الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح الحديث في باب: الكفن في [القميص](1) الّذي يكف (2).
85 - بَابُ ثَنَاءِ النَّاسِ عَلَى المَيِّتِ
(باب: ثناء النَّاس على الميِّت) أي: بيان حكم الثّناء عليه بخير، أو شر.
1367 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَال: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، يَقُولُ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَجَبَتْ" ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَال:"وَجَبَتْ" فَقَال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه: مَا وَجَبَتْ؟ قَال: "هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ".
[2642 - مسلم: 949 - فتح: 3/ 228]
(مرّوا) في نسخة: بالبناء للمفعول. (فأثنوا عليه شرًّا) استعمل الثّناء في الشر، مع أن الجمهور على خلافه؛ لمشاكلته لما قبله، كما في قوله تعالى:{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]. (وجبت) المراد بالوجوب هنا: الثبوت، لا الوجوب الاصطلاحي؛ إذ لا يجب على الله شيء، بل الثواب فضله، والعقاب عدله. (أنتم شهداء الله في الأرض) لفظه في الشهادات:"المؤمنون شهداء الله في الأرض" فالمراد: شهادة الصّحابة وغيرهم ممّن كان بصفتهم، لا شهادة الفسقة؛ لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم، ولا شهادة من بينه وبين الميِّت عداوة؛ لأن شهادة العدو لا تقبل، وقال
(1) من (م).
(2)
سبق برقم (1269) كتاب: الجنائز، باب: الكفن في القميص الّذي يكف أو لا يكف.
بعضهم: معنى الحديث: أن الثّناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل، وكان ذلك مطابقًا للواقع، فهو من أهل الجنَّة، فإن، كان غير مطابق، فلا، وكذا عكسه، قال النووي بعد نقله هذا: والصّحيح أنه على عمومه، وأن من مات فألهم الله النَّاس الثّناء عليه بخير، كان دليلًا على أنه من أهل الجنَّة، سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك، أم لا، فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة، وهذا الإلهام يستدل به على تعيينها (1). وبهذا تظهر فائدة الثّناء وما قاله عن قريب ممّا قلناه أولًا.
1368 -
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ هُوَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَال: قَدِمْتُ المَدِينَةَ وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَضٌ، فَجَلَسْتُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَمَرَّتْ بِهِمْ جَنَازَةٌ، فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَال عُمَرُ رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا خَيْرًا، فَقَال عُمَرُ رضي الله عنه: وَجَبَتْ، ثُمَّ مُرَّ بِالثَّالِثَةِ فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبِهَا شَرًّا، فَقَال: وَجَبَتْ، فَقَال أَبُو الأَسْوَدِ: فَقُلْتُ: وَمَا وَجَبَتْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَال: قُلْتُ كَمَا قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّمَا مُسْلِمٍ، شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ" فَقُلْنَا: وَثَلاثَةٌ، قَال:"وَثَلاثَةٌ" فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ، قَال:"وَاثْنَانِ" ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنِ الوَاحِدِ.
[2643 - فتح: 3/ 229]
(عفان (2) بن مسلم) (3) زاد في نسخة: "هو: الصفار". (عن أبي الفرات) اسم أبي الفرات: عمرو الكندي. (عن أبي الأسود) هو ظالم بن عمرو بن سفيان.
(1)"صحيح مسلم بشرح النووي" 7/ 19 - 20.
(2)
في صحيح البخاريّ، وفي المخطوط (عثمان).
(3)
كذا للأكثر، وذكر أصحاب الأطراف أنه أخرجه قائلًا فيه "قال عفان" وبذلك جزم البيهقي، وقد وصله أبو بكر بن أبين شيبه في "مسنده" عن عفان به، ومن طريقه أخرجه الاسماعيلي وأبو نعيم.
انظر: "الفتح" 3/ 230.