الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الفاجر" (1)، وخبر أبي داود: "موت الفجأة أخذه آسف" (2) بمدِّ الهمزة، وكسر السين، أي: غضبان، وبقصرها وفتح السين أي: غضب أخذة غضبان، أو غضب من حيث إنّه فعل ما أوجب الغضب عليه، والانتقام منه بأن أماته بغتة من غير تَهيّئ للموت.
96 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما
قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]: أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ أُقْبِرُهُ إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ: دَفَنْتُهُ {كِفَاتًا} [المرسلات: 25]: يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً، وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتًاا.
(باب: ما جاء في قبر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما أي: في صفة قبورهم من التسنيم، وغيره.
" {فَأَقْبَرَهُ}) أي: من قوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]، معناه: أقبرت الرَّجل، إذا: جعلت له قبرًا، في، نسخةٍ: "قول الله عز وجل: {فَأَقْبَرَهُ} إلخ"، وزاد في أخرى: "أقبره" بعد قوله: أقبرت الرَّجل (قبرته) معناه: دفنته بأن واريته في التراب.
({كِفَاتًا} أي: من قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25)} [المرسلات: 25]، معناه:(يكونون فيها أحياء ويدفنون فيها أمواتًا)
(1) رواه ابن أبي شيبة 3/ 51 كتاب الجنائز، باب: في موت الفجاءة، وما ذكر فيه من رواية عائشة مرفوعًا.
(2)
"سنن أبي داود"(3110) كتاب الجنائز، باب: موات الفجأة، وصححه الألباني في صحيح "أبي داود"(2722).
و {كِفَاتًا} بمعنى: كافتة، أي: جامعة وضامة.
1389 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ هِشَامٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: "أَيْنَ أَنَا اليَوْمَ، أَيْنَ أَنَا غَدًا" اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَدُفِنَ فِي بَيْتِي.
[انظر: 890 - مسلم: 2443 - فتح: 3/ 255]
(إسماعيل) أي: ابن أبي أويس. (سليمان) أي: ابن بلال.
(وحدثني) في نسخةٍ: " ح وحدثني".
(ليتعذر) بعين مهملة، وذالٍ معجمة، أي: يطلب العذر فيما يحاوله من الانتقال إلى بيت عائشة، وفي نسخةٍ:"ينقدر" بقاف، ودال مهملة، أي: يسأل عن قدر ما بقي إلى يومها؛ ليهون عليه بعض ما يجد [لأن المريض يجد](1) عند بعض أهله (أين أنا اليوم؟) أي: لمن النوبة اليوم (أين أنا غدًا؟) أي: لمن هي غدًا. (استبطاءً ليوم عائشة) قاله اشتياقًا إليها، وإلي يومها. (سحري ونحري) بفتع أولهما، وسكون ثانيهما، أي: بين جنبي وصدري، والسحر: الرئة أُطلقت على الجنب مجازًا، من باب تسمية المحل باسم الحال.
1390 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلالٍ هُوَ الوَزَّانُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالتْ: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: "لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، لَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ - أَوْ خُشِيَ - أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَعَنْ هِلالٍ، قَال:"كَنَّانِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُولَدْ لِي".
[انظر: 435 - مسلم: 529 - فتح 3/ 255]
(1) من (م).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ:"أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا" حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الحَائِطُ فِي زَمَانِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ، فَفَزِعُوا وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَال لَهُمْ عُرْوَةُ:"لَا وَاللَّهِ مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مَا هِيَ إلا قَدَمُ عُمَرَ رضي الله عنه".
(أبو عوانة) هو الوضاح. (عن هلال) أي: ابن حميد الجهني، وفي نسخةٍ:"هلال هو الوزان".
(لم يقم منه) في نسخةٍ: "لم يقم فيه". (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) مرَّ شرحه في باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور (1).
(أُبرز) بالبناء للمفعول. (قبره) بالرفع نائب [الفاعل](2)، وفي نسخةٍ:(أبرز قبره) بالبناء للفاعل والنصب. (خشي) بفتح الخاء، أو (خُشي) بضمها، فالخاشي على الأوّل: النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى الثّاني: هو، أو عائشة أو الصّحابة. (وعن هلال) أي: الوزان. (كنَّاني) أي: بأبي عمرة، أو بأبي الجهم، أو بأبي أمية.
(حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "حدثني". (عبد الله) أي: ابن المبارك. (عن سفيان) أي: ابن دينار، وهو من كبار التابعين لكنه لم تعرف له رواية عن صحابي.
(مسنمًا) بتشديد النون، أي: مرتفعًا، واستدل به على أن
(1) سبق برقم (1330) كتاب: الجنائز، باب: ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور.
(2)
من (م).
المستحب تسنيم القبور، وهو قول بعض الشّافعيّة كغيرهم، والذي عليه أكثر الشّافعيّة، ونصَّ عليه الشّافعيّ أن تسطيحها أفضل من تسنيمها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سطح قبر إبراهيم، وفعله حجة، لا فعل غيره، ولا حجة فيما قاله سفيان، كما قال البيهقي (1)، لأنه معارض بخير أبي داود بإسناد صحيح: أن القاسم ابن أبي بكرٍ قال: دخلت على. عائشة، فقلت لها: اكشفي لي عن قبر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطئه مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء (2)، أي: لا مرتفعة كثيرًا، ولا لاصقة بالأرض، يقال: لطي -بكسر الطاء-، ولطا بفتحها، أي: لصق، ولا يؤثر في أفضلية التسطيح كونه صار من شعار الروافض؛ لأن السنة لا تترك بموافقة أهل البدع فيها.
(حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "حدثني". (فروة) أي: ابْن المغراء. (علي) في نسخةٍ: "علي بن مسهر".
(لما سقط عليهم) أي: على قبور النَّبيّ صلى الله عليه وسلم[وصاحبيه الحائط، أي حائط حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم](3)(في زمان الوليد بن عبد الملك) حين أمر عمر بن عبد العزيز برفع القبر الشريف؛ حتّى لا يصل إليه أحد؛ إذ كان النَّاس يصلون إليه، -قاله شيخنا (4) - (فبدت) أي: ظهرت في القبر لا خارجه. (لهم قدم) أي: مع ساق وركبة، كما رواه أبو بكر الآجري
(1)"سنن البيهقي" 4/ 3 - 4.
(2)
"سنن أبي داود"(3220) كتاب: الجنائز، باب: في تسوية القبر. ورواه الحاكم في "المستدرك" 1/ 369 - 370 وقال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".
(3)
من (م).
(4)
"فتح الباري" 3/ 357.
(ما هي إلا قدم عمر) وعند الآجري: "هذا ساق عمر وركبته"(1).
1391 -
وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما "لَا تَدْفِنِّي مَعَهُمْ وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ لَا أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا".
[7337 - فتح: 3/ 255]
(لا أُزَكَّى) بالبناء للمفعول، أي: لا يثنى على به، أي: بسبب الدفن معهم؛ حتى يكون لي بذلك مزية، وفضل وأنا في نفسٍ تجوز أن لا أكون كذلك.
1392 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، قَال: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، فَقُلْ: يَقْرَأُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَلَيْكِ السَّلامَ، ثُمَّ سَلْهَا، أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، قَالتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي فَلَأُوثِرَنَّهُ اليَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قَال: لَهُ مَا لَدَيْكَ؟ قَال: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَال: "مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ المَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي، فَادْفِنُونِي، وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ، إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي فَهُوَ الخَلِيفَةُ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَسَمَّى عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَوَلَجَ عَلَيْهِ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَال: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ، كَانَ لَكَ مِنَ القَدَمِ فِي الإِسْلامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، ثُمَّ اسْتُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ، ثُمَّ الشَّهَادَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ.
(1)"كتاب الشّريعة" للآجري 5/ 2389 (1871).
فَقَال: لَيْتَنِي يَا ابْنَ أَخِي وَذَلِكَ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، أُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوفَى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ ".
[3052، 3162، 3700، 4888، 7207 - فتح: 3/ 256]
(قُتَيْبَةُ) أي: ابن سعيد.
(صاحبيَّ) بفتح الموحدة وتشديد الياء، وإنما استأذنها؛ لأن منفعة الحجرة لها (كنت أريده) أي: في الدفن معهما لنفسي فإن قلت هذا يدلُّ على أنه لم يبق إلا ما يسع إلا موضع قبر واحد، فيغاير قولها السابق لابن الزُّبير: لا تدفني معهم. فإنّه يشعر بأنه يبقي من الحجرة موضع آخر. قلت: أجيب: بأنها كانت أوَّلًا تظن إنها كانت لا تسع إلا قبرًا واحدًا، فلما دفن عمر ظهر لها أن هناك وسعًا لقبر. (فلأوثرنه اليوم على نفسي) آثرته على نفسها مع أن الحظوظ الدينية لا إيثار فيها؛ لأن الحظوظ المستحقة بالفضل ينبغي فيها إيثار أهله، فلمَّا علمت عائشة فضل عمر آثرته. كما ينبغي لصاحب المنزل إن كان مفضولًا أن يؤثر الإمامة إلى من هو أفضل منه، وإن كان الحق له (ما لديك) أي: عندك من الخير (من ذلك المضجع) بفتح الجيم.
(ثمّ قل) أي: يا ابن عمر (يستأذن عمر) إنّما استأذنها ثانيّا؛ احتياطًا وورعًا، أو لأنه جوز أن تكون رجعت عن إذنها الأوّل، وهذا بناءً على القول بأن عائشة كانت تملك رقبة البيت، أو منفعته مطلقًا، والواقع أما إنّما كانت تملك منفعته بالسكني، والإسكان فيه ولا يورث
عنها، وحكم أزواجه صلى الله عليه وسلم، كالمعتدات؛ لأنهن لا يتزوجن بعده. (بهذا الأمر) أي: أمر الخلافة. (فمن استخلفوا) أي: استخلفوه. (وولج عليه) أي: دخل على عمر. (من القدم في الإسلام) بفتح القاف، أي: سابقة خير، ومنزلة رفيعة، وسميت قدمًا؛ لأن السبق بها، كما سميت النعمة يدًا؛ لأنها تعطى باليد، وفي نسخة:"القدم" بالكسر، وهو هنا بمعنى: الفتوح، وقال شيخنا: بالفتح: الفضل، وبالكسر: السبق، وهو قريب من الأوّل (1) (ليتني يا ابن أخي وذلك كفافًا لا على ولا إليَّ) أي: لا عقاب عليَّ ولا ثواب لي، وهذا خبر ليت، وجملة:(وذلك كفافًا) معترضة بينهما. (كفافًا) بالنصب حال من ضمير خبر (ذلك) محذوفًا، أي: حاصل كفافًا، وبالرفع خبر، وهو بفتح الكاف، قال ابن الأثير: لا يفضل عن شيء ويكون بقدر الحاجة إليه (2)، وقيه،: أراد مكفوفًا عن شرها، وقيل معناه: أن لا تنال مني، ولا أنال منها، أن تكف عني وأكف عنها. انتهى.
(أوصي) بضم الهمزة، وكسر الصاد، مضارع أوصى بفتحهما (بالمهاجرين الأولين) أي: الذين هاجروا قبل بيعة الرضوان، أو صلوا إلى القبلتين، أو شهدوا بدرًا. (أن يعرف إلى آخره) انجفتع همزة (أن) في الموضعين، بيان لقوله:(خيرًا){وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} [الحشر: 9]، أي: لزموها، وهو صفة للأنصار، ولا يضر فصله بـ (خيرًا) لأنه ليس أجنبيًّا من الكلام. (أن يقبل من محسنهم ويعفى عن مسيئهم) ببناء الفعلين للمفعول، وهما مع (أن) بالفتح بيان لقوله:
(1)"الفتح" 7/ 65.
(2)
"النهاية في غريب الحديث" 4/ 191.