الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إن الشّمس تدنو إلى آخره) وجه اتصاله بما قبله: أن الشّمس إذا دنت، يكون أذاها لمن لا لحم له في وجهه أكثر وأشد من غيره. (وزاد عبد الله بن صالح) وقيل: عبد الله بن وهب، ولفظ:(ابْن صالح) ساقط من نسخة، بل ولفظ:(زاد إلى آخره) ساقط من أخرى. (ابْن أبي جعفر) هو عبيد الله. (بحلقة الباب) أي: باب الجنَّة، وهو مجاز عن القرب من الله تعالى. (مقامًا محمودًا) هو مقام الشفاعة العظمى (أهل الجمع) أي: أهل المحشر، الّذي يجمع فيه الأولون والآخرون. (عن حمزة) أي: ابن عبد الله بن عمر.
53 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] وَكَمُ الغِنَى
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "وَلَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ" لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ} [البقرة: 273] إِلَى قَوْلِهِ {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215].
(باب: قول الله تعالى {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}) أي: إلحاحًا، بأن يلازم المسئول حتّى يعطيه، ومعناه: أنهم يسألون، ولا يلحون في المسألة أو لا يسالون أصلًا، كقولهم: لا ضب بها ينجحر أي: لا ضب ولا انجحار، أي: لا يكون منهم سؤال، حتّى يكون فيه إلحاف. (وكم الغنى) أي: مقداره المانع من السؤال، ولم يصرح به في الحديث، فقيل: هو قدر ما يغديه ويعشيه، وقيل: ما يكفي غداءً وعشاءً دائمًا.
(وقول النَّبيّ) بالجر عطف على قول الله، ومقوله قوله:(ولا يجد غنى) بكسر الغين، والقصر: اليسار (يغنيه) أي: السائل جوازًا هو من
لا يجد ذلك ({لِلْفُقَرَاءِ}) في نسخةٍ: "لقول الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ} متعلّقٌ بمحذوف، أي: اجعلوا صدقاتكم للفقراء المذكورين ({أُحْصِرُوا}) أي: حصرهم الجهاد ({لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ}) ساقط من نسخة.
1476 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ الأُكْلَةَ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ غِنًى، وَيَسْتَحْيِي أَوْ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا".
[1479، 4539 - مسلم: 1039 - فتح: 3/ 340]
(ليس المسكين) بكسر الميم أكثر من فتحها، أي: الكامل في المسكنة. (الأكلة والأكلتان) بضم الهمزة فيهما، أي: اللقمة واللقمتان.
(ولكن المسكين) بتخفيف نون (ولكن) مرفوع، وبتشديدها فهو منصوب. (الّذي له غنى إلى آخره) فسر المسكين بما ذكره، وفسره فقهاؤنا بمن يقدر على مال، أو كسب يقع موقعًا من حاجته، ولا يكفيه، وقوله:(ويستحيى) بياءين، وبياء واحدة.
1477 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي كَاتِبُ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَال: كَتَبَ مُعَاويَةُ إِلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا: قِيلَ وَقَال، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ".
[انظر: 844 - مسلم: 593 سيأتي بعد الحديث 1715 - فتح: 3/ 340]
(عن ابن أشوع) بفتح الهمزة، وسكون المعجمة، وفتح الواو، وآخره عين مهملة نسبة لجده، وإلا فهو سعيد بن عمرو بن أشوع. (عن الشّعبيّ) هو عامر بن شراحيل.
(كاتب المغيرة) اسمه: وراد بتشديد الراء، وبدال مهملة.
(من رسول الله) في نسخةٍ: "من النبي".
(قيل، وقال) فعلان، أو مصدران، لكن كتبا بغير ألف على لغة ربيعة، والمراد: المقاولة بلا ضرورة؛ فإنها تقسي القلوب، أو المراد: ذكر الأقوال الواقعة في الدين، كأن يقول: قال الحكماء: كذا، وقال أهل السنة: كذا من غير بيان، ما هو إلا الأقوى، ويقلد ما سمعه من غير أن يحتاط، قال صاحب "المحكم": القول في الخير، والقيل والقال في الشر خاصّة.
(وإضاعة المال) في نسخة: "وإضاعة الأموال" وذلك بصرف المال في المعاصي، والإسراف فيه كدفعه لسفيه، أو تركه من غير حافظ له، أو بتركه حتّى يفسد. (وكثرة السؤال) أي: للناس في أخذ أموالهم صدقة، أو في المشكلات الّتي تعبدنا بظاهرها، أو عن ما لا حاجة للسائل به، كما في {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85]؛ ولهذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [المائدة: 101]، فهذا مذموم، بخلاف السؤال عن ما يحتاج إلى معرفته في الدين نحو:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [البقرة: 215].
1478 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَال: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ، قَال: فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ رَجُلًا لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ، فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَال:"أَوْ مُسْلِمًا" قَال: فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا؟ قَال:"أَوْ مُسْلِمًا". قَال: فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ عَنْ
فُلانٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، قَال:"أَوْ مُسْلِمًا" يَعْنِي: فَقَال: "إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ" وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ بِهَذَا، فَقَال: فِي حَدِيثِهِ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، فَجَمَعَ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي، ثُمَّ قَال:"أَقْبِلْ أَيْ سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ".
[انظر: 27 - مسلم: 150 - فتح: 3/ 340] قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: {فَكُبْكِبُوا} [الشعراء: 94]: قُلِبُوا، فَكُبُّوا {مُكِبًّا} [الملك: 22]: أَكَبَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا وَقَعَ الفِعْلُ، قُلْتَ: كَبَّهُ اللَّهُ لِوَجْهِهِ، وَكَبَبْتُهُ أَنَا.
(محمّد بن غرير) بضم الغين، وفتح الراء الأولى: هو ابن الوليد.
(رهطًا) هو ما دون العشرة من الرجال. (منهم) أي: من الرهط، وفي نسخة:"فيهم". (رجلًا) هو جعيل بن سراقة. (أعجبهم) أي: أفضل الرهط الحاضرين وأصلحهم. (لأراه) أي: لأظنه، وبفتحها أي: لأعلمه. (أو مسلمًا) بسكون الواو، وعلى الإضراب، أي: بل مسلمًا، فاحكم بالظاهر، ولا تقطع بإيمانه، إذ الباطل لا يعلمه إلا الله، وليس ذلك حكمًا بعدم إيمانه، بل نهي عن الحكم بالقطع به. (قال: أو مسلمًا) في نسخة، وفيما يأتي:"أو قال: مسلمًا". (ما أعلم فيه) في نسخة: "ما أعلم منه". (يعني: فقال) ساقط من نسخة، ومرَّ شرح الحديث في باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقية (1).
(وعن أبيه) عطف على (عن أبيه) السابق، أي: وقال يعقوب بن إبراهيم عن أبيه.
(1) سبق برقم (27) كتاب: الإيمان، باب: إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة.
(هذا) في نسخة: "بهذا" أي: الحديث. (في حديثه) أي: في جملة حديثه. (فجمع بين عنقي وكتفي) في نسخة: "جمع" بلا فاء، وفي أخرى:"بجمع" بموحدة، وجيم مضمومة في محل نصب على الحال، أي: ضرب بيده حالة كونها مجموعة، وفي أخرى:"مجمع" بوزن: مفعل، وعليها فيكون مضافًا إلى (بين) اسمًا لا ظرفًا، كقوله تعالى:{لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94]، على قراءة الرفع. (أقبل) بهمزة مفتوحة، وبكسر الموحدة: من الإقبال، كأنه لما قال له، تولى ليذهب، فأمره بالإقبال؛ ليبين له وجه الإعطاء والمنع، وفي نسخة:"اقبل" بهمزة وصل تكسر في الابتداء، وبفتح الموحدة من القبول، أي: لا تعترض. (أي سعد) منادى بأي. (قال: أبو عبد الله) أي: البخاريّ، جريًا على عادته في إيراد تفسير اللفظة العربيّة الواقعة في القرآن، إذا وافقها ما في الحديث.
({فَكُبْكِبُوا}) في سورة الشعراء، أي:(فكبوا) بضم الكاف من الكب: وهي الإلقاء على الوجه، وفي نسخة:"قلبوا" بقاف مضمومة، ولام مكسورة. ({مِكِبًّا}) في سورة الملك، أي: منقلبًا على وجهه، يقال:(أكب الرَّجل إذا لم يكن فعله غير واقع على أحد) فيكون لازمًا. (فإذا وقع الفعل) على أحد. (قلت: كبه الله لوجهه، وكببته أنا) فيكون متعديًا، والحاصل: أن كب متعدٍ، وأكب: لازم، وهو غريب أن يكون القاصر بالهمز، والمتعدي بحذفه، ويجوز أن تكون همزة أكب: للصيرورة.
1479 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَال: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ المِسْكِينُ الَّذِي