الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة حتى فاتت. (حتى كادت الشمسُ أنْ تغيبَ) لفظة: (أنْ) ساقطة من نسخةٍ، وهي جارية على الأكثر من تجريد خبر كاد من أنْ، وظاهرُ قول عمرِ ذلك: أنه صلَّى العصرَ قبل الغروب، والذي صرح به في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم إنما صلاها أي: مع بقيةَ أصحابهِ بعد الغروبِ، وتأخيرها كان قبل صلاةِ الخوف، ثم نسخِ، أو نسيانا، أو عمدا؛ لتعذر الطهارة، أو الإيماء للشغلِ بالقتال. (بطحان) بضم الموحدة، وقد سبق استيفاء شرح الحديث في باب: من صلى بالناسِ جماعة بعد ذهاب الوقت.
5 - بَابُ صَلاةِ الطَّالِبِ وَالمَطْلُوبِ رَاكِبًا وَإِيمَاءً
وَقَال الوَلِيدُ: ذَكَرْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ صَلاةَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ وَأَصْحَابِهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، فَقَال:"كَذَلِكَ الأَمْرُ عِنْدَنَا إِذَا تُخُوِّفَ الفَوْتُ" وَاحْتَجَّ الوَلِيدُ: بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ".
(باب: صلاةِ الطالب) أي: للعدو. (والمطلوب) أي: منه. (راكبًا أو إيماءً) أي: مومئًا، وفي نسخةٍ:"قائما" وفي أخرى: "أو قائما" والبخاريُّ أطلق حكم صلاة الطالب. وفيه خلاف وتفصيل، فقد قال ابن بطال: اتفقوا على صلاة المطلوب راكبًا، فاختلفوا في الطالب: فمنعه الشافعي، وأحمدَ (1)، وقال مالك: يصلي راكبًا حيث توجه إذا خاف فوتَ العدو إنْ نزل. (وقال الوليد) أي: ابن مسلم. (ذكرت للأوزاعي) أي: عبد الرحمن بن عمرو. بضم المعجمة، وفتح الراء وإسكان المهملة وكسر الموحدة. (ابن السمط) بكسر المهملة، وسكونِ الميم،
(1)"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 2/ 543.
وضبطه ابن الأثير بفتحِ فكسر (1). (فقال) في نسخةٍ: "قال". (كذلك الأمرِ) أي: الشأن، والكاف زائدة، أو للتشبيه، فالأمرُ على الثاني مبتدأ، وما قبله خبره، وعلى الأولِ بالعكس أي: أداءُ الصلاةِ من الراكبِ مومئًا هو الشأنُ. (إذا تخوَّف الفوتَ) أي: فوت الوقت، أو العدو، أو النفس، وهو بالنصبِ إنْ بُني (تخوف) للفاعل وبالرفع إنْ بُني للمفعول، وزاد في نسخةٍ:"في الوقت". (واحتج الوليد) أي: لمذهب الأوزاعي في صورة الطالب. (بقول النبي .. إلخ) أي: لأنه (صلى الله عليه وسلم) لم يُعنِّف مَنْ صلاها راكبًا بالإيماء أو لأنه لم يعنِّف على تأخيرها عن وقتها، فصلاةُ الطالب في الوقتِ بالإيماء راكبًا أولى من تأخيرها عنه.
والحاصلُ: أنَّ وجهَ الاستدلال من الحديث: صريح على الأولِ.
وبمفهوم الأول على الثاني.
- باب
946 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَال: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: "لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إلا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ" فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَال بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ.
[4119 - مسلم: 1770 - فتح: 2/ 436]
(باب) ساقط من نسخة.
(جويرية) مصغر جارية أي: ابن أسماء، وهو عم عبدُ الله الراوي عنه.
(1) انظر: "اللباب في تهذيب الأنساب" 2/ 138.
(من الأحزاب) أي: في غزوة الخندق. (لا يصلين) بنون التوكيدِ الثقيلةِ. (أحد العصر) استشكل بقول مسلمٍ: "أحد الظهر"(1) وأجيب: بأنَّ ذلك كان بعد دخولِ وقتِ الظهر، فقيل لمن صلاها بالمدينة: لا تصليَ العصر، ولمن لم يصلها: لا تصلي الظهرَ. (إلا في بني قريظة) بضم القاف. وفتح الراء والظاء المعجمة: فرقة من اليهود. (بعضهم العصر) بنصب الأول ورفع الثاني، وضمير (بعضهم) راجع لـ (أحد) وأما ضميرُ (بعضهم) في الثاني، والثالث فراجع إلى (بعضهم) الأول. (فقال) في نسخةٍ:"وقال". (لا نصلي حتى نأتيها) أي: عملًا بظاهر قوله: (لا يُصلينَّ .. إلخ). (وقال بعضهم: بل نصلي) أي: نظرًا إلى المعنى لا إلى ظاهر اللفظ، وفي نسخة:"بل نصل" بحذف الياء؛ تخفيفًا، نحو:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4]. (لم يرد منا ذلك) ببناء (يرد) للمفعول، أو للفاعل، والمعنى أن المرادَ من قوله:(لا يصلينَّ أحد .. إلخ) لازمه: هو الاستعجالُ في الذهاب لبني قريظةَ، لا حقيقة ترك الصلاةِ، كأنه قال: أدُّوا الصلاة في بني قريظةَ إلا أنْ يدركَكُم وقتُها قبل أنْ تصلوا إليهم. فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة في الوقت، ووجوب الإسراع فصلوا ركبانًا بالإيماء. (فلم يعنف) أي: فلم يعير. (واحدًا) في نسخة: "أحدًا". قال النووي: لا احتجاج بذلك على إصابة كل مجتهد؛ لأنه لم يصرح بإصابتهما، بل ترك التعنيف، ولا خلاف أن المجتهد لا يعنف، ولو أخطأ، إذا بذل وسعه (2)، وأما اختلافهما فسببه تعارض الأدلة عندهما، فالصلاة مأمور بها في الوقت، والمفهوم من (لا يصلين .. إلخ) المبادرة إلى بني قريظة، فأخذ بالأول: من صلى لخوف فوات الوقت، وبالثاني: مَنْ أخَّر.
(1)"صحيح مسلم"(1770).
(2)
"صحيح مسلم بشرح النووي" 2/ 98.