الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتغليب المتكلم على الغائب، كتغليب المخاطب على الغائب في قوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] فيقدر عامل، كما قدر ثَمَّ، وتقديره هنا: ويغتسل النبي، وإنما غلَّب الذكر على الأنثى ثَمَّ؛ لأن آدم أصل في سكنى الجنة، وهنا بالعكس؛ لكون المرأة هي محل الشهوة وحامله على الاغتسال. (من قدح) بدل من إناء، بإعادة الجارِّ، و (من) فيها ابتدائية، وقيل: إن الأولى: ابتدائية، والثانية: بيانية. (يقال له: الفرق) بفتح الراءِ، أشهر من سكونها: ما يسع ثلاثة آصع وقيل: ستة عشر رطلًا.
وفي الحديث: جواز اغتسال الرجل والمرأة من إناءٍ واحد، واستعمال فضل المرأة كعكسه، وهو وإن احتمل أنه صلى الله عليه وسلم يغتسل أولًا، ويترك لها ما بقي، لكنه خلاف الظاهر، وأما خبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يغتسل الرجل بفضل وضوء الرجل (1). فلم يثبت، ولو ثبت فمنسوخ. قاله الخطابي (2).
3 - باب الغُسْلِ بِالصَّاعِ وَنَحْوهِ
.
(باب: الغسل بالصاع) أي: بالماء الذي هو قدر ملء الصاع، وهو يذكر ويؤنث، وتقدم أنه مكيال يسع خمسة أرطال وثلثًا بغدادية. (ونحوه) أي: نحو الصاع، من الأواني التي تسع ما يسع الصاع.
(1) الحديث رواه أَبو داود (81) كتاب: الطهارة، باب: النهي عن ذلك. والنسائي كتاب: المياه، باب: النهي عن فضل وضوء المرأة. وقال ابن حجر: إسناده صحيح، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
(2)
"أعلام الحديث"1/ 299.
251 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يَقُولُ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ، وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ" قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَبَهْزٌ، وَالجُدِّيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، "قَدْرِ صَاعٍ".
[مسلم: 320 - فتح: 1/ 364]
(حدثنا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (حدثني عبد الصمد) في نسخة: "حدثنا عبد الصمد". (حدثني شعبة) في نسخة: "حدثنا شعبة".
(وأخو عائشة) أي: من الرضاع، -كما في مسلم (1) -، وهو عبد الله بن يزيد البصريُّ، وقيل: غيره. (عن غسل النبيِّ) في نسخة: "عن غسل رسول الله". (فدعت بإناءٍ) أي: طلبته، والباءُ زائدة. (نحو من صاع) بجرِّ (نحو) صفة لـ (إناء) وفي نسخة:"نحوًا" بالنصب صفة لـ (إناء) باعتبار المحلِّ، أو بإضمارِ أعني.
(وبَيْنَنَا وبينها حجاب) أي: ساتر يستر أسافل بدنها مما لا يحلُّ للمحرم النظرُ إليه، أما أعاليه فجائزٌ له النظر إليها؛ ليرى عملها في رأسها وأعالي بدنها، وإلا لم يكن لاغتسالها بحضرة أخيها معنى، وفي فعلها ذلك دلالة علي استحباب التعليم بالفعل؛ لأنه أوقع في النفس من القول، وأدلُّ عليه.
(قال أَبو عبد الله) أي: البخاريُّ. (قال) في نسخة: "وقال" بزيادة الواو وبإسقاط: (قال أَبو عبد الله). (وَبَهْزٌ) أي: ابن أسد. (والجُدِّيُّ)
(1)"صحيح مسلم"(320) كتاب: الحيض، باب: القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.
بضمِّ الجيم، وتشديد الدال المكسورة نسبة لجدَّة: ساحل البحر من جهة مكة (1)، واسمه: عبد الملك بن إبراهيم. (قدر صاع) بدلٌ من قوله: "نحو من صاع" ففيه الجرُّ والنصب.
252 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ وَأَبُوهُ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الغُسْلِ، فَقَالَ:"يَكْفِيكَ صَاعٌ"، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي، فَقَالَ جَابِرٌ:"كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا، وَخَيْرٌ مِنْكَ" ثُمَّ أَمَّنَا فِي ثَوْبٍ.
[255، 256 - مسلم: 329 - فتح: 1/ 365]
(حدثنا زهير) أي: ابن معاوية، في نسخة:"أخبرنا زهير". (عن أبي إسحق) هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (أَبو جعفر) هو محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو مشهور بالباقر. (وعنده) أي: عند جابر. (قوم) في نسخةٍ: "قومه". (فسألوه) السائل: أَبو جعفر، وجمعه في الحديث باعتبار من معه. (فقال رجل) هو الحسن بن محمد بن الحنفية: خولة بنت جعفر.
(من هو أوفى) أي: أكثر. (شعرًا) بالنصب بالتمييز. (وخيرًا) بالنصب عطفٌ على (من) وبالرفع كما في نسخة عطفٌ على (أوفى)، والمراد بمن اتصف بذلك: النبيُّ صلى الله عليه وسلم. (ثم أمَّنا) أي: جابر كما قال شيخنا (2).
وفي الحديث: أنه يندب ألا ينقص ماء الغسل عن صاع، وتقدم بيانه.
(1) وجدة: بلد على ساحل بحر اليمن، وهي فرضة مكة، بينها وبين مكة ثلاث ليالٍ، وقال الحازمي: بينها يوم وليلة. انظر: "معجم البلدان"2/ 114.
(2)
"الفتح" 1/ 366.