). (حمص) مدينة بالشام (2)، ممنوعة الصرف؛ للعلمية والتأنيث، ومصروفة؛ بسكون الوسط، فهيَ كهِنْد في جواز الوجهين، لكن إن ثبت أنها أعجمية على ما قيل تعين المنع، كجور وماه، عَلَمَي بَلَدَيْنِ.

(فلم يَرِمْ) بفتح الياء وكسر الراء، لم يبرح، ولا يكاد يُسْتَعْمَلُ في النفي، يقال: ما رام، ولا يريم، ولم يَرِمْ. (من صاحبه) أي: الذي برومية، واسمه: ضغاطر. (في دَسْكَرَةٍ) أي: في دخولها، وهو بفتح الدال، بناء كالقصر حوله بيوت للخدم والحشم. (ثُمَّ اطَّلَعَ) أي: عليهم؛ ليخاطبهم. (معشر) هم الجمع الذي شأنهم واحد، فالإنس: معشرٌ، والجنُّ: معشرٌ، والأنبياء: معشرٌ.

(1) هما روميتان: إحداهما بالروم، والأخرى: بالمدائن بنيت وسميت باسم ملك، فأما التي في بلاد الروم: في مدينة رياسة الروم وعلمهم، وهي شمالي وغربي القسطنطينة بينهما مسيرة خمسين يومُا أو أكثر. انظر:"معجم البلدان" 3/ 100.

(2)

حمص: بالكسر ثم السكون، والصاد مهملة: بلد مشهور قديم كبير مسور وفي طرفه القبلي قلعة حصينة على تل عالٍ كبيرة، وهي بين دمشق وحلب في نصف الطريق، بناه رجل يقال له حمص بن مكنف العمليقي. انظر: (معجم البلدان" 2/ 302.

ص: 124

(الفلاح) الفوز والنجاة. (الرشد) بضمِّ أوَّله، وسكون ثانيه، وبفتحهما: خلاف الغِيّ، فهو إصابة الخير. (فتبايعوا) (1) بالجزم: جواب الاستفهام، وهو بمثناة فوقية، فموحدة من البيعة، وفي نسخةٍ:"بفوقيتين" من المتابعة، وفي أخرى:"فنبايع" بنون قبل الموحدة، وفي أخرى: بنونٍ ففوقيةٍ فموحدةٍ. (لهذا) في نسخة: "هذا" بحذف اللام. (فحاصوا) بمهملتين: نفروا.

(وأيس) في نسخة: "وَيئِسَ" وهو الأصل، فقلب (2)، ومعناه: انقطع طمعه. (آنفًا) بالمد وكسر النون، وقد تقصر أي: قريبًا، ونصبه على الحال.

(أختبر شدتكم) أي: أمتحنُ رسوخكم. (آخر شأن هرقل) بنصب آخر: خبر كان، واسمها: ذلك، ويجوز العكس، والمعنى: كان ذلك آخر شأنه في أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بتلك القصة خاصة، وإلا فقد وقعت له قصص أخرى بعد ذلك، كتجهيزه الجيوش إلى تبوك، ومكاتبة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، له ثانيًا، وإرساله إلا النبيّ صلى الله عليه وسلم بذهبٍ قسمه على أصحابه.

(قال محمدٌ) هو البخاريُّ (رواه صالح بن كَيسان ويونس ومعمر) أي: تابع هؤلاء الثلاثة شعيبًا في رواية هذا الحديث. (عن الزُّهْرِيّ) هو المتابع عليه وبذكره تُسَمَّى هذه متابعة مقيدة كما مرَّ، وقد وصل

(1) الذي وجدناه "فتبايعوا" مقرونًا بفاء السببية، فهو منصوب بأن مضمرة هذا ما كتب في هامش الأصل. ومعلومٌ أن نصب الفعل بعد فاء السببية يكون بعد الأمر والنهي والدعاء والاستفهام والتحضيض والعرض والتمني والنفي والترجي. والذي في الحديث منها الاستفهام.

(2)

أي قلب أَيِسَ من (يَئِسَ) ووزنه على ذلك: عَفِلَ.

ص: 125

البخارِيُّ روايةَ صالح من طريق إبراهيم بن سعد، ورواية يونس من طريق الليث في كتاب: الجهاد، ورواية معمر من طريق الليث أيضًا في التفسير (1).

(1) رواية يونس من طريق الليث ستأتي برقم (3174) كتاب: الجزية والموادعة، باب: فضل الوفاء بالعهد. وأما رواية يونس من طريق الليث ستأتي برقم (4553) كتاب: التفسير، باب:{قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله} .

ص: 126