الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - بَابُ مَنْ رَأَى أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يُوجِبِ السُّجُودَ
وَقِيلَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: "الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا"، قَال:"أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا كَأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ" وَقَال سَلْمَانُ: "مَا لِهَذَا غَدَوْنَا" وَقَال عُثْمَانُ رضي الله عنه: "إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا" وَقَال الزُّهْرِيُّ: "لَا يَسْجُدُ إلا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا، فَإِذَا سَجَدْتَ وَأَنْتَ فِي حَضَرٍ، فَاسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَإِنْ كُنْتَ رَاكِبًا فَلَا عَلَيْكَ حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ" وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: "لَا يَسْجُدُ لِسُجُودِ القَاصِّ".
(باب: من رأى أن اللَّه عز وجل لم يوجب السجود) لما سيأتي، وأما الأمرُ في قوله {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} وقوله:{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} فمحمولٌ على الندب، أو على أن المراد به: سجود الصلاة.
(ولم يجلس لها) أي: لقراءة السجدة، أي: إن لم يقصد سماعها. (أرأيت) الاستفهام للإنكار، أي: أخبرني لو قعد لها، أكانت تجب على سامعها، أي: فلا وجوب ولو كان مستمعًا. (كأنه) من كلام البخاري (لا يوجبه) أي: السجود. (عليه) أي: على من قعد لها للاستماع، فعلى السامع أولى.
(وقال سلمان) أي: الفارسي (ما لهذا) أي: للسماع، أي: لأجله (غدونا) أي: لم نقصده فلا نسجد (لا يسجد إلا أن يكون طاهرًا) بتحتية فيهما ورفع الدال، وفي نسخة: بفوقية فيهما وسكون الدال. (فإن كنت راكبًا) أي: في سفر (فلا عليك حيث كان وجهك) أي: فلا بأس عليك أن تتوجه جهة وجهك وإن كانت لغير القبلة. (لا يسجد لسجود القاصِّ) بتشديد المهملة أي: الذي يقرأ القصص والمواعظ؛ لكونه
ليس قاصدًا لتلاوة القرآن، والجمهور على خلافه.
1077 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ، قَال أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ رَبِيعَةُ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، عَمَّا حَضَرَ رَبِيعَةُ مِنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قَال:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ، فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رضي الله عنه" وَزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إلا أَنْ نَشَاءَ".
[فتح: 2/ 557]
(أن ابن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز. (ابن الهدير) بضم الهاء وفتح الدال وسكون التحتية وبراء.
(عمَّا) متعلق بـ (أخبرني)، ولا يتعلق به (عن عثمان)؛ لأنهما حرفا جر بمعنى لا يتعلقان بفعل واحد، فيقدر تعلقه بمحذوف، أي: راويًا عن عثمان. (جاء السجدة) في نسخة: "جاءت السجدة" فيتعين رفع السجدة، وعلى الأول يجوز رفعها ونصبها. (إنا) وفي نسخة:"إنما" بزيادة ميم بعد النون (نمرُّ بالسجود) أي: بآيته. (أصاب) أي: السنة. (ومن لم يسجد فلا إثم عليه) صريح في عدم وجوبه؛ لأن عمر رضي الله عنه قاله بمحضر من الصحابة، ولم ينكره عليه أحد، فكان إجماعًا سكوتيًّا (1) (لم يفرض
(1) الإجماع السكوتي: وهو أن يقول بعض المجتهدين قولًا، أو يفعل فعلًا مع انتشار ذلك في الباقين وسكوتهم، وهذا فيه خلاف، فأكثر الشافعية والمالكية ورواية عن أحمد أنه إجماع. تنزيلًا للسكوت منزلة الرضا والموافقة إذا مضت مدة كافية للنظر في ذلك القول بعد سماعه، وكان قادرًا على إظهار رأيه، =