الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(آدم) أي: ابن [أبي إياس. (شعبة) أي ابن الحجاج. (ثابت) أي: البناني. (عند قبر) أي: قبر صبي لها كما في مسلم. (إليك عني) أي: تنح](1). (عني، ولم تعرفه) ساقط من نسخة.
(إنما الصبر) أي: الكامل. (عند الصدمة الأولى) أي: الواردة على القلب، إذ مفاجأة المصيبة بغتةً لها روعة تروع القلب وتزعجه بصدمتها، فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها، وضعفت قوتها، فهان عليه استدامة الصبر، فأما إذا طالت الأيام على المصاب، وقع السلو، وصار الصبر حينئذٍ طبعًا، فلا يؤجر عليه مثل ذلك.
ووجه مطابقة الحديث للترجمة: إقراره صلى الله عليه وسلم المرأة على زيارة القبور.
32 - بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ
"
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] وَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ، فَهُوَ كَمَا قَالتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها:{لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]" وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} [فاطر: 18] ذُنُوبًا {إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر: 18] " وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ البُكَاءِ فِي غَيْرِ نَوْحٍ. وَقَالَ
= وفيه: أن البكاء عند القبر ينافي الصبر؛ ولهذا قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: "اتقي اللَّه واصبري".
(1)
من (م).
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا".
[انظر: 3335 - فتح: 3/ 150] وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ.
(باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم) يعذب الميت ببعض بكاء أهله، أي: ببكائهم المقترن بالنوح ونحوه، وإليه الإشارة بقوله:(ببعض)، وبقوله:(إذا كان النوح من سنته)، أي: الميت، أي: من طريقته وعادته. (لقول اللَّه تعالى ({قُوا أَنْفُسَكُمْ}) أي: بترك المعاصي الشاملة للنوح ونحوه. ({وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}) أي: بنصحهم وتأديبهم، وتعريفهم أن النوح ونحوه حرام، فمن علم أن لأهله عادة بفعل شيء من ذلك ولم ينههم عنه، فلم يقهم ولا نفسه من النار.
(ومسئول عن رعيته) أي: عن فعلهم، فإذا فعلوا منكرًا من نوح أو غيره ولم ينههم عنه، فهو مسئول عن ذلك. (فأما إذا لم يكن) أي: النوح.
(من سنته) بأن لم يشعر بأن رعيته يفعلونه، أو نهاهم عنه فلم ينتهوا (فهو كما قالت عائشة) أي: كما استدلت بقوله تعالى: ({وَلَا تَزِرُ}) أي: تحمل.
({وَازِرَةٌ}) أي: نفس آثمة. ({وزْرَ أُخْرَى} أي: إثم نفس أخرى. (وهو) أي: ما استدلت به عائشة، كقوله تعالى:({وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ}) زاد في نسخة: "ذنوبًا" وليست من القرآن. ({إِلَى حِمْلِهَا}) أي: من الوزر. ({لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ}) وأما قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] فهو في الضالين لأنفسهم، المضلين لغيرهم؛ لأنهم يحملون أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم؛ لأن كلًّا
منها من أوزارهم خاصة، وقوله: (وهو
…
إلخ) ساقط من نسخة. (وما يرخص في البكاء في غير نوح) عطف على أول الترجمة، وهو حديث رواه الطبراني، وصححه الحاكم (1)، أو على ما في قوله:(كما قالت) و (ما) في الموضعين: موصولة، أو مصدرية. إلا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم) أي: وهو قابيل، الذي قتل هابيل ظلمًا وحسدًا. (كفل) أي: نصيب .. (من دمها) أي: دم النفس.
1284 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، وَمُحَمَّدٌ، قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَال: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما، قَال: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ، فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلامَ، وَيَقُولُ:"إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ"، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ - قَال: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَال كَأَنَّهَا شَنٌّ - فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَال سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَال:"هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ". (2).
[5655، 6602، 6655، 7377، 7448 - مسلم: 923 - فتح: 3/ 151]
(1) انظر: "المعجم الكبير" 19/ 39. و "المستدرك" 1/ 102، 2/ 184. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الألباني في "مشكاة المصابيح"(3159): صحيح.
(2)
قال ابن عثيمين رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين":
وفي هذا الحديث: دليل على وجوب الصبر؛ لأن الرسول قال: "مرها فلتصبر ولتحتسب" وفيه: دليل على أن هذه الصيغة من العزاء أفضل صيغة. أفضل من قولنا: "أعظم اللَّه أجرك، وأحسن عزاءك وغفر لميتك" اختارها =
(عبدان) هو عبد اللَّه بن عثمان. (ومحمد) أي: ابن مقاتل.
(عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (عن أبي عثمان) هو عبد الرحمن النهدي. (ابنة النبي) في نسخة: "بنت النبي" واسمها: زيبب.
(أن ابنا لي قبض) أي: قارب القبض، ففيه: تجوز، وفي نسخة:
"أن ابنتي قد حضرت" وصوبها شيخنا، وعليها فاسم الأبنة: أمامة، وعلى الأولى فاسم الابن: قيل: علي بن أبي العاص بن الربيع، وقيل: عبد اللَّه بن عثمان بن عفان، وقيل: محسن بن علي، قال شيخنا: وهو أولى (1).
(يقرئ السلام) بضم الياء من أقرئ (2). (وله ما أعطى) قدم عليه ما قبله، مع أنه متأخر عنه في الواقع؛ لاقتضاء المقام له. (فقام ومعه) في نسخة:"معه" بلا واو، وإنما لم يقم إليها أول إرسالها له؛ لاحتمال أنه كان في شغل حينئذٍ، أو كان امتناعه مبالغة في إظهار التسليم لربه، أو بيانًا للجواز في أن من دُعي لمثل ذلك، لم تلزمه الإجابة، لكنها لما أقسمت عليه أجابهاة إبرارًا لقسمها المقتضي لزيادة تضجرها.
(ولتحتسب) أي: بالولد أجرًا عند اللَّه. (تتقعقع) أي: تضطرب وتتحرك. (شن) بفتح المعجمة أي: قربة يابسة، وجمعها: شنان.
= بعض العلماء، لكن الصيغة التي اختارها الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل.
(1)
"فتح الباري" 3/ 156.
(2)
بضم الياء، وروي بفتحها. قال ابن التين: ولا وجه له إلا أن يريد يقرأ عليك، وذكر الزمخشري عن الفراء يقال: قرأت عليك السلام وأقرأته السلام. وقال الأصمعي: يقال أقرأته السلام.
وقال الزمخشري: والعامة تقول قريت السلام بغير همز وهو خطأ.
انظر: "عمدة القاري" 6/ 439.
(ففاضت) في نسخة: "وفاضت" بالواو. (سعد) أي: ابن عبادة. (ما هذا؟) أي: فيض الدمع، استبعده منه لما علم أنه من عادته صلى الله عليه وسلم مقاومة المصيبة، وشدة الصبر عليها. (وقال: هذه) أي: الدمعة، وفي نسخة:"قال: إنه" أي: فيضان الدمع.
(رحمة) أي: أثر رحمة. (وإنما) في نسخة: "فإنما". (يرحم اللَّه من عباده الرحماء). بالنصب على أن (ما) في (إنما): كافة، وبالرفع على أنها: موصولة. (والرحماء): جمع رحيم، وهو من صيغ المبالغة. وقضيته: أن رحمته تعالى تختص بمن اتصف بالرحمة الكاملة، بخلاف من فيه رحمة ما، لكن قضيته خبر أبي داود وغيره:"الراحمون يرحمهم الرحمن"(1) أنه يشمل كل من فيه رحمة ما؛ لأن الراحمين جمع راحم، وهذا هو الأوجه، وإنما بولغ في الأول؛ لأن القصد به الرد على من استبعد فيض الدمع، ولأن ذكر لفظ الجلالة فيه دال على العظمة، فناسبت فيه التعظيم والمبالغة.
1285 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَال: شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَال: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، قَال: فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، قَال: فَقَال: "هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ " فَقَال أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَال:"فَانْزِلْ" قَال: فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا.
[1342 - فتح: 3/ 151]
(شهدنا بنتًا لرسول اللَّه) أي: حضرنا جنازتها، وفي نسخة:
(1)"سنن أبي داود"(4941) كتاب: الأدب، باب: في الرحمة. والترمذي (1924) كتاب: البر والصلة، باب: ما جاء في رحمة الناس. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح.
"شهدنا بنتًا للنبي" وهي أم كلثوم، زوج عثمان بن عفان رضي الله عنه. (لم يقارف) أي: لم يذنب، وقيل: لم يجامع أهله، وحكمة ترك الجماع: أن نزول القبر لمعالجة النساء، لا ينبغي لمن كان قريب عهد بمخالطتهن، بل تكون نفسه كالناسية لذلك، وقيل: إن عثمان باشر جارية له، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فعرض به أن لا ينزل في قبر زوجته، حيث لم يعجبه أنه اشتغل، وهي محتضرة. (فقال أبو طلحة) هو: زيد بن سهل الأنصاري.
وفي الحديث: الجلوس على القبر، ونزول الأجنبي قبر النساء بإذن الولي، والتوسل بالصالحين في تولي شأن دفن الميت، وجواز البكاء حيث لا صياح ولا منكر.
1286 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَال: تُوُفِّيَتْ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه بِمَكَّةَ، وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا - أَوْ قَال: جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي - فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَلا تَنْهَى عَنِ البُكَاءِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ".
[مسلم: 928 - فتح: 3/ 151]
(عبدان) هو عبد اللَّه بن عثمان. (عبد اللَّه) أي: ابن المبارك. (أو قال) شك من ابن جريج.
(إن الميت يعذب ببكاء أهله) تقييده بالأهل جري على الغالب، وإلا فالأجنبي، كالأهل. ومعنى الحديث: أن الميت يعذب بالبكاء عليه المقترن بمنكر كما مرَّ، وقيل معناه: سماعه للبكاء تعذيب له، كما أنا معذبون ببكاء الأطفال، فيبقى الحديث على ظاهره.
1287 -
فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَدْ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ، قَال: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ رضي الله عنه مِنْ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَال: اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلاءِ الرَّكْبُ، قَال: فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَال: ادْعُهُ لِي، فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالحَقْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ: وَا أَخَاهُ وَا صَاحِبَاهُ، فَقَال عُمَرُ رضي الله عنه: يَا صُهَيْبُ، أَتَبْكِي عَلَيَّ، وَقَدْ قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"؟! [1290، 1292 - مسلم: 927 - فتح: 3/ 151]
(بالبيداء) بالمد: مفازة بين مكة والمدينة. (بركب) أي: أصحاب إبل عشرة فأكثر. (سمرة) بفتح المهملة وضم الميم: شجرة عظيمة من شجر العضاة. (صهيب) أي: ابن سنان بن قاسط. (فأخبرته) أي: أخبرت عمر بذلك. (فألحق) بفتح الحاء. (بأمير المؤمنين) في نسخة: "أمير المؤمنين" بلا باء. (واأخاه، واصاحباه) بالمد بعد الواو، بألف الندبة قبل هاء السكت. (يعذب ببعض ببكاء أهله عليه) مرَّ شرحه.
1288 -
قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رضي الله عنه، ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقَالتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ المُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، وَقَالتْ: حَسْبُكُمُ القُرْآنُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "عِنْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى" قَال ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: "وَاللَّهِ مَا قَال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما شَيْئًا".
[1289، 3978 - مسلم: 929 - فتح: 3/ 151]
(يرحم اللَّه عمر) هو من حسن الأدب، نحو:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ} [التوبة: 43]؛ تمهيدًا لدفع ما يوحش من نسبته إلى الخطأ. (والله ما حدث
…
إلخ) جزمت بذلك، وحلفت عليه؛ إما لأنها سمعت من النبي
- صلى الله عليه وسلم اختصاص العذاب بالكافر، أو فهمته بالقرائن. (لكن) في نسخة:"ولكن" ونونها ساكنة، فما بعدها مرفوع، أو مشددة فما بعدها منصوب. (حسبكم القرآن) أي: كافيكم منه قوله تعالى: ({وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى}) أي: لا تؤاخذ نفس بغير ذنبها، كما مرَّ. (والله {هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}) غرضه بذلك: أن الكل بإرادة اللَّه، فيعمل بظاهر الحديث فإن له أن يعذب بلا ذنب، ويكون البكاء عليه علامة له، أو يعذبه بذنب غيره، لا سيما وهو السبب في وقوع غيره فيه، وتخصص آية الوازرة يوم القيامة، وقيل: غرضه تقرير قول عائشة، أي: أن بكاء الإنساء وضحكه من اللَّه، فلا أثر للعبد فيه، فعند ذلك سكت ابن عمر وأذعن، وقيل: سكوته لا يدل على الإذعان، فلعله كره المجادلة، أولم يحضره تأويل الحديث إذ ذاك.
1289 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا: سَمِعَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالتْ: إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا، فَقَال:"إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا".
[انظر: 1288 - مسلم: 132 - فتح: 3/ 152]
(عن عبد اللَّه بن أبي بكر) أي: ابن محمد بن عمرو بن حزم.
(وإنها لتعذب في قبرها) أي: لكفرها في حال بكاء أهلها، لا بسبب البكاء.
1290 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ وَهْوَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: لَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ رضي الله عنه جَعَلَ صُهَيْبٌ يَقُولُ: وَا أَخَاهُ، فَقَال عُمَرُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ