الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(هي عليه، ومثلها معها) أي: بدون ذكر الصَّدقة.
(ابْن جريج) هو عبد الملك. (حدثت) بالبناء للمفعول. (بمثله) في نسخة: "مثله" أي: مثل ما رواه ابن إسحق بدون لفظ: (الصدقة).
50 - بَابُ الاسْتِعْفَافِ عَنِ المَسْأَلَةِ
(باب: الاستعفاف عن المسألة) أي: في غير المصالح الدينية، وفي نسخة:"في " بدل (عن).
1469 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: إِنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَال:"مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ".
[6470 - مسلم: 1053 - فتح: 3/ 335]
(ثمّ سألوه فأعطاهم) زاد في نسخة: "ثمّ سألوه فأعطاهم ثمّ سألوه فأعطاهم". (نفد) بكسر الفاء، وبدال مهملة، أي: فرغ وفني (ما يكون عندي من خير) ما: موصولة متضمنة معنى الشرط، وجوابه:(فأدَّخره عنكم) بتشديد الدال المهملة، وجاء أيضًا بإعجامها مدغمًا وغير مدغم، وأصله في الإدغام: الادتخار، قلبت التاء دالًا مهملة على اللُّغة الأولى، ومعجمة على الثّانية، والمعنى: فلا أجعله ذخيرة لغيركم، أو فلا أحتازه وأمنعكم إياه.
(ومن يستعفف) في نسخة: "ومن يستعف" بفاء واحدة مشددة، أي: من يطلب العفة: وهو الكف عن ما لا ينبغي. (يعفه الله) أي: يرزقه العفة عن ذلك. (ومن يستغن) أي: يظهر الغني. (ومن يتصبر)
أي: يتكلف الصبر على ضيق العيش وغيره من مكاره الدنيا. (عطاءً) مفعول ثانٍ لأعطي. (خيرًا) بالنصب: صفة عطاء، وبالرفع؛ خبر مبتدإٍ. (وأوسع) عطف على (خيرًا).
(من الصبر) أي: لأنه جامع لمكارم الأخلاق، وهذا اللّفظ تنازع فيه العاملان قبله.
1470 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا، فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ".
[1480، 2074، 2374 - مسلم 1042 - فتح: 3/ 335]
(والذي نفسي بيده) قسم، وإنّما أقسم؛ لتقوية الأمر، وتأكيده.
1471 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ".
[2075 - 2373 - فتح: 3/ 335]
(حبله) في نسخة: "أحبله" بالجمع. (خير له. إلى آخره) وليس (خير) هنا أفعل تفضيل، بل هو كقوله تعالى:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: 24].
(أعطاه أو منعه) لأنه في الأوّل: حمله ثقل المنة مع ذل السؤال، وفي الثّاني: اكتسب الذل والحرمان.
(حَدَّثَنَا موسى) أي: ابن إسماعيل التبوذكي. (وهيب) أي: ابن خالد. (هشام) أي: ابن عروة.
(بحزمة الحطب) في نسخة: "بحزمة حطب". (فيبيعها فيكفَّ)
بنصبهما عطف على (يأخذ). (الله) فاعل يكف، أي: فيمنع الله. (بها) بالحزمه. (وجهه) أي: من أن يريق ماءه بالسؤال من النَّاس، فهو إن لم يجد من الحرف إلا الاحتطاب، فهو خير له من أن يسال النَّاس أمرًا دنيويًّا.
وفي الحديث: فضيلة الاكتساب بعمل اليد، حتّى قيل: إنّه أفضل المكاسب، وقال الماوردي: أصول المكاسب: الزراعة والتجارة والصناعة، ومذهب الشّافعيّ: أما التجارة، والأشبه عندي: أن الزراعة أطيب؛ لأنها أقرب إلى التوكل انتهى. قال النووي في "مجموعه": في صحيح البخاريّ عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يكل من عمل يده
…
" الحديث، فالصواب: ما نصّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عمل اليد، فإن كان زراعًا، وإن كان متمكنًا لا يعمل بيده، بل بغلمانه وأجرائه، فهو أطيب المكاسب وأفضلها؛ لأنه عمل يده؛ ولأن فيه توكلًا كما ذكره الماوردي؛ ولأن فيه نفعًا عامًّا للمسلمين والدواب؛ ولأنه لا بد في العادة أن يؤكل منه بغير عوض فيحصل له أجره (1).
1472 -
وحَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه، قَال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَال:"يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، قَال حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ
(1) انظر: "المجموع" 9/ 54.
شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى العَطَاءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَال عُمَرُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُوُفِّيَ.
[2750، 3143، 6441 - مسلم: 1035 - فتح: 3/ 335]
(عبدان) أي: ابن عثمان بن جبلة. (عبد الله) أي: ابن المبارك.
(يونس) أي: ابن يزيد الأيلي.
(إن هذا المال) أي: في الميل إليه، وحرص النفوس عليه، كفاكهة متصفة بأنها خضرة في المنظر، حلوة في الذوق، وكلٌّ منهما يمال إليه على انفراده، فكيف إذا اجتمعا. (فمن أخذه) في نسخة:"فمن أخذ" أي: المال. (بسخاوة نفس) أي: بطيبها من غير حرص عليه. (بإشراف نفس) أي: بتعرضها له، وإطلاعها عليه. (كالذي يأكل ولا يشبع) أي: كذي الجوع الكاذب، ويسمى: جوع الكلب، كلما ازداد أكلًا. ازداد جوعًا. (اليد العليا) أي: المنفقة. (خير من اليد السفلى) أي: السائلة. (لا أرزأ) براء فزاي، أي: لا أنقص، وقيل: لا أصيب، يقال: أرزأته خيرًا، أي: أصبته منه. (بعدك) أي: بعد سؤالك. (من هذا الفيء) أصله: الخراج والغنيمة، ثمّ صار عرفًا للفقهاء فيما حصل من الكفار بغير قهر وقتال.
وفي الحديث: جواز إعطاء السائل من مال واحد مرتين، وموعظته، والحث على الاستغناء عن النَّاس بالصبر والتوكل على الله، وأنه لا يجبر أحد على الأخذ، وإنَّما أشهد عمر على حكيم؛ خشية سوء تأويله، فبرأ ساحته بالإشهاد. وفيه: ذم السؤال، قال النووي: اتفق العلماء على النّهي عن السؤال من غير ضرورة، واختلف أصحابنا في