الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
79 - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ، هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْلامُ
؟
وَقَال الحَسَنُ، وَشُرَيْحٌ وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ:"إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَالوَلَدُ مَعَ المُسْلِمِ" وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَعَ أُمِّهِ مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَبِيهِ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، وَقَال:"الإِسْلامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى".
(باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلَّى عليه؟) أو لا (وهل يعرض على الصبي الإسلام؟) أو لا، وجواب (هل) في الموضعين محذوف، أي: نعم على مقتضى الحديث الآتي. (الحسن) أي: البصري. (إذا أسلم أحدهما) أي: أحد الوالدين. (مع أمه) هي: لبابة بنت الحارث الهلالية. (ولم يكن) أي: ابن عباس. (مع أبيه علي دين قومه) أي: المشركين، قال شيخنا: قاله المصنف تفقهًا، قال: وهو مبني على أن إسلام العباس كان بعد وقعة بدر، والمشهور: أنه أسلم قبل فتح خيبر، وقدم مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهد الفتح (1)، وأطال بيان ذلك.
(وقال: الإسلام يعلو ولا يعلى) يقتضي أن مقول (قال) لابن عباس، وهو ما رواه ابن حزم، لكن روى الدارقطني في سننه من كتاب: النكاح أنه مقول للنبي صلى الله عليه وسلم وهو الأوجه (2).
1354 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(1)"الفتح" 3/ 220.
(2)
"سنن الدارقطني" 3/ 352. كتاب: النكاح، باب:
فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ، حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، ثُمَّ قَال لِابْنِ صَيَّادٍ:"تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ "، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَال: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَال ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَرَفَضَهُ وَقَال: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ" فَقَال لَهُ: "مَاذَا تَرَى؟ " قَال ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ" ثُمَّ قَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" فَقَال ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَال:"اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَال عُمَرُ رضي الله عنه: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ".
[3055، 6173، 6618 - مسلم: 2930 - فتح: 3/ 218]
(عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي.
(ابن صياد) اسمه: صافي كما سيأتي، وقيل: عبد الله. (حتى وجدوه) أي: وجد النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ابن صياد، وفي نسخة:"حتى وجده" أي: وجد النبي ابن صياد. (أطم) بضمتين: بناءٌ كالحصن. (بني مغالة) بفتح الميم والمعجمة: قبيلة من الأنصار. (الحلم) بضمتين، أي: البلوغ. (تشهد) بحذف همزة الاستفهام، أي: أتشهد. (أني رسول الله) ليس صريحًا في صحة إسلام الصبي، لكنه ظاهر فيها، وإلا لما عرض صلى الله عليه وسلم الإسلام على ابن صياد. (رسول الأميين) أي: مشركي العرب.
(فرفضه)(1) بضاد معجمة، أي: تركه؛ ليأسه من إسلامه، وفي نسخة: بصاد مهملة، أي: ضربه برجله. (آمنت بالله وبرسله) قال
(1) في الأصل: (فرضه).
الكرماني: مناسبة هذا الجواب لقول ابن صياد (أتشهد أني رسول الله): أنه لما أراد أن يظهر للقوم كذبه في دعواه الرسالة، أخرج الكلام مخرج الإنصاف، أي: آمنت بالله وبرسله، فإن كنت رسولًا صادقًا غير ملبس عليك الأمر، آمنت بك، وإن كنت كاذبًا وخلط عليه الأمر فلا، ولكنك خُلِّط عليك فاخسأ (1).
(فقال له: ماذا ترى؟) أراد به إظهار كذبه المنافي لدعواه بالرسالة. (يأتيني صادق وكاذب) أي: أرى الرؤيا ربما تصدق وربما تكذب. (خلط) بضم أوله، وتشديد ثانية وتخفينه. (خبأت) أي: أضمرت. (خبيئًا) بوزن: فَعيل، وفي نسخة:"خبْء" بوزن: فعل، أي: شيئًا، وهو {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]. كما رواه الإمام أحمد (2). (فقال ابن صياد: هو الدخ) بضم الدال أكثر من فتحها، روى البزار أنه أراد أن يقول الدخان، فلم يستطع، فقال: الدخ (3)، أي: لم يستطع أن يتم الكلمة، ولم يهتد من الآية إلا هذين الحرفين على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم، أو من هواجس النفس، وإنما قال كذلك من شيء ألقاه إليه الشيطان: إما لكون النبي صلى الله عليه وسلم تكلم به في نفسه، فسمعه الشيطان، أو حدث به صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه. (فقال: اخسأ) هو لفظ يزجر به الكلب ويطرد، أي: اسقط صاغرًا مطرودًا. (فلن تعدو) بالنصب بلن، وفي نسخة:"فلن تعد" بحذف الواو تخفيفًا، أو جزمًا بلن على لغة من يجزم بها، أو أن لن
(1)"البخاري بشرح الكرماني" 7/ 129.
(2)
"مسند أحمد" 2/ 148.
(3)
"مسند البزار" 4/ 169 (1634).
بمعنى: لا، وتعدو: بفوقية، وفي نسخة: بتحتية.
(قدرك) بالنصب على النسخة الأولى، وبالرفع على الثانية، أي: لا يبلغ قدرك أن تطالع بالغيب من قبل الوحي المخصوص بالأنبياء، ولا من قبل الإلهام الذي يدركه الصالحون.
(إن يكنه) بوصل الضمير على لغة، وهو خبر كان، واسمها: مستتر، وفي نسخة:"إن يكن" هو بفصله، فهو إما؛ لتاكيد المستتر وكان تامة، أو موضوع، موضع: إياه، وهو خبر كان، واسمها: مستتر، أي: إن يكن هو إياه، أي: الدجال. (فلن تسلط عليه) بالجزم بلن على لغة من يجزم، وبالنصب على الأصل، وإنما لم يأذن صلى الله عليه وسلم في قتله مع أدعائه الرسالة بحضرته؛ لأنه كان غير بالغ، وقوله:(إن يكنه) يقتضي أنه شاك في أنه الدجال، وقد اختلف فيه فقيل: إنه الدجال، وقيل: لا، لكنه دجال من الدجاجلة، والظاهر: الثاني، كما دلت عليه الأحاديث.
1355 -
وَقَال سَالِمٌ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ، وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ - يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ - فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، فَقَالتْ لِابْنِ صَيَّادٍ: يَا صَافِ - وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ - هَذَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ"، وَقَال شُعَيْبٌ فِي حَدِيثِهِ: فَرَفَصَهُ رَمْرَمَةٌ - أَوْ زَمْزَمَةٌ - وَقَال إِسْحَاقُ الكَلْبِيُّ، وَعُقَيْلٌ: رَمْرَمَةٌ، وَقَال مَعْمَرٌ: رَمْزَةٌ.
[2638، 3033، 3056، 6174 - مسلم: 2931 - فتح: 3/ 218]
(يختل) بسكون المعجمة، وكسر الفوقية، أي: يجدع، ومعناه: يستغفل ابن صياد؛ ليسمع شيئًا من كلامه الذي يقوله في خلواته، ويعلم
هو والصحابة حاله في أنه كاهن ونحوه. (في قطيفة) أي: كساء له خمل أي: هدب (رمزة) براء مفتوحة، وميم ساكنة، فزاى من الرمز، وهو الإشارة، (أو زمرة) بتقديم الزاي من المزمار، والشك من الراوي، وفي ذلك زيادة تأتي (وهو يتقي) أي: يخفي نفسه: لئلا تراه أم ابن صياد. (بجذوع) بذال معجمة. (يا صاف) بصاد مهملة وفاء مضمومة أو مكسورة: لأنه مرخَّم صافي.
[(فثار) بمثلثة، أي: نهض من مضجعه، وفي نسخة: "فثاب" بموحدة بدل الراء، أي: رجع عن حالته التي كان عليها. (بين) أي: أظهر لنا ما عنده أو ما في نفسه. (وقال شعيب) أي: ابن أبي حمزة الحمصي](1).
(فرفضه) ساقط من نسخة، وهو بضادٍ معجمة، أي: تركه كما مرَّ، وفي نسخةٍ:"فرضه" بحذف الفاء، وتشديد الضاد، أي: ضغطه، وضمَّ بعضه إلى بعض، وقال شعيب أيضًا في حديثه:(رمرمة) براءين مهملتين وميمين (زمزمة) بزايين وميمين، ومعناهما: الصوت الخفي، والشك من الراوي.
(وقال عقيل) أي: ابن خالد الأيلي، وفي نسخةٍ:"وقال إسحق الكلبي وعقيل"[(رمرمة) برائين مهملتين وميمين، وفي نسخة:](2). (رمزة) بمهملة، فميم ساكنة فزاي. (معمر) أي: ابن راشد. (رمزة) بمهملة، فميم، فزاي، وفي نسخة:"زمرة" بتقديم الزاي على الراء.
1356 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَال: كَانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَال لَهُ:"أَسْلِمْ"، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَال لَهُ: أَطِعْ أَبَا
(1) و (2) من (م).
القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ:"الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ".
[5657 - فتح: 3/ 219]
(كان غلام يهودي) قيل: اسمه: عبد القدوس. (فقال له) لفظه: (له): ساقطة من نسخة. (أنقذه من النار) بذال معجمة، أي: خلصه ونجاه منها.
وفي الحديث: جواز استخدام المشرك، وعيادته إذا مرض، واستخدام الصبي، وعرض الإسلام عليه، وصحته منه، ودلالة على أن الصبي إذا عَقِد الكفر ومات عليه يعذب، وسيأتي البحث في ذلك.
1357 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَال: قَال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، يَقُولُ:"كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ أَنَا مِنَ الولْدَانِ وَأُمِّي مِنَ النِّسَاءِ".
[4587، 4588، 4597 - فتح: 3/ 219]
(سفيان) أي: ابن عيينة. (عبيد الله) أي: "ابن أبي يزيد" كما في نسخه.
(من المستضعفين) أي: الذين أسلموا بمكة، وصدهم المشركون عن الهجرة، فصاروا بين أيديهم مستضعفين يلقون منهم الأذى الشديد.
(أنا من الولدان) أي: الصبيان.
1358 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قَال ابْنُ شِهَابٍ:"يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى، وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلامِ، يَدَّعِي أَبَوَاهُ الإِسْلامَ، أَوْ أَبُوهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَلَى غَيْرِ الإِسْلامِ، إِذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَا يَسْتَهِلُّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ" فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، كَانَ يُحَدِّثُ، قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:
30] الآيَةَ.
[1359، 1385، 4775، 6599 - مسلم: 2658 - فتح: 3/ 219]
(أبو اليمان) هو الحكم بن نافع.
(وإن كان) أي: المولود. (لغيَّة) بكسر اللام، وفتح الغين وكسرها، وتشديد الياء، والغية: مفرد الغي، ضد الرشد، وهو يعم الكفر وغيره، يقال لولد الزنا والكفر: ولد الغية، ولغيره: ولد الرشدة. فالمراد من الحديث: يصلى على المولود، وإن كان من كافرة، أو زانية؛ من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام، أي: ملته. (يدعي أبواه الإسلام) حال. (أو أبوه) أي: يدعي وحده الإسلام.
(وإن كانت أمه على غير الإسلام) أي: كافرة؛ لأنه محكوم بإسلامه؛ تبعًا لأبيه، وهذا مصير من الزهري، إلى تسمية الزاني أبًا لمن زنى بأمه، ولأنه يتبعه في الإسلام، وهو قول الإمام مالك، ودعوى الأم الإسلام، كدعوى الأب؛ لاقتضاء الأدلة ذلك عندنا، ودخل في المولود السقط؛ ولهذا قيد بقوله:(إذا استهل) أي: صاح عند الولادة. (صارخًا) حال مؤكدة من فاعل استهل، والمراد: العلم بحياته، ولو بلا صراخ. (صلي عليه) هذا، أي: علم مما مرَّ، فهو تأكيد. (ولا يصلى على من لا يستهل) أي: على من لا تعلم حياته. (من أجل أنه سقط) بتثليث السين، أي: أنه سقط قبل تمامه. (ما من مولود) أي: من بني آدم. (إلا يولد على الفطرة) أي: الخلقة، والمراد: الدين، قال تعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ} الآية [الروم: 30]. و (من) زائدة (ومولود) مبتدأ خبره (يولد).
(فأبواه يهودانه إلخ) أي: بترغيبهما له في ذلك، أو بتبعيته لهما في حكم الدنيا، فإن سبقت له السعادة أسلم، وإلا مات كافرًا، فإن مات قبل بلوغه الحلم، فالصحيح: أنه من أهل الجنة، والمراد من
قوله: (ما من مولود إلخ): أن الضلال ليس من ذات المولود، بل من خارج عنه يوجد إن لم يسلم، وينتفي إن أسلم. (كما تنتج البهيمة) بالبناء للمفعول، أي: تلد البهيمة. (بهيمة) مفعول لتنتج. (جمعاء) بالمد صفة لبهيمة: تامة الأعضاء، سميت بذلك: لاجتماع أعضائها. (هل تحسون) بضم أوله، وكسر ثانيه من أحس، وهو الأكثر، وقد يقال: حسنٌ بمعناه، أي: مقولًا فيها كذلك، فهو صفة ثانية لبهيمة، أو حال منها. (من جدعاء) بالمد، أي: مقطوعة الأذن والأنف والأطراف، وقوله:(كما تنتج البهيمة) حال من الضمير المنصوب قبله، أي: حال كونه مشبهًا بالبهيمة التي جدعت بعد سلامتها، أو صفة لمصدر محذوف، أي: يغيرانه تغييرًا مثل تغيير البهيمة السليمة، والأفعال الثلاثة قبله تنازعت فيه على التقديرين، ثم أدرج في الحديث قوله: (ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه {فِطْرَتَ اللهِ} أي: اقرءوا إن شئتم فطرة الله، أي: خلقته، وهي بالنصب على الإغراء، أو مصدر لما دل عليه ما بعدها، وهو فطر.
1359 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ" ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ} [الروم: 30].
[انظر: 1358 - مسلم: 2658 - فتح: 3/ 219]
(عبد الله) أي: ابن المبارك. (يونس) أي: ابن، يزيد الأيلي.
(وينصرانه) في نسخة: "أو ينصرانه". {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} لا ينافي قوله: (فأبواه يهودانه إلى آخره) لأن المراد به: لا ينبغي أن تبدل